منتدى نجوم الونشريس
أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم، إذا كانت هذه زيارتك الأولى للمنتدى، فيرجى التكرم بزيارة صفحة التعليمـــات، بالضغط هنا. كما يشرفنا أن تقوم بالتسجيل بالضغط هنا إذا رغبت بالمشاركة في المنتدى، أما إذا رغبت بقراءة المواضيع والإطلاع فتفضل بزيارة القسم الذي ترغب أدناه.
منتدى نجوم الونشريس
أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم، إذا كانت هذه زيارتك الأولى للمنتدى، فيرجى التكرم بزيارة صفحة التعليمـــات، بالضغط هنا. كما يشرفنا أن تقوم بالتسجيل بالضغط هنا إذا رغبت بالمشاركة في المنتدى، أما إذا رغبت بقراءة المواضيع والإطلاع فتفضل بزيارة القسم الذي ترغب أدناه.
منتدى نجوم الونشريس
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم، إذا كانت هذه زيارتك الأولى للمنتدى، فيرجى التكرم بزيارة صفحة التعليمـــات، بالضغط هنا. كما يشرفنا أن تقوم بالتسجيل بالضغط هنا إذا رغبت بالمشاركة في المنتدى، أما إذا رغبت بقراءة المواضيع والإطلاع فتفضل بزيارة القسم الذي ترغب
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول
المساهمة برقي المنتدى
اهلا وسهلا بزوار واعضاء منتدى نجوم الونشريس ******المنتدى بكم ولكم ****** ******المنتدى بحاجة الى مشرفين ولمن يخدمه******

 

 التلمود وأثره في صياغة الشخصية اليهودية

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
البروفوسور
مشرف
مشرف



عدد المساهمات : 140
نقاط : 228
تاريخ التسجيل : 10/10/2010
العمر : 58

التلمود وأثره في صياغة الشخصية اليهودية Empty
مُساهمةموضوع: التلمود وأثره في صياغة الشخصية اليهودية   التلمود وأثره في صياغة الشخصية اليهودية Icon_minitime1الأحد أكتوبر 17, 2010 11:13 pm

التلمود

وأثره في صياغة الشخصية اليهودية

د. عودة عبد عودة عبد الله

المبحث الأول

مفهوم التلمود ومكانته عند اليهود


أولاً: مفهوم التلمود

«التلمود» كلمة مشتقة من الجذر العبري «لامد» לּאּמּדּ الذي يعني الدراسة والتعلّم، كما في عبارة «تلمود توراة»؛ أي «دراسة الشريعة». ويعود كل من كلمة «تلمود» العبرية، وكلمة «تلميذ» العربية إلى أصلٍ ساميّ واحد .

والتلمود Talmud من أهم الكتب الدينية عند اليهود، ويمكن تعريفه بأنه: «الكتاب الذي يحتوي على التعاليم اليهودية الشفوية، أو بعبارة أكثر تحديداً: هو الكتاب العقائدي الذي يفسِّر ويبسِّط كل معارف الشعب الإسرائيلي وتعاليمه وقوانينه الأخلاقية وآدابه» .

فالتلمود عبارة عن تفسير الحاخامات للشريعة المكتوبة (التوراة). ويخلع التلمود القداسة على نفسه من منطلق أنَّ الشريعة الشفوية لا تقل في منـزلتها عن الشريعة المكتوبة، باعتبار أنّ كلمات علماء التلمود مُوحَى بها من عند الله. بل يدَّعي حاخامات اليهود (Rabbis) أنّ موسى عليه السلام هو المصدر الأول لهذا الكتاب، ويفسرون ذلك بقولهم: إن موسى قد تسلّم القانون المكتوب على ألواح الحجر فوق الجبل، كما قد تسلّم من الله أيضاً تفسيرات وشروحاً لهذا القانون، وهو ما يُدعى بالقانون الشفوي، أو القانون الثاني.
ويزعم الحاخامات أنَّ تلقين الله لموسى هذا القانون الشفوي، كان هو السبب في بقاء موسى فوق الجبل وقتاً أطول من اللازم، فلو كان اللقاء من أجل تلقّي التوراة فحسبْ، لكان يكفي ذلك يوماً واحداً . ويروي اليهود في ذلك عن الحاخام سيمون بن لاكيش Lakish أنه فَسَّرَ نص سفر الخروج (24: 12)، القائل: «إنا سنعطيك ألواح الحجر وقانوناً ووصايا كتبناها لتعلّمها لهم». بقوله: إنّ المراد بالألواح: الوصايا العشر. والقانون: هو القانون المكتوب. والوصايا: هي المِشنا . و "كتبناها" يعني: الذي كتبه الأنبياء من كتابات مقدسة يتناقلها اليهود. و "لتعلّمها" معناه: الجمارا. فهذا يعلمنا أنّ هذا كله أُعطيَ لموسى في طور سيناء .
ومن هنا فإنّ سلطة التلمود كمستودع للقانون الشفوي، تُعدُّ إلهيةً عند اليهود الأرثوذكس (المحافظين)، كما تُعدُّ تعاليمه إلزامية ثابتة غير متغيرة .
وتعليقاً على النص السابق الذي ينقله جوزيف باركلي عن سفر الخروج، فإنه وبالتدقيق في هذا النص يظهر فيه شيء من التحريف. فحتى يصل (باركلي) إلى أنّ التلمود وحيٌ تلقّاه موسى مع ألواح التوراة، تعمَّد أنْ يذكر النص بضمير الجمع في كلمة "كتبناها" زاعماً أنها تشير إلى ما سيكتبه الأنبياء والحاخامات، بينما هي في نص الكتاب المقدس عندهم: "وقال الرب لموسى اصعد إلى الجبل وامكث هناك لأعطيك الوصايا والشرائع التي كتبتها على لوحي الحجر لتلقِّنها لهم" خروج 24:12. وقد يبدو الأمر يسيراً، لكنهم يقيمون دعاواهم على تلك الأمور الواهية.


ثانياً: مكانة التلمود عند اليهود

يَنظر اليهودُ الأرثوذكس إلى التلمود على أنه كتابٌ مقدَّس مُنْـزَلٌ من عند الله كالتوراة، ويرون أن الله أعطى موسى التوراة على طور سيناء مدوَّنة، بينما أعطاه التلمود مشافهة. ولا يَقْنَع اليهود بهذه المكانة للتلمود، بل يضعون هذه الروايات الشفوية في منـزلة أسمى من التوراة. جاء في صحيفة من التلمود:
«إنّ من درس التوراة فعل فضيلة لا يستحق المكافأة عليها، ومن درس المِشنا Mishnah فعل فضيلة استحق أنْ يُكافأ عليها، ومن درس الجمارا Gemara فعل أعظم فضيلة» .
وجاء في موضع آخر:
«من احتقر أقوال الحاخامات استحق الموت أكثر ممن احتقر أقوال التوراة، ولا خلاص لمن ترك تعاليم التلمود واشتغل بالتوراة فقط، لأنَّ أقوال علماء التلمود أفضل مما جاء في شريعة موسى» .
ولا يقفون عند هذا الحد، بل يُصرِّحون بأنّ «من يقرأ التوراة بدون المِشنا والجمارا فليس له إله» .
وتضطرب آراء اليهود في كثيرٍ من الأحيان وهم يضعون التلمود في تلك المكانة، فيعلنون أنّ التلمود وإنْ كان أقوال الحاخامات، إلا أنه في مكانة التوراة، لأنَّ أقوال الحاخامات كقول الله، فالله –كما يزعمون- يستشير الحاخامات عندما توجد مسألة معضلة لا يمكن حلُّها في السماء. وإذا خالف أحد اليهود أقوال الحاخامات، يُعاقب أشد العقاب؛ لأن مخالفة شريعة موسى خطيئة قد تُغتفر، أما من يخالف التلمود فيعاقب بالقتل . جاء في التلمود:
«إن تعاليم الحاخامات لا يمكن نقضها أو تغييرها ولو بأمر الله، وقد وقع يوماً الاختلاف بين الباري تعالى وبين علماء اليهود في مسألة، فبعد أن طال الجدال، تقرر إحالة فصل الخلاف إلى أحد الحاخامات الربيين، واضطر الله أنْ يعترف بغلطه بعد حُكم الحاخام المذكور» .
وهذه العصمة التي يتحدث عنها التلمود لا تختص بالحاخامات، بل بكل ما يتعلق بهم أيضاً، حتى قيل: «إنّ حمار الحاخام لا يمكن أنْ يأكل شيئاً محرماً» .

ويمكن استنتاج أهمية التلمود لدى اليهود من عقيدة لهم تقول:
«يجب على كل شخص يهودي أنْ يُقسّم الدراسة إلى ثلاثة حصص، يُكرّس الثلث الأول لدراسة القانون المكتوب (التوراة)، والثلث الثاني لدراسة المِشنا، والثلث الأخير لدراسة الجمارا» . والوقت الذي تستغرقه دراسة التلمود على هذا النحو هو سبع ساعاتٍ يومياً لسبعة أعوام .
وقد حَظيَ التلمود بأهمية متزايدة نتيجة للظروف الحاصلة بعد سقوط دولة اليهود، وعكف حكماء اليهود على دراسة التلمود بشغف واهتمام، ومع انحطاط الحياة العقلية لدى اليهود، الذي بدأ في القرن السادس عشر، صار التلمود يُمثِّل السلطة العليا عند أكثرية اليهود. وفي نفس القرن أصبحت أوروبا الشرقية، وخاصةً بولندا، مركزاً مهماً لدراسة التلمود، وكرّست المدارس اليهودية كافَّة جهودها لدراسة التلمود، حتى أنَّ كلمة "الدراسة" أصبحت تعني "دراسة التلمود". والتوراة نفسها أصبح مكانها ثانوياً .

ويذكر الدكتور جوزيف باركلي Joseph Barclay أنه على الرغم من أنَّ أي مجمع يهوديّ عام لم يتبنّ التلمود رسمياً، إلا أنَّ اليهود تبنّوه، لأنه زودهم بشيء شعروا بحاجتهم إليه .

ويرى الدكتور أ. فابيان أنَّ التلمود «أسهم بقوة في حفظ اليهودي، بأنْ مَكَّنَه من أنْ يتأقلم مع كل زمان ومكان، في كل دولة ومجتمع، وفي كل درجة من الحضارة» .
وينقل فابيان قول جينزبرج L. Ginzberg : «أعطى التلمود لليهودي جنة روحية خالدة، يلجأ إليها كيفما شاء، هارباً من العالم الخارجي بكل ما فيه من حقد ومظالم. وعلى صفحات التلمود وجدت أجيال اليهود المتعاقبة إشباعاً لأعمق أمانيها الدينية، وكذلك وجد اليهود في التلمود نافذتهم لأسمى استلهاماتهم الفكرية. ورغم أنّ العالم قد انقطع عن قرونه الماضية، فإنّ التلمود لا يزال –بعد التوراة- القوة الروحية والأخلاقية المثمرة في الحياة اليهودية» .
وكما قال إسرائيل أبراهامز:
«the Jew survived through the Talmud, as the Talmud survived in him»
«بقي اليهودي بسبب التلمود، بينما بقي التلمود في اليهودي» .

المبحث الثاني
نشأة التلمـود ومكوِّناته

ينقسم التلمود إلى جزئين رئيسين، هما :
1. المِشنا Mishnah، وهو الأصل (المتن).
2. الجمارا Gemara، شرح المِشنا.

و"المِشنا" هي أول لائحة قانونية وضعها اليهود لأنفسهم بعد التوراة، جمعها يهوذا الناسي Judah Hanasi فيما بين 190 و 200م ؛ أي بعد حوالي قرن من تدمير تيطس للهيكل.
أما "الجمارا" فاثنتان: جمارا أورشليم (فلسطين)، وجمارا بابل. فبالنسبة لجمارا أورشليم (فلسطين) فهي سجل للمناقشات التي أجراها حاخامات فلسطين –بالأخص علماء مدارس طبريا- لشرح أصول المِشنا. ويرجع تاريخ جمعها إلى عام 400م. أما جمارا بابل فهي سجل مماثل للمناقشات حول تعاليم المِشنا، دوّنها علماء بابل اليهود، وانتهوا من جمعها سنة 500م تقريباً. فالمِشنا مع شرحها (جمارا أورشليم) تُسمى تلمود أورشليم، والمِشنا مع شرحها (جمارا بابل) تُسمى تلمود بابل وكلاهما يُطبع على حِدَة .
وفيما يلي وقفة مع المِشنا والجمارا، القسمان الرئيسان للتلمود:
• المِشنا Mishnah:
المِشنا معناها التثنية أو الإعادة review ، وتدلُّ في اللغة العبرية على معنى الحفظ والتعليم . وتُعدّ المِشنا الجزء الأول والرئيسي للتلمود، وهي المرجع الرسمي الموثوق للقانون اليهودي. ويقول علماؤهم: إنَّ موسى عليه السلام قد نَقَل هذا القانون الشفوي إلى يوشع Joshua ، والذي نقله بدوره إلى الشيوخ السبعين، وهؤلاء نقلوه إلى الرسل الذين انتهوا بنقله إلى كبير اليهود، ثم تناقله خاصة الأحبار ورؤساؤهم جيلاً عن جيل، حتى جاء حينٌ من الدهر بات من المستحيل استيعابه والحفاظ عليه شفوياً . ويذكر جوزيف باركلي: أنَّ اليهود يرون أنَّ المِشنا تناقلها عن موسى أربعون مسْتقبِلاً Receivers جيلاً عن جيل، حتى جاء الحاخام يهوذا الناسي المقدَّس. ولما كان الهيكل لا يزال قائماً آنذاك، كمركز لليهود، لم يجز شرعاً كتابة هذه التعاليم .

وأيَّاً كان الوقت الذي دُونت فيه المِشنا لأول مرة، فإن الفيلسوف اليهودي موسى بن ميمون Maimonides قد كتب في كتابه شرح المِشنا يقول:
«منذ أيام معلمنا موسى عليه السلام، حتى حاخامنا المقدس يهوذا الناسي، لم يتفق أحد من أحبار اليهود على أية عقيدة من العقائد التي كانت تُدرّس علانية، باسم القانون الشفوي، بل كان رئيس محكمة كل جيل، يضع مذكرة عما سمعه عن سلفه وموجِّهيه، لينقلها شفاهة إلى شعبه، وهكذا ألّف كل عالم من العلماء كتاباً مماثلاً ليستفاد منه، حسب درجة كفاءته، إذا كان متمكناً من القوانين الشفوية، وما توصّل إليه السابقون من تفسير التوراة والقرارات التي أعلنت في مختلف الأجيال، وقررتها المحكمة العليا (السنهدرين). ومرّ الزمن هكذا حتى جاء حاخامنا المقدَّس يهوذا الناسي Rabbi Judah Hanasi الذي جمع لأول مرة كل ما يتعلق بالسنة والأحكام والقرارات، وشرح القانون المروي عن موسى معلمنا المأمور به في كل جيل» .

وشهادة موسى بن ميمون هذه تُطْلعنا على مدى الفوضى والنـزعات الشخصية التي سيطرت على الحاخامات، فجعلتهم لا يتفقون على أمر من الأمور التي تتعلق بالقانون الشفهي، إلى أنْ جمعه يهوذا الناسي.
وأحكام المِشنا إما عامة مجهولة المصدر، وإما آراء الحكماء Hakhamin أو المعلمين. وآراء الحكماء (الحاخامات) هي المفضَّلة إذا وقع تعارض حول مسألة ما. أما لغة المِشنا فهي العبرية الحديثة New-Hebrew المختلطة بشيءٍ من اليونانية واللاتينية .

وعندما بدأ الشعب اليهودي بالتشتت، أخذت معارفه تتناقص، كما بدا أن قانونهم الشفهي أخذ في الاندثار. فكان يهوذا الناسي هو أول من وَعَى هذه الحقيقة، فسعى إلى معالجة هذا الواقع السيئ، من خلال الحفاظ على القانون الشفوي، فبادر إلى جمع اللوائح أو قوائم التعاليم المشار إليها في كتاب دُعِيَ: (سيفر مشنا أوث Sepher Mischnaoth) أو (مشنا- ديوتيروسيس Mishnah-Deuterosis)، أو القانون المساعد. وقسّم يهوذا كتابه هذا إلى ستة أقسام . وهي التي عُرفت فيما بعد بأقسام المِشنا الستة، و هي :
1. زيرائيم Zeraim : خاص بالقوانين الدينية الزراعية، ويتكون من أحدَ عشر سفراً.
2. موئيد :Moed خاص بمواعيد الأعياد والصيام، ويبحث في تحديد الأوقات التي يجب أن تبدأ وتنتهي عندها الأعياد. ويحتوي على اثني عشر سفراً.
3. ناشيم Nashim (المرأة): خاص بقوانين النساء زواجاً وطلاقاً، وواجباتهن وصلاتهن وكل ما يتعلق بهن. فيه سبعة أسفار، أحدها سفر عابوده زاره (عبادة الأوثان) المشهور. وهو يضبط علاقة اليهود بالوثنيين؛ أي بمن عداهم من الأمم.
4. نزيكين Nazikin :خاص بالأضرار والتعويض عنها؛ أي القوانين المدنية والجنائية، وهو عشرة أسفار.
5. كوداشيم Kodashim :خاص بالقداسة والمقدَّسات والقرابين وسائر الطقوس الدينية، ويتكون من أحد عشر سفراً.
6. توهاروث Toharoth : خاص بالطهارات، ويبحث في قوانين الطهارة والنجاسة، ويتكون من اثني عشر سفراً.
وبهذا يكون مجموع أسفار المِشنا ثلاثةً وستين سفراً، وكلُّ سفرٍ من هذه الأسفار مقسّمٌ بدوره إلى فصول (بيراكيم Perakim).

والتلمود يُشار إليه أحياناً بكلمة شاس Shas ، وهي اختصار للكلمة العبرية Shishah Sedarim أي الأحكام الستة.

وهناك سفر مماثل للتلمود يُسمى مدراش Midrashوهو يجمع الحِكَم والقصص والمواعظ التي جمعها الحاخامات بعد إتمام التلمود، فدوَّنوها في هذا السِّفر مخافة أنْ تضيع. هذا رغم أنَّ التلمود نفسه استغرق تدوينُه ما لا يقل عن ألف عام من الزمن .

• الجمارا Gemara
الجمارا معناها الإكمال Completion . وقد تكوَّنت من مناقشات علماء اليهود حول محتويات المِشنا، فهي إذاً عبارة عن الشرح والتعليق أو التفسير والحواشي للمِشنا. وألَّف الحاخامات هذه الشروح في فترة طويلة، تمتد من القرن الثاني إلى أواخر القرن السادس بعد الميلاد، وتألّف من المتن والشرح؛ أي من المِشنا والجمارا، ما أطلق عليه اسم التلمود ،كما ذكرنا سابقاً .

ويُذكر أنّ ابنيّ الحاخام يهوذا الناسي: الحاخام غاماليل Gamaliel والحاخام سيميون Simeon قد كانا أول من قاما بهذا الشرح، واستأنف الحاخام آشي Ashi هذا العمل في صورا Sura من سنة 365 إلى 425م، وأكمله الحاخام أبينو Abino ، ووضعه في صورته النهائية الحاخام جوسي Jose سنة 498م تقريباً .
ونشير هنا إلى أن الجمارا وُضعت من قبل مدرستين يهوديتين، إحداهما في فلسطين والأخرى في بابل. الأمر الذي ترتب عليه وجود تلمودين، هما :
• تلمود أورشليم (فلسطين)
والحقيقة أن علماء قيسارية Caesarea هم الذين قاموا بتدوين تلمود أورشليم، وليس علماء أورشليم أنفسهم. ويُذكر هذا الاسم مجازاً، على سبيل إطلاق الكل على الجزء. وكان الحاخام يوحنان بن زكاي Jochannan على رأس القائمين بتدوين هذا التلمود .
• تلمود بابل
اكتشف علماء اليهود، بعد موت يهوذا الناسي، أنه قد ترك أشياء كثيرة لم يدونها في المِشنا. ونص تلمود بابل أساسه المِشنا التي جمعها يهوذا الناسي مع الشروح التي كتبها الحاخام أبّا أريكا Abba Areka في صورا Sura . وبعد أن زادت المناقشات والآراء التي اتفق عليها الحاخامات، خافوا من ضياعها في حالة عدم التدوين. وأول من قام بتدوين تلمود بابل هو آشي Ashi المتوفى سنة 724م، بمساعدة رابينا Rabina ، وكان هدفه أن تكون في أيدي اليهود لائحة قانونية معتمدة، وكتاب يدرسه الطلبة اليهود. وقد أكمل الحاخام رابينا بارهونا Rabina Bar Huna المتوفى سنة 499م عمل آشي الذي مات قبل استكمال مشروعه .

مقارنة بين التلمودين
بالنظر في التلمودين الفلسطيني والبابلي، يظهر بشكل واضح أنهما ليسا شيئاً واحداً، بل بينهما فروق كثيرة. وفيما يلي بيان ذلك:

يختلف تلمود فلسطين عن سميِّه البابلي كثيراً، كمّاً وكيفاً. فالمادة التي يحتويها تلمود فلسطين هي ثلث ما يحتويه تلمود بابل، حيث تبلغ عدد كلمات التلمود البابلي مليونين ونصف مليون كلمة في نسخته الأصلية، وهو ما يساوي ثلاثة أضعاف حجم التلمود الفلسطيني .

كما أن التلمود الفلسطيني ينقصه العمق المنطقي Dialectic Profundity والشمول الجامع اللذين يمتاز بهما تلمود بابل. حيث تتسم الشروح الواردة في التلمود الفلسطيني بأنها أقصر وأكثر حرفية وقرباً من النص. ويلاحظ أنَّ بعض المفاهيم القانونية في التلمود البابلي تعكس أثر القانون الفارسي . كما أنَّ التلمودين مختلفان في بعض المواطن، فيُلاحظ مثلاً أنّ الموقف من الوثنيين في التلمود البابلي أكثر تسامحاً، لأن وضع اليهود في بابل كان جيداً، فقد جاء في التلمود البابلي أنَّ الأغيار خارج فلسطين لا يمكن اعتبارهم من الوثنيين. وبينما يحرم التلمود الفلسطيني بيع أية سلع للوثنيين في الأيام الثلاثة التي تسبق أي عيد وثني، فإن علماء بابل حرموا البيع في أيام العيد الوثني وحسب . ويُرجع الكثيرون الاختلاف في هذه الناحية إلى طبيعة الظروف التي سادت زمن كتابة كلٍّ من التلمودين. فتلمود بابل أُلِّف في فترة استغرقت قرناً من الزمان، في سلام وأمن. أما تلمود فلسطين فجُمع على عَجَل، وفي ظروف غير مساعدة بسبب اضطهاد الرومان.

ومن الاختلافات بين التلمودين قضية اللغة. فتلمود فلسطين لغته عبرية تتخللها عبارات بالآرامية الغربية. أما تلمود بابل فأكثره بالآرامية الشرقية التي دخلت فيها بعض عبارات اللغة العبرية، كما يتضمن كلمات عربية وسريانية ويونانية ولاتينية وكلدانية .
وعلى الرغم من هذا الاختلاف الواضح بين التلمودين، فهناك أوجه تشابه كثيرة بينهما، لأن مصدرهما واحد، كما أنّ بابل ليست بعيدة عن فلسطين، فكان علماء البلدين يتبادلون الزيارات ويستفيدون من آراء بعضهم البعض.

«ولما كانت الجمارا البابلية أكمل وأشمل من الجمارا الفلسطينية، فإن التلمود البابلي هو الأكثر تداولاً، وهو الكتاب القياسي عند اليهود. ولذا، حين يستخدم لفظ "التلمود" بمفرده، محلَّى بأداة التعريف، فإن المقصود به هو التلمود البابلي دون سواه، وذلك على أساس الميزة والأفضلية والتفوق» .
يتبع باقي الموضوع













الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
البروفوسور
مشرف
مشرف



عدد المساهمات : 140
نقاط : 228
تاريخ التسجيل : 10/10/2010
العمر : 58

التلمود وأثره في صياغة الشخصية اليهودية Empty
مُساهمةموضوع: رد: التلمود وأثره في صياغة الشخصية اليهودية   التلمود وأثره في صياغة الشخصية اليهودية Icon_minitime1الأحد أكتوبر 17, 2010 11:16 pm


المبحث الثالث

الموقف العالمي من التلمود

منذ أنْ اطَّلعت الأمم على حقائق التلمود، وما فيه من مواقف تجاه الآخرين، حتى قابلت ذلك بالاستهجان والاستنكار الشديدين، ثم وقفت بكل قوة في وجهه ، في محاولة لمنع انتشاره وتداوله. وتفاوتت هذه المواقف من دولة لأخرى، على النحو الذي سنبينه في هذا المبحث.

لم يكن التلمود معروفاً في الأوساط الأوروبية النصرانية، وظلّ النصارى على جهلهم بهذا الكتاب مدَّة طويلة، حتى تعرَّفوا عليه عن طريق اليهود المتنصِّرين. ومنذ ذلك التاريخ، أصبح التلمود محطّ سخط السلطات الدينية، حيث اتضح لها بما لا يدع مجالاً للشك بأنه كتاب خرافات، وأنه المسؤول عن عدم اعتناق اليهود للنصرانية. كما أنه يحتوي على مغالطات مهينة ضد النصرانية كعقيدة، وضد شخص المسيح. فمما يذكره التلمود في هذا السياق، أن المسيح كان يهودياً كافراً، وأنَّ تعاليمه كفرٌ بيّن، وأنّ النصارى كفارٌ مثله، وأنَّ أمه حملت به سفاحاً من جندي روماني يُدعى بندارا. ويقرّ التلمود بأنّ اليهود هم الذين صلبوا المسيح، وأنهم يتحملون المسؤولية كاملة عن ذلك .

ونتيجة لذلك، هوجم التلمود بشدة في العصور الوسطى، باعتباره المصدر الأهم للتعاليم اليهودية، التي تدفع اليهود لمقاومة السلطة والدين النصراني سراً وعلانية، وباعتباره مصدر الشرّ الكامن في اليهود. وقد قال الإمبراطور هونوريوس Honorius في إحدى القوانين التي أصدرها: إنّ الحاخامات الذين وضعوا التلمود قوم مخربون Devastators .
واجتمعت كلمة الملوك والباباوات على مهاجمة التلمود، ففي سنة 553م حرّم الإمبراطور جوستنيان Justinian نسخ أو توزيع الكتب التلمودية في جميع أنحاء الإمبراطورية الرومانية. وفي القرن الثالث عشر أدان كلٌّ من البابا جريجوري التاسع، والبابا اينوسنت الرابع كتب التلمود لاحتوائها على كل أنواع التحقير والتجديف ضد النصرانية، وأمرا بإحراقها لأنها تؤدي إلى انتشار هرطقات رهيبة. كما صدرت أوامر بإتلاف نسخ التلمود في فرنسا، في عهد لويس Louis the Pious من سنة 1226- 1270م . أما في إنجلترا فقد أمر الملك بطرد اليهود من البلاد سنة 1290م، بعد أنْ اكتشف حِيَلهم ومكرهم ومقتهم للشعب الإنجليزي النصراني .
وتذكر دائرة المعارف اليهودية العامة أنَّ أربعاً وعشرين عربة محملة بالكتب العبرية أُحرقت في باريس سنة 1242م في يوم واحد، وأنّ (مئير) كان شاهداً على هذه المأساة، فألّف فيها رثاءً منظوماً يُردد إلى اليوم في كثير من كنائس اليهود .

وعلى كل حال، فقد أدان الكتب التلمودية كثيرٌ من الأحبار الرومانيين، أمثال: يوليوس الثالث، وبول الرابع، وبيوس الرابع، وجريجوري الثالث عشر، وكليمنت الثامن، والكسندر السابع، وبيندكت الرابع عشر، وغيرهم من الأحبار الآخرين، الذين أصدروا نشرات جديدة لفهارس الكتب المحرّمة وِفقاً لأوامر آباء مجمع الثلاثين، السارية المفعول حتى يومنا هذا.
وينقل الأب برانايتس عن الطبعة الأخيرة من فهرس إكسبور جاتوريوس Expur gatorius ما يلي: «بأمر أبينا السيد المقدس البابا ليو الثالث عشر –الحاكم الآن- أُصدِرَ في سنة 1887م ما يلي: التلمود والكتب اليهودية الأخرى حُرِّمت للأسباب التالية ... ، إنّ سيدنا المقدس البابا كليمنت الثامن، في أمره ضد الكتابات غير التقيّة، والكتب اليهودية، الصادر فـي روما سنة 1592م، حرَّمها وأدانها... وكـان واضحاً ومفصِّلاً ونظامياً وذا إرادة، حين قال: إنّ التلمودية العاقَّة والقبَّالة ، وغيرها من كتب اليهود الشائنة، هي مُدانة بكل معنى الكلمة، ويجب أنْ تبقى دائماً مُدانة ومحرَّمة، وأوامره عن هذه الكتب، يجب أن تظل ثابتة منيعة لا تُنـتهك حرمتها» .

وقد هاجم مجلس مدينة بولندا عام 1840م التلمود، واتهمه بأنه مصدر احتقار اليهودية لدين النصارى. وكان أسقف بولندا قد أمر – قبل ذلك بقرن- بإحراق كل نسخ التلمود.
ويَذكر برانايتس: أنه في مطلع القرن السادس عشر، حينما فسد نظام أمن الكنيسة وسلامتها ـ نتيجة ظهور مذاهب جديدة ـ بدأ اليهود يوزّعون التلمود علناً. وساعدهم في ذلك اختراع الطباعة في ذلك الوقت. وكانت أول نسخة طُبعت من التلمود كاملاً، بجميع تجديفاته ضد النصرانية، قد صدرت في مدينة البندقية سنة 1520م. وفي ذلك القرن صدرت معظم الكتب اليهودية بشكل كامل، وعلى صورتها الحقيقية. لكن الفاتيكان أمر بإحراق كل نسخ التلمود المطبوع سنة 1520م بسبب ما تكشَّف من عقائد اليهود، والنشاط العدائي الذي ظهر بينهم، واحتقارهم للشعوب الأخرى ودياناتها .

ويمكننا القول هنا بأن طباعة كتاب التلمود بشكل كامل، ونشره بكل ما احتوى عليه من غلوٍّ وكفر وحماقة وكراهية لغير اليهود، كما أنَّ المناظرات الجدلية التي أقيمت بين الحاخامات والمتنصِّرين من علماء اليهود، وما تمخّض عن تلك المناظرات من كشف اللثام عن تعاليم التلمود التي تحضّ على كراهة غير اليهود وازدرائهم والتعالي عليهم. كل ذلك شكَّل أهم الأسباب وراء اتخاذ تلك الإجراءات العنيفة ضد التلمود، والمطالبة بحظره ومنعه وإحراقه. وقد كان من أبرز اليهود المتحولين إلى النصرانية الذين جادلوا حاخامات اليهود بشأن التلمود وتعاليمه: نيكولاس دونين، وبابلوكرستياني.
وفي القرن السادس عشر كشف جوهان فيفركورن Johan Pfefferkorn-والذي كان يهودياً ثم تنصر- عن حقائق خطيرة في معتقدات اليهود وشعائرهم التلمودية، مما أدى إلى وقوع حوادث عنف شديدة ضد اليهود وكتبهم ومكتباتهم.
وأمام هذه الحوادث والحركات العنيفة ضد التلمود، كان على اليهود أنْ يفكّروا في خطة جديدة. وبناءً على هذه الاستراتيجية الجديدة، قرر الحاخامات في المَجْمَع المنعقد في بولندا سنة 1631م، أنه يجب أنْ لا يُطبع أيّ شيء يضايق النصارى، حتى لا يجرّ ذلك على اليهود المضايقة والاضطهاد. لذلك قرروا وضع رموز معينة مكان الفقرات والمقاطع الكثيرة المحذوفة. ويشرح الربانيون من الذاكرة ما تخفيه هذه الرموز من معان، لأنهم يحتفظون بنسخ عن الكتب الأصلية، التي لا يطلع عليها غير اليهود .

وأوّل طبعة مطهرة Expurgated ظهرت للتلمود، كانت في مدينة بازل 1578- 1581م، بعد حذف سفر (عابوده زاره) كاملاً، وحذف فقرات وفصول اعتبرت معادية للنصارى، كما عُدِّلت عبارات كثيرة جداً.
وتذكر دائرة المعارف اليهودية أن هذه النسخة المطهرة هي التي ظهر على أساسها معظم الطبعات الجديدة للتلمود؛ أي أنَّ النسخ الحديثة للتلمود، لا تحتوي على التعاليم العدائية التي احتوتها طبعة البندقية التي أمر الفاتيكان بحرقها .

ومعروف أنّ البابا جريجوري الثالث عشر (1585م) قام بحملات جديدة ضد التلمود، وحرّم البابا كليمنت السابع حيازته أو قراءته، وصودرت سنة 1707م نسخ التلمود في مدينة برندنبرج. بل إنّ البابا بيوس الرابع Pious IV أصدر أمراً يقول بأنه: «يجب حرمان التلمود حتى من مجرد اسمه Talmud must be deprived of its very name». وهذا يعني أنَّ التلمود وعلى الرغم من محاولة اليهود الرامية إلى تطهيره وتحسين صورته، إلا أنه بقي كتاباً سيئ السمعة، بربري التعاليم، أسود الغاية، خبيث الغرض.
وتذكر دائرة المعارف اليهودية العامة: أنّ أحد أهم الأسباب لعدم بقاء نسخة كاملة لتلمود بابل، هو التعصب الديني المغالي ضد النصرانية في العصور الوسطى الأمر الذي أوجد ردَّة فعلٍ نصرانية عنيفة ضدَّه .

أما تلمود أورشليم الحالي، فالطبعات الجديدة منه، تخلو من كثير من العبارات والفصول، بلْ إنَّ نصَّه الحالي في حالة فاسدة جداً، والنسّاخ الذين نقلوه لم يترددوا في إصلاحه كلما وجدوا أنَّ المعنى بعيد عن إدراكهم، وكلما اقتضت الضرورة في صراعهم مع الأمم الأخرى، وقد تكرر وقوع ذلك كثيراً. وتلمود أورشليم –كما هو مطبوع اليوم- لا يشتمل إلا على أربعة أجزاء من الأجزاء الستة للمِشنا، وعلى الفصل نيداه Niddah فقط من الجزء السادس .

يتضح من هذا، بأنَّ تلمود أورشليم على حالته الموجودة الآن، فاسدٌ جداً، وأنّ تلمود بابل ناقصٌ جداً، ولا يعني هذا إلا أن اليهود تمكنوا من إخفاء تعاليم تلمودهم الهدامة عن أنظارنا، أمّا هم فيعتمدون على النسخ الأصلية التي طبعت في البندقية، وعلى مخطوطاتهم القديمة.

إذا كان هذا هو موقف الأمم من التلمود على مرّ العصور. فما موقفنا الآن تجاهه؟
إنَّ أهم موقفٍ ينبغي لنا اتخاذه من هذا الكتاب، هو دراسته والاطلاع على خفاياه، ومن ثم توعية المسلمين بما فيه من تعاليم وأفكار، لأن هذه التعاليم هي التي شكَّلت الشخصية اليهودية وصاغتها على مرّ السنين، ولأن فهم طبيعة العدو يعين على كيفية التعامل معه. فما يهود اليوم إلا تطبيقٌ واقعيٌ لتعاليم التلمود.


المبحث الرابع

معتقدات التلمود وتعاليمه


بعد فراغنا من الحديث عن الهيكل الخارجي للتلمود، والموقف العالمي منه، نَلِجُ إلى داخله، وننظر بين دفتيه، في محاولة للتعرّف على مضمونه وقضاياه الرئيسية. ونظراً لأن التلمود كتابٌ ضخم جداً، ولأنه يحتوي على قدر هائل من العقائد والتعاليم والأحكام والقوانين، فإنه لا يمكننا أنْ نُقدِّم ـ في هذه العُجالة ـ إلا نماذج يسيرة، نخرج من خلالها بتصوّر واضح عن محتوى التلمود ومراميه.

أولاً: الله في التلمود

جاء في التلمود: «النهار اثنتا عشرة ساعة: في الثلاث الأولى منها يجلس الله ويطالع الشريعة، وفي الثلاث الثانية يحكم، وفي الثلاث الثالثة يطعم العالم، وفي الثلاث الأخيرة يجلس ويلعب مع الحوت ملك الأسماك». والحوت كبير جداً يمكن أنْ يدخل في حلقة سمكة طولها ثلاثمائة فرسخ بدون أن تضايقه، ونظراً لحجمه الكبير رأى الله أنْ يحرمه من زوجته، لأنه لو لم يفعل ذلك لامتلأت الدنيا وحوشاً أهلكت من فيها، ولذلك حبس الله الذَكَر بقوِّته الإلهية، وقتل الأنثى، وملّحها وأعدها لطعام المؤمنين في الفردوس .

ولم يلعب الله مع الحوت ـ كما يَذْكُر التلمود ـ بعد هَدْم الهيكل، كما أنه من ذلك الوقت لم يرقص مع حواء بعدما زينها بملابسها، وعقص لها شعرها، وقد اعترف الله بخطئه في تصريحه بتخريب الهيكل، فصار يبكي ويمضي ثلاثة أجزاء الليل يزأر كالأسد قائلاً: تباً لي لأني أمرتُ بخراب بيتي وإحراق الهيكل وتشريد أولادي.
وعندما يسمع الباري تعالى تمجيد الناس لـه يطرق رأسه ويقول: ما أسعد الملِِك الذي يُمدَح ويبخل مع استحقاقه لذلك. ولكن لا يستحق شيئاً من المدح الأب الذي يترك أولاده في الشقاء.
ويزعم اليهود في تلمودهم أن الله يتندم على تركه اليهود في حالة التعاسة، حتى إنه يلطم ويبكي كل يوم، فتسقط من عينيه دمعتان في البحر، فيسمع دويهما من بدأ العالم إلى أقصاه، وتضرب المياه، وترتجف الأرض في أغلب الأحيان، فتحصل الزلازل .

وقال مناحم: إنه لا شغل لله في الليل غير تعلمه التلمود مع الملائكة ومع (اسموديه) ملك الشياطين في مدرسة في السماء، ثم ينصرف (اسموديه) منها بعد صعوده إليها كل يوم.
أما سَبْعُ (الآي) الذي يُشبِّهون زئير الله بزئيره، فهو سبع غابة (الآي) الذي أراد أن ينتظره إمبراطور رومية، ولما أُحضر إليه ووصل على بُعد أربعمائة فرسخ، زأر مرة زئيراً حصل منه ضجة أسقطت منها النساء الحبالى، وهُدِّمت منها أسوار رومية، ولما وصل على بعد ثلاثمائة فرسخ زأر مرة أخرى فوقعت أضراس أهل رومية، ووقع الإمبراطور على الأرض من فوق عرشه مغشيَّاً عليه، وطلب بعد إفاقته أن يُرد حالاً ذلك السبع إلى محله.
وأما تخطئة القمر لله، فإنه قال لـه: أخطأت حيث خلقتني أصغر من الشمس، فأذعن الله لذلك واعترف بخطئه، وقال: اذبحوا لي ذبيحة أكفِّر بها عن ذنبي لأني خلقتُ القمر أصغر من الشمس .

وليس الله ـ على حسب ما جاء في التلمود ـ معصوماً من الطيش، لأنه حالما يغضب يستولي عليه الطيش، كما حصل ذلك منه يوم غضب على بني إسرائيل وحلف بحرمانهم من الحياة الأبدية. ولكنه ندم على ذلك بعد ذهاب الطيش منه، ولم ينفِّذ ذلك اليمين، لأنه عرف أنه فعل فعلاً ضد العدالة. جاء في التلمود:
«إن الله إذا حلف يميناً غير قانونية، احتاج إلى من يحلّه من يمينه، وقد سمع أحد العقلاء من الإسرائيليين الله تعالى يقول: من يحللني من اليمين التي أقسمتُ بها؟ ولما علم باقي الحاخامات أنه لم يحلله منها اعتبروه حماراً، لأنه لم يحلل الله من يمينه، ولذلك نصبوا ملكاً بين السماء والأرض اسمه (مي) لتحليل الله من أيمانه ونذوره عند اللزوم».
وكما حصل لله أنْ يحنث في يمينه فقد كذب أيضاً – وفق زعمهم- بقصد الإصلاح بين إبراهيم وامرأته سارة. وينظر التلمود إلى الله على أنه مصدر الشر كما أنه مصدر الخير وأنه أعطى الإنسان طبيعة رديئة، وسنَّ لـه شريعة لولاها لما كان يخطئ، وقد جبر اليهود على قبولها، فينتج عن ذلك أنَّ داود الملك لم يرتكب بقتله لأوريا، وبزناه بامرأته خطيئة يستحق العقاب عليها من الله تعالى لأن الله هو السبب في كل ذلك .
ويذكر العلامة ابن حزم في كتابه "الفصل في الملل والأهواء والنحل" أنّ سِفراً من أسفار التلمود يسمّى "سفر توما" قد وصف جبهة الخالق وعِظم مساحتها؛ فقال: إنها من أعلاها إلى أنفه خمسة آلاف ذراع. وأنه قد جاء في سفرٍ آخر، يقال له "سادر ناشيم" أن في رأس الخالق تاجاً فيه ألف قنطار من ذهب، وفي إصبعه خاتم تضيء منه الشمس والكواكب، وأنَّ المَلَك الذي يخدم ذلك التاج اسمه صندلفون .

ثانياً: الملائكة في التلمود

يُقسِّم التلمود الملائكة إلى قسمين:
- من لا يطرأ عليه الموت.
- ومن يطرأ عليه الموت، وهم قسمان أيضاً:
الأول: من يموت مع مُكثه زمناً طويلاً قُدِّر لـه فيه الحياة بأجَله، وهو الذي خُلق في اليوم الخامس.
الثاني: من يموت في يوم خلقه بعد أن يرتِّل الله، ويقرأ التلمود، ويسبح التسابيح، وهو الذي خُلق من النار.
ويخلق الله كل يوم مَلَكاً جديداً عند كل كلمة يقولها، فهؤلاء الملائكة يأتون إلى عالم الوجود بسرعة كما يخرجون منه. أما وظائفهم فمنهم من وظيفتهم حفظ الأعشاب التي تنبت في الأرض، وهم واحدٌ وعشرون ألفاً بعدد أنواع الأعشاب، كلُّ واحدٍ يحفظ النوع الذي أُنيطَ به. ومنهم الملك (جركيمو) للبرد وميخائيل للنار وإنضاج الثمار.
ويوجد جملة ملائكة أخرى معروفة أسماؤهم لدى الحاخامات، بعضهم مخصص للخير، وبعضهم للشر، وبعضهم لبثّ المحبة والصلح، وبعضهم لحفظ الطيور والأسماك والحيوانات المتوحشة، وبعضهم مختصٌّ بصناعة الطب، وبعضهم لمراقبة حركة الشمس والكواكب والنجوم. كما يدعي التلمود أنَّ الملائكة تشتغل في الليل ببثِّ النوم في الإنسان، وتُصلِّي لأجله نهاراً، ولذلك يلزمنا أنْ نطلب منها ما نريد.
غير أنَّ الملائكة لا تفهم اللغتين السريانية والكلدانية، فعلى من يطلب منها شيئاً أنْ لا يوجِّه إليها الخطاب بإحدى هاتين اللغتين. وتجهل الملائكة هاتين اللغتين لسبب مهم وهو أنه يوجد لدى اليهود صلاة عديمة المثال يصلّونها باللغة الكلدانية. وجاء في التلمود أنّ الملائكة يجهلون هذه اللغة حتى لا يحسدوا اليهود على صلاتهم. وعلى حسب رواية أخرى تفهم الملائكة جميع اللغات، غير أنها تكره هاتين اللغتين كراهية كليّة، ولا تسمع من يطلب منها شيئاً بهما .

ثالثاً: الشياطين في التلمود

يذكر التلمود أنّ الله خلق الشياطين يوم الجمعة عندما خيَّم الغسق، ولمم يخلق لهم أجساداً ولا ملابس، لأنَّ يوم السبت كان قريباً، وما كان لديه الوقت الكافي ليعمل كل ذلك. وعلى حسب رواية أخرى، فإنه لم يخلق لهم أجساداً عقاباً لهم، لأنهم كانوا يريدون أنْ يخلق الإنسان بدون جسد.
والشياطين على جملة أنواع: فبعضهم مخلوقٌ من مركب مائي وناري، وبعضهم مخلوق من الهواء، وبعضهم من الطين. أما أرواحهم فمخلوقة من مادة موجودة تحت القمر لا تصلح إلا لصنعها. وبعض الشياطين من نسل آدم، لأنه بعدما لعنه الله أبى أنْ يجامع زوجته حواء حتى لا تلد لـه نسلاً تعيساً، فحضر لـه اثنتان من نساء الشياطين فجامعهما فولدتا شياطين.
جاء في التلمود: إن آدم كان يأتي شيطانة اسمها (ليليت) مدة 130 سنة، فولد منها شياطين. وأنّ حواء أيضاً كانت لا تلد في هذه المدة إلا شياطين بسبب نكاحها من ذكور الشياطين. ويدِّعي التلمود أنَّ أمهات الشياطين المشهورات أربع، استخدمهن سليمان الحكيم بما كان له عليهن من السلطة، وكان يجامعهن. ويقول التلمود : إن إحدى هؤلاء النسوة امرأة الشيطان المسمى (شماعيل) تذهب مع بناتها في مقدمة مائة وثمانين ألف شيطان بصفة رئيسة عليهم ليضرُّوا الناس في ليلتي الخميس والسبت .

وأما محل سكن الشياطين فقال الحاخامات: إنَّ بعضهم يسكن في الهواء، وهم الذين يسببون الأحلام للإنسان، وبعضهم يسكن في قاع البحر، وهم الذين يتسببون في خراب الأرض إذا تركوا وشأنهم، وبعضهم يسكن في أجسام اليهود المعتادين على ارتكاب الخطايا.
وبحسب التلمود فإن الشيطان يحب أن يكون بجانب الحاخامات، لأن الأرض الجافة تحتاج إلى المطر .

رابعاً: السحر في التلمود

يعتقد علماء اليهود أنّ التلمود من كتب السحر، وقال معلم السحر (إليفاس ليفي) اليهودي: «إن التلمود أوَّل كتاب سحري» . وما ورد في التلمود من حكايات وقصص حول السحر يدل بشكلٍ واضح على هذه الحقيقة.
جاء في التلمود (سنهدرين ص/2 ما): أنّ أحد علماء التلمود كان بمقدوره أن يخلق رجلاً بعد أن يقتل آخر، وكان يخلق كل ليلة عجلاً عمره ثلاث سنوات بمساعدة حاخام آخر، وكانا يأكلان منه معاً، وكان أحد الحاخامات أيضاً يحيل القرع والشمام إلى غزلان وماعز (سنهدرين ص/70).
كما كان الرابي (نياي) يحول الماء إلى عقارب، وقد سحر يوماً امرأة وجعلها حمارة، وركبها ووصل عليها إلى السوق (سنهدرين 2/67).

كما يزعم التلمود أنّ إبراهيم الخليل كان يتعاطى السحر ويعلّمه، وكان يعلّق في عنقه حجراً ثميناً يشفي بواسطته جميع الأمراض، فوصل هذا الحجر لبعض الحاخامات التلموديين، فأصبح قادراً هو ورفقائه على إحياء الموتى. وحصل أنَّ أحد الحاخامات قطع مرة رأس حية ثم لمسها بالحجر المذكور فإذا هي تسعى. وقد لمس أيضاً به مجموعة أسماك مملحة فدبَّت فيها الروح بقوة السحر .

إلى غير ذلك من القصص والخرافات التي لا نهاية لها، عن معجزات الحاخامات وأساطير الأفاعي، والضفادع، والأوز والطيور والأسماك.

خامساً: المرأة في التلمود

جاء في كتاب "الأدب العبري"، نقلاً عن التلمود: «عندما تنذر المرأة المتزوجة نذراً، فإن لزوجها الحق بأن يوافق على النذر أو يبطله». وجاء في نفس الصفحة استناداً إلى التلمود «أن المرأة إذا أساءت إدارة البيت، أو وجد الرجل امرأة أجمل منها، فله الحق في أن يطلقها» .
ومما يؤكّد على استهانة اليهودية بالمرأة، أنها لا تستطيع أنْ تلتحق بالمدارس الدينية لليهود (والتي تسمى: Talmud Torah) . ويَعْزو محرر دائرة المعارف اليهودية ذلك إلى سببين :
أولاً: لأن تعليم المرأة لم يكن إجبارياً في الدين.
وثانياً: لأن المرأة تعتبر خفيفة العقل light-minded .

ويقول الحاخام أليعازر: «إن كل من يُعلِّم ابنته التوراة، فكأنه يعلمها السخافة» (سفر: sotah,21 b.). إلا أن موسى بن ميمون استدرك فأفتى بأن المراد من هذا القول هو التلمود وليس التوراة؛ أي أنه أجاز تعليم المرأة القانون المكتوب دون الشفهي .

ويروي اليهود عن موسى –عليه السلام- قوله: "لا تشتهي امرأة قريبك، فمن يزنِ بامرأة قريبه يستحق الموت». ولا يعتبر التلمود القريب إلا اليهودي فقط، فإتيان زوجات الأجانب جائز. واستنتج الحاخام (رشى) من ذلك أن اليهودي لا يخطئ إذا تعدى على عرض الأجنبي لأن كل عقد نكاح عند الأجانب فاسد، لأن المرأة التي لم تكن من بني إسرائيل كالبهيمة، والعقد لا يوجد مع البهائم وما شاكلها، وقد أجمع على هذا الرأي الحاخامات (بشاي وليفي وجرسون) فلا يرتكب اليهودي محرَّماً إذا أتى امرأة نصرانية، لأن لليهود الحق في اغتصاب النساء غير المؤمنات؛ أي غير اليهوديات . ولليهود شرائع غريبة فيما يتعلق بالمرأة، قد تبدو غير مفهومة في كثير من الأحيان .



سادساً: التلمود وقضية المسيح

ينتظر اليهود بفارغ الصبر الزمن الذي سيظهر فيه المسيح. ولكن من هو هذا المسيح المنتظر؟
كتب الدكتور جوزيف باركلي، معتمداً على التلمود، أنّ قضية المسيح هي من أهم قضايا اليهود. تقول مدرسة إليجاه School of Elijah أن العالم سيبقى ألفي سنة في الارتباك والبلبلة، وألفي سنة في سيادة القانون (التوراة) وألفي سنة بعد مجيء المسيح. وعلى هذا فإنه لم يبق سوى بضع عشرات من السنين على انتهاء العالم.
وقد جاء في التلمود أيضاً:
«The time for the coming of Messiah is expired»
«إن الموعد المحدد لمجيء المسيح قد انتهى»
ويقول الحاخام Rav : The appointed times are long since past»» «إن الأيام المقررة لمجيء المسيح قد مرت منذ وقت طويل».
ويقول التلمود أيضاً إن المسيح سيظهر بعد ظهور يأجوج ومأجوج وحرب التنين «Dragon» ، أما عن عودة القبائل اليهودية إلى الأرض المقدسة، فيؤكدها تارة، وينكرها تارة أخرى. ولكنه يؤكد أن جميع الأجانب Gentiles سوف يدخلون في الدين اليهودي عند ظهور المسيح.
والتلمود يذكر أيضاً أن عربياً أخبر أحد اليهود أن المسيح قد وُلد، وأخبره عن مكانه فذهب وشاهد المسيح، ولكنه ذهب مرة أخرى فلم يجد له أثراً، وقيل لهذا اليهودي إنَّ الرياح قد أخذته إلى الشمال .

جاء في التلمود: «عندما يأتي المسيح تطرح الأرض فطيراً، وملابس من الصوف، وقمحاً حبه بقدر كُلَى الثيران الكبيرة. وفي ذلك الزمن ترجع السلطة لليهود، وكل الأمم تخدم ذلك المسيح وتخضع لـه، وفي ذاك الوقت يكون لكل يهودي ألفان وثمانمائة عبد يخدمونه، وثلاثمائة وعشرة أكوان تحت سلطته» .
ولكن المسيح حسب زعم التلمود، لا يأتي إلا بعد انقضاء حكم الأشرار الخارجين عن دين بني إسرائيل. لذا يتوجب على كل يهودي أنْ يبذل جهده لمنع استملاك باقي الأمم في الأرض حتى تبقى السلطة لليهود وحدهم، لأنه يلزم أنْ يكون لهم السلطة أينما حلّوا، فإن لم يتيسر لهم ذلك فإنهم يُصبحوا كالمنفيين والأسرى .

سابعاً: نظرة اليهود إلى الآخرين كما يصوّرها التلمود

في التعاليم اليهودية نجد الزعم القائل بأنهم "شعب الله المختار" . بل جاء في التلمود بأنَّ أرواح اليهود تتميز عن باقي الأرواح بأنها جزء من الله كما أنَّ الابن جزءٌ من والده، أما الأرواح غير اليهودية فهي أرواح شيطانية وشبيهة بأرواح الحيوانات .

كما جاء في التلمود "أنَّ الإسرائيلي معتبرٌ عند الله أكثر من الملائكة، فإذا ضرب أميٌّ إسرائيلياً فكأنه ضرب العزة الإلهية". ويعتقد اليهود بما سطّره لهم حاخاماتهم من أنّ اليهودي جزء من الله،كما أنّ الابن جزء من أبيه. ولذلك ذُكر في التلمود "أنه إذا ضرب أميٌّ إسرائيلياً فالأميّ يستحق الموت. وأنه لو لم يُخلق اليهود لانعدمت البركة من الأرض، ولما خُلقت الأمطار والشمس، ولما أمكن باقي المخلوقات أن تعيش. والفرق بين درجة الإنسان والحيوان، هو بقدر الفرق الموجود بين اليهود وباقي الشعوب" .
وقال الحاخام (أباربانيل): «الشعب المختار (أي اليهود) فقط يستحق الحياة الأبدية، وأما باقي الشعوب فمثلهم كمثل الحمير».
ويروي التلمود أنه لما قدم بختنصر ابنته إلى زعيم اليهود ليتزوجها، قال لـه هذا الزعيم: إني يهودي ولستُ من الحيوانات. ويعتبر اليهود من سواهم أعداءً لهم، ولا يجيز التلمود أنْ يشفق اليهود على أعدائهم، ويُلزم التلمود بني إسرائيل أن يغشُّوا من سواهم. فقد جاء فيه: « يَلزم أنْ تكون طاهراً مع الطاهرين ودنساً مع الدنسين». ويمنع التلمود اليهود أنْ يُحَيُّوا غير اليهود ما لم يخشوا ضررهم، ويجيز التلمود استعمال النفاق مع غير اليهود، ولا يجيز أن يقدم اليهود صدقة لغير اليهود .

يتبع باقي الموضوع

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
البروفوسور
مشرف
مشرف



عدد المساهمات : 140
نقاط : 228
تاريخ التسجيل : 10/10/2010
العمر : 58

التلمود وأثره في صياغة الشخصية اليهودية Empty
مُساهمةموضوع: رد: التلمود وأثره في صياغة الشخصية اليهودية   التلمود وأثره في صياغة الشخصية اليهودية Icon_minitime1الأحد أكتوبر 17, 2010 11:18 pm

تعقيـب

إنَّ كتاباً يحوي كلَّ هذا الانحراف والضلال، وكلّ هذه السَّخافات، لا بدَّ وأنْ يكون ذا أثرٍ في صياغة الشخصية اليهودية على مرّ العصور، ويكفينا للاستدلال على ذلك أنْ ننظر إلى ممارسات اليهود في مراحل التاريخ كلِّه، عندها سنخرج بنتيجة مفادُها أنَّ تعاليم التلمود هي أوضح صورة لنفسية اليهود، بل هي انعكاسٌ لدخائل أعماقهم على صفحات كتاب، كانطباع الصورة في المرآة. حتى ليتساءل البعض: أيهما صَنَعَ صاحبَه؟ وأيهما الأثر أو المؤثر؟
وحقيقة الأمر أنَّ كلاً منهما تجسيدٌ للآخر. فالتلمود تجسيدٌ مكتوبٌ لأخبث ما في النفسية اليهودية من الضلال والانحراف، واليهوديُّ تجسيدٌ حيٌّ لهذه الشناعات المكتوبة، والمنسوبة إلى الوحي زوراً وبهتاناً. فضلالات التلمود وجدت طريقها ممهداً إلى نفوس اليهود فتمكَّنت منها، وذلك :
1. لأنها وُضعت في عصور الشَّتات، والقوم سمَّاعون للكذب وخاصَّة إذا صدر من أحبارهم.
2. لأنها جاءت بعد انقطاع النبوة عن بني إسرائيل، وتحويلها عنهم لمّا كفروا بآخر أنبيائهم، وقالوا فيه وفي أمّه بهتاناً عظيماً.
3. لتوافقها التام مع ظلمات النفسية اليهودية الضالَّة.
ومن هنا نفهم كيف امتزجت هذه التعاليم بالكيان اليهودي، وسَرَتْ فيه مسرى الدماء في الخلايا، ولذلك آمن جُلُّ اليهود بهذه التعاليم الفاحشة، وقدَّسوها، وأطاعوها عن رِضا، وفضَّلوها على التوراة، والتزموا بها فوق التزامهم بسائر ما لديهم من وصايا وأسفار.
وعلى هذه التعاليم الفاسدة يشبّ الصغير، ويشيب الكبير، وتتأصَّل العادات، وتنتقل الصِّفات والأخلاق الدينية جيلاً بعد جيل، وتتشابه بها قلوب اليهود في كلّ مكان وزمان، لأنها تستقي من مصدر واحد.
لقد ظنَّ الكثيرون بعد هذا التطور الحضاري المعاصر، والخروج عن الكثير من القيم والمعايير الموروثة، وبعد أنْ خرج اليهود من أحياء (الجيتو) المغلقة، واختلطوا بالأمم والشعوب الأخرى، والتي تسامحت معهم إلى أقصى الحدود، وأعطتهم قومياتها وجنسياتها، لقد ظنوا أنَّ نفسية اليهودي التاريخية الموروثة قد تغيرت، وأنَّ هذا التطور الحضاري قد أسهم في تهذيبها. ولكن النفسية اليهودية أَخْلَفَتْ كلَّ الظنون، وتبَدَّت حقيقتها التلمودية صارخة، بل إنها ازدادتْ ضراوةً وتعقيداً، واشتدَّت شهيتها للإفساد والتدمير، بهدف إقامة مملكتهم المزعومة على أنقاض الأديان والأخلاق والحكومات والشعوب.
فاليهودي المعاصر، هو الحصاد المباشر للتلمود، وحنظلته المرَّة التي تنطبق عليها القاعدة القرآنية الموجزة: والذي خَبُثَ لا يخرجُ إلا نَكِداً .



















المبحث الخامس

التلمود وأصول النظرية الصهيونية

الصهيونية (Zionism): نسبة إلى صهيون، الجبل الذي يقع جنوب بيت المقدس. وأصبح هذا الجبل مكاناً مقدساً لدى اليهود لاعتقادهم بأن الرب يسكن فيه. ورد في المزامير: «اعزفوا للربّ ساكن صهيون» ، .

وعلى هذا فالصهيونية في أبسط تعاريفها هي استقرار بني إسرائيل في فلسطين؛ أي جبل صهيون وما حوله. وهي كذلك تأييد ذلك بالقول أو بالمساعدة المالية أو الأدبية. فالصهيوني هو الذي يؤثِر أنْ يعيش في فلسطين، وهو كذلك من يساعد اليهود مادياً وأدبياً ليستوطنوا فيها» .

والصهيونية منذ أنْ وُجدت وهي تسعى بكل الوسائل إلى إعادة مجد بني إسرائيل، وبناء هيكل سليمان على أنقاض المسجد الأقصى المبارك، ومن ثم السيطرة على العالم والتحكّم في رقاب الأمم .

والصهيونية عقيدة ومنهج عملي، نجد أصولها في العهد القديم، ونشاهد خطتها المفصلة في التلمود. وهي تقوم على القول بأفضلية اليهود على العالمين، بدعوى تعهُّدٍ قَطَعَه الله على نفسه لنبيه إبراهيم، حين أمره بالتوجّه من بلاد ما بين النهرين إلى أرض كنعان، لتكون أرضاً له: «انطلق من أرضك وعشيرتك وبيت أبيك، إلى الأرض التي أُريك» .
«وأُقيم عهدي بيني وبينك وبين نسلك من بعدك مدى أجيالهم، عهداً أبدياً، لأكون لك إلهاً، ولنسلك من بعدك. وأعطيك الأرض التي أنت نازلٌ فيها، لك ولنسلك من بعدك، كلّ أرض كنعان، ملكاً مؤبداً، وأكون لهم إلهاً» .

وتقوم النظرية الصهيونية على الاعتقاد بأنَّ إبراهيم ونسله من بعده قد اختصوا الله وحده بعبادتهم، فاختصهم الله بعهده. وفسَّر اليهود العهد بأنه عقدٌ من طرف واحد، قد دخله الله وألزَمَ به نفسه، فلَزِمه للأبد، واختار فيه اليهود لتحقيق رسالته الخلُقية. وهم طِبقاً لهذا التبرير شعب الله المختار، لأنهم بهذا الاختصاص صاروا أمة قائمة على التوراة، والتوراة هي القانون الخلقي المطلق، ومن ثم فهم وحدهم أصحاب الكمال الخُلقي في العالم .

والناظر في نصوص التوراة يجد أنها تبين أنَّ اصطفاء بني إسرائيل مقيَّد ومشروطٌ بحفظ عهد الرب والاستجابة لرسله، وعدم الزيغ عن تعاليمه، أو التجافي عن توحيده تعالى، ومضاهاة الأمم الوثنية، وعبادة أصنامها وأوثانها.
جاء في التوراة:
«أما موسى فصعد إلى الله، فناداه الرب من الجبل قائلاً: هكذا تقول لبيت يعقوب وتخبر بني إسرائيل ... فالآن إنْ سمعتم لصوتي، وحفظتم عهدي، تكونون لي خاصة من بين جميع الشعوب، فإن لي كل الأرض، وأنتم تكونون لي مملكة مقدسة» .
وفي سفر الملوك:
«وإنْ ارتدتم ارتداداً عن السير أنتم وبنوكم، ولم تحفظوا وصاياي وفرائضي التي جعلتها نصب عيونكم، وذهبتم وعبدتم آلهة أخرى وسجدتم لها، فإني أقرض إسرائيل عن وجه الأرض التي أعطيته إياها، والبيت الذي قدَّسته لاسمي أنبذه من حضرتي، فيكون إسرائيل حديثاً وسخريةً بين الشعوب بأسرها. وهذا البيت يكون خراباً، فكل من مرّ به ينذهل ويصفّر ويقول: لماذا فعل الرب هكذا بهذه الأرض وهذا البيت؟ فيُجاب: لأنهم تركوا الرب إلههم الذي أخرج آباءهم من أرض مصر، وتمسكوا بآلهة أخرى وسجدوا لها وعبدوها !! لذلك أنزل بهم الرب كلّ هذا البلاء» .

والحق أنَّ بني إسرائيل بالرغم من تشدقهم بعبادة الله، وأنهم قد اختصوه بهذه العبادة وحده حتى استحقوا أن يختصهم بعهده، فإنهم كانوا أكثر الشعوب كفراً به وتمرداً عليه وتذمّراً من رسله. والنصوص التوراتية نفسها تبين هذه الحقيقة وتؤكدها:
«وعاد بنو إسرائيل فصنعوا الشر في عيني الرب، وعبدوا البعل والعشتاروت، وآلهة آرام، وآلهة صيدون، وآلهة مؤآب، وآلهة بني عمون، وآلهة الفلسطينيين، وتركوا الرب ولم يعبدوه. فغضب الرب على إسرائيل فباعهم إلى أيدي الفلسطينيين وإلى أيدي بني عمون» .
وتذكر التوراة أنَّ الرب كلَّم موسى وهارون قائلاً:
«إلى متى هذه الجماعة الشريرة المتذمرة علي؟ فلقد سمعتُ تذمّر بني إسرائيل الذي تذمّروه عليّ. فقلْ لهم: حيٌّ أنا ـ يقول الرب ـ لأصنعنَّ بكم كما تكلمتم على مسامعي. وفي هذه البريّة تسقط جثثكم ... لن تدخلوا الأرض التي رفعتُ يدي مقسماً أنْ أُسْكنكم فيها ... أنا الرب قد تكلمتُ، ذلك ما أصنع بكل هذه الجماعة الشريرة المتحالفة عليّ. إنهم في هذه البريّة يفْنون وههنا يموتون» .

وعلى ذلك فإن بني إسرائيل قد نقضوا العهد، فلم يعبدوا الله وحده، ولم يقوموا بواجب الالتزام الخلقي العام الذي جاءت به التوراة، وهما الشرطان اللذان يتم بهما وفاء الله بهذا العهد كما يقولون؛ غير أن فلاسفة الصهيونية التلموديين يدّعون أن هذا الاختيار والاصطفاء والتفضيل من لدن الله لليهود غير قابل للنقض، سواء التزموا بعبادته وحده ونهضوا بأعباء القانون الخلقي أو لم يفعلوا ذلك، لأن هذا الاختيار –في نظر فلاسفة الصهيونية- لا سبب له إلا أن إلههم هو الذي أراده؛ لأن الله هو القائل: «ليس لأجل برّك وعدالة قلبك تدخل لتمتلك أرضهم، بل لأجل إثم أولئك الشعوب يطردهم الرب إلهك من أمامك ولكي الرب بالكلام الذي أقسم الربُّ عليه لآبائك إبراهيم وإسحاق ويعقوب. فاعلم أنه ليس لأجل برّك يعطيك الرب إلهك هذه الأرض الجيدة لتمتلكها، لأنك شعبٌ صلب الرقبة» . فهم يرون أن إلههم متعصِّب لهم رغم صلابتهم وعنادهم .

ويُقرُّ فلاسفة الصهيونية بالنظرة العنصرية الاستعلائية في التوراة، ويرى غيرهم أن هذه العنصرية هي السبب في عُزلة اليهود في المجتمعات التي يعيشون فيها، وعدم توافقهم وانسجامهم مع الآخرين الذي يُعدُّ سمةً بارزة في الشخصية اليهودية .

كما يرى قادة الصهيونية أنّ اليهودي لا يمكن أنْ يجد نفسه إلا في أرضه إسرائيل، وأنه لا يمكن أنْ يعبد الله إلا عليها .. وبقيت فكرة "إسرائيل" حيَّة في وجدانهم منذ أن قوَّض الآشوريون بنيان مملكة إسرائيل الشمالية عام 721ق.م، وما حصل لاحقاً من تدمير شامل لهم سنة 70م. جاء في المزامير:
على أنهار بابل جلسنا
بكينا أيضاً عندما تذكَّرنا صهيون
على الصفصاف في وسطها علَّقنا أعوادنا
لأنه هناك سألَنا الذين سبونا
كلام ترنيمة، ومعذِّبونا سألونا فرحاً
قائلين: رنِّموا لنا من ترنيمات صهيون
كيف نرنم ترنيمة الرب في أرض غريبة؟!
إنْ نسيتُك يا أورشليم فلتنسَ يميني مهارتها
وليلتصق لساني بحنكي إنْ لم أذكُرك .


وفي المزامير أيضاً: «الربُّ قد اختار صهيون. اشتهاها مسكناً لـه. هذه هي راحتي إلى الأبد. ها هنا أسكن لأني أشتهيها. طعامها أباركه بركة، فساكنها أشبعه خبزاً، كهنتها ألبسهم خلاصاً» .
فصهيون مملكة الله التي اختارها مقراً ومعبداً، والتطلُّع إلى قيامها من جديد عند هؤلاء الفلاسفة المتمردين هو تطلعٌ إلى تحقيق مشيئة الله.
والصهيونيُّ عندما يقرأ تاريخ هذا الشعب في الكتاب المقدس لا يقرأ مجرد تاريخ، ولكنه يعيش فلسفته ويتدين بها، وهذه القراءة تملأ أعماقه، وتصوغ فِكْره؛ لأنها تربط بين معصية أورشليم وظلمها، وبين التنبّؤ بتدميرها وإبادة شعبها، بسبب عصيانهم، ما عدا قلّة قليلة صالحة، بها يبقى الشعب ويستمر. وأنَّ يهوة –إله يهود- سيرسل من أجل هذه البقية الصالحة مخلِّصاً من بيت داود صفيّه الثاني بعد إبراهيم، يقوم هذا المخلّص بالمعجزة، فيعيد اليهود إلى فلسطين، ويسترجع مجد دولة داود.
وينهض البناء الفلسفي للصهيونية على التعصب للعنصر اليهودي، وعلى تفسير معصية اليهودي بأنها عدم الامتثال لأمر يهوة، بخيانة هذه العنصرية، والاختلاط بالأمم الأخرى، ومصاهرتها، والأخذ من تراثها وثقافتها. ويقوم البناء الفلسفي للصهيونية كذلك على مقولة البقية الصالحة التي لا تأثم، ولا تخون عنصريتها اليهودية، وتُخْلِصُ لأطماعها وأهدافها. وأنَّ يهوة سيرسل لهم مسيحاً أو مهدياً يعيدهم إلى مملكة إسرائيل كإعادة نبتة الزرع إلى أرضها، ويسترجع الدولة المثالية التي يجب تحقيقها ليعمّ العدل العالم، فيرضى الله، وتثمر الأرض لبناً وعسلاً. فالصهيونية إذاً هي: فلسفة الرجعة اليهودية إلى أرض فلسطين لإقامة المملكة الإسرائيلية .

ويمكن إجمال النظرية الصهيونية في أنها الاعتقاد بالأمور التالية :
أولاً: أنَّ الله قد اختار الجنس العبري؛ ليكون منه شعب الله المختار.
ثانياً: أنه قد أعطى ميثاقه لهذا العنصر، وهو ليس عقْدَاً بل عهداً، لأنه من جانب واحد، وهو عهدٌ أزليّ لا يُنقض.
ثالثاً: أنه تنفيذاً لهذا الميثاق، أخرج الله العنصر العبري من مصر وأنقذه من فرعون، وأهلك أهل فلسطين من أجله، وأسكنهم أرضهم وملّكها لهم.
رابعاً: أنه قد اختار داود ليحقق به هذا العهد بإنشاء دولة داود، وجدّد لـه هذا العهد بأنَّ هذه الدولة الإلهية لن تزول، وبذلك جعل الله للعنصر المختار مُلْكاً وأرضاً ودولة. هي هذا الملك، وهذه الأرض، وهذه الدولة.
خامساً: أن هذا العنصر العبري قد انحرف وضلَّ الطريق، فأفلت منه المُلك، وآل للأمم، ولكن هذا المُلك لله أولاً وأخيراً، ولقد قضى الله منذ الأزل أنه من نصيب شعبه، ومن ثم فلا خوف من ضياعه.
سادساً: أنَّ هذا العنصر العبريّ المختار سيظل لذلك يتطلع إلى أن يعيد الله هذا الملك لهذا الشعب كما قضى في كتابه، وسيكون تطلع هذا الشعب لإعادة هذا المُلك بكل عقله وقلبه.
سابعاً: أنه لا يُشَكُّ لحظة أنَّه سيستعيده، وهو لا بدّ مسترجعه، لأنه لم ينحرف كله، فهناك بقية منه صالحة، وبها يَصْدُقُ وعْدُ يهوة بأنّ مُلك العنصر العبريّ، الذي هو مُلك الله لن يزول.
ثامناً: أنه يتبقى أن يُترجم الشعب هذا الأمل إلى حقيقة، بالإرادة الفعَّالة والعمل الإيجابي المخطَط الدؤوب.

والصهيونية هي هذه المقولات العقائدية السبع الأولى، أما المقولة الثامنة فهي العملية التنفيذية، التي تستهدف تحويل ما في العقل والقلب إلى واقع عملّ. وليس الله في الصهيونية ـ طِبقاً لما سبق ـ إلا إلهاً قد استعبده اليهود لأهدافهم السياسية، لا يعمل إلا لخير اليهود وحدهم، وإنْ كان هذا الخير لا يتحقق إلا بإلحاق الضرر والأذى بالشعوب الأخرى، حتى وإنْ كانت شعوباً تؤمن بالله الواحد الأحد. والصهيونية من ثم هي حركة هذا الإله اليهوديّ في التاريخ العالمي .
يبقى أنْ نذكر أنَّ التلمود قد بَلْوَرَ النظرية الصهيونية، وعمل على تعميقها وتوثيقها في عقل اليهودي وقلبه، إلى أنْ وضع الصهاينة خطتهم التنفيذية وصاغوها في مقررات حكماء صهيون، والتي تُنفَّذ تنفيذاً حثيثاً منذ نهاية القرن التاسع عشر وحتى اليوم، بمنتهى الدقّة والتفاني والحرص.

ويمكننا القول بأنَّ هذه البروتوكولات تُعدُّ الخطة التنفيذية، أو ورقة العمل، لوضع ما جاء في التوراة والتلمود موضع التنفيذ. ولئن كان التلمود ثمرة مرة لتعاليم أسفار العهد القديم، فإنَّ البروتوكولات هي ورقة العمل التي لخصَّت كلَّ هذه التعاليم في خطة تنفيذية عملية حديثة ومعاصرة.

بل إن كتاب برتوكولات حكماء صهيون –كما وصفه محمد خليفة التونسي- هو «أخطر كتاب على الإنسانية كلِّها، ولا يستطيع أنْ يُقدِّرَه حقَّ قدره إلا من يدرس البروتوكولات كلها كلمة كلمة في أناة وتبصّر، ويربط بين أجزاء الخطة التي رسمتها، على شرط أن يكون بعيد النظر، فقيهاً بتيارات التاريخ وسنن الاجتماع، وأن يكون ملماً بحوادث التاريخ اليهودي والعالمي بعامة، لا سيما الحوادث الحاضرة وأصابع اليهود من ورائها، ثم يكون خبيراً بمعرفة الاتجاهات التاريخية والطبائع البشرية وعندئذ فحسب ستنكشف لـه مؤامرة يهودية جهنمية تهدف إلى إفساد العالم وانحلاله لإخضاعه كلِّه لمصلحة اليهود ولسيطرتهم دون سائر البشر» .

خاتمة
بعد هذه الجولة مع اليهود في تلمودهم، فإنه يجدر بنا أنْ نسجِّل أهم النتائج التي تم التوصل إليها:
1. التلمود من أهم الكتب الدينية عند اليهود، وهو الكتاب الذي يبسط ويفسِّر كل معارف الشعب الإسرائيلي، ويوضح لنا تعاليمهم وقوانينهم الأخلاقية.
2. ينظر اليهود الأرثوذكس إلى التلمود على أنه كتاب مقدَّس منـزَّلٌ مثله مثل التوراة، ويرون أن الله أعطى موسى التوراة على طور سيناء مدونة، بينما أعطاه التلمود مشافهة.
3. ينقسم التلمود إلى قسمين: المِشنا وهي المتن. والجمارا وهي الشروح المكملة لمقاصد المِشنا.
4. وُضعت الجمارا من قِبَل مدرستين يهوديتين، إحداهما في فلسطين والأخرى في بابل. الأمر الذي ترتّب عليه وجود تلمودين، هما: تلمود بابل، وتلمود أورشليم.
5. لمَّا كان التلمود البابلي هو الأكمل والأشمل من سميِّه الأورشليمي، فقد صار هو الأكثر تداولاً، وهو الكتاب القياسي عند اليهود. ولذا، حين يُستخدم لفظ "التلمود" بمفرده، مُحلَّى بأداة التعريف، فإنَّ المقصود به هو التلمود البابلي دون سواه، وذلك على أساس الميزة والأفضلية والتفوُّق.
6. منذ أنْ اطَّلعت الأمم على حقائق التلمود، وما فيه من مواقف تجاه الآخرين، حتى قابلت ذلك بالاستهجان والاستنكار الشديدين، ثم وقفتْ بكل قوة في وجهه، في محاولة لمنع انتشاره وتداوله. وعليه فقد هوجم التلمود بالحرق والإتلاف باعتباره مصدر الشر الكامن في اليهود.
7. يحتوي التلمود على عقائد منحرفة، فهو ينظر إلى الله نظرة دونية قاصرة، ويعتبره مصدراً للشر، في محاولة لتبرير كل الخطايا التي يرتكبها اليهود.
8. يزعم التلمود بأن اليهود هم شعب الله المختار، بل جاء في التلمود بأن أرواح اليهود تتميز عن باقي الأرواح بأنها جزء من الله كما أن الابن جزء من والده، أما الأرواح غير اليهودية فهي أرواحٌ شيطانية وشبيهة بأرواح الحيوانات.
9. يحوي التلمود بين دفَّتيه الكثير من التعاليم الغريبة والمشوَّهة، سواءً فيما يتعلَّق بالأمور العَقَديَّة أو التشريعية، ولقد أسهمتْ هذه التعاليم على مرّ العصور في صياغة الفكر اليهودي وبناء الشخصية اليهودية، التي أصبحت لصيقة الصِّلة بالتلمود.
10. الصهيونية عقيدة ومنهج عمليّ، نجد أصولها في التوراة المحرَّفة، ونشاهد خطتها المفصَّلة في التلمود. وهي تقوم على الاعتقاد بأفضلية اليهود على العالمين، بدعوى تعهُّدٍ قطعه الله على نفسه لنبيه إبراهيم.

قائمة المراجع

أولاً: المراجع العربية
ابن حزم، علي بن أحمد الأندلسي الظاهري: الفصل في الملل والأهواء والنحل، تحقيق: محمد إبراهيم وعبد الرحمن عميرة، (الرياض: مكتبة عكاظ، ط1، 1402هـ/1982م).
التل، عبد الله: خطر اليهودية العالمية على الإسلام والنصرانية، (بيروت: المكتب الإسلامي، ط3، 1399هـ/1979م).
التونسي، محمد خليفة: مقدمة ترجمة كتاب بروتوكولات حكماء صهيون، (القاهرة: دار التراث، ط2).
تويني، أرلوند: فلسطين جريمة ودفاع، ترجمة: عمر الديراوي، (بيروت: 1961م).
الحموي، أبو عبد الله ياقوت بن عبد الله: معجم البلدان، (بيروت: دار الفكر).
خان، ظفر الإسلام: التلمود (تاريخه وتعاليمه)، (بيروت: دار النفائس، ط7، 1410هـ/ 1989م).
سعيد، عبد الستار فتح الله: معركة الوجود بين القرآن والتلمود، (الأردن: مكتبة المنار، ط2، 1402هـ).
الشرقاوي، محمد عبد الله: الكنز المرصود في فضائح التلمود، (بيروت: دار عمران، القاهرة: مكتبة الزهراء، ط1، 1414هـ/1993م).
شلبي، أحمد: مقارنة الأديان (اليهودية)، (القاهرة: مكتبة النهضة المصرية، ط٨، 1988م).
عبد الناصر، شوقي: بروتوكولات حكماء صهيون وتعاليم التلمود، (الطبعة الرابعة).
غنيم، أحمد وآخرون: اليهود والحركة الصهيونية في مصر 1897- 1947، (القاهرة: 1969م).
فتاح، عرفان عبد الحميد: اليهودية: عرض تاريخي، (عَمان: دار عمار، ط1، 1422هـ/2002م).
الكتاب المقدس، (بيروت: دار المشرق، ط2، 1991م).
المسيري، عبد الوهاب محمد: موسوعة اليهود واليهودية والصهيونية، (بيروت: دار الشروق، ط1).
المطعني، عبد العظيم إبراهيم: النصارى والمسلمون في تلمود اليهود، (القاهرة: مكتبة وهبة، ط1، 1417ه_/1996م).
نصر الله، يوسف: الكنز المرصود في قواعد التلمود، (دمشق: دار القلم، بيروت: دارة العلوم، ط1، 1408هـ/1987م).

ثانياً: المراجع الإنجليزية

Barclay, Joseph: Hebrew Literature, LL.D. New York, 1901.
Fabian. A: The Babylonian Talmud, University of Queens land press, St. Lucia: 1963.
Hans Kung, Judaism between Yesterday and Tomorrow, Eng, tr, by John Bowden from German. Cross Road publishing company, New York, 1992
Jewish Encyclopedia, New York, 1948
Jewish Universal Encyclopedia, New York, 1948
Neusner, Jacob: The Way of Torah, Wadsworth Publishing Company, California, Fifth Edition.
ثالثاً: مواقع على الانترنت.
سهيل قاشا: "التراث البابلي الديني سرقته وتشويهه" على الموقع الإلكتروني التالي:
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] Ssnp.info/thenews/daily/kasha.htm-51k

انتهى الموضوع بحمد الله وتوفيقه

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
التلمود وأثره في صياغة الشخصية اليهودية
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى نجوم الونشريس  :: قسم التسلية و الترفيه :: منتدى فلسطين-
انتقل الى: