رغم ما تعرّض له سيّدنا ومولانا محمّد بن عبد الله بن عبد المطلب صلّى الله عليه وآله وسلّم من الهجوم والإهانة والافتراء سواء في حياته أو بعد مماته، وعلى الرغم من مسؤولياته عليه الصّلاة والسّلام كرسول ومعلم ورجل دولة وقاض، إلاّ أنّه صلّى الله عليه وسلّم اعتاد أن يحلب معزته بيديه الشّريفتين، يصلح ملابسه، يُرمِّم حذائه، يساعد في أعمال المنزل ويزور الفقراء والمرضى. وقد كانت حياته عليه الصّلاة والسّلام نموذجًا مثاليًا للبساطة والتواضع.
اذهبوا فأنتم الطلقاء
لقد انتظر أهل مكة الّذين كفروا بالله وأخرجوا رسوله وحاولوا قتله وآذوه وآذوا أصحابه وحاربوهم، انتظروا جميعًا بعد فتح مكة أقلّ شيء منه وهو أسرهم مثلاً وإن اقتص لقتلاه ولبعض ما فعلوه معه فسوف يقتلهم أو يصلبهم أو يعذّبهم، ولكن الكريم لا يفعل إلاّ ما يليق به، فلمّا فتح الله عليه مكة قال لقريش: ''ما تَظُنُّون أنِّي فاعل بكم؟'' قالوا: خيرًا أخ كريم وابن أخ كريم، فقال: ''اذهبوا فأنتُم الطلقاء، لا تثريب عليكم اليوم، يغفِر اللهُ لِي ولَكُم''.
يتبَوّل في المسجد
جاء أعرابي وبال في المسجد، فثار عليه المسلمون ليقتلوه أو على الأقل ليمنعوه عن فعلته، ففوجئ الجمع الثائر بالنّبيّ صلّى الله عليه وسلّم يقول لهم في هدوء قد عهدوه منه ''دعوه وأريقُوا على بوله سجلاً من ماء أو ذنوبًا من ماء''. ثمّ قال للرجل مُعلِّمًا وناصحًا ورفيقًا: ''إنّ هذه المساجد لا تصلح لمثل هذا''، فما كان من الرجل إلاّ أن قال: ''اللّهمّ ارحمني ومحمّدًا ولا ترحم أحدًا سوانا، فقال له النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: ''لقد ضَيَّقْتَ وَاسِعًا!!''
سلام اليهود
مرَّ يهودي برسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقال السلام عليك، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وعليك، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: أتدرون ما يقول قال السلام عليك، قالوا يا رسول الله ألاَ نقتله؟ قال: لا إذا سلّم عليكم أهل الكتاب فقولوا وعليكم.
اليهودي يسأل والرّسول يجيب
عن ثوبان مولى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: كنت قاعدًا عند رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فجاء حبر من أحبار اليهود فقال: السلام عليك يا محمّد، فدفعته دفعة كاد أن يصرع منها، فقال: لِمَ تدفعني؟ فقلت: أوّلاً تقول يا رسول الله، فقال اليهودي: إنّما ندعوه باسمه الّذي سمّاه أهله، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: إنّ اسمي محمّد الّذي سمّاني به أهلي، فقال اليهودي: جئتُ أسألك، فقال له رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ينفعك شيء إن حدثتك؟ قال: أسمع بأذني فنكت بعود معه، فقال: سل، فقال اليهودي: أين النّاس يوم تبدّل الأرض غير الأرض والسّماوات؟ فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: هُم في الظلمة دون الجسر، قال: فمَن أوّل النّاس إجازة؟ قال: فقراء مهاجرين، فقال اليهودي: فمَا تحِيَّتُهم حين يدخلون الجنّة؟ قال: زيادة كبد الحوت، قال: فمَا غذاؤهم على أثرها؟ قال: ينحر لهم ثور الجنّة الّذي يأكل من أطرافها، قال: فمَا شرابهم عليه؟ قال: مِن عين تُسمّى سلسبيلاً، قال: صدقتَ وجئتُ أسألُك عن شيء لا يعلَمُه أحدٌ من أهل الأرض إلاّ نبيٌّ أو رجلٌ أو رجلان، قال: ينفعك إن حدثتك؟ قال: أسمع بأذني، قال: جئتُ أسألُك عن الولد؟ قال: ماء الرجل أبيض وماء المرأة أصفر فإذا اجتمعَا فعلاً مني الرجل مني المرأة ذكرًا بإذن الله وإذا علا مني المرأة مني الرجل أنثى بإذن الله، فقال اليهودي: لقد صَدَقْتَ وإنّك نبيٌّ، ثمّ انصرف فذهب، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: لقد سألني هذا عن الّذي يسألني عنه ومالي بشيء منه علم حتّى أنبأنِي الله عزّ وجلّ''.
الإثنين مارس 15, 2010 11:00 am من طرف noor