تعقيـب
إنَّ كتاباً يحوي كلَّ هذا الانحراف والضلال، وكلّ هذه السَّخافات، لا بدَّ وأنْ يكون ذا أثرٍ في صياغة الشخصية اليهودية على مرّ العصور، ويكفينا للاستدلال على ذلك أنْ ننظر إلى ممارسات اليهود في مراحل التاريخ كلِّه، عندها سنخرج بنتيجة مفادُها أنَّ تعاليم التلمود هي أوضح صورة لنفسية اليهود، بل هي انعكاسٌ لدخائل أعماقهم على صفحات كتاب، كانطباع الصورة في المرآة. حتى ليتساءل البعض: أيهما صَنَعَ صاحبَه؟ وأيهما الأثر أو المؤثر؟
وحقيقة الأمر أنَّ كلاً منهما تجسيدٌ للآخر. فالتلمود تجسيدٌ مكتوبٌ لأخبث ما في النفسية اليهودية من الضلال والانحراف، واليهوديُّ تجسيدٌ حيٌّ لهذه الشناعات المكتوبة، والمنسوبة إلى الوحي زوراً وبهتاناً. فضلالات التلمود وجدت طريقها ممهداً إلى نفوس اليهود فتمكَّنت منها، وذلك :
1. لأنها وُضعت في عصور الشَّتات، والقوم سمَّاعون للكذب وخاصَّة إذا صدر من أحبارهم.
2. لأنها جاءت بعد انقطاع النبوة عن بني إسرائيل، وتحويلها عنهم لمّا كفروا بآخر أنبيائهم، وقالوا فيه وفي أمّه بهتاناً عظيماً.
3. لتوافقها التام مع ظلمات النفسية اليهودية الضالَّة.
ومن هنا نفهم كيف امتزجت هذه التعاليم بالكيان اليهودي، وسَرَتْ فيه مسرى الدماء في الخلايا، ولذلك آمن جُلُّ اليهود بهذه التعاليم الفاحشة، وقدَّسوها، وأطاعوها عن رِضا، وفضَّلوها على التوراة، والتزموا بها فوق التزامهم بسائر ما لديهم من وصايا وأسفار.
وعلى هذه التعاليم الفاسدة يشبّ الصغير، ويشيب الكبير، وتتأصَّل العادات، وتنتقل الصِّفات والأخلاق الدينية جيلاً بعد جيل، وتتشابه بها قلوب اليهود في كلّ مكان وزمان، لأنها تستقي من مصدر واحد.
لقد ظنَّ الكثيرون بعد هذا التطور الحضاري المعاصر، والخروج عن الكثير من القيم والمعايير الموروثة، وبعد أنْ خرج اليهود من أحياء (الجيتو) المغلقة، واختلطوا بالأمم والشعوب الأخرى، والتي تسامحت معهم إلى أقصى الحدود، وأعطتهم قومياتها وجنسياتها، لقد ظنوا أنَّ نفسية اليهودي التاريخية الموروثة قد تغيرت، وأنَّ هذا التطور الحضاري قد أسهم في تهذيبها. ولكن النفسية اليهودية أَخْلَفَتْ كلَّ الظنون، وتبَدَّت حقيقتها التلمودية صارخة، بل إنها ازدادتْ ضراوةً وتعقيداً، واشتدَّت شهيتها للإفساد والتدمير، بهدف إقامة مملكتهم المزعومة على أنقاض الأديان والأخلاق والحكومات والشعوب.
فاليهودي المعاصر، هو الحصاد المباشر للتلمود، وحنظلته المرَّة التي تنطبق عليها القاعدة القرآنية الموجزة: والذي خَبُثَ لا يخرجُ إلا نَكِداً .
المبحث الخامس
التلمود وأصول النظرية الصهيونية
الصهيونية (Zionism): نسبة إلى صهيون، الجبل الذي يقع جنوب بيت المقدس. وأصبح هذا الجبل مكاناً مقدساً لدى اليهود لاعتقادهم بأن الرب يسكن فيه. ورد في المزامير: «اعزفوا للربّ ساكن صهيون» ، .
وعلى هذا فالصهيونية في أبسط تعاريفها هي استقرار بني إسرائيل في فلسطين؛ أي جبل صهيون وما حوله. وهي كذلك تأييد ذلك بالقول أو بالمساعدة المالية أو الأدبية. فالصهيوني هو الذي يؤثِر أنْ يعيش في فلسطين، وهو كذلك من يساعد اليهود مادياً وأدبياً ليستوطنوا فيها» .
والصهيونية منذ أنْ وُجدت وهي تسعى بكل الوسائل إلى إعادة مجد بني إسرائيل، وبناء هيكل سليمان على أنقاض المسجد الأقصى المبارك، ومن ثم السيطرة على العالم والتحكّم في رقاب الأمم .
والصهيونية عقيدة ومنهج عملي، نجد أصولها في العهد القديم، ونشاهد خطتها المفصلة في التلمود. وهي تقوم على القول بأفضلية اليهود على العالمين، بدعوى تعهُّدٍ قَطَعَه الله على نفسه لنبيه إبراهيم، حين أمره بالتوجّه من بلاد ما بين النهرين إلى أرض كنعان، لتكون أرضاً له: «انطلق من أرضك وعشيرتك وبيت أبيك، إلى الأرض التي أُريك» .
«وأُقيم عهدي بيني وبينك وبين نسلك من بعدك مدى أجيالهم، عهداً أبدياً، لأكون لك إلهاً، ولنسلك من بعدك. وأعطيك الأرض التي أنت نازلٌ فيها، لك ولنسلك من بعدك، كلّ أرض كنعان، ملكاً مؤبداً، وأكون لهم إلهاً» .
وتقوم النظرية الصهيونية على الاعتقاد بأنَّ إبراهيم ونسله من بعده قد اختصوا الله وحده بعبادتهم، فاختصهم الله بعهده. وفسَّر اليهود العهد بأنه عقدٌ من طرف واحد، قد دخله الله وألزَمَ به نفسه، فلَزِمه للأبد، واختار فيه اليهود لتحقيق رسالته الخلُقية. وهم طِبقاً لهذا التبرير شعب الله المختار، لأنهم بهذا الاختصاص صاروا أمة قائمة على التوراة، والتوراة هي القانون الخلقي المطلق، ومن ثم فهم وحدهم أصحاب الكمال الخُلقي في العالم .
والناظر في نصوص التوراة يجد أنها تبين أنَّ اصطفاء بني إسرائيل مقيَّد ومشروطٌ بحفظ عهد الرب والاستجابة لرسله، وعدم الزيغ عن تعاليمه، أو التجافي عن توحيده تعالى، ومضاهاة الأمم الوثنية، وعبادة أصنامها وأوثانها.
جاء في التوراة:
«أما موسى فصعد إلى الله، فناداه الرب من الجبل قائلاً: هكذا تقول لبيت يعقوب وتخبر بني إسرائيل ... فالآن إنْ سمعتم لصوتي، وحفظتم عهدي، تكونون لي خاصة من بين جميع الشعوب، فإن لي كل الأرض، وأنتم تكونون لي مملكة مقدسة» .
وفي سفر الملوك:
«وإنْ ارتدتم ارتداداً عن السير أنتم وبنوكم، ولم تحفظوا وصاياي وفرائضي التي جعلتها نصب عيونكم، وذهبتم وعبدتم آلهة أخرى وسجدتم لها، فإني أقرض إسرائيل عن وجه الأرض التي أعطيته إياها، والبيت الذي قدَّسته لاسمي أنبذه من حضرتي، فيكون إسرائيل حديثاً وسخريةً بين الشعوب بأسرها. وهذا البيت يكون خراباً، فكل من مرّ به ينذهل ويصفّر ويقول: لماذا فعل الرب هكذا بهذه الأرض وهذا البيت؟ فيُجاب: لأنهم تركوا الرب إلههم الذي أخرج آباءهم من أرض مصر، وتمسكوا بآلهة أخرى وسجدوا لها وعبدوها !! لذلك أنزل بهم الرب كلّ هذا البلاء» .
والحق أنَّ بني إسرائيل بالرغم من تشدقهم بعبادة الله، وأنهم قد اختصوه بهذه العبادة وحده حتى استحقوا أن يختصهم بعهده، فإنهم كانوا أكثر الشعوب كفراً به وتمرداً عليه وتذمّراً من رسله. والنصوص التوراتية نفسها تبين هذه الحقيقة وتؤكدها:
«وعاد بنو إسرائيل فصنعوا الشر في عيني الرب، وعبدوا البعل والعشتاروت، وآلهة آرام، وآلهة صيدون، وآلهة مؤآب، وآلهة بني عمون، وآلهة الفلسطينيين، وتركوا الرب ولم يعبدوه. فغضب الرب على إسرائيل فباعهم إلى أيدي الفلسطينيين وإلى أيدي بني عمون» .
وتذكر التوراة أنَّ الرب كلَّم موسى وهارون قائلاً:
«إلى متى هذه الجماعة الشريرة المتذمرة علي؟ فلقد سمعتُ تذمّر بني إسرائيل الذي تذمّروه عليّ. فقلْ لهم: حيٌّ أنا ـ يقول الرب ـ لأصنعنَّ بكم كما تكلمتم على مسامعي. وفي هذه البريّة تسقط جثثكم ... لن تدخلوا الأرض التي رفعتُ يدي مقسماً أنْ أُسْكنكم فيها ... أنا الرب قد تكلمتُ، ذلك ما أصنع بكل هذه الجماعة الشريرة المتحالفة عليّ. إنهم في هذه البريّة يفْنون وههنا يموتون» .
وعلى ذلك فإن بني إسرائيل قد نقضوا العهد، فلم يعبدوا الله وحده، ولم يقوموا بواجب الالتزام الخلقي العام الذي جاءت به التوراة، وهما الشرطان اللذان يتم بهما وفاء الله بهذا العهد كما يقولون؛ غير أن فلاسفة الصهيونية التلموديين يدّعون أن هذا الاختيار والاصطفاء والتفضيل من لدن الله لليهود غير قابل للنقض، سواء التزموا بعبادته وحده ونهضوا بأعباء القانون الخلقي أو لم يفعلوا ذلك، لأن هذا الاختيار –في نظر فلاسفة الصهيونية- لا سبب له إلا أن إلههم هو الذي أراده؛ لأن الله هو القائل: «ليس لأجل برّك وعدالة قلبك تدخل لتمتلك أرضهم، بل لأجل إثم أولئك الشعوب يطردهم الرب إلهك من أمامك ولكي الرب بالكلام الذي أقسم الربُّ عليه لآبائك إبراهيم وإسحاق ويعقوب. فاعلم أنه ليس لأجل برّك يعطيك الرب إلهك هذه الأرض الجيدة لتمتلكها، لأنك شعبٌ صلب الرقبة» . فهم يرون أن إلههم متعصِّب لهم رغم صلابتهم وعنادهم .
ويُقرُّ فلاسفة الصهيونية بالنظرة العنصرية الاستعلائية في التوراة، ويرى غيرهم أن هذه العنصرية هي السبب في عُزلة اليهود في المجتمعات التي يعيشون فيها، وعدم توافقهم وانسجامهم مع الآخرين الذي يُعدُّ سمةً بارزة في الشخصية اليهودية .
كما يرى قادة الصهيونية أنّ اليهودي لا يمكن أنْ يجد نفسه إلا في أرضه إسرائيل، وأنه لا يمكن أنْ يعبد الله إلا عليها .. وبقيت فكرة "إسرائيل" حيَّة في وجدانهم منذ أن قوَّض الآشوريون بنيان مملكة إسرائيل الشمالية عام 721ق.م، وما حصل لاحقاً من تدمير شامل لهم سنة 70م. جاء في المزامير:
على أنهار بابل جلسنا
بكينا أيضاً عندما تذكَّرنا صهيون
على الصفصاف في وسطها علَّقنا أعوادنا
لأنه هناك سألَنا الذين سبونا
كلام ترنيمة، ومعذِّبونا سألونا فرحاً
قائلين: رنِّموا لنا من ترنيمات صهيون
كيف نرنم ترنيمة الرب في أرض غريبة؟!
إنْ نسيتُك يا أورشليم فلتنسَ يميني مهارتها
وليلتصق لساني بحنكي إنْ لم أذكُرك .
وفي المزامير أيضاً: «الربُّ قد اختار صهيون. اشتهاها مسكناً لـه. هذه هي راحتي إلى الأبد. ها هنا أسكن لأني أشتهيها. طعامها أباركه بركة، فساكنها أشبعه خبزاً، كهنتها ألبسهم خلاصاً» .
فصهيون مملكة الله التي اختارها مقراً ومعبداً، والتطلُّع إلى قيامها من جديد عند هؤلاء الفلاسفة المتمردين هو تطلعٌ إلى تحقيق مشيئة الله.
والصهيونيُّ عندما يقرأ تاريخ هذا الشعب في الكتاب المقدس لا يقرأ مجرد تاريخ، ولكنه يعيش فلسفته ويتدين بها، وهذه القراءة تملأ أعماقه، وتصوغ فِكْره؛ لأنها تربط بين معصية أورشليم وظلمها، وبين التنبّؤ بتدميرها وإبادة شعبها، بسبب عصيانهم، ما عدا قلّة قليلة صالحة، بها يبقى الشعب ويستمر. وأنَّ يهوة –إله يهود- سيرسل من أجل هذه البقية الصالحة مخلِّصاً من بيت داود صفيّه الثاني بعد إبراهيم، يقوم هذا المخلّص بالمعجزة، فيعيد اليهود إلى فلسطين، ويسترجع مجد دولة داود.
وينهض البناء الفلسفي للصهيونية على التعصب للعنصر اليهودي، وعلى تفسير معصية اليهودي بأنها عدم الامتثال لأمر يهوة، بخيانة هذه العنصرية، والاختلاط بالأمم الأخرى، ومصاهرتها، والأخذ من تراثها وثقافتها. ويقوم البناء الفلسفي للصهيونية كذلك على مقولة البقية الصالحة التي لا تأثم، ولا تخون عنصريتها اليهودية، وتُخْلِصُ لأطماعها وأهدافها. وأنَّ يهوة سيرسل لهم مسيحاً أو مهدياً يعيدهم إلى مملكة إسرائيل كإعادة نبتة الزرع إلى أرضها، ويسترجع الدولة المثالية التي يجب تحقيقها ليعمّ العدل العالم، فيرضى الله، وتثمر الأرض لبناً وعسلاً. فالصهيونية إذاً هي: فلسفة الرجعة اليهودية إلى أرض فلسطين لإقامة المملكة الإسرائيلية .
ويمكن إجمال النظرية الصهيونية في أنها الاعتقاد بالأمور التالية :
أولاً: أنَّ الله قد اختار الجنس العبري؛ ليكون منه شعب الله المختار.
ثانياً: أنه قد أعطى ميثاقه لهذا العنصر، وهو ليس عقْدَاً بل عهداً، لأنه من جانب واحد، وهو عهدٌ أزليّ لا يُنقض.
ثالثاً: أنه تنفيذاً لهذا الميثاق، أخرج الله العنصر العبري من مصر وأنقذه من فرعون، وأهلك أهل فلسطين من أجله، وأسكنهم أرضهم وملّكها لهم.
رابعاً: أنه قد اختار داود ليحقق به هذا العهد بإنشاء دولة داود، وجدّد لـه هذا العهد بأنَّ هذه الدولة الإلهية لن تزول، وبذلك جعل الله للعنصر المختار مُلْكاً وأرضاً ودولة. هي هذا الملك، وهذه الأرض، وهذه الدولة.
خامساً: أن هذا العنصر العبري قد انحرف وضلَّ الطريق، فأفلت منه المُلك، وآل للأمم، ولكن هذا المُلك لله أولاً وأخيراً، ولقد قضى الله منذ الأزل أنه من نصيب شعبه، ومن ثم فلا خوف من ضياعه.
سادساً: أنَّ هذا العنصر العبريّ المختار سيظل لذلك يتطلع إلى أن يعيد الله هذا الملك لهذا الشعب كما قضى في كتابه، وسيكون تطلع هذا الشعب لإعادة هذا المُلك بكل عقله وقلبه.
سابعاً: أنه لا يُشَكُّ لحظة أنَّه سيستعيده، وهو لا بدّ مسترجعه، لأنه لم ينحرف كله، فهناك بقية منه صالحة، وبها يَصْدُقُ وعْدُ يهوة بأنّ مُلك العنصر العبريّ، الذي هو مُلك الله لن يزول.
ثامناً: أنه يتبقى أن يُترجم الشعب هذا الأمل إلى حقيقة، بالإرادة الفعَّالة والعمل الإيجابي المخطَط الدؤوب.
والصهيونية هي هذه المقولات العقائدية السبع الأولى، أما المقولة الثامنة فهي العملية التنفيذية، التي تستهدف تحويل ما في العقل والقلب إلى واقع عملّ. وليس الله في الصهيونية ـ طِبقاً لما سبق ـ إلا إلهاً قد استعبده اليهود لأهدافهم السياسية، لا يعمل إلا لخير اليهود وحدهم، وإنْ كان هذا الخير لا يتحقق إلا بإلحاق الضرر والأذى بالشعوب الأخرى، حتى وإنْ كانت شعوباً تؤمن بالله الواحد الأحد. والصهيونية من ثم هي حركة هذا الإله اليهوديّ في التاريخ العالمي .
يبقى أنْ نذكر أنَّ التلمود قد بَلْوَرَ النظرية الصهيونية، وعمل على تعميقها وتوثيقها في عقل اليهودي وقلبه، إلى أنْ وضع الصهاينة خطتهم التنفيذية وصاغوها في مقررات حكماء صهيون، والتي تُنفَّذ تنفيذاً حثيثاً منذ نهاية القرن التاسع عشر وحتى اليوم، بمنتهى الدقّة والتفاني والحرص.
ويمكننا القول بأنَّ هذه البروتوكولات تُعدُّ الخطة التنفيذية، أو ورقة العمل، لوضع ما جاء في التوراة والتلمود موضع التنفيذ. ولئن كان التلمود ثمرة مرة لتعاليم أسفار العهد القديم، فإنَّ البروتوكولات هي ورقة العمل التي لخصَّت كلَّ هذه التعاليم في خطة تنفيذية عملية حديثة ومعاصرة.
بل إن كتاب برتوكولات حكماء صهيون –كما وصفه محمد خليفة التونسي- هو «أخطر كتاب على الإنسانية كلِّها، ولا يستطيع أنْ يُقدِّرَه حقَّ قدره إلا من يدرس البروتوكولات كلها كلمة كلمة في أناة وتبصّر، ويربط بين أجزاء الخطة التي رسمتها، على شرط أن يكون بعيد النظر، فقيهاً بتيارات التاريخ وسنن الاجتماع، وأن يكون ملماً بحوادث التاريخ اليهودي والعالمي بعامة، لا سيما الحوادث الحاضرة وأصابع اليهود من ورائها، ثم يكون خبيراً بمعرفة الاتجاهات التاريخية والطبائع البشرية وعندئذ فحسب ستنكشف لـه مؤامرة يهودية جهنمية تهدف إلى إفساد العالم وانحلاله لإخضاعه كلِّه لمصلحة اليهود ولسيطرتهم دون سائر البشر» .
خاتمة
بعد هذه الجولة مع اليهود في تلمودهم، فإنه يجدر بنا أنْ نسجِّل أهم النتائج التي تم التوصل إليها:
1. التلمود من أهم الكتب الدينية عند اليهود، وهو الكتاب الذي يبسط ويفسِّر كل معارف الشعب الإسرائيلي، ويوضح لنا تعاليمهم وقوانينهم الأخلاقية.
2. ينظر اليهود الأرثوذكس إلى التلمود على أنه كتاب مقدَّس منـزَّلٌ مثله مثل التوراة، ويرون أن الله أعطى موسى التوراة على طور سيناء مدونة، بينما أعطاه التلمود مشافهة.
3. ينقسم التلمود إلى قسمين: المِشنا وهي المتن. والجمارا وهي الشروح المكملة لمقاصد المِشنا.
4. وُضعت الجمارا من قِبَل مدرستين يهوديتين، إحداهما في فلسطين والأخرى في بابل. الأمر الذي ترتّب عليه وجود تلمودين، هما: تلمود بابل، وتلمود أورشليم.
5. لمَّا كان التلمود البابلي هو الأكمل والأشمل من سميِّه الأورشليمي، فقد صار هو الأكثر تداولاً، وهو الكتاب القياسي عند اليهود. ولذا، حين يُستخدم لفظ "التلمود" بمفرده، مُحلَّى بأداة التعريف، فإنَّ المقصود به هو التلمود البابلي دون سواه، وذلك على أساس الميزة والأفضلية والتفوُّق.
6. منذ أنْ اطَّلعت الأمم على حقائق التلمود، وما فيه من مواقف تجاه الآخرين، حتى قابلت ذلك بالاستهجان والاستنكار الشديدين، ثم وقفتْ بكل قوة في وجهه، في محاولة لمنع انتشاره وتداوله. وعليه فقد هوجم التلمود بالحرق والإتلاف باعتباره مصدر الشر الكامن في اليهود.
7. يحتوي التلمود على عقائد منحرفة، فهو ينظر إلى الله نظرة دونية قاصرة، ويعتبره مصدراً للشر، في محاولة لتبرير كل الخطايا التي يرتكبها اليهود.
8. يزعم التلمود بأن اليهود هم شعب الله المختار، بل جاء في التلمود بأن أرواح اليهود تتميز عن باقي الأرواح بأنها جزء من الله كما أن الابن جزء من والده، أما الأرواح غير اليهودية فهي أرواحٌ شيطانية وشبيهة بأرواح الحيوانات.
9. يحوي التلمود بين دفَّتيه الكثير من التعاليم الغريبة والمشوَّهة، سواءً فيما يتعلَّق بالأمور العَقَديَّة أو التشريعية، ولقد أسهمتْ هذه التعاليم على مرّ العصور في صياغة الفكر اليهودي وبناء الشخصية اليهودية، التي أصبحت لصيقة الصِّلة بالتلمود.
10. الصهيونية عقيدة ومنهج عمليّ، نجد أصولها في التوراة المحرَّفة، ونشاهد خطتها المفصَّلة في التلمود. وهي تقوم على الاعتقاد بأفضلية اليهود على العالمين، بدعوى تعهُّدٍ قطعه الله على نفسه لنبيه إبراهيم.
قائمة المراجع
أولاً: المراجع العربية
ابن حزم، علي بن أحمد الأندلسي الظاهري: الفصل في الملل والأهواء والنحل، تحقيق: محمد إبراهيم وعبد الرحمن عميرة، (الرياض: مكتبة عكاظ، ط1، 1402هـ/1982م).
التل، عبد الله: خطر اليهودية العالمية على الإسلام والنصرانية، (بيروت: المكتب الإسلامي، ط3، 1399هـ/1979م).
التونسي، محمد خليفة: مقدمة ترجمة كتاب بروتوكولات حكماء صهيون، (القاهرة: دار التراث، ط2).
تويني، أرلوند: فلسطين جريمة ودفاع، ترجمة: عمر الديراوي، (بيروت: 1961م).
الحموي، أبو عبد الله ياقوت بن عبد الله: معجم البلدان، (بيروت: دار الفكر).
خان، ظفر الإسلام: التلمود (تاريخه وتعاليمه)، (بيروت: دار النفائس، ط7، 1410هـ/ 1989م).
سعيد، عبد الستار فتح الله: معركة الوجود بين القرآن والتلمود، (الأردن: مكتبة المنار، ط2، 1402هـ).
الشرقاوي، محمد عبد الله: الكنز المرصود في فضائح التلمود، (بيروت: دار عمران، القاهرة: مكتبة الزهراء، ط1، 1414هـ/1993م).
شلبي، أحمد: مقارنة الأديان (اليهودية)، (القاهرة: مكتبة النهضة المصرية، ط٨، 1988م).
عبد الناصر، شوقي: بروتوكولات حكماء صهيون وتعاليم التلمود، (الطبعة الرابعة).
غنيم، أحمد وآخرون: اليهود والحركة الصهيونية في مصر 1897- 1947، (القاهرة: 1969م).
فتاح، عرفان عبد الحميد: اليهودية: عرض تاريخي، (عَمان: دار عمار، ط1، 1422هـ/2002م).
الكتاب المقدس، (بيروت: دار المشرق، ط2، 1991م).
المسيري، عبد الوهاب محمد: موسوعة اليهود واليهودية والصهيونية، (بيروت: دار الشروق، ط1).
المطعني، عبد العظيم إبراهيم: النصارى والمسلمون في تلمود اليهود، (القاهرة: مكتبة وهبة، ط1، 1417ه_/1996م).
نصر الله، يوسف: الكنز المرصود في قواعد التلمود، (دمشق: دار القلم، بيروت: دارة العلوم، ط1، 1408هـ/1987م).
ثانياً: المراجع الإنجليزية
Barclay, Joseph: Hebrew Literature, LL.D. New York, 1901.
Fabian. A: The Babylonian Talmud, University of Queens land press, St. Lucia: 1963.
Hans Kung, Judaism between Yesterday and Tomorrow, Eng, tr, by John Bowden from German. Cross Road publishing company, New York, 1992
Jewish Encyclopedia, New York, 1948
Jewish Universal Encyclopedia, New York, 1948
Neusner, Jacob: The Way of Torah, Wadsworth Publishing Company, California, Fifth Edition.
ثالثاً: مواقع على الانترنت.
سهيل قاشا: "التراث البابلي الديني سرقته وتشويهه" على الموقع الإلكتروني التالي:
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] Ssnp.info/thenews/daily/kasha.htm-51k
انتهى الموضوع بحمد الله وتوفيقه