منتدى نجوم الونشريس
أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم، إذا كانت هذه زيارتك الأولى للمنتدى، فيرجى التكرم بزيارة صفحة التعليمـــات، بالضغط هنا. كما يشرفنا أن تقوم بالتسجيل بالضغط هنا إذا رغبت بالمشاركة في المنتدى، أما إذا رغبت بقراءة المواضيع والإطلاع فتفضل بزيارة القسم الذي ترغب أدناه.
منتدى نجوم الونشريس
أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم، إذا كانت هذه زيارتك الأولى للمنتدى، فيرجى التكرم بزيارة صفحة التعليمـــات، بالضغط هنا. كما يشرفنا أن تقوم بالتسجيل بالضغط هنا إذا رغبت بالمشاركة في المنتدى، أما إذا رغبت بقراءة المواضيع والإطلاع فتفضل بزيارة القسم الذي ترغب أدناه.
منتدى نجوم الونشريس
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم، إذا كانت هذه زيارتك الأولى للمنتدى، فيرجى التكرم بزيارة صفحة التعليمـــات، بالضغط هنا. كما يشرفنا أن تقوم بالتسجيل بالضغط هنا إذا رغبت بالمشاركة في المنتدى، أما إذا رغبت بقراءة المواضيع والإطلاع فتفضل بزيارة القسم الذي ترغب
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول
المساهمة برقي المنتدى
اهلا وسهلا بزوار واعضاء منتدى نجوم الونشريس ******المنتدى بكم ولكم ****** ******المنتدى بحاجة الى مشرفين ولمن يخدمه******

 

 جوانب من صفات اليهود وأخلاقهم ومواقفهم من الدَّعوة الإسلاميّة

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
البروفوسور
مشرف
مشرف



عدد المساهمات : 140
نقاط : 228
تاريخ التسجيل : 10/10/2010
العمر : 57

جوانب من صفات اليهود وأخلاقهم ومواقفهم من الدَّعوة الإسلاميّة Empty
مُساهمةموضوع: جوانب من صفات اليهود وأخلاقهم ومواقفهم من الدَّعوة الإسلاميّة   جوانب من صفات اليهود وأخلاقهم ومواقفهم من الدَّعوة الإسلاميّة Icon_minitime1الأربعاء أكتوبر 20, 2010 10:34 pm

جوانب من صفات اليهود وأخلاقهم ومواقفهم من الدَّعوة الإسلاميّة
 د. يوسف إبراهيم محمد أبو سيل()

مُقَدِّمَة:
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسَّلام على من أُرْسِلَ رحمة للعالمين، وعلى آله وصحبه ومن تبعه بإحسان إلى يوم الدِّين، وبعد،،،
فإنَّ القرآن لم يخبر عن أُمَّة من الأمم كإخباره عن اليهود، وقد جاء ذلك مفصَّلاً في سور القرآن مكيّها ومدنيّها، وفي ذلك لفت لانتباه الأُمَّة المسلمة الوارثة للنبوات عبر التاريخ.
فالقرآن يخبر عن اليهود، ويفصح عن أحوالهم وقبائح أعمالهم؛ حتى تدرك الأُمَّة المسلمة خطرهم، وكيدهم، ودسائسهم، ومواقفهم من الأنبياء والرِّسالات، من خلال تاريخهم القديم في عهد موسى ، وتاريخهم في حاضر البعثة النبويّة.
والبحث يحاول في هذه الورقات أنْ يجلّي بعض جوانب من صفاتهم وأخلاقهم التي أخبر عنها القرآن، والتي لا تزال هي صفاتهم إلى يومنا هذا، مما يزيد المؤمنين يقيناً وتصديقاً بهذا القرآن، وأنَّه المعجزة الخالدة التي بُعِثَ بها محمد .
أرجو أنْ أكون قد أسهمتُ بعملي هذا في تذكير المسلمين عامة، والباحثين خاصة، بضرورة الوقوف على كتاب الله تعالى، واستنباط ما فيه من العلوم والحِكَم. وأسأل الله أنْ يتقبله ويجعله صالحاً، ولوجه خالصاً، إنَّه ولي ذلك والقادر عليه.
تعريف اليهود:
جاء في "لسان العرب": "الهود: التوبة، هاد يهود هوداً وتهوّد: تاب ورجع إلى الحقّ، فهو هائد، وفي التنزيل العزيز [الأعراف: 156]، أي: تبنا إليك، وهو قول مجاهد، وسعيد بن جبير، وإبراهيم( ).
والتهوُّد: التوبة والعمل الصالح، وقالوا: (اليهود) فأدخلوا الألف واللام فيها على أداة النَّسب، يريدون اليهوديين، وقوله تعالى: [الأنعام: 146]، معناه: دخلوا في اليهوديّة، وأرادوا باليهود اليهوديين، ولكنهم حذفوا ياء الإضافة( ).
وقد اختلف العلماء في اشتقاق اليهود من (هود) فذكر صاحب التفسير الكبير في قوله تعالى: [المائدة: 69] أنَّهم قد اختلفوا في اشتقاقه على وجوه:
أحدها: إنَّما سُمُّوا به حين تابوا من عبادة العجل، وقالوا: ، أي: تبنا ورجعنا، وهو عن ابن عباس.
وثانيها: سُمُّوا به لأنَّهم نسبوا إلى "يهوذا" أكبر ولد يعقوب . وإنَّما قالت العرب بالدال للتعريب، فإنَّ العرب إذا نقلوا أسماء من العجمية إلى لغتهم غيَّروا بعض حروفها.
وثالثها: قال أبو عمرو بن العلاء: سُمُّوا بذلك لأنَّهم يتهوّدون، أي يتحرّكون عند قراءة التّوراة( ).
العلاقة بين اليهود وبني إسرائيل:
العلاقة بين اليهود وبني إسرائيل هي علاقة عموم وخصوص، فكل يهوديّ من بني إسرائيل، ولا عكس. وقد ذكر الإمام الرَّازي اتفاق المفسرين على أنَّ إسرائيل هو يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم، ويقولون: "إنَّ معنى إسرائيل عبد الله؛ لأنَّ "إسرا" في لغتهم هو العبد، و"إيل" هو الله، وكذلك جبريل فهو عبد الله، وكذلك ميكائيل عبدالله"( ).
إنَّ يهوذا ـ جدّ اليهود ـ هو أحد أبناء يعقوب  المسمَّى بـ "إسرائيل". ونقل ابن كثير عن أهل الكتاب: "إنَّ إسحاق لما تزوّج "رفقا" بنت بتواييل في حياة أبيه كان عمره أربعين سنة، وأنَّها كانت عاقراً، فدعا الله لها فحملت، فولدت غلامين توأمين:
أولهما: اسمه "عيصو"، وهو الذي تسميه العرب "العيص"، وهو والد الرُّوم.
والثاني: خرج وهو آخذ بعقب أخيه، فسمّوه "يعقوب"، وهو إسرائيل الذي يُنسب إليه بنو إسرائيل( ).
ويرى البعض: إنَّ اسم اليهود يرجع إلى التاريخ الذي أقام فيه داود وسليمان ـ عليهما السلام ـ مملكة في فلسطين عام ألف قبل الميلاد.
أمَّا الدكتور أحمد شلبي فيرى أنَّ هذا المصطلح أحدث من التاريخ السابق بكثير، فقد ظهر عام 538 قبل الميلاد بأرض بابل، فأطلق الفرس على شعب يهوذا اسم "اليهود"، وأطلقوا على عقيدتهم اسم "اليهوديّة"، ومن هذا التاريخ أصبحت كلمة "يهوديّ" تعني من اعتنق اليهوديّة، ولو لم يكن من بني إسرائيل، وهذا هو الفرق بين اليهوديّ والإسرائيليّ( ).
ويلاحظ أنَّ القرآن الكريم يدعوهم بـ "بني إسرائيل" في معرض دعوتهم إلى الهداية وإلى الطريق المستقيم، استلطافاً بهم وتذكيراً لهم بأبيهم يعقوب ، ليلفتهم إلى انتسابهم لأنبياء الله ورسله، فهم أوْلَى النَّاس بالإيمان بما جاء به محمد ( ).
ومن ذلك قوله تعالى [البقرة: 40-41].
وأمَّا عند ذكر انحرافهم وتعداد أباطيلهم نجد القرآن الكريم يسمّيهم "اليهود"، قال تعالى: [التوبة: 30]، وقال تعالى [المائدة: 64].
أمَّا مصطلح "صهيونيّ" الذي ينسب إلى جبل "صهيون"، الذي يقع جنوب بيت المقدس؛ فهو يعني عند اليهود أرض الميعاد، أي الأرض المقدسة التي يتوق إليها اليهود؛ لأنَّ فكرة الصهيونية بدأت منذ السَّبي البابليّ، على أساس أنَّها تعبِّر عن الخلاص القوميّ لليهود وعودتهم إلى فلسطين.
وقد حاول مفسرو الصُّهيونيّة فيما بعد وضع هدفها في إطار ديني على ضوء الأحقاد الجديدة، ليتم تحقيقه بجهود القادة المتعصبين من اليهود، للوصول إلى تأمين شتات اليهود واستقرارهم.
وهكذا قامت الصُّهيونيّة على مزاعم تراثية تدور حول محور التعصُّب الدِّينيّ، ونزعة قوميّة عنصريّة تظهر من حين لآخر مرتدية عباءة التوراة، لتستخرج من نصوصها ما تبرِّر به ادّعاءاتها في إقامة الدَّولة الصُّهيونيّة على أرض فلسطين( ).
من صفات اليهود:
إنَّ أصدق كتاب يلجأ إليه الباحث ليقف على بعض صفات اليهود هو كتاب الله عزَّ وجلَّ، وما صَحَّ على لسان نبيه الخاتم . وأمَّا ما وجد من الإسرائيليات مما لا يعارضه شرعنا فنتوقف عنده، وما جاء في التاريخ القديم فينسب إلى شهداء عصره، وهناك شواهد ومشاهد يراها المعاصرون اليوم، فهي تؤكِّد ما أخبر به عن اليهود.
نبدأ الحديث عنهم بما جاء في القرآن الكريم على لسان سيدنا يعقوب "إسرائيل"، الذي يتحدّث عن أبنائه وفلذة كبده، في قصة أخبر القرآن بأهميتها ووجوب الوقوف عندها [يوسف: 3-7].
كان ليعقوب  اثنا عشر ابناً، ستة من "ليا بنت ليان"، وهي بنت خال يعقوب ، وأربعة من "سويتين"، وعندما توفيت ابنة خاله "ليا" تزوّج أختها "راحيل"، فولدت له "يوسف" و"بنيامين"، و ماتت "راحيل" في نفاس "بنيامين"( ).
هذه العلاقة رابطة الرِّحم والقرابة بصبي فقد أُمّه فعوّضه أبوه حنانها، وزاده حباً له ما رأى فيه من حُسْن وجمال الظاهر والباطن، ولكن الإخوة لأب وأبناء الخالة يملأ الحسد قلوبهم، وأبوهم قد عَلِمَ ذلك، فقال لابنه يوسف ، عندما رأى الرؤيا التي تدلُّ على رفعته وعلو منزلته على أخوته: [يوسف: 5].
جاء في "مجمع البحرين": "الكيد: السعي في فساد الحال على وجه الاحتيال"( ).
وقد حدث ما توقَّعه سيدنا يعقوب  [يوسف: 8-9]، إنَّ الحسد يملأ قلوبهم، وتغلب عليهم طبيعة النَّفس الشِّريرة، فتسوّل لهم منكراً من الفعل وزوراً من القول، ولا يراعون برّاً لأب أو صلة رحم أو رحمة على صغير.
نقل ابن كثير في تفسيره عن محمد بن إسحاق: "لقد اجتمعوا على أمر عظيم من قطيعة الرّحم، وعقوق الوالد، وقلة الرأفة بالصغير الضعيف، الذي لا ذنب له، وبالكبير الفاني ذي الحقّ، والحرمة، والفضل، وخطره عند الله مع حقّ الوالد على ولده، ليفرِّقوا بينه وبين أبيه وحبيبه، على كبر سنه، ورقة عظمه، مع مكانه من الله، فيمن أحبه طفلاً صغيراً، وبين ابنه على ضعف قوته، وصغر سنه، وحاجته إلى لطف والده، وسكونه إليه، يغفر الله لهم، وهو أرحم الراحمين، فقد احتملوا أمراً عظيماً"( ).
وذكر السُّدي وغيره أنَّه لم يكن بين إكرامهم له، وبين إظهار الأذى له إلاَّ أنْ غابوا عن عين أبيه وتواروا عنه، ثم شرعوا يؤذونه بالقول من شتم ونحوه، والفعل من ضرب ونحوه، ثُمَّ جاءوا به إلى ذلك الجُّبّ الذي اتفقوا على رميه فيه، فربطوه بحبل ودلوه فيه، فكان إذا لجأ إلى واحد منهم لطمه وشتمه، وإذا تشبث بحافات البئر ضربوا على يديه، ثم قطعوا به الحبل من نصف المسافة، فسقط في الماء فغمره، فصعد إلى صخرة تكون في وسطه يقال لها: "الراغوفة" فقام فوقها( ).
هذا فعل إخوة بأخ ضعيف، وبأب شيخ كبير، أدَّى فقده لابنه إلى فقده لبصره، فكيف بمن بَعُدَ عنهم قرابة ومعتقداً.
إنَّ القرآن الكريم لم يسهب في ذكر ووصف شعب من الشُّعوب كذكره لليهود، وكاد القرآن أنْ يكون لنبيهم موسى . ومما سجله عليهم القرآن الكريم سبّهم وإساءتهم لربهم عزّ وجلّ، فقد وصفوه بالفقر، قال تعالى:
[آل عمران: 181]، كما وصفوه بالبخل، قال تعالى: [المائدة: 64].
ومن شدة حبّهم للمال أنْ قتل الوارث مورثه، مستعجلاً أخذ ماله،
قال تعالى [البقرة: 72] كما سجَّل عليهم القرآن الكريم قتلهم لأنبيائهم، قال تعالى في ذم اليهود وفضح جرائمهم [آل عمران: 181-182].
روى الحافظ ابن كثير عن عبد الله بن مسعود  قال: (كانت بنو إسرائيل في اليوم تقتل ثلثمائة نبي، ثُمَّ يقيمون سوق بقلهم من آخر النهار)( ).
وممن قتلهم اليهود من الأنبياء زكريا ويحيى ـ عليهما السَّلام ـ. وفي قصة مقتل يحيى  روايات عديدة، منها: "إنَّ بعض ملوك ذلك الزمان بدمشق أراد أنْ يتزوّج ابنة أخيه، فنهاه يحيى  عن ذلك، فبقي في نفسها منه شيء، فلما كان بينها وبين الملك ما يحبّ منها استوهبت منه دم يحيى  فوهبه لها، فبعثت إليه من قتله فجاء برأسه ودمه في طست)( ).
موقف اليهود من النَّصارى:
لم يسلم النَّصارى من كيد اليهود ومكرهم الخبيث، فهم يرمون مريم العذراء الصالحة القانتة بأقبح وأشنع ما توصف به المرأة، قال تعالى في شأن ظَنِّ اليهود بمريم ـ عليها السَّلام ـ: [النساء: 156]، كأنَّهم بهذا البهتان على مريم ـ عليها السَّلام ـ أنكروا قدرة الله تعالى على إيجاد الولد بلا والد، وهم يعلمون خلق آدم  بلا أم ولا أب، وخلق حواء من ذكر بلا أنثى، ويدلُّ على كذبهم ما كانت تتمتع به مريم ـ عليها السَّلام ـ من العفة والطُّهر، وما صاحب ولادة ابنها عيسى  من المعجزات الخارقة أثناء ولادته، وعند تكلُّمه في المهد، وما جرى على يديه من خوارق العادات، التي لا يتأتى لبشر مهما أوتي من العلم والقوة أنْ يقوم بها، كإبراء الأكمه ـ مَنْ وُلِدَ أعمى ـ، وإحياء الموتى، وأنْ يصنع من الطِّين كهيئة الطَّير فينفخ فيه فيكون طيراً بإذن الله تعالى، إلى غير ذلك من المعجزات، ومع هذا أبت على اليهود نفوسهم الشريرة الآثمة إلاَّ النَّيل من المسيح بن مريم ، والذي كانوا يُسَمُّونه "الساحر بن الساحرة"، و"الفاعل بن الفاعلة"، لم يكتف اليهود برمي أُمَّه بالبهتان؛ ولكن عمدوا للاعتداء عليه ومحاولة قتله، وهو الذي يدعو إلى السَّلام، وشعاره الإخاء والمحبة، ومن حِكَمِ عيسى  قوله: (يا ابن آدم الضعيف اتق الله حيثما كنت، وكن في الدُّنيا ضعيفاً، واتخذ المساجد بيتاً، وعلِّم عينك البكاء، وجسدك الصَّبر، وقلبك التفكُّر، ولا تهتم برزق غدٍ فإنَّها خطيئة"( ).
محاولة اليهود قتل عيسى :
اشتدّ حقد وحسد اليهود على عيسى ، ووشوا به إلى بعض الملوك الكفرة في زمانه. ذكر ابن كثير في "قصص الأنبياء" رواية عن الحسن البصري ومحمد بن إسحاق أنَّ اسم الملك "داود بن نور" فأمر بقتله وصلبه، فحصروه في دار بيت المقدس، وذلك عشية الجمعة ليلة السَّبت، فلما حان وقت دخولهم ألقى الله شبهه على بعض أصحابه الحاضرين عنده، ورفع عيسى من روزنة من ذلك البيت إلى السماء، وأهل البيت ينظرون، ودخل الشُّرط فوجدوا ذلك الشاب الذي ألقى عليه شبهه فأخذوه، ظانّين أنَّه عيسى، فصلبوه ووضعوا الشُّوك على رأسه إهانة له. وسلَّم لليهود عامة النَّصارى الذين لم يشاهدوا ما كان من أمر عيسى أنَّه صُلِبَ وضلّوا بسبب ذلك ضلالاً مبيناً، كثيراً، فاحشاً، بعيداً( ).
وقد ذم الله تعالى اليهود بقبح صنيعهم ومحاولتهم قتل عيسى ، فقال تعالى : [النساء: 155-158].
إنَّ حقد اليهود وسفكهم لدم الأبرياء سنة جارية في حياتهم متى ما قدروا على ذلك، ولئن سعوا في قتل عيسى ؛ فقد قتلوا آلافاً من المؤمنين قَصَّ القرآن الكريم خبرهم، قال تعالى: [البروج: 1-8].
ذكر محمد بن إسحاق أنَّ الذي قتل أصحاب الأخدود هو "ذو نواس" واسمه "زرعة"، ويُسَمَّى في زمان مملكته "يوسف"، وهو ابن بيان أسعد أبي كريب، وهو تبع الذي غزا المدينة؛ استصحب معه حبرين من يهود المدينة، فكان تهوّد من تهوّد من أهل اليمن على يديهما، فقتل "ذو نواس" في غداة واحدة في الأخدود عشرين ألفاً( ).


موقف اليهود من الإسلام والنَّبي محمد :
هذا قليل مما ارتكبه اليهود في حقّ بعض أنبياء بني إسرائيل، والمؤمنين من النَّصارى. أمَّا موقفهم من الإسلام والنَّبي محمد  والمسلمين؛ فكله يدلُّ على حسد وخبث طوية اليهود، ومن ذلك أنَّهم كانوا يعرفون بعثة نبي آخر الزمان من كتبهم، ولكنهم كتموا ذلك وحرَّفوه، قال تعالى:
[البقرة: 146].
ويُروى أنَّ سيدنا عمر بن الخطاب  قال لعبد الله بن سلام: أتعرف محمداً كما تعرف ولدك؟ قال: نعم وأكثر، نزل الأمين من السَّماء على الأمين في الأرض ينعته، فعرفته وابني لا أدري ما كان من أُمّه( ).
كان اليهود يعلمون بوقت بعثة محمد ، ولهذا كانوا يخوّفون المشركين ببعثه، ويقولون إنهم سيؤمنون به ويقتلون مشركي العرب، فلما بُعِثَ فيهم كفروا به، قال تعالى عن اليهود: [البقرة: 89]، فقوله تعالى
أي: اليهود، ، يعني القرآن الكريم،
يعني التوراة.
روى ابن إسحاق عن سعيد بن جبير عن ابن عباس: (أنَّ يهوداً كانوا يستفتحون على الأوس والخزرج برسول الله  قبل مبعثه، فلمَّا بعثه الله من العرب كفروا به، وجحدوا ما كانوا يقولون فيه)( ).
كان اليهود يضلّلون مشركي العرب ويخبرونهم أنَّ دينهم الفاسد خير من دين محمد ، قال الله تعالى في كعب بن الأشرف ـ وهو أحد علماء اليهود ـ: [النساء: 51].
روى ابن أبي حاتم: حدثنا محمد بن عبد الله بن يزيد المقري حدثنا سفيان عن عمرو عن عكرمة قال: جاء حيي بن أخطب وكعب بن الأشرف إلى أهل مكة، فقالوا لهم: أنتم أهل الكتاب وأهل العلم؛ فأخبرونا عنّا وعن محمد! فقالوا: ما أنتم وما محمد؟ فقالوا: نحن نصل الأرحام، وننحر الكوماء، ونسقي الماء على اللبن، ونفك العاني، ونسقي الحجيج. ومحمد صنبور قطع أرحامنا، واتبعه سراق الحجيج من غفار، فنحن خير أم هو؟ فقالوا: أنتم خير وأهدى سبيلاً( ).
إنَّ المتتبع لأخبار اليهود في جزيرة العرب وقت بعثة النَّبي محمد  يجد أنَّ لهم دوراً كبيراً في إضلال العرب وتماديهم في شركهم، وذلك لثقة المشركين في أنَّهم أهل الكتاب، وهم أعلم بالنَّبوات والرِّسالات، وما وجد اليهود سانحة للطَّعن في الإسلام أو نبيه أو الصَّدِّ عنه إلاَّ بذلوا جهدهم لتحقيق ذلك، وعندما هاجر النَّبي  إلى المدينة وأصبح اليهود جزءاً من مواطني الدَّولة الإسلاميّة صاروا كالسُّوس ينخرون في جسم الدَّولة الوليدة، ويشكّكون النَّاس في هذا الدِّين بوسائل مختلفة، فقصة إسلام حبرهم وسيدهم عبد الله بن سلام خير دليل على ذلك.
ومن أمثلة صَدِّ اليهود النَّاس عن الدِّين وتشكيك المؤمنين في دينهم ونبيهم؛ قصة تحويل القبلة التي أحدثوا على أثرها ضجة إعلامية، شكَّكت بعض ضعاف الإيمان في دينهم، حتى ارتدَّ بعضهم فجاء القرآن لحسم هذه القضية، بقوله تعالى: [البقرة: 142].
بدأت نواة الدَّولة الإسلامية بالمدينة المنورة بعد هجرته  سنة 13 للبعثة، وأساس الدَّولة المتين هو توحيد الجبهة الدَّاخلية، لذلك آخى عليه الصلاة والسلام بين المهاجرين والأنصار، وكان لا بُدَّ من سياسة واضحة تجاه من يسكن بالمدينة من غير المسلمين، وهم اليهود بقبائلهم المختلفة، فهم وإنْ كانوا يضمرون العداوة والحقد للإسلام والمسلمين إلاَّ أنَّهم لم يظهروا ذلك، فوقَّع معهم عليه الصلاة والسلام معاهدة.
معاهدة النَّبي  لليهود:
إنَّ "ططوس بن استيانوس" الرُّومي الكافر لما خرَّب بيت المقدس إحدى المرتين، وتفرَّقت بنو إسرائيل جاءت قريظة والنَّضير، وهما من صريح ولد هارون بن عمران أخى موسى بن عمران، حتى نزلوا يثرب. وكان نزول الأوس والخزرج إيّاها زمن سيل العرم لا شك، ويُقال: إنَّ مسقط يهود إليها من عهد موسى بن عمران، وذلك أنَّه بعث جيشاً إلى يثرب، وأمرهم أنْ يقتلوا كل من وجدوا على قامة السَّوط، قال: فقتلوا إلاَّ غلاماً لم يروا أحسن منه، فإنَّهم استبقوه وانصرفوا إلى الشَّام، وإذا موسى قد هلك وتبرأت بنو إسرائيل من هذه الطبقة لمخالفة أمر موسى، واستحيائهم من هذا الغلام، فأقبلوا راجعين إليها واستوطنوا بها، فإنْ كان هذا حقّاً فقد سبقوا الأوس والخزرج إلى يثرب، والله أعلم.
قالوا: وكان الملك في اليهود وملكهم "قيطون" وكان يبدأ بالعروس قبل زوجها حتى قتله مالك بن عجلان بن زيد بن سالم بن عوف بن عمرو بن عوف بن الخزرج، فصارت الرياسة له والشرف، ثم جعلت الأوس والخزرج يتوارثون الرياسة إلى أنْ هاجر إليهم النَّبي ، فصارت الرياسة للإسلام وأهله والسلم( ).
كتابه  بين المهاجرين والأنصار وموادعة اليهود:
قال ابن إسحاق: وكتب رسول الله  كتاباً بين المهاجرين والأنصار، وادع فيه يهود وعاهدهم وأقرّهم على دينهم وأموالهم، وشرط لهم واشترط عليهم:
بسم الله الرحمن الرحيم، هذا كتاب من محمد النَّبي ، بين المؤمنين والمسلمين من قريش ويثرب، ومن تبعهم فلحق بهم وجاهد معهم، إنَّهم أُمَّة واحدة من دون النَّاس، المهاجرون من قريش على ربعتهم يتعاقلون، وبنو عوف على ربعتهم يتعاقلون معاقلهم الأولى، كل طائفة تفدي عانيها بالمعروف والقسط بين المؤمنين، وبنو ساعدة على ربعتهم يتعاقلون معاقلهم الأولى، وكل طائفة منهم تفدي عانيها بالمعروف والقسط بين المؤمنين، وبنو الحارث على ربعتهم يتعاقلون معاقلهم الأولى، وكل طائفة تفدي عانيها بالمعروف والقسط بين المؤمنين، وبنو جشم على ربعتهم يتعاقلون معاقلهم الأولى، وكل طائفة منهم تفدي عانيها بالمعروف والقسط بين المؤمنين، وبنو النَّجار على ربعتهم يتعاقلون معاقلهم الأولى، وكل طائفة منهم تفدي عانيها بالمعروف والقسط بين المؤمنين، وبنو عمرو بن عوف على ربعتهم يتعاقلون معاقلهم الأولى، وكل طائفة تفدي عانيها بالمعروف والقسط بين المؤمنين، وبنو النَّبيت على ربعتهم يتعاقلون معاقلهم الأولى، وكل طائفة تفدي عانيها بالمعروف والقسط بين المؤمنين، وبنو الأوس على ربعتهم يتعاقلون معاقلهم الأولى، وكل طائفة منهم تفدي عانيها بالمعروف والقسط بين المؤمنين، وإنَّ المؤمنين لا يتركون مفرحاً( ) بينهم أنْ يعطوه بالمعروف في فداء أو عقل. وأن لا يحالف مؤمن مَوْلَى مؤمن دونه، وإنَّ المؤمنين المتقين على من بغى منهم أو ابتغى دسيعة ظلم أو إثم أو عدوان، أو فساد بين المؤمنين، وإنَّ أيديهم عليه جميعاً، ولو كان ولد أحدهم، ولا يقتل مؤمن مؤمناً في كافر، ولا ينصر كافراً على مؤمن، وإنَّ ذمَّة الله واحدة يجير عليهم أدناهم، وإنَّ المؤمنين بعضهم دون النَّاس، وإنَّه من تبعنا من يهود فإنَّ له النَّصر والأسوة غير مظلومين ولا متناصرين عليهم، وإنَّ سلم المؤمنين واحدة لا يسالم مؤمن دون مؤمن في قتال في سبيل الله إلاَّ على سواء وعدل بينهم، وإنَّ كل غازية غزت معنا يعقب بعضها بعضاً، وإنَّ المؤمنين يبئ بعضهم على بعض بما نال دماءهم في سبيل الله، وإنَّ المؤمنين المتقين على أحسن هدى وأقومه، وإنَّه لا يجير مشرك مالاً لقريش ولا نفسها، ولا يحول دونه على مؤمن، وإنَّه من اعتبط مؤمناً قتلاً عن بيّنة فإنَّه قود به إلاَّ أنْ يرضى ولي المقتول، وإنَّ المؤمنين عليه كافة، ولا يحلّ لهم إلاَّ قيام عليه، وإنَّه لا يحلّ لمؤمن أقرًّ بما في هذه الصحيفة وآمن بالله واليوم الآخر أنْ ينصر محدثاً ولا يؤويه، وأنَّه من نصره أو آواه فإنَّ عليه لعنة الله وغضبه يوم القيامة ولا يؤخذ منه صرف ولا عدل وإنَّكم مهما اختلفتم فيه من شيء فإنَّ مردَّه إلى الله عزَّ وجلَّ وإلى محمد ، وإنَّ اليهود ينفقون مع المؤمنين ما داموا محاربين، وإنَّ يهود بني عوف أُمَّة مع المؤمنين، لليهود دينهم وللمسلمين دينهم، مواليهم وأنفسهم إلاَّ من ظلم وأثم؛ فإنَّه لا يوتغ إلاَّ نفسه وأهل بيته، وإنَّ ليهود بني النَّجار مثل ما ليهود بني عوف، وإنَّ ليهود بني الحارث مثل ما ليهود بني عوف؛ وإنَّ ليهود بني ساعدة مثل ما ليهود بني عوف؛ وإنَّ ليهود بني جشم مثل ما ليهود بني عوف؛ وإنَّ ليهود بني الأوس مثل ما ليهود بني عوف، وإنَّ ليهود بني ثعلبة مثل ما ليهود بني عوف، إلاَّ من ظلم وأثم فإنَّه لا يوتغ إلاَّ نفسه وأهل بيته، وإنَّ جفنة بطن من ثعلبة كأنفسهم، وإنَّ لبني الشطيبة مثل ما ليهود بني عوف، وإنَّ البر دون الإثم، وإنَّ موالي ثعلبة كأنفسهم، وإنَّ بطانة يهود كأنفسهم، وإنَّه لا يخرج منهم أحد إلاَّ بإذن محمد ، وإنَّه لا ينحجز على ثأر جرح، وإنَّه من فتك فبنفسه فتك وأهل بيته إلاَّ من ظلم، وإنَّ الله على أبرّ هذا؛ وإنَّ على اليهود نفقتهم والنَّصيحة والبرّ دون الإثم، وإنَّه لم يأثم امرؤ بحليفه، وإنَّ النَّصر للمظلوم، وإنَّ اليهود ينفقون مع المؤمنين ما داموا محاربين، وإنَّ يثرب حرام جوفها لأهل هذه الصحيفة، وإنَّ الجار كالنَّفس غير مضار ولا آثم، وإنَّه لا تجار حرمة إلاَّ بإذن أهلها، وإنَّه ما كان بين أهل هذه الصحيفة من حدث أو اشتجار يخاف فساده؛ فإنَّ مردّه إلى الله عزّ وجلّ وإلى محمد رسول الله ، وإنَّ الله على أتقى ما في هذه الصحيفة وأبرّه، وإنَّه لا تجار قريش ولا من نصرها، وإنَّ بينهم النَّصر على من دهم يثرب، وإذا دعوا إلى صلح يصالحونه ويلبسونه؛ فإنَّهم يصالحونه ويلبسونه، وإنَّهم إذا دعوا إلى مثل ذلك؛ فإنَّه لهم على المؤمنين إلاَّ من حارب في الدِّين على كل أناس حصّتهم من جانبهم الذي قبلهم، وإنَّ يهود الأوس مواليهم وأنفسهم على مثل ما لأهل هذه الصحيفة، مع البرّ المحضّ من أهل هذه الصَّحيفة( ).
قال ابن إسحاق: وإنَّ البرّ دون الإثم لا يكسب كاسب إلاَّ على نفسه، وإنَّ الله على أصدق ما في هذه الصَّحيفة وأبره، وإنَّه لا يحول هذا الكتاب دون ظالم وآثم، وإنَّه من خرج آمن، ومن قعد آمن بالمدينة، إلاَّ من ظلم أو أثم، وإنَّ الله جار لمن برّ واتقى، ومحمد رسول الله ( ).
بعد هذه الاتفاقية والمعاهدات التي وقَّعها الرَّسُول  مع بعض الأعراب أمَّن جبهته الدَّاخلية، ولكن اليهود مع التزام المؤمنين التَّام بما تواثقوا عليه ـ والمسلمون يمثِّلون النِّسبة الكبرى ـ مع هذا فقد دبَّ داء الحسد في اليهود، وغلبت عليهم طبيعتهم الخبيثة، فهذا "شاس بن قيس" اليهودي يمرُّ في الطريق فيجد الأوس والخزرج، وقد زالت العداوة بينهم وصاروا إخوة بالإسلام، يقول: "ما لنا مع هؤلاء إذا اجتمعوا من قرار"، ثُمَّ يأمر شاباً يهودياً معه ليذكِّر الأوس والخزرج بـ "يوم بعاث"، وينشد بعض الأشعار التي قيلت، فما زال هذا الشَّاب اليهودي كذلك، حتى ثارت حمية الجاهلية وتنادوا: "السِّلاح السِّلاح"، وبلغ ذلك النَّبي  فجاء على عجل وأطفأ هذه الفتنة، وينزل القرآن لمعالجة الوضع، وليبقى دستوراً وتذكرة للمؤمنين: [آل عمران: 100-101].
إنَّ اليهود بما جُبلوا عليه من الحقد، والحسد، والكيد، أغاظهم تجمُّع المسلمين في المدينة، وتأسيسهم لدولتهم، فدبّروا مكيدة لاستئصال شأفة المسلمين والقضاء على هذه الدَّولة.
فعندما رأى اليهود أنَّ القبائل العربية لا طاقة لها بحرب النَّبي  وصحبه متفرقين، أخذوا يجمعون الجموع، ويعقدون الأحلاف، وقام بهذه المهمة نحو عشرين من سادات بني النَّضير، التقوا بقريش ليجمعوا القبائل المتفرّقة، حتى ترمي العرب المشركون الإسلام بضربة رجل واحد، وكان من زعماء اليهود حيي بن أخطب، فألَّبوا قريشاً، وغطفان، وبني مرة، وأشجع، وغيرها.
وخرجت تلك القبائل بقيادة أبي سفيان لقريش وعيينة بن حصن لغطفان، والحارث بن عوف على بني مرة، ومسعر على قبيلة أشجع، وقد تجمَّع نحو عشرة آلاف مقاتل، والذي يساوي عدد المسلمين في المدينة بنسائهم وأطفالهم، وكانت مفاجئة للمسلمين.
ولما سمع رسول الله  باجتماعهم تشاور هو وصحبه فيما يعملون، فأشار سلمان الفارسي بحفر الخندق حول المدينة مما يلي السهل، وقد اشترك المسلمون على رأسهم النَّبي  في حفر الخندق بهمَّة ونشاط( ).
ذكر القرآن الكريم هذا الحدث المريع، والغدر المشين، في سورة سَمَّاها "الأحزاب" لتبقى على مرِّ الزمان، وعلى امتداد المكان، عبرة وعظة للمؤمنين، ولبيان كيد اليهود، قال تعالى: [الأحزاب: 9-11].
عن عامر بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه قال: "ما سمعتُ النَّبي  يقول لأحد يمشي على الأرض: إنَّه من أهل الجنَّة إلاَّ لعبد الله بن سلام، قال: وفيه نزلت هذه الآية: [الأحقاف: 10]، قال: لا أدري قال مالك الآية أو في الحديث عن قس بن عباد قال: كنتُ جالساً في مسجد المدينة، فدخل رجل على وجهه أثر الخشوع، فقالوا: هذا رجل من أهل الجنَّة، فصلَّى ركعتين تجوَّز فيهما ثم خرج، وتبعته، فقلت: إنَّك حين دخلت المسجد قالوا: هذا رجل من أهل الجنَّة! قال: والله لا ينبغي لأحد أنْ يقول ما لا يعلم، وسأحدثك لِمَ ذاك؛ رأيتُ رؤيا على عهد النَّبي  فقصصتها عليه، ورأيتُ وكأنّي في روضة ـ ذكر من سعتها وخضرتها ـ وسطها عمود من حديد، أسفله في الأرض وأعلاه في السماء، في أعلاه عروة، فقيل لي: أرقه، قلتُ: لا أستطيع، فأتاني منصف فرفع ثيابي من خلفي فرقيتُ، حتى كنتُ أعلاها، فأخذتُ في العروة، فقيل لي: استمسك، فاستيقظتُ وإنَّها لفي يدي. فقصصتها على النَّبي  فقال: (تلك الرَّوضة الإسلام، وذلك العمود عمود الإسلام، وتلك العروة عروة الوثقى، فأنت على الإسلام حتى تموت). وذلك الرجل عبد الله بن سلام.
وكان اسم عبد الله بن سلام في الجاهلية "الحصين"، فسمَّاه النَّبي  "عبد الله"، وكان من خلفاء الخزرج من الأنصار، أسلم أول ما دخل النَّبي  المدينة( ).
إسلام عبد الله بن سلام :
عن أنس  أنَّ عبد الله بن سلام بلغه مقدم النَّبي  المدينة، فأتاه يسأله عن أشياء، فقال: إنّي سائلك عن ثلاث لا يعلمهن إلاَّ نبي: ما أوّل أشراط السَّاعة، وما أول طعام يأكله أهل الجنَّة، وما بال الولد ينزع إلى أبيه أو أمه؟
قال: أخبرني به جبريل آنفاً، قال ابن سلام: ذاك عدو اليهود من الملائكة، قال: (أما أوّل أشراط السَّاعة فنار تحشرهم من الشرق إلى المغرب، وأمَّا أول طعام يأكله أهل الجنَّة فزيادة كبد الحوت، وأمَّا الولد فإذا سبق ماءُ الرجل ماءَ المرأة نزع الولد، وإذا سبق ماءُ المرأة ماءَ الرجل نزعت الولد).
فقال عبد الله بن سلام: أشهد أن لا إله إلاَّ الله، وأنَّك رسول الله.
ثُمَّ قال: يا رسول الله؛ إنَّ اليهود قوم بُهت، فأسألهم عني قبل أنْ يعلموا بإسلامي، فجاءت اليهود فقال النَّبي : أيُّ رجل عبد الله بن سلام فيكم؟ قالوا: خيرنا وابن خيرنا، وأفضلنا وابن أفضلنا، فقال النَّبي : أرأيتم إنْ أسلم عبد الله بن سلام؟ قالوا: أعاذه الله من ذلك، فأعاد عليهم، فقالوا مثل ذلك. فخرج عليهم عبد الله، فقال: أشهد أن لا إله إلاَّ الله، وأنَّ محمداً رسول الله. قالوا: شرنا وابن شرنا، وتنقّصوه، قال: "هذا كنت أخاف يا رسول الله"( ).
إنَّ المتتبع لأخبار اليهود في تاريخهم الطويل، في تعاملهم لمن حولهم، يجد في طبعهم الحقد والمكر، ومن ذلك نبذة يسيرة أخذتها من كتاب: "الفصل في الملل والأهواء والنّحل": "ولي أثر موت سليمان بن داود ـ عليهما السَّلام ـ ابنه "رحيعام بن سليمان"، وله ست عشرة سنة، وكانت ولايته سبعة عشر عاماً، فأعلن الكفر طول ولايته، وعَبَدَ الأوثان جهاراً، هو وجميع رعيته وجنده بلا خوف منهم، ويقولون: إنَّ جنده كانوا مائة ألف وعشرين ألف مقاتل، وفي أيامه غزا ملك مصر في سبعة آلاف فارس وخمسة عشر ألف رجل بيت المقدس، فأخذها عنوة بالسَّيف، وهرب "رحيعام"، وانتهب مَلِكُ مصر المدينةَ، والقصرَ، والهيكلَ، وأخذ ما فيها، ورجع إلى مصر سالماً غانماً.
ثُمَّ مات "رحيعام" على الكفر، فولى مكانه ابنه "أبيا"، وله ثماني عشرة سنة، فبقي على الكفر هو وجنده ورعيته، وعلى عبادة الأوثان علانية، وكانت ولايته ست سنين، ويقولون : قتل من الأسباط في حروبه معهم خمسمائة ألف إنسان.
ثم ولي بعد موته "أشا بن أبيا" وله عشرة سنين، وكان مؤمناً، فهدم بيوت الأوثان، وأظهر الإيمان، وبقي في ولايته إحدى وأربعين سنة على الإيمان، وذكروا أنَّ جنده كانوا ثلاثمائة ألف مقاتل من "بني يهوذا"، واثنين وخمسين ألفاً من "بني بنيامين"، ومات.
وولي بعده ابنه "ليهو شافاط"، وهو ابن خمس وثلاثين سنة، فكانت ولايته خمساً وعشرين سنة، وذكروا عنه أنَّه كان على الإيمان إلى أنْ مات.
فولى ابنه "يهودا بن ليهو شافاط"، ولم نجد أمر سيرته ودينه إلاَّ أنَّه كان مؤلِّفاً لعبادة الأوثان من ملوك سائر الأسباط، ولي وله اثنان وثلاثون سنة، وكانت ولايته ثمانية أعوام، ومات.
فولي مكانه ابنه "ياهو"، وله اثنان وعشرون سنة، فأظهر الكفر وعبادة الأصنام في جميع رعيته، وكانت ولايته سنة، وقتل.
فوليت أُمَّه "عشلياهو بنت عمرى" ملك العشرة الأسباط، فتمادت على أشدّ ما يكون من الكفر وعبادة الأوثان، وقتلت الأطفال، وأمرت بإعلان الزنى في البيت المقدس وجميع عملها، وعهدت ألاَّ تمنع امرأة ممن أرادت الزنا معها، وعهدت ألاَّ يُنْكِر ذلك أحد، فبقيت كذلك ستاً وستين إلى أنْ قتلت.
فولي ابن ابنتها "بؤاس بن أحزياهو"، وله سبعة سنين، فاتصلت ولايته أربعين سنة، وأعلن الكفر وعبادة الأوثان، وقتل "زكريا" النَّبي  بالحجارة، ثُمَّ قتله غلمانه.
فولي بعده ابنه "أمصياهو"، وله خمس وعشرون سنة، فأعلن الكفر وعبادة الأوثان هو وجميع رعيته، فبقي كذلك إلى أنْ قُتِلَ هو على الكفر، وكانت ولايته تسعاً وعشرين سنة، وفي أيامه انتهب ملك الأسباط العشرة البيت المقدس، وأغاروا على كل ما فيه مرتين.
ثم ولي بعده "عزياهو"، وله ست عشرة سنة، فأعلن الكفر وعبادة الأوثان هو وجميع رعيته، إلى أنْ مات، وكانت ولايته اثنتين وخمسين سنة، وهو من قتل "عاموص" النَّبي  الدَّاوودي( ).
أمَّا اليهود في العصور المتأخرة فليسوا أحسن سيرة من أسلافهم؛ بل تربوا على حقد الشُّعوب الأخرى، مما جرَّ عليهم كراهية وبغض الآخرين لهم، فهم مشرّدون في العالم منبوذون، وهذا الشُّعور منهم ببغض الآخرين لهم؛ قد يكون سبباً في انشائهم للصُّهيونية.
يقول أبو الصُّهيونية ورائدها "ثيودور هيرتزل" في المؤتمر الصُّهيونيّ الأول، الذي عُقِدَ في مدينة "بال" بسويسرا سنة 1897م، مقدّماً اليهوديّة بشكل دراماتيكي لحصر الانتماء للحركة الصُّهيونيّة باليهود فقط، وإبعاد الشُّبهة عنها كعقيدة سياسيّة عنصريّة: "العودة إلى صهيون يجب أنْ تسبقها عودتنا إلى اليهودية"( ).
واليهوديّة هنا لا تعني العودة إلى عبادة الله تعالى، وتمجيد الخالق عزَّ وجلَّ، وتطهير النَّفس عما شابها من أدران، والأمر بالمعروف، والنَّهي عن المنكر، كما عرف عن الدِّيانات السَّماويّة؛ ولكن المقصود باليهوديّة هو التذكير بالبلاد التي نشأت فيها اليهودية، والأرض التي ترعرعت عليها.
ومما يعتقده اليهود ويبيِّن حقدهم لكل الشُّعوب ما جاء في تلمودهم ومذكراتهم، ومن ذلك: "إذا انتصر اليهود في موقعة؛ وجب عليهم استئصال أعدائهم عن بكرة أبيهم، ومن يخالف ذلك فقد خالف الشَّريعة وعصى الله".
هذا ما جاء في التّلمود، بينما حثّت مقرّرات حكماء صهيون على إفساد العالم، بغية السَّيطرة عليه، واستباحة جميع الوسائل من أجل تدميره، "فالنتائج تبرِّر الأسباب والوسائل"( ).
ومن أساليب اليهود أنَّهم أباحوا لأنفسهم كل الوسائل للوصول إلى غاياتهم، ومن أكثر ما يبرز في وسائلهم أساليب: الرشوة، والاستغلال، والخبث، والنِّفاق( ).
كما استخدموا وسائل إرهابيّة لتصفية النَّشطين من المناهضين لهم. كتبت "غريس هالسل"( ): "قمت برحلتين منظّمتين إلى الأرض المقدسة، وامتزجت بالعديد من أهل التَّدبير ومن بينهم "أون"، الذي شرح نظام إيمانه الذي يقتضي الحاجة إلى تدمير المحتلة، معظم الصُّروح الإسلامية المقدسة في القدس، والتي يقدّسها حوالي مليار مسلم في العالم، كما شرح الضَّرورة إلى شن حرب نوويّة هرمجدونية من أجل تدمير الكُرة الأرضية".
وقالت: "أخبرني "أون" عندما كُنَّا في المدينة القديمة من القدس وهو ينظر إلى قبة الصَّخرة: إنَّ النَّبوة الإنجيلية تقضي بأنَّ على اليهود تدمير هذا الصَّرح، وبناء معبد ـ هيكل ـ يهودي مكانه. إنَّ الإرهابيين اليهود الذين أمطروا المسجد بالدّيناميت لإزالته هم أبطال في نظر "أون". وعلمتُ أنَّ الإرهابيين اليهود كانوا أبطالاً في نظر الكثيرين، من بينهم يهود نافذون وأغنياء، مثل "هاجان دانس" صاحب معامل المثلجات، و"وروبن ماتيوس" محرّر الصحافة اليهودية، و"يهودا شوانس" تاجر السِّلاح المكسيكي، و"ماركوي كاتس" الذي أرسل مئات الآلاف من الدَّولارات إلى الحركة اليهوديّة السِّريّة"( ).
إنَّ اليهود اليوم لايتمسكون بتعاليم التَّوراة؛ بل يكفي اعتبارهم مجتمع يسعى لإفساد البشريّة بنظرته العلمانيّة، كان "ثيودور هرتزل" ـ مؤسس الحركة الصُّهيونية الصّحفي النَّمساويّ ـ كان يهوديّاً علمانيّاً، كما كان دافيد بن غوريون أول رئيس حكومة في إسرائيل.
إنَّ أكثرية اليهود الإسرائيليين اليوم يقولون: إنّهم لا يؤمنون بالله، ويصفون أنفسهم بأنّهم يهود علمانيون.
أوردت مجلة "نيوزيك" في عددها الصادر بتاريخ 30 نوفمبر 1985م؛ أنَّ 54% من الإسرائيليين يعتبرون أنفسهم صهاينة علمانيين. بينما ترفع مراجع أخرى هذا الرقم إلى 60-65%( ).
نتيجة لممارسات اليهود التي تتعارض ومألوف الإنسانية؛ فإنَّ المتتبع لتاريخهم يجد أنَّ كل الشعوب والمجتمعات التي اختلطت بهم قد كرهتهم، جاء على لسان زعيمهم "هرتزل" قوله: "إنَّ كل العالم يكره اليهود"( ).
وقالت غريس هاسل: "بعد 88 سنة في "بازل" وأمام لوحة كبيرة لـ "هرتزل" استمعت إلى خطباء مسيحيين ويهود إسرائيليين يردّدون ابتهال نداء هرتزل: "إنَّ كل العالم يكره اليهود"، وإنَّه طوال التَّاريخ كرهت شعوب العالم اليهود، وإنَّه يوجد حل واحد؛ إنَّ على اليهود أنْ يعيشوا بشكل كامل بين اليهود، وأنْ يكونوا أقوياء عسكرياً"( ).


خاتمة:
من خلال هذا العرض الموجز عن تاريخ بني إسرائيل قديماً وحديثاً؛ يتبيَّن لنا أنَّهم أخطر الأُمم، وأشدها عداءً للإسلام والمسلمين؛ بل للإنسانية جمعاء، وقد أخبر القرآن الكريم عنهم بما يوجب الحيطة والحذر من مؤامراتهم، ودسائسهم، وكيدهم للأُمَّة المسلمة فطباعهم وصفاتهم هي هي، لا تختلف عبر الأجيال والقرون.
وقد كان القرآن الكريم يكشف للمسلمين عن تاريخهم القديم، منذ عهد إبراهيم وإسحاق ويعقوب ـ عليهم السَّلام ـ وغيرهم من الأنبياء، وعن تاريخهم في حاضر البعثة المحمدية بالمدينة، حيث توجد طوائفهم المشهورة: بنو النَّضير، وبنو قينقاع، وبنو قريظة. وقد استطردّ في بيان تاريخ بني إسرائيل وموقفهم من أنبيائهم، بما لم يستطردّ في بيان مواقف أي أُمَّة من الأُمم الأخرى.
كما بيَّن القرآن الكريم بطلان مزاعمهم وافتراءاتهم الأخرى وشبهاتهم التي حاولوا من خلالها الطَّعن في الرسالة المحمدية، وفي صاحبها عليه أفضل الصلاة وأتمّ التسليم، ليصدوا النَّاس عن الدُّخول في الدِّين الجديد، خوفاً من زوال قيادتهم الأدبيّة والدِّينيّة، وحرصاً على مصالحهم ومنافعهم الدُّنيويّة.
فهذا غيض من فيض فيما أخبر به القرآن الكريم عن بني إسرائيل وقبائح أفعالهم، نسأله تعالى أنْ يحفظ الأُمَّة من كيدهم وشرّهم، وأنْ يعين الأُمَّة ويوفّقها لإدراك خطرهم، حتى تتوحَّد الأُمَّة المسلمة، وتجمع كلمتها، وتتناسى ما بينها من اختلافات، وتتابع بحرص خطط اليهود التي تهدف إلى تشتيت وحدة الأُمَّة، حتى يسهل ضربها، والنَّيل منها، وأخذ ثرواتها.
كما أدعو الباحثين في رسائلهم أنْ يتناولوا هذا الموضوع من كل جوانبه، لتكتمل حلقاته، ويُعرف موضع الدَّاء فيسهل الدَّواء.
كما أسأله تعالى أنْ يتقبَّل هذا الجهد المتواضع، وأنْ يجعله خالصاً لوجه الكريم.

.. وآخر دعوانا أن الحمد الله رب العالمين
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
جوانب من صفات اليهود وأخلاقهم ومواقفهم من الدَّعوة الإسلاميّة
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى نجوم الونشريس  :: قسم التسلية و الترفيه :: منتدى فلسطين-
انتقل الى: