هوامش الكتاب
________________________________________
[149] حول حرب 1982، انظر: المرجع نفسه، ص 491-507، وانظر: Herzog, op. cit., pp. 339-359.
[150] حسب المصادر "الإسرائيلية" فإن خسائر م.ت.ف حتى منتصف يوليو 1982 كانت ألف شهيد وستة آلاف أسير، وخسرت سوريا 370 شهيداً وألف جريح و250 أسيراً، كما خسرت سوريا 350-400 دبابة، و86 طائرة مقاتلة، وخمس طائرات هليوكبتر، و19 منصة إطلاق صواريخ، وخسر الكيان الإسرائيلي 35-40 دبابة، وطائرة حربية واحدة، وطائرتي هليوكبتر، و300 قتيل، و1600 جريح. انظر: Herzog, op. cit., p. 353.
[151] حول هذه العمليات، انظر: الكيلاني، مرجع سابق، ص 498، وص 506.
[152] المرجع نفسه، ص 506-507.
[153] غسان حمدان، الانتفاضة المباركة: وقائع وأبعاد (الكويت: مكتبة الفلاح، 1989)، ص 36-38.
[154] انظر: البيان الأول في: أسعد عبد الرحمن ونواف الزرو، الانتفاضة: مقدمات ونتائج، تفاعلات وآفاق (بيروت: مؤسسة الأبحاث العربية، 1989)، ص 194-195.
[155] انظر مثلاً: جواد الحمد، "الانتفاضة الكبرى وتطور القضية الفلسطينية"، في المدخل إلى القضية الفلسطينية، ص 407-413.
[156] جريدة صوت الشعب، الأردن، 8 ديسمبر 1993.
[157] جواد الحمد، "الانتفاضة الكبرى وتطور القضية الفلسطينية"، في المدخل إلى القضية الفلسطينية، ص 410.
[158] انظر: الرأي 7 يناير 1996، والأعداد الصادرة في 26 فبراير - 5 مارس 1996، وفلسطين المسلمة، إبريل 1996، وقد نفذت حماس أربع عمليات انتقاماً لاستشهاد يحيى عياش أدت إلى مقتل 47 صهيونياً وجرح 105 آخرين (حسب المصادر "الإسرائيلية")، ونفذت الجهاد الإسلامي العملية الخامسة - بالتنسيق مع حماس - مما أدى إلى مقتل 14 صهيونياً وجرح 125 آخرين (حسب المصادر "الإسرائيلية").
[159] انظر: أخبار الصحف العربية، مثلاً: الرأي والدستور ليومي 9-10 أكتوبر 1990.
[160] غطت الصحف العربية اليومية هذه الانتفاضة، مثلاً: الرأي والدستور 25-29 سبتمبر 1996.
[161] الخليج، 23 فبراير 2000.
[162] انظر مثلاً: جريدة الأيام، فلسطين، 16 فبراير 2000، نقلاً عن يديعوت أحرونوت، 15 فبراير 2000.
[163] جريدة الخليج، 10 نوفمبر 2000.
[164] يمكن مراجعة التقارير المنشورة في الإنترنت في أشهر أكتوبر وديسمبر 2000 في Islamonline.com، Palistine-info.org، لقراءة العديد من النماذج والتقارير.
[165] انظر مثلاً حول الآثار القوية للمقاطعة في مصر في: الخليج، 27 ديسمبر 2002.
[166] انظر مجلة المجتمع، الكويت، 22 فبراير 2003.
[167]
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط][168] حسب تصريح وزير الصحة الفلسطيني لقناة فلسطين الفضائية فإن عدد الشهداء حتى منتصف فبراير 2003 هو 2836 شهيداً، انظر الخليج، 16 فبراير 2003.
[169] الخليج، 11 ديسمبر 2000.
[170]
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط][171] الخليج، 19 ديسمبر 2002.
[172]
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط][173] Ibid، ذكرت جريدة معاريف الإسرائيلية في 8 يناير 2003 أن عدد القتلى الإسرائيليين بلغ 718 قتيلاً و 4049 جريحاً قُتل منهم 297 في العمليات الاستشهادية، وأن 213 قتيلاً و 1447 جريحاً كانوا من الجيش والشرطة. انظر:
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط][174] انظر:
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] وانظر: قدس برس، نشرة بانوراما، 2 يناير 2003.
[175] قدس برس، نشرة بانوراما، 3 يناير 2003.
[176] سورة النساء: 104.
[177] نقلاً عن:
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] 30/11/02
[178] جريدة الخليج، 18 فبراير 2003.
[179] تعتمد المعلومات التي نضعها بين يدي القارئ هنا أساساً على جزء من فصل سبق وأن كتبناه، ونُشر ضمن كتاب: التيار الإسلامي في فلسطين، والذي سبقت الإشارة إليه.
[180] حسن البنا، مذكرات الدعوة والداعية، ط5 (بيروت ـ دمشق: المكتب الإسلامي، 1983)، ص 28.
[181] حسن البنا، مجموعة رسائل الإمام الشهيد حسن البنا (القاهرة: دار الشهاب، لا تاريخ)، ص 271 ـ 273.
[182] المرجع نفسه، ص 156 ـ 157.
[183] نفس المرجع، ص 271، 273 ـ 274.
[184] كامل الشريف، الإخوان المسلمون في حرب فلسطين، ط3 (الزرقاء، (الأردن): مكتبة المنار، 1984)، ص 31.
[185] محمود عبد الحليم، الإخوان المسلمون: أحداث صنعت التاريخ ـ رؤية من الداخل 1928 ـ 1948، (الإسكندرية: دار الدعوة، 1983)، ج1، ص 173 ـ 177، وحسن البنا، مذكرات الدعوة والداعية، ص 207 ـ 215، 224 ـ 226، 226.
[186] أكرم زعيتر، الحركة الوطنية الفلسطينية 1935 ـ 1939 (من أوراق أكرم زعيتر)، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، سلسلة الدراسات، رقم 55 (بيروت: مؤسسة الدراسات الفلسطينية، 1980)، ص 322.
[187] المرجع نفسه، ص 403.
[188] محمود عبد الحليم، مرجع سابق، ص 177.
[189] كامل الشريف، مرجع سابق، ص 31.
[190] ريتشارد ميتشل، الإخوان المسلمون، ترجمة محمود أبو السعود، تعليق صالح أبو رقيق (انديانا بوليس، (الولايات المتحدة)، دار النشر الأمريكية، 1980)، ص 142.
[191] عصام الشربيني، مقابلة، الكويت: 16 أكتوبر 1985. (الدكتور عصام الشربيني أحد أعضاء جماعة الإخوان المسلمين منذ عام 1943).
[192] محمود عبد الحليم، مرجع سابق، ص 200 ـ 201. (أحمد رفعت: أحد أفراد "الإخوان" في مصر، وقد خرج من جماعتهم إثر فتنة وقعت كان هو من أسبابها، فأراد بعد ذلك الذهاب لفلسطين للجهاد فأشار عليه الإخوان بأن يأخذ بنصيحتهم فيلتحق بمن لهم به علاقة هناك فيزكونه لهم فرفض، وذهب باجتهاده فقتله المجاهدون الفلسطينيون ظناً منهم أنه جاسوس).
[193] المرجع نفسه، ص 258 ـ 260، وميتشل، مرجع سابق، هامش ص 108.
[194] حسن البنا، مذكرات الدعوة والداعية، ص 198 ـ 199.
[195] انظر: محسن صالح، التيار الإسلامي في فلسطين، ص 438 ـ 445.
[196] بيان الحوت، مرجع سابق، ص 503.
[197] المرجع نفسه، ص 794.
[198] حرب فلسطين 1947 ـ 1948 (الرواية الإسرائيلية الرسمية)، ص 14.
[199] كامل الشريف، مرجع سابق، ص 64.
[200] كامل الشريف، مقابلة، عمّان، الأردن: 28 أكتوبر 1985.
[201] يوسف عميرة، مقابلة، الكويت: 6 نوفمبر 1985.
[202] عارف العارف، مرجع سابق، ج1، ص 227 ـ 229.
[203] يوسف عميرة، مقابلة، الكويت: 6 نوفمبر 1985.
[204] عارف العارف، مرجع سابق، ج1، ص 234.
[205] يوسف عميرة، مقابلة، الكويت: 6 نوفمبر 1985.
[206] بيان نويهض، مرجع سابق، ص 504.
[207] كامل الشريف، مرجع سابق، ص 34، وعبد العزيز علي، مقابلة، الكويت: 27 سبتمبر 1985. (عبد العزيز علي: أحد مجاهدي الإخوان المسلمين المصريين في حرب 1948)، ومحمد علي الطاهر، معتقل هاكستب: مذكرات ومفكرات (مصر: المطبعة العالمية، 1950)، ص 61.
[208] انظر مثلاً: محمود عبد الحليم، مرجع سابق، ص 412، وعصام الشربيني، مقابلة، الكويت: 16 أكتوبر 1985.
[209] عصام الشربيني، مقابلة، الكويت: 16 أكتوبر 1985.
[210] ريتشارد ميتشل، مرجع سابق، ص 151 ـ 152.
[211] عارف العارف، مرجع سابق، ج2، ص 398.
[212] محمود عبد الحليم، مرجع سابق، ص 412.
[213] صلاح شادي، صفحات من التاريخ: حصاد العمر (الكويت: دار الشعاع، 1980)، ص 56.
[214] كامل الشريف، مرجع سابق، ص 40 ـ 41، 71 ـ 74، 126، وصلاح شادي، مرجع سابق، ص 63.
[215] عباس السيسي، في قافلة الإخوان المسلمين (دون مكان: دون ناشر، 1986)، ص 166.
[216] عارف العارف، مرجع سابق، ج2، ص 399، وكامل الشريف، مرجع سابق، ص 45، 78، وعبد العزيز علي، مقابلة، الكويت: 27 سبتمبر 1985.
[217] صلاح شادي، مرجع سابق، ص 63.
[218] عباس السيسي، مرجع سابق، ص 152 ـ 153.
[219] نفس المرجع، ص 153.
[220] زكريا سليمان بيومي، الإخوان المسلمون والجماعات الإسلامية في الحياة السياسية المصرية 1928 ـ 1948 (القاهرة: مكتبة وهبة، 1979)، ص 131.
[221] عن العمليات العسكرية للإخوان بالتفصيل انظر: كامل الشريف، مرجع سابق.
[222] صلاح شادي، مرجع سابق، ص 63.
[223] حلمي سلام، "كان الفدائيون قوة فأضعناها"، مجلة المصور، عدد 1351، 1 سبتمبر 1950، ص 19.
[224] زياد محمود علي، عداء اليهود للحركة الإسلامية (عمّان، الأردن: دار الفرقان، 1982)، ص 19 ـ 20.
[225] كامل الشريف، مرجع سابق، ص 39 ـ 40.
[226] انظر: مصطفى السباعي، الإخوان المسلمون في حرب فلسطين، دار النذير، (دون مكان، دار النذير، 1985)، وعارف العارف، مرجع سابق، ج1، ص 326، 329، 435 ـ 437.
[227] مصطفى السباعي، مرجع سابق، ص 27.
[228] المرجع نفسه، ص 28 ـ 57.
[229] محمد عبد الرحمن خليفة، مقابلة، عمّان (الأردن): 30 أكتوبر 1985.
[230] سليمان موسى، أيام لا تنسى: الأردن في حرب 1948 (الأردن: مطبعة القوات المسلحة الأردنية، 1982)، ص 44 ـ 45، ومحمد عبد الرحمن خليفة، مقابلة، عمان (الأردن): 30 أكتوبر 1985.
[231] سليمان موسى، مرجع سابق، ص 45.
[232] أحمد محمد الخطيب، مقابلة، عمّان (الأردن): 29 أكتوبر 1985.
[233] أحمد محمد الخطيب، مقابلة، عمّان (الأردن): 29 أكتوبر 1985.
[234] محمد محمود الصواف، مقابلة، الكويت: 2 ديسمبر 1985، وبيان الحوت، مرجع سابق، ص 612.
[235] بيان الحوت، مرجع سابق، ص 612 ـ 613.
[236] محمد محمود الصواف، مقابلة، الكويت: 2 ديسمبر 1985.
[237] حرب فلسطين 1947 ـ 1948 (الرواية الإسرائيلية الرسمية)، ص 221.
[238] انظر لمزيد من المعلومات: محمد محمود الصواف، معركة الإسلام أو وقائعنا في فلسطين بين الأمس واليوم (لبنان، دون ناشر، 1969)، ص 158 ـ 175.
الفصل الثاني
منظمات وحركات التحرير الفلسطينية
أولاً - المؤسسات الناطقة باسم الشعب الفلسطيني:
شعب فلسطين جزء من الأمة العربية والإسلامية. وقبل ظهور الدول القُطرية في عالمنا العربي والإسلامي، كان شعب فلسطين ممثلاً بشكل طبيعي في بنية الدول الإسلامية التي تتابعت على حكم المنطقة من راشدين وأمويين وعباسيين ومماليك وعثمانيين ... ولم تكن هناك مشكلة هوية أو انتماء وذلك لشعور الجميع بالانتماء والولاء لأمة الإسلام، بغض النظر عن نظام الحكم. غير أن ظهور الأيديولوجيات القومية والوطنية، وسقوط الدولة العثمانية، ووقوع فلسطين ـ وغيرها من بلدان العالم الإسلامي ـ تحت الاستعمار، وقيام الاستعمار بتقطيع بلدان العالم الإسلامي إلى وحدات مختلفة، لها حدودها الخاصة التي تعزلها عن غيرها. كل ذلك جعل شعب كل منطقة يقوم بنفسه بأعباء مواجهة الاستعمار، فتشكلت لذلك حركات وطنية وإسلامية، قادت شعوبها نحو التحرر والاستقلال.
وعندما سقط الحكم العثماني في فلسطين نهائياً في سبتمبر 1918، اعتبر الفلسطينيون أنفسهم تابعين للحكومة العربية التي تشكلت في دمشق في مطلع أكتوبر 1918 بزعامة فيصل بن الشريف حسين. فقد كان الفلسطينيون ممثلين في المؤتمر السوري العام، وكان الكثير من رجالاتهم في دمشق، وكان منهم نواب في المؤتمر السوري الذي أعلن استقلال سوريا في 8 مارس 1920. وظلت فلسطين تُعدُّ "سوريا الجنوبية" طوال عهد الحكومة العربية في دمشق، إلى أن سقطت هذه الحكومة إثر معركة ميسلون في 24 يوليو 1920، وبِدْء الاستعمار الفرنسي على سوريا.[239]
وكان أول شكل تمثيلي لأبناء فلسطين هو "المؤتمر العربي الفلسطيني" الذي عَقَد باسم عرب فلسطين سبع دورات خلال 1919 ـ 1928. ولأن الفلسطينيين كانوا تحت الاستعمار البريطاني ومحرومين من ممارسة حقوقهم السياسية، فقد كان هذا المؤتمر مؤسسة وطنية تشبه المجلس النيابي، تنبثق عنها قيادة هي "اللجنة التنفيذية" والتي كانت تمثل الفلسطينيين سياسياً. وفي المؤتمرين الأول (القدس 27 يناير ـ 9 فبراير 1919) والثاني (دمشق 27 فبراير 1920) جرى التأكيد على أن فلسطين جزء من سوريا، فضلاً عن رفض الهجرة اليهودية، والمطالبة باستقلال العرب ووحدتهم. ومنذ المؤتمر الثالث (حيفا 13 ـ 19 ديسمبر 1920) صار على الفلسطينيين لزاماً أن ينظموا أمورهم بالاعتماد على أنفسهم، بعد أن أحكم الاستعمارين البريطاني والفرنسي قبضتهما على المنطقة. فطالبوا بإنشاء حكومة وطنية في فلسطين، مسئولة أمام مجلس نيابي ينتخبه الشعب العربي. ومنذ ذلك المؤتمر، تولى رئاسة اللجنة التنفيذية موسى كاظم الحسيني الذي أصبح رسمياً زعيم الحركة الوطنية الفلسطينية إلى حين وفاته سنة 1934.[240]
وبسبب عوامل الضعف والتفكك التي أصابت الحركة الوطنية الفلسطينية خلال 1923 ـ 1928 فقد ضعفت فعالية المؤتمر العربي ولجنته التنفيذية. وفي الوقت نفسه، أخذت تبرز شخصية الحاج أمين الحسيني مفتي القدس ورئيس المجلس الإسلامي الأعلى، الذي قاد الحركة الوطنية من وراء ستار. ومنذ 1932 أخذت تظهر الأحزاب الفلسطينية، وكان أولها حزب الاستقلال ثم ظهرت أحزاب الدفاع (النشاشيبية)، والعربي (حزب المفتي ـ الحسينية)، وغيرها.[241] غير أن الحزب العربي الذي حظي بدعم المفتي كان أقواها وأكثرها شعبية. ومع وفاة موسى كاظم تلاشى عملياً المؤتمر العربي، وحلت مكانه الأحزاب السياسية.
وعندما اندلعت الثورة الكبرى في إبريل 1936 شكَّلت الأحزاب العربية "اللجنة العربية العليا" برئاسة الحاج أمين الحسيني (في 25 إبريل 1936) الذي نزل إلى الميدان، وأخذ يتولى قيادة الحركة الوطنية مباشرة، وليس من وراء ستار كما كان يحدث من قبل. وأصبحت "اللجنة العربية العليا" هي الجهة التي تمثل الفلسطينيين وتطلعاتهم.[242]
وبعد أن انتهت الحرب العالمية الثانية أعاد الفلسطينيون ترتيب أنفسهم، وشكّلوا "الهيئة العربية العليا"[243] برئاسة الحاج أمين الحسيني في 11 يونيو 1946. وحظيت هذه الهيئة بدعم الهيئات والأحزاب والفئات الفلسطينية، وبالتفاف الشعب الفلسطيني حولها، واعترفت الدول العربية بها ممثلة للفلسطينيين. غير أن الهيئة العربية العليا عانت من عدم قدرتها على العمل المتناسب مع خطورة المرحلة في داخل فلسطين، بسبب وجود الاستعمار البريطاني فيها، والذي منع عدداً من قياداتها من دخول فلسطين، وبالذات الحاج أمين الحسيني. كما عانت اللجنة من مشاكلها (ومشاكل رئيسها) مع عدد من الأنظمة العربية وخصوصاً الأردن والعراق، وقامت الأنظمة العربية بفرض قراراتها وتوجهاتها على الهيئة وتجاهل قيادتها وتجاوزها، بحجة أن قضية فلسطين قضية عربية، وأن الأنظمة العربية تتولى عملية التحرير. بينما كان عدد من الأنظمة العربية لا يزال تحت النفوذ الاستعماري القوي لبريطانيا والنفوذ المتصاعد لأمريكا، واللتان تدخلتا بفعالية لتحديد سياسات هذه الدول، والخطوط الحمراء لتحركها تجاه فلسطين. وحتى عندما دخلت الجيوش العربية فلسطين في مايو 1948 فإنها منعت الحاج أمين الحسيني من دخول فلسطين أو الوجود في الأماكن التي سيطرت عليها، ولم تمكِّن الأنظمة العربية الحاج أمين ورفاقه من تولي تنظيم وقيادة الشعب الفلسطيني في المناطق المحررة، بل باشرت بنفسها نزع أسلحة الفلسطينيين، وخصوصاً جيش الجهاد المقدس الذي نظمته الهيئة العربية العليا.
وكانت الهيئة العربية العليا قد قررت إنشاء حكومة فلسطينية لملء الفراغ الناتج عن انسحاب بريطانيا من فلسطين، وسعت خلال أشهر مارس وإبريل والنصف الأول من مايو 1948 لإقناع الحكومات العربية بذلك، ولكن دون جدوى. وفي 23 سبتمبر 1948 قامت الهيئة بإعلان "حكومة عموم فلسطين" في غزة برئاسة أحمد حلمي عبد الباقي. وقد أقرَّت الحكومات العربية ذلك، واعترفت بحكومة عموم فلسطين، ما عدا حكومة الأردن. وتأكيداً لشرعيتها، قامت حكومة عموم فلسطين والهيئة العربية العليا بالدعوة إلى مجلس وطني فلسطيني في غزة في الأول من أكتوبر 1948 برئاسة الحاج أمين. وقد انعقد المؤتمر بحضور جمهرة كبيرة من الشخصيات الفلسطينية، حيث تم الإعلان عن شرعية الحكومة الجديدة، وتقرر إعلان استقلال فلسطين، وإقامة دولة حرة ديموقراطية ذات سيادة، بحدودها الدولية المتعارف عليها في أثناء الاحتلال البريطاني.
وقام ملك الأردن الملك عبد الله من جانبه بالسعي لتمثيل الفلسطينيين، فانعقد بدعمه في عمان في الأول من أكتوبر 1948 مؤتمر في عمان برئاسة الشيخ سليمان التاجي الفاروقي أنكر على مؤتمر غزة تمثيله للفلسطينيين. وانعقد في أريحا مؤتمر في الأول من ديسمبر 1948 برئاسة محمد علي الجعبري رئيس بلدية الخليل، تم الإعلان فيه عن وحدة الأرضي الأردنية والفلسطينية، ومبايعة الملك عبد الله ملكاً على فلسطين. وفي آخر ديسمبر من العام نفسه، انعقد مؤتمرٌ ثالثٌ في رام الله ورابعٌ في نابلس، وقد أيدا قرارات مؤتمر أريحا. وقد أثار موقف الأردن معارضة شديدة في الأوساط العربية والفلسطينية الرسمية والشعبية، غير أن سيطرة القوات الأردنية على معظم ما تبقى من فلسطين (الضفة الغربية) مكّنها من منع حكومة عموم فلسطين من ممارسة صلاحياتها، وتم في النهاية توحيد الضفة الغربية مع شرق الأردن في إبريل 1950.[244]
وعندما حاولت حكومة عموم فلسطين ممارسة صلاحياتها في قطاع غزة، تدخلت السلطات المصرية، فنقلت الحاج أمين الحسيني بالقوة إلى القاهرة، وأجبرت عدداً من أعضاء المجلس الوطني على مغادرة غزة إلى القاهرة. ثم ما لبثت أن أكرهت رئيس وأعضاء حكومة عموم فلسطين على الانتقال إلى مصر. وبقيت حكومة عموم فلسطين قائمة في مصر دون أن تستطيع القيام بأي من الأعمال المنوطة بها، لا سيما في الحقل السياسي. وفرضت السلطات المصرية حصاراً على دار الهيئة العربية العليا في القاهرة، ووضعت الحاج أمين تحت رقابة مُشدَّدة، حرمته من حرية العمل والتنقل. ومع الزمن، لم تعد حكومة عموم فلسطين غير هيئة شكلية ظلَّت تبعث بممثلين عنها لحضور اجتماعات الجامعة العربية. أما الحاج أمين والهيئة العربية العليا فقد عانيا من استمرار الحصار والتجاهل، واضطر الحاج أمين لمغادرة القاهرة سنة 1958 إلى لبنان، بسبب الضغط والتضييق من عبد الناصر عليه، وخصوصاً لخلفيته الإسلامية وعلاقاته المتميزة بالإخوان المسلمين الذين كان عبد الناصر يلاحقهم ويسجنهم. وعملياً، فقد انتهى أي تأثير للهيئة العربية العليا بإنشاء منظمة التحرير الفلسطينية سنة 1964، وظهور العمل الفدائي الفلسطيني، وبوفاة الحاج أمين الحسيني نفسه في 4 يوليو 1974، ولا يزال لهذه الهيئة مكتب صغير في عمان.[245]
منظمة التحرير الفلسطينية (م.ت.ف):[246]
كانت فلسطين ممثلة لدى جامعة الدول العربية منذ إنشائها سنة 1945. فقد مثَّلها في البداية موسى العلمي، ثم تولى ذلك أحمد حلمي عبد الباقي إلى حين وفاته سنة 1963. وفي أواخر الخمسينيات وأوائل الستينيات من القرن العشرين أخذت الساحة الفلسطينية تموج بالحركات والمنظمات الفدائية والسياسية التي تسعى لتحرير فلسطين. وكان نجاح الثورة الجزائرية سنة 1962 عاملاً مُحفِّزاً ونموذجاً دفع الكثير من الفلسطينيين للاعتقاد بإمكان أن يتولى أبناء القُطر الواحد عملية المقاومة والتحرير في الوقت الذي يتلقون الدعم والإسناد من أشقائهم العرب. كما كان فشل تجربة الوحدة المصرية ـ السورية 1958 ـ 1961 عاملاً آخر في دفع الفلسطينيين إلى عدم انتظار تحقق الوحدة العربية، وعدم التعويل عليها، بالنظر إلى واقع الأنظمة العربية وخلافاتها. وقد خشيت الأنظمة العربية ـ وخصوصاً مصر ـ أن يفلت زمام القضية الفلسطينية من يدها، فبادرت إلى محاولة إيجاد شكل مؤسسي تمثيلي للفلسطينيين، يستوعب الساحة الفلسطينية، ويُبقي الأمور تحت السيطرة قدر الإمكان.
ولم تعبأ الجامعة العربية - في دورتها الأربعين سنة 1963 - برأي الهيئة العربية العليا ولا حكومة عموم فلسطين في تعيين مندوب فلسطين لدى الجامعة. وعينت بنفسها أحمد الشقيري الذي حظي بدعم عبد الناصر، وقد أُرفق بقرار اختياره تكليفه ببحث القضية الفلسطينية في جميع جوانبها، والوسائل التي تؤدي إلى دفعها في ميدان الحركة والنشاط. وعندما انعقد مؤتمر القمة العربي الأول في القاهرة في 13 يناير 1964 أصدر قراراً بإنشاء كيانٍ فلسطيني يُعبِّر عن إرادة شعب فلسطين، ويقيم هيئة تطالب بحقوقه، لتمكينه من تحرير أرضه وتقرير مصيره. ومن الجدير بالذكر أن الجامعة العربية كانت قد أقرَّت سنة 1959 فكرة إنشاء كيان فلسطيني، لكنه ظلَّ عرضة للتسويف والتأجيل، إلى أن أعيد إحياء الفكرة سنة 1963.
وقام أحمد الشقيري، مستفيداً من الدعم المصري، ومن حماسة الفلسطينيين لإنشاء كيان خاص بهم، بعمل ثلاثين جولة في مناطق التجمعات الفلسطينية. وقام خلال الجولة بوضع "الميثاق الوطني الفلسطيني" والنظام الأساسي "لمنظمة التحرير الفلسطينية"، وأجرى ترتيبات عقد مؤتمر فلسطيني عام في القدس، والذي انعقد في 28 مايو ـ 2 يونيو 1964، وقام الملك حسين بافتتاحه. وسمُّي هذا المجلس "المجلس الوطني الأول" وهو الذي أعلن إنشاء "منظمة التحرير الفلسطينية"، وانتخب أحمد الشقيري رئيساً لها، وأقر الميثاق القومي الفلسطيني، كما قرر إعداد الشعب الفلسطيني عسكرياً للقيام بدوره في تحرير وطنه، كما وافق على إنشاء الصندوق القومي الفلسطيني.
وقد أكد الميثاق القومي الفلسطيني[247] على عروبة فلسطين، وحق أبناء فلسطين في أرضهم، ورفض المشروع الصهيوني، ورفض الاعتراف بالدولة اليهودية الصهيونية، ورفض قرار تقسيم فلسطين. وأكد تصميم الشعب الفلسطيني على المضي قدماً على طريق الجهاد المقدَّس حتى يتحقق له النصر النهائي، واعتبر أن تحرير فلسطين وتحقيق الوحدة العربية هدفان متكاملان يؤدي أحدهما إلى تحقيق الآخر، ويجب أن يسيرا جنباً إلى جنب. وقد اتسم هذا الميثاق بروح قومية علمانية عكست الواقع السياسي والأيديولوجي العربي والفلسطيني في ذلك الوقت.
لم يكن مطلوباً من الشقيري أن ينشئ "الكيان" الفلسطيني، إذ كان مكلفاً فقط بتقديم دراسته وتوصياته عن الموضوع إلى مؤتمر القمة العربي الثاني. لكن الشقيري "تجاوز صلاحياته" ـ بدعم مصري ـ وأنشأ م.ت.ف على أرض الواقع، خشية أن تعود القضية إلى أدراج الجامعة العربية ومداولات لجانها و"يموت" المشروع مرة أخرى.
وقد عادت "إشكالية" حق تمثيل الفلسطينيين لتبرز مرة أخرى بإنشاء م.ت.ف. وتميز الأمر بحساسية شديدة خصوصاً بالنسبة إلى الأردن التي يحمل غالبية الفلسطينيين جنسيتها، ويُشكِّلون غالبية سكانها. وقد اضطر الشقيري لطمأنة الملك حسين مراراً مؤكداً أن تركيز عمل م.ت.ف سيكون على تحرير الأرض "غرب" الضفة الغربية (أي فلسطين المحتلة 1948). ومع ذلك فإن محاولات م.ت.ف إنشاء قوات فلسطينية وتجنيد الفلسطينيين في الضفة الغربية قد لقي معارضة الأردن. ودخلت العلاقة بين م.ت.ف والأردن مرحلة من التوتر والاتهامات المتبادلة منذ 1966، مما أعاق عمليات تنظيم وتعبئة الفلسطينيين غربي الأردن وشرقيه.
وفي الوقت نفسه نظرت المنظمات الفدائية الفلسطينية (فتح وغيرها) إلى م.ت.ف نظرة شكٍّ وتوجُّس، وعدّتها نتاج الواقع العربي بضعفه وتمزقه وخشيت أن تكون أداة لهيمنة الأنظمة العربية على الساحة الفلسطينية. ولذلك لم تندمج هذه المنظمات أو تشارك في م.ت.ف، واكتفت "فتح" بتمثيل فردي رمزي في المجلس الوطني كموطئ قدم، ولتكون على اطلاع بما يجري.[248]
وعلى الرغم من الصعوبات الكثيرة إلا أن م.ت.ف نجحت في تثبيت مؤسساتها، وأصبحت الجهة الأوسع تمثيلاً للشعب الفلسطيني.
وعندما حدثت كارثة حرب 1967 وضاع ما تبقى من فلسطين (الضفة الغربية وقطاع غزة)، وانكشف الضعف العربي، وتبخرت الآمال في قيادة عبد الناصر، وفي الشعارات القومية لتحرير فلسطين، شَعَرَ الفلسطينيون بوجوب أخذ زمام المبادرة والتخلص من حالة الهيمنة والوصاية العربية. واضطرت الأنظمة العربية على أن توافق على فتح المجال أمام العمل الفدائي الفلسطيني، تنفيساً عن مشاعر الجماهير، وتوجيهاً لغضبها وثورتها ضد العدو الصهيوني. ولذلك تمَّ إعادة النظر في م.ت.ف ودورها وقيادتها، واضطر أحمد الشقيري للاستقالة في 24 ديسمبر 1967 لإفساح المجال أمام تحقيق الوحدة الوطنية، ودخول المنظمات الفدائية في المنظمة. وقد تولى يحيى حمودة رئاسة اللجنة التنفيذية لـ م.ت.ف بالوكالة خلفاً للشقيري، وبدأ جهوداً حثيثة لإعادة صياغة م.ت.ف والعلاقات الداخلية الفلسطينية. ونجحت هذه الجهود بدخول معظم المنظمات الفدائية م.ت.ف وخصوصاً حركة فتح، وبإعادة صياغة الميثاق القومي الفلسطيني ليحل مكانه "الميثاق الوطني الفلسطيني"، كما تم إعادة ترتيب عضوية المجلس الوطني الفلسطيني ليتكون من مائة عضو فقط. وبناء على ذلك عقد المجلس الوطني الرابع في القاهرة 7 ـ 17 يوليو 1968 حيث أقرّت هذه التغييرات، وتحقق للمنظمات الفدائية السيطرة على م.ت.ف. وفي المجلس الوطني الخامس في القاهرة 1 ـ 4 فبراير 1969 تمت للمنظمات الفدائية السيطرة على قيادة اللجنة التنفيذية لـ م.ت.ف، وتولى ياسر عرفات زعيم حركة فتح رئاسة المنظمة منذ ذلك الحين.[249]
وقد تمكنت م.ت.ف من انتزاع صفة الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني في مؤتمر القمة العربي في الرباط في أكتوبر 1974. وفي الشهر التالي استطاعت الحصول على صفة عضو مراقب في الأمم المتحدة. وعندما أعلنت م.ت.ف استقلال فلسطين في نوفمبر 1988 اعترفت بها أكثر من 120 دولة في العالم، وحوَّلت كثير منها مكاتب م.ت.ف فيها إلى سفارات لدولة فلسطين رغم أن هذه الدولة لم تقم بعدُ على الأرض. وفي أعين الأنظمة العربية والأمم المتحدة لا تزال م.ت.ف تمثل الفلسطينيين. غير أن قدرتها على تمثيل الفلسطينيين كافة ظلَّت أمراً نسبياً، وتواجهه مشكلات عملية وميدانية في كثير من الأحيان، ومن ذلك:
1. عدم قدرة م.ت.ف على تشكيل مجلس وطني فلسطيني منتخب شعبياً، ويمثل بدقة الشرائح المختلفة للفلسطينيين، لاستحالة ذلك عملياً في البلاد العربية التي يمنع معظمها مثل تلك الممارسة.
2. دخول وخروج عدد من المنظمات الفدائية الفلسطينية مثل الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين التي انضمت متأخرة، ثم ما لبثت أن خرجت سنة 1974 مُشكِّلة "جبهة الرفض" مع عدد من الفصائل الأخرى. ثم تكررت عودتها أو مقاطعتها للمجلس الوطني أو للجنة التنفيذية بحسب التطورات السياسية.
3. وجود عدد من المنظمات الفدائية الفلسطينية التي تمثل أنظمة عربية معينة وتلتزم بسياساتها، وتتأرجح علاقاتها بـ م.ت.ف وفق علاقات النظام العربي نفسه مع م.ت.ف، مثل "الصاعقة" التي تتبع "البعث" السوري، ومثل جبهة التحرير العربية التي تتبع "البعث" العراقي ...
4. ظهور قوى إسلامية فلسطينية تتمتع بحضور شعبي واسع (حماس والجهاد الإسلامي) ورفضها الانضمام إلى م.ت.ف.
5. خسارة م.ت.ف لقاعدة وجودها في الأردن إثر أحداث 1970 ـ 1971، ولقاعدتها في لبنان إثر الاجتياح "الإسرائيلي" سنة 1982، وتراجع قدرتها على التفاعل مع الحياة اليومية للفلسطينيين في الخارج.
6. دخول م.ت.ف في مسار التسوية السلمية، وتوقيعها اتفاقات أوسلو سنة 1993، أوجد انقساماً شديداً في الشارع الفلسطيني، الذي وجدت قطاعات كبيرة منه أن م.ت.ف لم تعد تمثل طموحاته ولا همومه، بعد أن تنازلت رسمياً عن 77% من أرض فلسطين للكيان الإسرائيلي، ونبذت الكفاح المسلح.
7. تشكيل السلطة الفلسطينية في مناطق الضفة والقطاع، نقل مركز الثقل في قيادة م.ت.ف إلى سلطة الحكم الذاتي، وهمَّش دور م.ت.ف السياسي، كما أضعف بشكل كبير فعالية مؤسساتها المختلفة.
8. إن طريقة قيادة رئيس المنظمة لـ م.ت.ف، وتركز السلطات في يديه، وعدم تشجيع استقرار ونمو مؤسسات م.ت.ف وقيامها بدورها بفعالية وممارسة صلاحياتها ... أفرغ كثيراً من مؤسسات م.ت.ف من محتواها ورسالتها.
يتبع باقي الموضوع