منتدى نجوم الونشريس
أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم، إذا كانت هذه زيارتك الأولى للمنتدى، فيرجى التكرم بزيارة صفحة التعليمـــات، بالضغط هنا. كما يشرفنا أن تقوم بالتسجيل بالضغط هنا إذا رغبت بالمشاركة في المنتدى، أما إذا رغبت بقراءة المواضيع والإطلاع فتفضل بزيارة القسم الذي ترغب أدناه.
منتدى نجوم الونشريس
أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم، إذا كانت هذه زيارتك الأولى للمنتدى، فيرجى التكرم بزيارة صفحة التعليمـــات، بالضغط هنا. كما يشرفنا أن تقوم بالتسجيل بالضغط هنا إذا رغبت بالمشاركة في المنتدى، أما إذا رغبت بقراءة المواضيع والإطلاع فتفضل بزيارة القسم الذي ترغب أدناه.
منتدى نجوم الونشريس
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم، إذا كانت هذه زيارتك الأولى للمنتدى، فيرجى التكرم بزيارة صفحة التعليمـــات، بالضغط هنا. كما يشرفنا أن تقوم بالتسجيل بالضغط هنا إذا رغبت بالمشاركة في المنتدى، أما إذا رغبت بقراءة المواضيع والإطلاع فتفضل بزيارة القسم الذي ترغب
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول
المساهمة برقي المنتدى
اهلا وسهلا بزوار واعضاء منتدى نجوم الونشريس ******المنتدى بكم ولكم ****** ******المنتدى بحاجة الى مشرفين ولمن يخدمه******

 

 محاضرات في التاريخ الأوربي الوسيط /د. الطاهــر عمـــــــري

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
البروفوسور
مشرف
مشرف



عدد المساهمات : 140
نقاط : 228
تاريخ التسجيل : 10/10/2010
العمر : 57

محاضرات في التاريخ الأوربي الوسيط /د. الطاهــر عمـــــــري Empty
مُساهمةموضوع: محاضرات في التاريخ الأوربي الوسيط /د. الطاهــر عمـــــــري   محاضرات في التاريخ الأوربي الوسيط /د. الطاهــر عمـــــــري Icon_minitime1الخميس أكتوبر 21, 2010 12:54 am

محاضرات في التاريخ الأوربي الوسيط

الأستاذ/ د. الطاهــر عمـــــــري

المحاضــرة الأولى
العصور التاريخية: مفهومـها وحدودها


تعارف المؤرخون والمهتمون بالدراسات التاريخية على تقسيم العصور التاريخية الأوربية إلى عصور قديمة وحديثة تتبعها الأحداث المعاصرة. ولكن ما مصداقية هذا التقسيم من الناحية العلمية؟
إن تقسيم التاريخ إلى مجموعة من العصور ما هو في الحقيقة سوى اصطلاح الغرض منه تيسير الدراسة التاريخية؛ وتأسيسا على هذا فإن تقسيم التاريخ لا يعني بحال من الأحوال تجزئة الأحداث التاريخية أو تعميم مفهوم انفصاليتها "لأن تاريخ بني الإنسان يشبه في استمراريته الماء الجاري".. فالأحداث التاريخية لا تقف عند حد وإنما هي متواصلة لا تنقطع ما دام الإنسان على ظهر الأرض وهذا يشبه تماما الماء الجاري المتواصل في النهر.
ويبقى علينا الآن أن نعرف مفهوم العصر التاريخي وماهيته. فالعصر التاريخي هو حقبة زمنية من عدة قرون تتفاوت في عددها وتكون فيها أسس الحياة واحدة أو متشابهة أو على الأقل متقاربة إلى حد ما. فالعصر التاريخي يمثل حضارة ما من إنتاج العقل البشري تكون أحداثها متشابهة وتسير على نمط واحد متقارب. وفي حال تغير الأحداث المتشابهة إلى نمط حضاري آخر عندها ينتهي عصر تاريخي ويبدأ عصر تاريخي آخر جديد. وهذا ينطبق على أحداث التاريخ الأوربي القديم والوسيط والنهضة والحديث والمعاصر. وعلى هذا فإنه من الصعب حقا أن نحدد بداية عصر من العصور التاريخية أو نهايته بسنة معينة لأن التغيرات في الأحداث التاريخية تحدد بشكل تدريجي لا بشكل فجائي ومن هنا يحدث تداخل بين العصر التاريخي السابق والعصر اللاحق له لأن كل عصر من العصور التاريخية له أذيال وتوابع[1].
وما يحدث للمجتمعات عند انتقالها من عصر إلى آخر يشبه ما يحدث للإنسان عند انتقاله عبر مراحل نموه المتعاقبة. فكما أننا لا نستطيع أن نحدد لحظة بعينها نقول إن الفرد ينتقل فيها من مرحلة الطفولة إلى مرحلة الشباب أو من هذه المرحلة الأخيرة إلى مرحلة الشيخوخة حيث يمر الفرد بتغيرات فيزيولوجية وسيكولوجية معينة؛ فكذلك يعد من المبالغة أن نختار سنة بعينها لنقول أن العصور القديمة توقفت فيها عن السير لتفسح الطريق للعصور الوسطى مثلا[2].
أما العصور الوسطى الأوربية فأطلقها رجال العصر الحديث في أوربا ويقصدون من وراء هذه التسمية تلك المرحلة التاريخية الأوربية التي تمتد من سنة 476م تاريخ سقوط الإمبراطورية الرومانية في الغرب إلى غاية القرن الخامس عشر الميلادي. وبالنسبة إلى نهاية العصور الوسطى يعتمد المؤرخون الأوربيون أكثر على سنة 1492م الذي يتوافق مع اكتشاف أمريكا من طرف كريستوف كولومبوس ونهاية حروب الاسترداد في أسبانيا ويفضلون هذا التاريخ على سنة 1453م التي تتوافق مع سقوط القسطنطينية على يد العثمانيين والتي تمثل بالنسبة نكبة كبرى للمسيحية.
وتذكر الموسوعة العلمية الرقمية أنكارتا أن مفهوم عصر وسيط Moyen âge استعمل للمرة الأولى من طرف فلافيو بيوندو دو فورليde forli Flavio Biondo الذي كان سكرتيرا كنسيا في روما في كتابه بالإيطالية Historium ab inclinatione romanorum imperii décadesوالذي نترجمه بالعربية "حقب تاريخية منذ سقوط الإمبراطورية الرومانية" ، وكتب هذا الكتاب خلال سنوات 1450م ونشر سنة 1483م. ففي هذا الكتاب يذكر المؤلف فكرة وضع بين قوسين في الزمن مرحلة تمثل توقف التقدم وتمثل الركود الثقافي وهذه المرحلة حددها بين التاريخ الكلاسيكي القديم وبدايات النهضة في العصور الأوربية الحديثة. وتم تعميم هذا المفهوم منذ القرن السابع عشر الميلادي. ويقوم المؤرخون غالبا بتقسيم العصور الوسطى نفسها إلى: العصور الوسطى العليا من القرن الخامس إلى العاشر الميلادي وعصر الانتصارات ويتوافق مع تطور نظام الإقطاع والعصور الوسطى الدنيا وهو زمن الكاتدرائيات والعصور المظلمة ونهاية العصور الوسطى[3]
غير أن هناك آراء أخرى بالنسبة إلى تحديد بدايات العصور الوسطى في أوربا فقد اعتقد بعض المؤرخين أن العصور الوسطى تبدأ بجلوس الإمبراطور الروماني دقلديانوس على عرش الإمبراطورية الرومانية في سنة 284م، ومن المعروف أن دقلديانوس كان ملكا من النوع الشرقي القديم مستبدا مطلقا ويضفي على شخصيته مظاهر الإلوهية والتقديس واضطهد الديانة المسيحية والمسيحيين أكبر اضطهاد وهدم الكنائس وأحرق الأناجيل ونفى المسيحيين وعمل على استئصالهم من الإمبراطورية الرومانية وظهرت هذه النزعة بشكل واضح في مصر حتى اعتبر عهده أكبر عهد للاضطهاد في تاريخ مصر وأخذ أقباط مصر تاريخ توليه للسلطة بداية للتاريخ القبطي أو "تاريخ الشهداء" واعتبر بعض المؤرخين هذه السنة بداية العصور الوسطى.
كذلك اعتقد بعض المؤرخين أن سنة 323م التي تولى فيها الإمبراطور قسطنطين الأول حكم الدولة الرومانية هي بداية العصور الوسطى إذ تم في عهده الاعتراف بالدين المسيحي دينا رسميا للدولة الرومانية بعد أن كان دينا للأقلية المضطهدة ونقل عاصمة الدولة الرومانية من روما إلى القسطنيطينية التي أقامها على أنقاض مدينة بيزنطة على شاطئ البوسفور في شرق أوربا وكان ذلك تفريقا بين القسمين الشرقي والغربي للإمبراطورية الرومانية وبداية لإنشاء الإمبراطورية البيزنطية،وكانت مغادرته لمدينة روما إيذانا بتحويلها إلى مرتع خصب لسلطان البابوية الذي سينمو تدريجيا في العصور الوسطى ليصبح مسيطرا على مقدرات الحياة في أوربا طوال العصور الوسطى.
وهناك مؤرخون يعتبرون أن سنة 395م هي بداية العصور الوسطى باعتبارها السنة التي قسم فيها الإمبراطور ثيودوسيوس الدولة الرومانية رسميا إلى شطرين منفصلين: الشطر الشرقي وعاصمته القسطنطينية والغربي وعاصمته روما بين إبنيه. وأخيرا فإن هناك من ينظر إلى سنة 410م على أنها البداية الفاصلة للعصور الوسطى وذلك نتيجة لقيام القوط الغربيين بقيادة ملكهم ألاريق بدخول شبه الجزيرة الإيطالية واحتلال روما القديمة، وإن كانت قد احتفظت بشبح الإمبراطورية إلى سنة 467م حين أرسل صولجان الإمبراطورية الغربية منها إلى الإمبراطورية الشرقية وانتهت بذلك الإمبراطورية الغربية في روما لتحل محلها سلطة الكنيسة.
أما بالنسبة لمنطقة الشرق الأدنى فقد شهدت ظهور الإسلام وبدأت دولته عقب هجرة الرسول(ص) من مكة المكرمة إلى المدينة المنورة في منة 622م، وبدأت بذلك العصور الوسطى الإسلامية التي شهدت نهضة حضارية زاهرة في المناطق التي امتد إليها الإسلام حتى وصل إلى أوربا حيث مكث المسلمون في الأندلس ثمانية قرون متعاقبة حتى نهاية القرن الخامس عشر الميلادي.
وينبغي أن نشير إلى كون العصور الوسطى في أوربا لم تكن دامسة في ظلامها تماما إذ لم تخل من مدنية لها شخصيتها واتجاهاتها وطبيعتها الخاصة وإن كانت لا تعتبر بطبيعة الحال في مرتبة المدنية الرومانية التي سبقتها في العصور القديمة أو مرتبة المدنية في العصور الأوربية الحديثة؛ وذلك لاختلاف مظاهر الحياة في تلك العصور، ومن أبرز خصائص العصور الوسطى: ظاهرة
[1][1] ياغي(إسماعيل) وآخر، تاريخ أوربا الحديث والمعاصر، ديوان المطبوعات الجامعية،الجزائر1984، ص ص. 9-10
أباظة(فاروق عثمان)، دراسات في تاريخ أوربا الحديث والمعاصر، دار المعرفة الجامعية، الإسكندرية1995، ص ص.15-34[2]

[3] Encyclopédie Encarta 2002-«Moyen Age »

مظاهر الحياة في تلك العصور، ومن أبرز خصائص العصور الوسطى: ظاهرة العالمية الممثلة في خضوع أوربا لحكم إمبراطوريتين كبرتين هما الإمبراطورية الرومانية والإمبراطورية البيزنطية. أما الظاهرة الثانية فتمثلت في ظهور البابوية كسلطة دينية وهيبة مسيطرة بينما تمثلت الظاهرة الثالثة في ظهور نظام الإقطاع بجوانبه الإيجابية والسلبية. كما شكلت الحروب الصليبية الظاهرة الرابعة التي كان لها أبلغ الأثر في تغيير الأوضاع الأوربية نتيجة لتعرف الأوربيين على جوانب كثيرة من الحضارة العربية الإسلامية التي احتكوا بها ونبهتهم إلى واقعهم المتردي آنذاك[1].


المحاور المقررة من تاريخ أوربا في العصور الوسطى

المحور التاريخي:
•الإمبراطورية الرومانية: الأحوال السياسية والعسكرية حتى أواخر القرن الثالث الميلادي

•دقلديانوس الممهد الحقيقي لظهور العصر البيزنطي(284-305)
•إنجازات الإمبراطور قسطنطين الأكبر(305-337)
•غزوات الجرمان
•بريطانيا
•جستنيان(527-565)
الدولة البيزنطية بعد جستنيان وحتى نهاية الأسرة الأيسورية
•الإسلام وعلاقته بأوربا خلال العصور الوسطى
•اللمبارديون في إيطاليا
•الدولة البيزنطية بعد الأسرة الأيسورية وحتى قيام أسرة آل كومنين 1081م
•شارلمان وإمبراطورية الفرنجة
•تقسيم الإمبراطورية الكارولنجية وبدايات تداعيها.
•الفايكينج
•الإمبراطورية الرومانية المقدسة والصراع بينها وبين البابوية
•فرنسا بعد وفاة شارل السمين سنة 888م وحتى قيام أسرة آل كابيه سنة 987م
•آل كابيه في فرنسا 987-1328م


2. المحور الحضاري:

•الإقطاع: جذوره – تطوره – نهاياته
- الإقطاع والنظم الإقطاعية في أوربا خلال العصور الوسطى
- نشأة الإقطاع وبداية نموه في غرب أوربا
- حقوق السيد و التابع ووجباتهما الإقطاعية
- مرحلة اكتمال نمو الإقطاع من القرن العاشر إلى القرن الثالث عشر
- جانب من حياة المجتمع الأوربي في ظل النظم الإقطاعية
- بعض جوانب الحياة السلمية في المجتمع الإقطاعي

- مركز المرأة في ظل النظم الإقطاعية
- المجتمع الزراعي ونظام الضياع
- مرحلة انهيار النظام الإقطاعي

•المدن والتجارة في أوربا خلال العصور الوسطى
- نشاة المدن في القرن الحادي عشر الميلادي

- النقود والعملة في مدن أوربا خلال العصور الوسطى

- حقوق المواطنة في أوربا خلال العصور الوسطى

- المدن ذات السلطات السياسية المستقلة أو القومونات

- ظهور الاتحادات والنقابات المهنية

- طرق النقل والمواصلات

- الأسواق والمصارف

التعليم والجامعات في أوربا خلال العصور الوسطى

- المدارس الديرية

- المدارس الأسقفية أو الكاتدرائية

- القديس برنارد وبطرس أبيلارد

- نشأة الجامعات الأوربية وتطورها

- مواد الدراسة ومناهجها

- مباني الجامعات والإشراف على الطلاب

- نظم الامتحانات والدرجات العلمية

الدين والنظم الدينية في أوربا خلال العصور الوسطى

1. المسيحية والمجتمع الأوربي
2. الكنيسة الغربية
3. ظهور البابوية وازدياد قوتها في العصور الوسطى
4. نظم البابوية
5. المجامع الدينية
6. التنظيم الكنسي

الرهبانية والديرية في أوربا خلال العصور الوسطى
1. في مصر
2. الأنبا بولا
3. القديس أنطونيوس
4. الرهبنة الاجتماعية
5. باخوميوس
6. انتقال الرهبانية والديرية الشرقية إلى غرب أوربا
7. القديس بندكت ونظامه الديري
8. حركة الإصلاح الكلونية(دير كلوني)
9. نظام السسترشيان الديري
10. منظمات الإخوان الرهبان أو الرهبان الفقراء
أثر الحركة الديرية في المجتمع الأوربي في العصور الوسطى
[1] أباظة، المرجع السابق، ص ص.17-18[1]

الفكر السياسي وتطور القانون والتشريع في أوربا خلال العصور الوسطى
1. القانون الطبيعي والقانون الوضعي
2. نظرية تردي الإنسان وسقوطه
3. معالجة مفكري العصور الوسطى لموضوع الرق والملكية الفردية والدولة
4. نظرية حق الملوك الإلهي أو المقدس
5. القانون الروماني
6. القانون الروماني ونهضة أوربا التشريعية في النصف الثاني من العصور الوسطى
7. القانون الكنسي

العلوم في أوربا خلال العصور الوسطى
1. المرحلة الأولى في تاريخ العلوم في فجر العصور الوسطى
2. المرحلة الثانية وصول علوم العرب إلى غرب أوربا
3. ازدهار العلوم في غرب أوربا

الأدب في أوربا خلال العصور الوسطى
1. تطور الآداب في فجر العصور الوسطى
2. اللغة اللاتينية
3. تدهور الخط في الوثائق الحكومية وكتابة المخطوطات
4. الأدب اللاتيني
5. النثر الأدبي
6. الشعر اللاتيني
7. النهضة الكارولنجية
8. القرن العاشر الميلادي
9. القرن الحادي عشر
10. نهضة القرن الثاني عشر
11. الآداب الشعبية والمحلية


مصادر ومراجع التاريخ الأوربي الوسيط


1. أحمد سعيد عمران، حضارة أوربا في العصور الوسطى

2. سعيد عبد الفتاح عاشور، أوربا في العصور الوسطى
3. موريه كروزيه، تاريخ الحضارات العام
4. نور الدين حاطوم، تاريخ العصر الوسيط
5. ويل إيرال ديورنت، قصة الحضارة
6. السيد الباز العريني، الحضارة والنظم الأوربية في العصور الوسطى
7. السيد الباز العريني، تاريخ أوربا في العصور الوسطى
8. إبراهيم احمد العدوي، المجتمع الأوربي في العصور الوسطى
9. بيار غريمال وآخرون، تاريخ أوربا العام
10. فرديناند سيمتل، الحضارة الأوربية في القرن الوسيط وعصر النهضة
11. نور الدين حاطوم، الموسوعة التاريخية الحديثة: تاريخ العصر الوسيط في أوربا
12. وليام لانجر، تاريخ موسوعة تاريخ العالم، ج3، ترجمة: محمد مصطفى زيادة
13. أحمد رضا بك، وثائق من الحروب الصليبية
14. بطرس البستاني، دائرة المعارف
15. جوزيف نسيم يوسف، العرب والروم واللاتين في الحرب الصليبية الأولى
16. سعيد عبد الفتاح عاشور، الحركة الصليبية ج1
17. محمود سعيد عمران، تاريخ الإمبراطورية البيزنطية
18. نعيم فرح، تاريخ أوربا في العصور الوسطى
19. جوزيف نسيم يوسف، دراسات في تاريخ العلاقات بين الشرق والغرب


carolingienne», in A. Fliche et V. Martin dir., Histoire de l’église, t. VI, Paris, 1937
- R. BOUTRUCHE, Seigneurie et féodalité, t. I, Paris, 1959
- G. DUBY, L’économie rurale et la vie des campagnes dans l’Occident médiéval, t. I, Paris, 1962, rééd. Flammarion, 1977
- H. FICHTENAU, L’Empire carolingien, trad. franç., Flammarion, 1981
- R. FOLZ, Le Couronnement impérial de Charlemagne, Paris, 1964, rééd. Gallimard, 1989
- F. GANSHOF, Qu’est-ce que la féodalité?, 5e éd., Tallandier, 1987
- L. HALPHEN, Charlemagne et l’Empire carolingien, Paris, 1949, rééd. 1974

المصادر والمراجع باللغات الأجنبية



L. LAISTNER & H. H. KING, Thought and Letters in Western Europa, Londres, 1948, rééd. 1966
- R. LATOUCHE, Les Origines de l’économie occidentale, Paris, 1956
- F. LOT, C. PFISTER & F. L. GANSHOF, «Les Destinées de l’Empire en Occident», in G. Glotz dir., Histoire générale, t. I, sér. Moyen age, 2e éd., Paris, 1941
- H. MITTEIS, Lehnrecht und Staatsgewalt, Weimar, 1933
- H. PIRENNE, Mahomet et Charlemagne, Bruxelle, 1937

Art
- Art du haut Moyen age dans la région alpine, Actes du IIIe Congrès international pour l’étude du haut Moyen آge, Olten-Lausanne, 1954
- E. BEUTLER, Bildwerke zwischen Antike und Mittelalter, Düsseldorf, 1964
- W. BRAUNFELS & H. SCHNITZLER, Karl der Grosse t. III, Karolingische Kunst, Düsseldorf, 1965
- Charlemagne, œuvre, rayonnement et survivances, Catalogue de l’exposition d’Aix-la-Chapelle, 1965
- K. J. CONANT, Carolingian and Romanesque Architecture 800-1200, Baltimore-ةdimbourg, 1959
- P. DESCHAMPS & M. THIBOUT, La Peinture murale en France. Le haut Moyen age et l’époque romane, Paris, 1951
- J. DUFT, Studien zum St. Galler Klosterplan, Saint-Gall, 1956
- A. GRABAR & C. NORDENFALK, La Peinture du haut Moyen age, Genève, 1957
- C. HEITZ, Architecture et liturgie à l’époque carolingienne, Paris, 1963; La France pré-romane: archéologie et architecture religieuse du haut Moyen آge, Paris, 1987
- Les Manuscrits à peinture en France du VIIe au XIIe siècle, Catalogue de l’exposition à la Bibl. nat., Paris, 1954
- P. DE PALOL & M. HIRMER, L’Art en Espagne du royaume wisigoth à la fin de l’époque romane, Paris, 1967
- R. REY, L’Art roman et ses origines, archéologie pré-romane et romane, Toulouse, 1945
- R. TALBOT-RICE, English Art 871-1100, Oxford, 1952

corporations

- G. ACLOQUE, Les Corporations, l’industrie et le commerce à Chartres du XIe siècle à la Révolution, Paris, 1917
- J. BILLIOUD, «De la confrérie à la corporation: les classes industrielles en Provence aux XIVe, XVe et XVIe siècles», in Mém. Inst. hist. de Provence, 6, 1929
- M. BOUVIER-AJAM, Recherches sur la genèse et la date d’apparition des corporations médiévales en France, L.G.D.J., 1978
- E. COORNAERT, «Les Ghildes médiévales (Ve-XVIe s.)», in Rev. hist., 199, 1948; Les Corporations en France avant 1789, 2e éd., Paris, 1968
- G. ESPINAS, «Groupe économique, groupe religieux: les tisserands de Valenciennes au XIVe siècle», in Ann. Hist. écon. et soc., II, 1930; Les Origines de l’association, 2 vol., Paris, 1941-1942; «Comment étudier les statuts d’une association professionnelle médiévale», in Ann. Hist. soc., VI, 1944; «Métiers, associations et confréries de métier: l’exemple des naypiers de Toulouse», ibid., VIII, 1945
- F. FAVRESSE, «Comment on choisissait les jurés de métier à Bruxelles au Moyen آge», in Rev. belge Philol. et Hist., 35, 1957
- A. GOURON, La Réglementation des métiers en Languedoc au Moyen آge, Paris, 1958
- H. HAUSER, Ouvriers du temps passé (XVe-XVIe s.), Paris, 1899, rééd. Slatkine, 1982
- S. KRAMER, The English Craft-Guilds, New York, 1927
- G. LE BRAS, «Les Confréries chrétiennes (1940-1941)», in études de sociologie religieuse, t. II, 1956
- E. MARTIN SAINT-LةON, Histoire des corporations de métiers de leurs origines jusqu’à leur suppression en 1791, Alcan, 1922, rééd. Slatkine-Megariotis, 1980
- E. MASCHKE, «Continuité sociale et histoire urbaine médiévale», in Ann. E.S.C., 1960
- A. SAPORI, Le Marchand italien au Moyenآage, Paris, 1952
- J.-P. SOSSON, «Quelques aspects sociaux de l’artisanat bruxellois du métal», in Cah. bruxellois, 6, 1961; «L’Artisanat bruxellois du métal: hiérarchie sociale, salaires et puissance économique (1360-1500)», ibid., 7, 1962






المحاضرة الثانية
الأوضاع السياسة والعسكرية للإمبراطورية الرومانية إلى أواخر القرن الرابع ميلادي

تمهيد: تحولت روما من النظام الملكي الذي بدأت به تاريخها إلى النظام الجمهوري الذي شمل القرون الخمسة الأخيرة قبل الميلاد. وتم لروما خلال هذه المرحلة دعم نظامها السياسي في الداخل وفرض نفوذها في الخارج حتى صارت مع اقتراب القرن الأخير قبل الميلاد قوة سياسية وعسكرية هائلة ودولة عظيمة في العالم القديم[1]. وكان يمثل روما اثنان من القناصل يمثلان السلطات العليا في الجيوش الرومانية، وكان يتجدد انتخابهما كل عام، وكان هناك مجلس السيناتو sénatأو مجلس الشيوخ الذي كان يمثل السلطة التشريعية في روما.
وخلال هذا العصر الجمهوري تمت أغلب الفتوحات الرومانية الهامة واتسعت مساحة الإمبراطورية الرومانية إلى أقصاها أواخر القرن الأخير قبل الميلاد في عهد الإمبراطور أوغسطس، وفي القرن الأول الميلادي أضيفت إليها ولاية بريطانيا، وهكذا صارت حدود الإمبراطورية الرومانية تمتد من المحيط الأطلسي غرباً والراين والدانوب شمالاً والفرات شرقاً وصحراء العرب وصحراء إفريقيا جنوباً. وكان الحد الشمالي عند نهر الراين والدانوب يفصل بين العالم الروماني وعالم البرابرة[2] وهو المصطلح الذي أطلقه الرومان واليونان على تلك
الشعوب التي لا تتقن اللغة اليونانية واللاتينية وهذا المصطلح يحمل في طياته معاني الاحتقار الذي يعني المتوحش[3]. وامتد الحد الجنوبي إلى جبال الأطلس في إفريقيا وشلال النيل والصحراء الإفريقية وامتد الحد الشرقي من صحراء الشام وفلسطين إلى بلاد القوقاز كما مثل المحيط الأطلسي حداً غربياً للعالم الروماني.
وقد أدى التنافس بين قادة الجيش في القرن الأخير من عهد الجمهورية إلى إهمال التقاليد التي كان معمولاً بها وصار الانتصار في الحرب مبرراً كافياً للوصول إلى قمة السلطة، وكان أول من فعل ذلك هو أكتافيوس الذي انتصر على خصمه أنطونيوس سنة 31ق.م وهكذا صار هناك ما يعرف بالإمبراطورية الرومانية التي تعتبر تاريخها في القرون الأولى للميلاد المدخل الطبيعي لتاريخ العصور الأوربية الوسطى.
2- عناصر الوحدة في الإمبراطورية الرومانية إلى غاية القرن الثالث الميلادي
يذكر الدكتور م.م. الشيخ أن عناصر وحدة الإمبراطورية الرومانية كانت تتمثل في الجوانب التالية:
أ‌. نشأة حركة التجارة وتبادل السلع بين الأقاليم و يرجع هذا الازدهار في التجارة إلى شبكة طرق المواصلات المزدهرة، وكثرة الأنهار الصالحة للملاحة وكذلك البحر المتوسط الذي يشكل مجالاً هاما للحركة التجارية في أوربا والمشرق وشمال إفريقيا.
ب‌. وحدة اللغة: وذلك بسيادة اللغة اللاتينية في غرب أوربا وانتشار اللغة اليونانية في الشرق، وهذا ما أدى إلى وجود تجانس بين مختلف الأقاليم من الناحية الثقافية.
ت‌. تمتع المواطن الروماني بحقوق المواطنة الرومانية خصوصاً بعد صدور مرسوم كراكلا سنة 212 وهذا ما زاد في التجانس والترابط بين المواطن والسلطة العليا.
ث‌. كانت الإمبراطورية الرومانية تحرص على جلب ولاء الشعب في مختلف الأقاليم
ج‌. وبالإضافة إلى كل هذه عناصر الوحدة التي ذكرنا فإنه لم تظهر خلل هذه الفترة 138-192م ضغط البرابرة على الحدود ولم يكن عبء الضرائب ثقيلاً على المواطنين كما كان الرخاء المادي عاماً بين الناس مما أدى إلى ارتفاع مستوى حياة الطبقة الوسطى.
ح‌. كان التسامح يسود الحياة الاجتماعية ولم يظهر الاضطهاد الديني بعد وكانت السلطة الرسمية تسمح باستعمال اللغات المحلية.
تمثال للإمبراطور الروماني كراكلاّ

[1] نقصد بالعالم القديم الصين والفرس وبلاد الرافدين ومصر.[1]

[2] محمد محمد مرسي الشيخ، تاريخ أوربا في العصور الوسطى، دار المعرفة الجامعية، الإسكندرية،1995، ص ص.9-10
حاطوم نور الدين، تاريخ أوربا في العصور الوسطى، مطبعة دمشق1987، ص.17[3]
تمثال للإمبراطور الروماني كراكلاّ
3-عناصر الضعف في الإمبراطورية الرومانية:
ثغرات داخلية: ظهرت بعض الثغرات الداخلية في الإمبراطورية الرومانية وذلك منذ أواخر القرن الثاني الميلادي ويمكن تلخيص ناصر الضعف هذه في المحاور التالية:
- عدم تغلغل تأثير الحضارة الرومانية بصورة منسجمة بين مختلف رعايا الإمبراطورية فكان كل فريق من السكان يحافظ على تراثه ولغته وعاداته وكانت قبائل الرعاة في المناطق الشمالية والغربية تعيش مستقلة عن تأثير الغزاة الرومان.
- ساهمت الحروب الأهلية خصوصاً في بلاد اليونان وإيطاليا في إنقاص كثافة السكان في الغرب وزيادة أحواله سوءاً فضلاً عما ترتب على الأوبئة وسوء الحياة الاقتصادية من إنقاص عدد السكان في هذه المنطقة من أوربا.
- اشتدت في هذا الوقت وطأة الجرمان على الحدود الشمالية والغربية في شرق غالة والأقاليم الواقعة جنوب نهر الدانوب واشتدت الضرائب على الرعايا الرومان الذين لجأ كثير منهم إلى الأمراء الجرمان.
- وفي هذا الوقت كانت بعض الولايات ذات التراث القديم مثل هلنسيتيا تخلع سلطة الغزاة الرومان وتترقب الفرص للانفصال عن الإمبراطورية الرومانية وساع على ذلك نمو الآداب ومحاولات بعث الحضارات الراكدة.
وعلى الرغم من أن ماركوس اوريوس 161-180م يعد من أنبل الأباطرة بحكم أخلافه وانتمائه إلى مدرسة الرواقيين الفلسفية وبخكم نشاطه وأدبه وبحماسه لحماية الإمبراطورية بالرغم من كل ذلك فإن عهده يمثل نهاية عهد الاستبداد المستنير وبداية تداعي الرخاء الروماني واضمحلال العظمة الرومانية وكذلك كثرة سفك الدماء وبداية تغلغل البرابرة في الأراضي الرومانية وخصوصا على الحدود الشمالية الشرقية لإيطاليا حتى أن هذا الإمبراطور مات في معسكره الحربي على نهر الدانوب وهو يقاتل في دفع البرابرة عن حدود الإمبراطورية.
- زادت الأمراض والأوبئة بين الموطنين خصوصا في بلاد اليونان وإيطاليا منذ عام 166م عقب عودة أفيديوس كاسيوس العسكرية من الشرق وكان فتك هذه الأوبئة بالإيطاليين شديد ولم يعد في إيطاليا ذاتها وروما خصوصاً سوى قليل من السلالات القوية العريقة. وخلال القرن الثالث الميلادي لم يعد المنصب الإمبراطوري قاصراً على الرومان وحدهم بل كان كثيرا ما يتولى منصب الإمبراطور سوري أو عربي أو إفريقي*

ثانياً. الأخطار الخارجية: زاد ضغط البرابرة خلال القرن الثالث الميلادي على خطوط الدفاع للإمبراطورية الرومانية وبلغ هذا الضغط قمته عند اقتراب منتصف القرن الثالث إذ قام القوط بنهب بلاد اليونان كما أخضعوا لسلطتهم شبه جزيرة القرم وخربوا بعض المدن المزدهرة على شواطئ البحر الأسود في آسيا الصغرى كما تكونت تحالفات من القبائل الجرمانية كانت تهدف إلى انتزاع الأقاليم الرومانية في أوربا فقد زحف الفرنجة من ألمانيا إلى جوف إسبانيا ونهبوا مدينه تاراجونا بينما أغار السكسون على سواحل بريطانيا وغالة ، وهي فرنسا الحالية تقريباً، ونهبوهما كما عاثت قبائل الأماني فسادا في غالة فأحرقوا وخربوا بعض جهات وادي نهر الرون ووادي نهر البو.
- ظهر خطر الفرس الساسانييين في إيران عام 227م في غرب آسيا فقد اجتاحوا بلاد الشام ووصوا إلى بحر إيجه في اليونان ونجح الملك الفارسي شابور في سجن الإمبراطور الروماني فليريان وهكذا أصيبت الإمبراطورية الرومانية بكارثة عظيمة وكان ذلك سنة 260م. كما وقعت مدينة إنطاكية العريقة التي كانت معقل السيادة الرومانية في الشرق في يد الفرس مرة ثم في يد سبتيميا زنوبيا أميرة تدمر مرة أخرى.ثم إن قيام دولة تدمر داخل كيان الإمبراطورية الرومانية يمثل في حد ذاته صورة الضعف والاضمحلال للإمبراطورية الرومانية في ذلك الوقت، فقد امتد نفوذ تدمر من خليج العقبة بالأردن جنوبا إلى جبال طوروس شمالاً، وبسطت هيمنتها إلى سوريا والجزيرة بين دجلة والفرات شمالاً وبلاد العرب وهددت مصر وآسيا الصغرى وحافظت على استقلالها حتى أخضعها الإمبراطور أورليان 270-275م.


المحاضـرة الثالثـة
بدايات انقسام الإمبراطورية الرومانية 284-305م

تمثل الفترة بين 270-284م أي إلى غاية تولي الإمبراطور الروماني دقلديانوس سدة الحكم مرحلة جادة في تاريخ الإمبراطورية الرومانية وكان الأباطرة خلالها قد حاولوا دفع الأخطار التي كانت تهددها في كل مرة كما طردوا البرابرة وراء الحدود الرومانية وأعادوا مؤقتا الوحدة إلى الإمبراطورية الرومانية وتوجت هذه المرحلة بتولي الإمبراطور دقلديانوس الحكم سنة 284م وهذا الحدث ستترتب عنه نتائج هامة بالنسبة لتاريخ الإمبراطورية في عصورها المتأخرة.
1. دقديانوس diaclécien حياته وإنجازاته الحضارية
ينحدر دقلديانوس من أسرة فقيرة في إقليم إليريا القديمة بالشمال الغربي لشبه جزيرة البلقان وقد انخرط في الجيش الروماني وشغل بعض الوظائف الصغيرة في غالة ثم ارتقى إلى حكم ماسيا في البلقان ثم إلى رتبة القنصل ثم إلى قيادة الحرس الإمبراطوري وهي وظيفة هامة ثم ما لبث أن عين قائداً على الجيوش الشرقية والغربية ومع أن دقلديانوس اشتهر بكونه رجل دولة وسياسة اكثر من كونه رجل حرب غير أن معاصريه أعجبوا به ورفعوه إلى مرتبه الأباطرة العظام حتى اعتبره بعضهم مؤسسا لإمبراطورية جديدة مثله في ذلك مثل اوغسطس.
وقد أدرك دقدلديانوس بفكره الثاقب أمراض الإمبراطورية فحاول أن يقضي على الطموح والمنافسة في كرسي العرس من طرف العسكريين فقرر أن يتولى بنفسه قيادة الجيش في الحملات الهامة وقصد بذلك أن يحرم القادة العسكريين من تحقيق انتصارات باهرة تريهم بالتطلع إلى منصب الإمبراطور. كما أدرك أن الإشراف على شؤون الدفاع عن الإمبراطورية مهمة ثقيلة لا يستطيعها رجل واحد ولهذا قام دقلديانوس بوضع نظام جديد في الحكم خالف به نظم الإمبراطورية منذ قيامها أيام أوغسطس فقد قسم الإمبراطورية إلى قسمين كبيرين بواسطة خط عمودي يمتد من الشمال إلى الجنوب عبر البحر الأدرياتيكي واختار زميلاً له ورفيق سلاح ليكون شيكا له في الحكم ولكن ذلك لم يكن كافيا للقضاء على الفتن وكبح جماح القادة الطامحين في العرش. كما أن اتساع الإمبراطورية شرقاً وغرباً وشمالاً وجنوباً أدى إلى صعوبة التحكم في الأمور وحماية الحدود وخصوصا مع كثرة الولايات وثقل الإدارة فاضطر دقلديانوس وزميله إلى الاعتراف بقائدين آخرين كإمبراطورين وشريكنين لهما في الحكم ولكن كلا منهما منح لقب قيصر دلالة على أنه أقل شأنا من دقلديانونس وشريكه ولم يكونا سوى مساعدين.
- رأى دقلديانوس أن روما لمن تعد صالحة للبقاء كعاصمة وحيدة للإمبراطورية فاتخذ عاصمة جديدة في الشرق هي نيمقوميديا على الشاطئ الآسيوي للبوسفور وذلك قبل بناء القسطنطينية وأقام بها وجعلها مركزاً لحكمه وكان ذلك بدافع إدراكه بأن ميزان القوى بدأ يميل لصالح الأقاليم الآسيوية والشرقية في الإمبراطورية وذلك بفضل ثرواتها وغناها وقوة الكثافة السكانية فيها وكذا تمركز المدن الهامة في أرجائها ولهذا نجد أن دقلديانوس استأثر لنفسه بحكم تراقيا ومصر وأقطار آسيا الغنية.
2- الإصلاحات الإدارية:
كان دقلديانوس كما ذكرنا رجلاً إدارياً فحاول تأمين مركز الإمبراطورية وهو العاصمة ومحاربة النزعة الانفصالية وإصلاح أحوال الشعب وأهم عمل قام به هو فصل السلطة المدنية عن السلطة العسكرية وأعاد تتيب الولايات وتنظيمها فقسم الإمبراطورية إلى أربعة أقاليم كبرى هي:
ولاية غالة: وتشمل بريطانيا وغالة وإسبانيا والمنطقة المعروفة اليوم باسم المغرب الأقصى.
ولاية إيطاليا: وتشمل المنطقة الواقعة بين نهر الدانوب والبحر الأرياتيكي بالإضافة إلى إيطاليا والأقاليم المعروفة الآن بالجزائر وتونس وطرابلس.
ولاية إليريا: وتشمل داشيا ومقدونيا وبلاد اليونان.
ولاية الشرق: وتشمل بقية أقاليم الإمبراطورية وهي تراقيا وآسيا الصغرى والشام ومصر.
ثم انقسمت هذه الولايات إلى وحدات إدارية اصغر وأصبح الحاكم في كل وحدة إدارية مسئولا أمام الحاكم الأعلى وفي النهاية يصبح عدد من الحكام العموميين مسئولين أمام دقلديانوس نفسه الذي كان له الحق في غزلهم أو تعيينهم[1]. وكان هذا الشكل الهرمي للجهاز الإداري في الإمبراطورية الرومانية الذي وضعه دقلديانوس يسهل سرعة الإجراءات وكان يضمن الدقة في العمل الإداري ويجعل السلطة تتركز في يد الإمبراطور في نهاية الأمر وفي ذلك ضمان لهيمنته على شؤون البلاد والقضاء على عوامل الفرقة والانقسام.
3- الإصلاحات الإدارية:
قام دقلديانوس بإنشاء قوة عسكرية متنقلة لحماية حدود المملكة أي ألا يمس وأطرافها من هجمات البرابرة وكان لهذه القوة أثر فعال في رد الاعتداءات وإضافة إلى هذه القوة المتحركة كان هناك جيش أخر يتكون من فرق مرابطة على حدود الدولة*. واهتم دقلديانوس أيضاً بأمن الطرق الرومانية وحراستها. ومما يذكر أيضاً بشأن إصلاحات دقلديانوس العسكرية أنه قام بإدخال أعداد هائلة من الجرمان والبرابرة في الجيش حتى يذكر أن معظم فرق الخيالة كانت من الجرمان وكلفت قوات جرمانية مرتزقة بالدفاع عن الحدود بإشراف قيادات رومانية ودخل الجرمان أيضاً في الحرس الإمبراطوري وتدرجوا في وظائفه حتى وصلوا مراتب القيادة خصوصاً وأن الإمبراطور لم يشترط للوصول إلى القيادة سوى الشجاعة والحنكة في القتال والإخلاص للإمبراطور.
ورغم أن دخول العنصر الجرماني في الجيش الروماني وتولي كثير من عناصره لمراكز القيادة سيؤدي مؤقتاً وفي مرحلة قوة الإمبراطورية إلى نوع من الأمن والاستقرار إلا أن هذا التواجد الجرماني في مراكز القيادة سيؤدي بعد ضعف الإمبراطورية إلى نتائج وخيمة على مستقبل الإمبراطورية.
الإصلاحات المالية: حاول دقلديانوس إصلاح النواحي المالية والاقتصادية وأول عمل بدأ به هو سك العملة الجديدة التي نالت ثقة التجار والأهلي الرومان كما اهتم بحماية الفقراء من جشع المستغلين وثبت أسعار السلع الأساسية وحدد الأجور والمرتبات منعا للاستغلال كما حاول التخفيف من عبء الضرائب وقام بعملية مسح للأراضي الزراعية وحصرها وتقدير الضرائب عليها بطريقة عادلة.

الجانب الروحي والديني في الإمبراطورية الرومانية


1- مكانة الفلسفة: كان هناك فراغ روحي كبير بين أصحاب الفكر وذوي العقول المستنيرة وذلك بعد فشل عبادة الإمبراطور والوثنية في إشباع نهمهم الروحي وهذا ما أدى إلى اتجاه الناس نحو الفلسفة وهكذا صار للفيلسوف في القرن الثاني الميلادي منزلة سامية بين الناس باعتباره ناصحا روحيا وشافيا للآلام النفسية، وصارت مهمته تشبه مهمة رجال الدين. وقد تمسكت الطبقات العليا المثقفة بالرواقية stoicism وذلك بما تنطوي عليه من الأخلاق والإيمان بكل الآلهة كما اعتقدت في وجوب اتخاذ التصوف الأفلاطوني وكذلك الأفلاطونية الحديثة والغنوصية.
2- الديانات الشرقية:اتجه العالم الروماني باهتمام متزايد نحو عبادات الشرق المتدفقة بالحيوية مثل عبادة إيزيس من مصر وعبادة إله السماء وإله الشمس من سوريا وعبادة متراس إله الشمس المحارب ومخلص الإنسان من فارس بل إن الإمبراطور ماركوس أورليوس سيد معبدا للإله الفارسي ميتراس وقرر الإمبراطور أورليان جعل عبادة الشمس ديناً رسمياً للدولة ولكن هذه العقائد لم يكتب لها البقاء طويلاً.
3- الديانة المسيحية: ووسط هذه الفوضى الدينية بدأت المسيحية تظهر وتتفوق، ففي عهد الإمبراطور أورليان كانت المسيحية قد انتشرت انتشاراً واسعاً في الشرق ورسخت جذورها في إيطاليا وتغلغلت في روما نفسها حتى صارت خطراً كبيراً على الديانة الرسمية للدلوة وهي عبادة الإمبراطور وعبادة الشمس وخصوصاً بعد اعتناق عدد من أفراد الجيش للمسيحية، وهذا ما أدى بالدولة إلى كراهية المسيحيين وإلى إقدام السلطات الحاكمة على اضطهادهم مثلما حدث على عهد كل من الإمبراطور دكيوس249-251م والإمبراطور فاليريان 253-260م حين تعرض المسيحيون لأشد أنواع الاضطهاد[2]. وفي نفس هذا الإطار كره دقلديانوس المسيحية التي ظهرت في أوربا كعقيدة جديدة ونظام وافد من الشرق خصوصا وأن هذه الديانة بدأت تدعو أتباعها إلى عبادة إله غير الإمبراطور ثم ازداد سخطه عليها حين بدأت تظهر تطرفا وبدأت تخير أتباعها بين الإخلاص للمسيح أو الإخلاص للإمبراطور وخصوصاً حين تعدى نطاق تأثيرها في المجتمع إلى التأثير في الجيش، وحين قضت على ولاء الجند للإمبراطور وصارت عبارة عن دولة داخل الدولة وشكلت جماعات سرية لا تقيم وزناً لنظام الدولة وتقاليدها.
ويذكر أن المسيحية كعقيدة تسربت إلى أفراد من البلاط الإمبراطوري وإلى بعض أفراد أسرة دقلديانوس نفسه وهذا ما جعل الإمبراطور يشرع في اضطهاد عنيف للمسيحية وأتباعها قبل سنوات قليلة من اعتزاله للحكم. ففي سنة 302م بدأت حركة اضطهاد كبيرة للمسيحيين جرى بمقتضاها طردهم من البلاط ومن صفوف الجيش ونفيهم إلى جهات نائية وحرمانهم من حقوق المواطنة ومنعهم من تولى الوظائف الإدارية وحرق كتبهم المقدسة وهدم كنائسهم وإصدار قرار يحرم عتق الأرقاء منهم وتبع ذلك حركة تعذيب عنيفة في سنة 304م جرى فيها إعدام كثير من المسيحيين وإذاقتهم ألواناً من العذاب الأمر الذي أدى بكثير منهم إلى التخلي عن عقيدتهم. وهكذا كانت السنوات الأخيرة من حكم دقلديانوس فترة محنة كبيرة
* هذا الإمبراطور هو سبتيموس سفروس الذي حكم بين 193-211م

[1] م.م. مرسي الشيخ، المرجع السابق، ص.44

* يذكر أن عدد هذه الفرق المرابطة بلغ في عهد دقلديانوس مائتين وخمسين 250 ألفاً من المشاة و إحدى عشرة 11 ألغاً من الخيالة أو الفرسان هذا إضافة إلى الحرس الجمهوري المكلف بحماية الإمبراطور نفسه.

[2] م.م. مرسي الشيخ، المرجع السابق، ص ص.22-28

للمسيحيين وقد حدث مثل ذلك في شمال إفريقيا أيضاً حيث عرف الأهالي محاكمات وعمليات تعذيب وحرق مؤلمة[1].
ولكن القسم الشرقي من الإمبراطورية الرومانية هو الذي عانى القسط الأكبر من الاضطهاد الديني وذلك بحكم تركز المسيحيين في الشرق مهد المسيحية الأول. غير أن هذه الحركة العنيفة من الاضطهاد لم تلبث أن خفت حدتها عندما قرر دقلديانوس اعتزال السلطة سنة 305م بعد أن صار شيخاً ولازمه المرض المزمن، وبعد أن أكمل عشرين عاماً على رأس الإمبراطورية، وكذلك بوفاة جاليروس عدو المسيحية اللدود سنة 311م.
وإذا كان مسلك دقلديانوس تجاه المسيحية قد اتسم بقدر كبير من العنف والقسوة فإن ذلك قد أدى إلى انقلاب خطير في الحياة الدينية للإمبراطورية ووضعها على أعتاب مرحلة جديدة على عهد خليفته قسطنطين الذي جعل الإمبراطورية حصنا للمسيحية وملاذا لأتباعها والذي ترأس أول مجمع ديني مسكوني في تاريخ المسيحية وتبنى وجهة نظر رجال الكنيسة وجعل من المسيحية الوجه اللامع للحقبة الجديدة في بيزنطة.

يتبع باقي الموضوع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
البروفوسور
مشرف
مشرف



عدد المساهمات : 140
نقاط : 228
تاريخ التسجيل : 10/10/2010
العمر : 57

محاضرات في التاريخ الأوربي الوسيط /د. الطاهــر عمـــــــري Empty
مُساهمةموضوع: رد: محاضرات في التاريخ الأوربي الوسيط /د. الطاهــر عمـــــــري   محاضرات في التاريخ الأوربي الوسيط /د. الطاهــر عمـــــــري Icon_minitime1الخميس أكتوبر 21, 2010 12:58 am

المحاضـرة الرابعـة
غـــــــــزوات الجرمـــــــــــــان

يؤكد المؤرخون علي حقيقة مفادها أن هناك ثلاثة عوامل سيطرت على مصير التاريخ الأوربي حتى نهاية القرن الثالث الميلادي وهي: الحضارة اليونانية والإمبراطورية الرومانية والديانة المسيحية. ولكن تغلغل الجرمان في جوف الإمبراطورية الرومانية غير مجرى التاريخ الأوربي الوسيط جذرياً.
1. الكلت:
سبق للإمبراطورية الرومانية أن تعرضت لغزوات شرسة من طرف البرابرة ومن بينهم الكلت Les Celtes الذين هم أحد عناصر الجنس الهندو-أوربي الذين نفدوا إلى أوربا في هجرتهم نحو الغرب منذ أزمنة سحيقة. وكاوا في البداية قد نزلوا في الغابات الواقعة في شمال أوربا والجهات المعروفة الآن بجنوب ألمانيا ووديان أعالي الدانوب وأواسط الراين حتى نهر الألب شرقاً، غير أنهم اضطروا تحت ضغط الجرمان من الشمال إلى ترك مواقعهم في هذه المناطق والانتشار جهة الجنوب الغربي والجنوب الشرقي وذلك منذ أوائل القرن الرابع الميلادي فنزلوا في غالة أي فرنسا الحالية والجزر البريطانية بل اضطروا إلى الرحيل إلى إيطاليا ذاتها بلاد اليونان وآسيا الصغرى فصاروا بذلك منتشرين في منطقة واسعة تمتد بين شواطئ البحر الأسود و المحيط الأطلسي.
ولكن يذكر المؤرخون أن الكلت ما لبثوا أن ذابوا وسط محيط العالم الروماني وفقدوا كثيرا من مقوماتهم الشخصية بل يذكر أنهم اصطبغوا بالصبغة الرومانية واعتنقوا المسيحية وصاروا من صمن الرعايا الرومان رغم أنه قد ظلت بعض صفاتهم المميزة ومقوماتهم الشخصية في الجزر البريطانية وأيرلندا بالنظر إلى تطرق موقعها وبعدها النسبي عن دائرة التأثير الروماني المحض[2]. ولكن يذكر الدكتور نعيم فرح أنه بعد أن احتل الرومان إنجلترا تأثر الكلت بالحضارة الرومانية وسلكوا مسارها ولكن هذا الرأي لا ينفي أن الكلت حافظوا في هذه المنطقة بالذات على بعض من خصائصهم التي تميزوا بها منذ القرن الأول الميلادي كنظام الطبقية والنمط الزراعي[3].
2. الجرمان: أصلهم من الجنس الآري الذين سكنوا آسيا الوسطى قديما ويذكر أن الغاليين Gaulois هم الذين أطلقوا عليهم تسمية الجرمان ويعنون بها جيران لأن الجرمان كانوا يتمركزون وراء نهر الراين[4]. وقد تحدث عنهم يوليوس قيصر وقال أنهم كانوا يسكنون حول بحر البطيق وذكر فرقا منهم وهم القوط الرغبيون والقوط السشرقيون والوندال والآٍلان والفرنحة واللومبارديين والأنجلوساكسون والأمان والنورمانديون ثم زحفوا تدريجيا واستقروا على حدود الإمبراطورية الرومانية[5]. وقد وصف يوليوس قيصر في القرن الأول قبل الميلاد كثيرا عن حملاته في غالة وأكثر من وصف الجرما وذلك في المذكرات الواردة في كتابه De bello Gallico[6]. ومما ورد في كتابات تاكيتوس في أوائل القرن الثاني الميلادي تتضح صورة الحياة التي كانت تحياها العناصر من البرابرة وطرق معيشتها وأساليبها في الحياة العامة وجياتها الحربية. فتشير الروايات إلى أنهم قوم من البدو الرحل يعشقون الحرب ولهم شغف كبير بالصيد ولا يميلون كثيرا إلى امتهان الزراعة وكانت لهم فضائل كثيرة أهمها كرم الضيافة واحترام العهد والشجاعة الفائقة والنظافة والعفة. وكانوا يتخذون من جلود حيوان الرنة لباسا يغطي جانبا ضئيلا من أجسادهم. ويذكر أنهم كانوا يستحمون ذكوراً وإناثا في الأنهار، وغذاؤهم اللحم واللبن والجبن وكاوا يتجولون باستمرار خلال الغابات الكثيفة والمستنقعات وكاوا دوما يرتحلون من مكان إلى آخر ولم يكن لهم ذخل إلا ما كانوا يحصلون عليه بواسطة الحرب والقتال[7]. أما بلادهم جرمانيا فقد وصفها تاكيتوس بكونها منطقة تحوطها الغابات الكثيفة وتغطيها المستنقعات وانعكست طبيعة هذه البلاد على سكانها من الجرمان وخصوصا في طبائعهم وميلهم إلى الغلظة. وكان الجرمان ذوي أجسام فارعة وبشرة ناصعة البياظ وعيون حادة زرق وشعر أشقر مرسل وكانوا يشربون الخمر حتى الثمالة ويعشقون الشجار والمقامرة وكذلك العناء ويخلصون إخلاصا شديدا لشيخ العشيرة وكانت لهم شهوة جامحة نحو المغامرات الحربية.ومن أهم مميزاتهم الاجتماعية احترامهم لرباط الأسرة القوي ورعايتهم للمرأة وكرههم لتعدد الزوجات وحبهم للإكثار من الدرية فضلاً عن تمتع الأب بسلطة تامة على زوجته وأولاده وهذه الصفات لم تتغير حتى بعد اختلاطهم بالرومان. وكان للجرمان عادة الإكثار من الأولاد في الأسرة الواجدة وهذا ما لأدى إلى تفوقهم على الرومان تفوقا عدديا حاسما حين اندلعت الحروب بين الفريقين واشتد القتال. وكانت العشيرة تتألف من مجموعة من الأسرات ذات القرابة، وتمتع رئيس العشيرة بمكانة ممتازة وسلطة تكاد تكون مطلقة وحصل من رفاقه المحاربين على يمين الولاء وعهد بالدفاع عنه وحمايته وكان هو بدوره يبالغ في إظهار كرمه وسخائه نحو رفاقه. ومن مجموعة العشائر المختلفة كانت تتألف القبيلة الكبرى أو الفرع الجرماني الكبير[8]. وعرف الجرمان نظام الطبقات حيث كان هناك ثلاثة طبقات اجتماعية: طبقة النبلاء وطبقة الأحرار وطبقة العبيد.فبينما كان العبيد يقومون بأعمال الفلاحة وزراعة الأرض وغيرها من الأعمال اليومية اقتصر دور النبلاء وهم صفوة المجتمع الجرماني على بممارسة الحرب والتمتع بشرف الانتساب للفئة المميزة في المجتمع وهي فئة المحاربين ولم يحتل الأحرار الحرمان منزلة هامة في هذا المجتمع فلم يزيدوا كثيرا عن طبقة الفالحين من العبيد وإن تميزا عنهم بملكيتهم قطعا صغيرة من الأرض لأن الحرية في المجتمع الحرمان ارتبطت إلى حد كبير بملكية الأرض.

وكانت حياة القبائل الجرمانية حافلة بالحروب فيما بينها، حتى يذكر أن الجرمان صاروا جموعا من القبائل والعشائر المتناحرة فيما بينها كما أن نظرتهم لجارتهم الإمبراطورية الرومانية اختلفت من طرف إلى آخر، فنظر إليها بعضهم على أنها عدو تجب محاربته في حين نظر إليها البعض الآخر على أنها موطن يرجى استيطانه ومصدر للرزق يمكن الإفادة منه ببذل الخدمة العسكرية[9].
[1] ينظر: شارل أندري جوليان، تاريخ إفريقيا الشمالية، ج.1، ترجمة: محمد مزالي وآخر، الدار التونسية للنشر، تونس، ص.
م.م. مرسي الشيخ، تاريخ أوربا في العصور الوسطى، دار المعرفة الجامعية، الإسكندرية 1995، ص ص.73-74[2]

نعيم فرح، تاريخ أوربا في العصور الوسطى، دمشق 1987، ص.17[3]

[4][4] نهر الراين: يعد من الأنهار الداخلية في أوربا يبلغ طوله 1320كلم ويقطع مسافة تقدر 244600 كلم وينبع من شرقي سويسرا ويشكل جزءا من حدود سويسرا والنمسا وفرنسا وألمانيا، ويعبر ألمانيا وهولندا باتجاه بحر الشمال.
ينظر: نور الدين حاطوم، تاريخ العصر الوسيط في أوربا، ج.1، دار الفكر، دمشق1982، ص.16

[5] نعيم فرح، المرجع السابق، ص.20

[6] م.م. مرسي الشيخ، المرجع السابق، ص.20

[7] Tacitus, Germanic institutions, MED. WORLD, pp.48-60
[8] م.م. مرسي الشيخ، المرجع السابق، ص ص.78-79

[9] نفسه، س.82


1. اصطدامهم بالرومان: اصطدمت الإمبراطورية الرومانية بمجموعتين كبيرتين انقسم إليها الجرمان بعد انسحابهم من شبه جزيرة اسكندناوه إلى جوف القارة الأوربية وقد ضمت مجموعة الجرمان الغربيين كلا من الفرنجة الإنجليز والسكسون والسويفيين والألماني وضمت مجموعة الجرمان الشرقيين القوط والوندال والجبيداي والبرجنديين واللمبارديين والروجيين وغيرهم..وفي حين بقي فريق من الجرمان في شبه جزيرة اسكندناوة حيث تفرعت الأمم السويدية النرويجية الدانية الحالية وصل فريق في رحلته جنوباً بالغرب عبر ألمانيا سعياً وراء العيش والجو الدافئ أو حبا في المغامرة والحرب إلى حوض نهر الراين في حين اتجه فريق ثالث وجهة شرقية فوصل إلى ضفاف نهر الدانوب[1]وسواحل البحر الأسود.وهذان التياران من تيارات الهجرة الجرمانية هما اللذان اصطدمت بهما الإمبراطورية الرومانية.
2. أسباب الصدام: من بين الأسباب التي دفعت الجرمان إلى التحرك إلى تخوم الإمبراطورية الرومانية يذكر مرسي الشيخ: الرغبة في الاستفادة من مظاهر الحضارة الرومانية جرياً على قاعدة ابن خلدون الشهيرة: المغلوب مولع بإتباع الغالب في مأكله ومشربه وسائر عاداته[2]وكذلك طمعاً في السيطرة على ثروات الأراضي الرومانية وخصبها وكذلك التغيرات التي حدثت في المنطقة من حولهم وأسهمت في دفعهم إلى جوف الإمبراطورية الرومانية وذلك منذ أواخر القرن الثاني الميلادي،ومن بين هذه التغيرات جوانب اقتصادية تتمثل في ضيق سبل العيش في بلادهم نظراً لتزايد أعدادهم وفقر أراضيهم وكونها عبارة عن مساحات شاسعة من الغابات والمستنقعات هذا إضافة إلى تعرضهم لكوارث الطبيعة من جفاف ومجاعات وفيضانات وحرائق في الغابات وصواعق. وهناك جانب آخر من هذه التغيرات له طابع عرقي ويتمثل فيما حدث من ضغط قبائل أخرى على الجرمان كالصقالبة والسلاف من جهة الشرق حملتهم على التحرك والزحف باتجاه مواطن أخرى عبر نهري الراين والدانوب ويتطلعون في حسد إلى الأراضي الخصبة والمدن العامرة على الضفة الأخرى للنهرين الكبيرين[3]. غير أن تحرك فريق من الجرمان الشرقيين وهم القوط وزحفهم إلى داخل الإمبراطورية الرومانية كان نتيجة لتحرك شعب آسيوي آخر أشد ضراوة وأكثر وحشية وهم الهون[4]. حيث هزموا القوط الشرقيين وراحوا يدفعونهم وغيرهم من الجرمان إلى داخل الإمبراطورية الرومانية. بدأت العلاقات بين الجرمان والإمبراطورية الرومانية بمرحلة من السلم والتعاون بين الجانبين استغرقت حوالي قرنين من الزمان أي إلى نهاية القرن الثاني الميلادي وبالتحديد نهاية عهد الإمبراطور ماركوس أورليوس سنة 180م.ولكن الأمور أخذت في التبدل باتجاه العداوة ابتداء من أواخر القرن الثاني حين عاثت قبائل الجرمان فساداً في حوض نهر الدانوب وأخذت هجماتهم في هذه المرحلة طابع الهجمات المتفرقة والعمليات الحربية غير المنظمة وغير الشاملة. وقد تنازلت الإمبراطورية الرومانية للقوط عن إقليم داشيا بالبلقان وذلك لتأخير تغلغلهم في أراضيها. وفي أواخر القرن الرابع الميلادي توجهت الإمبراطورية الرومانية للإفادة من هذه العناصر المتحمسة الوافرة النشاط وعملت على استخدامهم كجند مرتزقة في الجيوش الرومانية وهكذا صار كثير من القادة العسكريين في الجيش الروماني تجري في عروقهم دماء جرمانية وخصوصا بعد أن صار التزاوج بين الجانبين أمراً مألوفا في القرنين الثالث والرابع الميلاديين
3. الهجمات المنظمة: تميزت هجمات الجرمان أواخر القرن الرابع الميلادي بطابع الهجمات المنظمة والهجرات الجماعية الكبيرة وانتهي الأمر إلى استقرار الجرمان الدائم داخل حدود الإمبراطورية الرومانية وتأسيس ممالك جرمانية معروفة ظلت قائمة فترات طويلة لتصبح أحد العناصر الهامة والمؤثرة في التاريخ الأوربي الوسيط.وقد استقر القوط الغربيون في إقليم داشيا من بلاد البلقان الذي تنازلت عنه الإمبراطورية الرومانية مرغمة وذلك نحو قرن من الزمان بين 275-375م وذلك قبل أن يعبروا إلى داخل الإمبراطورية الرومانية ويقيموا ممالك مستقرة ويقوضوا نفوذ الحكومة الغربية وسلطانها. وبعد دخول الهون إلى داشيا سنة 376م وهزيمتهم لعشائر القوط الغربيين وإجلائهم عن هذه المنطقة من البلقان توسل القوط الغربيون إلى الإمبراطور فالنز Valens 364-378م أن يهبهم ملجأ يحتمون به من خطر الهون فسمح لهم هذا الإمبراطور بعبور نهر الدانوب والالتجاء إلى الأراضي المهملة في تراقيا ومحاولة استصلاحها ويبدو أن هذا الإمبراطور كان يهدف إلى الاستفادة من قبائل القوط الغربيين خصوصاً وأن القوط الغربيين اعتنقوا المسيحية وتأثروا بالحضارة الرومانية. ولكن هذا التصرف من الإمبراطور فالنز كانت له انعكاسات سيئة على أمن الإمبراطورية الرومانية، إذ لم يقنع القوط الغربيون أن يكونوا مجرد مواطنين خصوصاً وأنهم لا زالوا يحافظون على طابعهم القبلي فأخذوا يفرضون سلطتهم على السكان المجاورين وبدأوا يستولون لحسابهم الخاص على كل المنطقة إلى غاية نهر الدانوب وأعلنوا الثورة على الإمبراطور فالنز وهزموه في موقعة أدرنة سنة 378م ولقي حتفه على أيديهم وبهذا النصر الكبير بدأوا مرحلة هامة في علاقتهم بالإمبراطورية الرومانية. وانتهز القوط الغربيون فرصة ضعف الإمبراطورية الرومانية بعد ثيودسيوس العظيم الذي عرف كيف يحقق فترة من السلم معهم دامت ثلاثة عشر سنة- وخصوصاً بعد انقسام الإمبراطورية الرومانية إلى قسمين: شرقي وعاصمته القسطنطينية وغربي وعاصمته رافنا [5]Ravenna الأمر الذي أدى إلى تفتت وحدة الإمبراطورية وضعفها. وقد بادر القوط الغربيون بانتخاب ملك عسكري عليهم في سن الثلاثين ممتلئاً بالحماسة والجسارة وهو ألاريك الذي قاد عشائره من القوط الغربيين وهجم أثينا وتساليا واستولى على كورنثة وإسبرطة في بلاد اليونان وبدأ يعد العدة لغزو إيطاليا وتعرضت هذه الأخيرة لحصار القوط الغربيين ثلاث مرات حتى اضطرت في النهاية لفتح أبوابها لهم سنة 410م فاستباحتها جيوش ألاريك وعاثت فيها فساداً، وفكر هذا القائد الفذ في غزو إقليم شمال إفريقيا الذي كان يمد روما بالغلال وسار بقومه نحو جنوب إيطاليا لعبور البحر المتوسط ولك الموت عاجله إذ توفي في نفس العام. وعملت الإمبراطورية الرومانية بعد ذلك على صرف الغزاة عن إيطاليا بمنحهم إقليماً آخر ووافق على ذلك القوط الغربيون لأنه لم يكن في خططهم ولا من مصلحتهم القضاء على الإمبراطورية الرومانية فمنحهم الإمبراطور هونريوس إقليم لاكتين Aquitaine ‘L في جنوب غرب غالة في المنطقة الممتدة من نهر اللوار حتى حدود جبال البرانس Les Pérénés وكانت جموع الوندال والآلان والسويفيين قد غزوا غالة قبل ذلك فأرادت الإمبراطورية الرومانية أن تضرب عصفورين بحجر واحد: إبعاد القوط الغربيين عن إيطاليا ودفع الجماعات الأخرى وهي أكثر بربرية من القوط الغربيين عن غالة. ولم تمض سوى عدة سنوات حتى كان القوط الغربيون قد استقروا في المنطقة الواقعة بين نهري اللوار والجارون ومن بينها تولوز وبوردو وبواتييه وذلك قبل لأن يخرجوا جموع السويفيين والوندال عن إسبانيا ويقيموا بها مملكة مستقرة ظلت قائمة لفترة طويلة[6].
غزو الجرمان إفريقيا الشمالية: اضطر الوندال وهم فرع من الجرمان الشرقيين إلى ترك إسبانيا والنزوح إلى شمال إفريقيا عبر البحر المتوسط سنة 429م تحت قيادة ملكهم جنسريق، وكان ذلك كما ذكرنا آنفاً تحت ضغط القوط الغربيين. وقد تم استيلاء الوندال على نوميديا وما يليها غرباً واتخذوا من بونة عاصمة مملكتهم واستغلوا في ذلك ضعف روما وتمزقها وكذلك اشتغال الرومان بحرب القوط. فلم يهمل جنسريق هذه الفرصة وذهب إلى قرطاجنة ففتحها من غير عناء واستولى على البروقنصلية وتم له بذلك الاستيلاء على تونس والجزائر ومراكش وذلك سنة 439م. وقد أقام جنسريق في إفريقيا دولة عظيمة حسب التقاليد الجرمانية التي لم يتردد في إدخال تغييرات عليها كلما اقتضى الأمر ذلك ولقد استقام لملك الونذال والآلان منذ سنة 442م ملك مطلق. ويرى مبارك الميلي أن سرعة احتلال الوندال للغرب هو مساعدة البربر لهم والسبب في ذلك- يقول الميلي- أنهم كانوا ينفرون من سلطة روما ويعشقون الاستقلال. ونظراً لكون الوندال أمة حربية متعصبة لمنهجه فإن أعمالهم كانت منحصرة في تخريب حصون الرومان وامتلاك ما كانواأخذوه عن البربر من أراض واضطهاد الأرثوذكس الروماني النزعة. غير أنه من الممكن القول أنه كانت للوندال نواح إيجابية بالنسبة إلى البربر وذلك من ناحيتين: من الناحية الاقتصادية أنه لم مكن كثيراً من
[1] الدانوب: ثاني أطول أنها أوربا بعد نهر الفولجا يجري الدانوب على طول 4860 كلم من منبعه بألمانيا إلى مصبه في البحر الأسود في أوربا الشرقية وتبلغ مساحته نحو 815800لكم.

[2] ابن خلدون، المقدمة، ص.

[3] م.م. مرسي الشيخ، المرجع السابق، ص ص.83-84

[4] الهون: هم قبائل تركية مغولية تحركوا في القرن الرابع الميلادي من منغوليا نحو الغرب فخضعت لهم عدة قبائل منها: الآلان والقوط الشرقيون وغيرهم من البرابرة..

[5] تزعزع في هذه المرحلة المركز السياسي لروما فلم تعد هي العاصمة السياسية للإمبراطورية لم تعد حصنا للمسيحية.

[6] م.م. الشيخ، المرجع السابق، ص ص.92-96


1. الطبقات البربرية الفقيرة من عمال الأرض الأجراء والقبائل المطاردة من استرداد أراضيها الزراعية التي صادرها الرومان. أما الجانب الثقافي فقد قضوا على الطبقة الرومانية والمترومنة وبالتالي فقد حد وجودهم ولو جزئياً من انتشار اللغة اللاتينية والثقافة الرومانية.وقد قضى الوندال فترة احتلالهم لشمال إفريقيا في سلسلة من الحروب والثورات مع البربر وكان مصير الجيش الوندالي هزيمة ساحقة سنة 523م وطردوا من شمال إفريقيا رغم احتلالهم الذي دام حوالي قرن من الزمان فقد سقط حكم الوندال بدخول القائد البيزنطي بليزاريوس إلى قرطاجنة وهزيمته للإمبراطور الوندالي جليمار سنة 534م[1].
2. البرجنديون: وهم فرع آخر من فروع الجرمان الشرقيين، ظهروا على مسرح الأحداث في القرن الثالث الميلادي وتقدموا من موطنهم الأصلي في وادي الماين في الجزء الأوسط من حوض نهر الراين، وقرب أوار القرن الرابع الميلاد جي تحركت حموعهم إلى الجزء المعروف حالياً باسم بلجيكا ولكنهم اضطروا تحت ضغط الهون إلى شق طريقهم في غالة بشيء من العنف حتى استقروا في سافوي قرب نهر الساوون سنة 443م وكان ذلك بموافقة الحكومة الرومانية فشكلوا بذلك مملكة أريوسية مستقلة أخذت تتوسع حتى كادت تبلغ شاطئ البحر المتوسط وصارت تشمل في سنة 498م كل المنطقة الواقعة بين جبال الألب ونهر الرون ولكنها لم تستطع أن تصمد أمام الفرنجة الذين وصلوا إلى غالة وأوقفوا توسعات البرجنديين في هذه الجهات[2] .
3. الهون: وهم كما سبق أن ذكرنا عنصر آسيوي من جنس المغول وكانوا قد نفذوا إلى جنوب شرق أوربا قادمين من أواسط آسيا عبر البراري والسهوب الآسيوية في أواخر القرن الرابع الميلادي. والهون هم أكثر بربرية من العناصر السابقة وكانوا كلما مروا ببلاد خربوها. وقد ظل الهون يقيمون على شواطئ البحر الأسود في المنطقة المعروفة حالياً بالمجر منذ أواخر القرن الرابع حتى سنة 425م حين أخذوا يزحفون نحو البلقان. وحين تولى أتيلاّ حكم الهون سنة 433م بدأت مرحلة هامة في تاريخهم إذ سيطروا على معظم القبائل الجرمانية وغير الجرمانية المقيمة في حوض نهر الدانوب وكان فيهم القوط الشرقيون والصقالبة في جنوب روسيا. وحين قررت الإمبراطورية الرومانية وقف دفع الإتاوات الباهظة لأتيلا قرر هذا الأخير الزحف غرباً للاستيلاء على الجزء الغربي من الإمبراطورية نظراً لضعفها وعبث الجرمان فيها فعبر نهر الراين إلى غالة سنة 451م ونهب مدنها الكبيرة وقد تحالف إتوسيوس قائد الإمبراطورية الغربية مع القوط الغربيين الذين كانوا أعداءه قبل ذلك لصد هذا الخطر المشترك وكان لهم النصر على الهون في نهاية الأمر. وهكذا فإن هزيمة الهون في غالة سنة 451م وتراجعهم عنها كان أمراً بالغ الأهمية بالنسبة لغرب أوربا قاطبة إذ قدر لها أن تنجو من وحشية هذا الشعب الذي تراجع إلى روما وعاث فيها فساداً سنة 452م وذلك قبل لأن ينسحب منها بسبب الأمراض ونقص المؤونة والخوف من انتقام الجيش الروماني.
أتيلا قائد الهون
Figure 1

4. سقوط الإمبراطورية الرومانية في الغرب: وصلت الإمبراطورية الرومانية إلى مستوى خطير من الضعف والاضمحلال خصوصاً بعد وفاة فالنسيان الثالث سنة 455م، وخصوصاً بعد أن عاث فيها الجرمان فساداً بل إنهم أقاموا بها دويلات مستقلة داخل حدودها الرسمية وخصوصاً بعد أن سيطر على مصائرها قادة عسكريون تجري في عروقهم الدماء الجرمانية ولم يكن لهم أي اهتمام بالمحافظة على أمجاد روما وضمان سلامتها وأمنها[3]. وقد ظهر قائد شهير من الجرمان الشرقيين وهو إدواكرOdovacer قائد الإمبراطور الروماني الصغير روميلوس أوغسطولوس الذي أدرك سنة 476م أن لديه من القوة ما يمكنه من خلع الإمبراطور الغربي وإدارة شؤون إيطاليا وقد سلك طريقاً ديبلوماسية للوصول إلى هدفه إذ أعلن ولاءه للإمبراطورية الشرقية وارتبط بالتبعية لها وحصل من مجلس السيناتو عل موافقة شكلية فاتصل بالإمبراطور زينون لطلب تفويض بحكم إيطاليا في ظل التبعية للقسطنطينية وخلع الإمبراطور الغربي.ورحب الإمبراطور زينون بعودة إيطاليا وما بقي لها من نفوذ إسمي في الغرب إلى حظيرة الإمبراطورية الشرقية وهو الأمر الذي شجع أدواكر وخلع آخر الأباطرة الرومان في الغرب سنة 476م ونفاه إلى جنوب إيطاليا وانفرد بتسيير دفة الحكم في إيطاليا ووضع نهاية لمجد الإمبراطورية الرومانية في الغرب وظل غرب أوربا دون إمبراطور حتى توج شارلمان سنة 800م. ويذكر المؤرخون أن هذا الحدث المتمثل في سقوط عاصمة الإمبراطورية الرومانية في الغرب صار حدا فاصلاً بين العصور القديمة والعصور الوسطى كما كانت له آثار سلبية بالنسبة لممالك الجرمان بغرب أوربا إذ ساعد على تطوير هذه الممالك واستقلالها وتحررها من أية ضوابط. وكان لهذا الحدث أثر ثالث تمثل في كونه عمل على تطوير البابوية في إيطاليا بعد أن أفسحت لها السلطة الرسمية المجال وذلك للحصول على ولاء الإيطاليين والالتفاف حول البابا وتفويضه الزعامة في غياب الإمبراطور وصار الشعب الإيطالي ينظر إلى الكنيسة في روما على أنها الحصن الثاني للدفاع عن إيطاليا واستعادة مجدها وكان لذلك دون شك أبلغ النتائج بالنسبة لغرب أوربا بصفة عامة وتاريخ البابوية بصفة خاصة[4].
5. القوط الشرقيون وإيطاليا: ينتمي القوط الشرقيون إلى فروع الجرمان الشرقيين وكاوا قرب منتصف القرن الرابع قد تركزوا بالجهات الواقعة في شمال البحر الأسود، لكنهم تعرضوا كما ذكرنا لخطر الهون حوالي سنة 453م وحينها هاجموا الهون ودمروا إمبراطوريتهم وأخذوا يلعبون دورهم الخاص كبقية القبائل الجرمانية، وبدأوا بالتجول في أقاليم البلقان وأخذوا يعيثون فساداً في بلاد اليونان وسببوا ضغطاً شديداً على القسطنطينية وقد صادر ثيودريك ملكاً للقوط الشرقيين سنة 480م. ولما تفاقم خطرهم خطرهم على البلقان رأى الإمبراطور الشرقي زينون أن يعهد إلى ثيودريك بإدارة شؤون إيطاليا ليبعده عن البلقان ويحدث الصدام بينه وبين أدواكر ويضعف بذلك الطرفين مرة وحدة. وقد نزل ثيودريك إيطاليا ودخل في معارك طاحنة مع إدواكر انتهت آخرها سنة 490 بهزيمة ساحقة لأدرواكر سنة 490م وتحطمت بذلك قواته. وسارع مجلس السيناتو في إيطاليا بتأييذ ثيودريك والاعتراف به سيداً على إيطاليا وهكذا حل القوط الشرقيون في إيطاليا تحت زعامة ثيودريك وأقاموا هناك مملكة مستقلة في ظل التبعية الاسمية للإمبراطورية الشرقية، ولكنه لم تكد تمضي سنوات قليلة على وفاة أدواكر حتى نزلت قوات حستنيان العظيم بإيطاليا وانتزعها من القوط الرقيين وقضى على دولتهم نهائياً قرب منتصف القرن السادس الميلادي[5].
الفرنجة وغالة: الفرنجة هم أحد عناصر الجرمان الغربيين الذين صاروا في القرنين الثالث والرابع قوة جرمانية كبيرة وانسابوا في شمال غالة مكونين مجموعتين كبيرتين هما الفرنجة البحريون أو الساليونSaliensوالفرنجة البرّيون أو الريبوريون Ripuaires. وظل الفرعان مصدر خطر كبير على سلطات الإمبراطورية الرومانية في غالة فترة طويلة وبعد سقوط إمبراطورية الغربية سنة 476م بطلع الفرنجة البحريون للاستيطان في غالة ونجح كلوفيس زعيم الفرنجة البحريين ومؤسس دولتهم أن يلحق الهزيمة بممثل الإدارة الرومانية في غالة سنة 486م ويمهد للانتشار في الجهات الشمالية من غالة. ويعتبر كلوفيس هو مؤسس البيت الميروفنجي والدولة الفرنجية التي عاشت طوال العصور الوسطى
[1] ينظر: الطاهر عمري، دور بنى المجتمع الجزائري في مقاومة الاستعمار، أرشيف ولاية قسنطينة1999م

[2] م.م. الشيخ، المرجع السابق، ص.100

[3][3] تذكر بعض المصادر أن الإمبراطورية الرومانية تنبهت إلى خطر هؤلاء القادة ذوي الأصول الجرمانية فأعدمت بعضهم.إذ أعدم الإمبراطور فالنسيان الثالث قبل وفاته بعامين القائد الشهير إيثيوس سنة 453م حين تطلع هذا الأخير إلى السيطرة على الإمبراطورية الغربية.

[4] م.م .الشيخ، المرجع السابق، ص ص.102-106

[5] نفسه، ص ص.108-109


1. وتولدت منها مملكة فرنسا في التاريخ الأوربي الحديث. كانت قوة الفرنجة ترجع إلى جرأة وطموح كلوفيس الذي لعب دوراً كبيراً في تاريخ فرنسا ثم في تاريخ الغرب الأوربي ثانياً. وكذلك ترجع إلى حرص الفرنجة على التوسع فقط في المناطق المجاورة لهم فظل موطنهم الأصلي في الحوض الأدنى لنهر الراين وذلك بخلاف بقية العناصر الجرمانية التي ابتعت عن مواطنها الأصلية وصارت تحت رحمة الأعداء ولهذا احتفظ الفرنجة بحضارتهم وتراثهم وحيويتهم وظلوا أمة مترابطة تعلو فوق عوامل التفكك والضياع وسط المحيط اللاتيني الكبير الذي نجح في إذابة جماعات جرمانية أخرى. ولكن أهم خطوة كفلت الاستمرار والبقاء لمملكة الفرنجة هو ما قام به كلوفيس سنة 496م من تحول من الوثنية إلى الكاثوليكية السائدة في غالة، فأقدم بذلك على أهم خطوة في تقريب نفسه من قلوب السكان وسلطات الكنيسة الكاثوليكية في غالة وأحل قومه منزلة هامة وسامية بين أهل البلاد المفتوحة[1] . وسوف يترتب على هذه الخطوة نتائج سياسية هامة[2]. وهكذا صار كلوفيس بهذا التصرف الحكيم بطلاً من أبطال المسيحية الكاثوليكية وسيفاً من سيوف المسيح لتقليم أظافر الممالك الأريوسية المجاورة ووضع حدّ لعبثها في البلاد والقضاء على زندقتها الدينية باسم الكنيسة الكاثوليكية. وقد رضي كلوفيس وهو ملك من البرابرة أن تستلم حكومته الإرشاد من الكنيسة وأن يضع نفسه في خدمة تلك الكنيسة وقد دام هذا الحلف طويلاً بين دولة الفرنجة والكنيسة الكاثوليكية وآذن بظهور عصر جديد في تاريخ غالة والتاريخ الأوربي معاً.
Figure 2
2. الإنجليز والسكسون في بريطانيا: قدم الإنجليز والسكسون والجوت من شواطئ بحر الشمال ومن شبه جزيرة جرتلاند ومن الدانمارك ومن الجهات الواقعة إلى جنوب الدانمارك وكان يربط بينهم اشتراكهم في اللغة والعادات ويجمع بينهم هدف الاستقرار في موطن جديد. وقد لعبت هذه العناصر دوراً هاما ف022ي تاريخ الجزر البريطانية واستمرت هجماتهم على الشواطئ الشرقية للجزر البريطانية وشواطئ بحر المانش منذ أواخر القرن الثالث وأوائل القرن الرابع الميلادي. واستغرقت المرحلة الأولى من غزواتهم لبريطانيا الفترة الواقعة بين منتصف القرن الخامس ومنتصف القرن السادس تقريباً إذ توافد الإنجليز والسكسون في حركة تشبه حركة الاستعمار وتميزت بالقسوة في معالمة السكان وفي بداية القرن السابع الميلادي استولى الجرمان على كل ما هو معروف الآن باسم إنجلترا باستثناء بعض المدن المنيعة. وترتب عن هذه الغزوات تقهقر اللغة اللاتينية وتراجع المسيحية وانحطاط المدن الكبرى واضمحلال النظم الرومانية وتحول رؤساء القبائل وزعماء العشائر الجرمانية إلى ملوك متوجين بعد استقرارهم فظهرت ممالك قبلية متعددة وساعدت الظروف الجغرافية على تكوينها إلا أن الحروب الداخلية منعت تطورها ولم تصبح إنجلترا موحدة إلا بعد مرور أجيال عديدة[3].
المحاضرة الخامسة
الإقطاع والنظم الإقطاعية في أوربا خلال العصور الوسطى
-تمهيد
- ماهية الإقطاع
- بروز وتطور مبادئ الإقطاع
- التكريبة الاجتماعية للمجتمع الإقطاعي
- نضج النظام الإقطاعي وزواله
* * *
لم يكن العصر الوسيط عصرا منقصلا عن العصور التي سبقته أو لحقته فمنذ بداية العالم والعصور التاريخية يلاحق بعضها بعضا في عملية نمو بطؤء يتدرج فيه المجتمع الإنساني من مرحلة إلى أخرى لأسباب عديدة ولما كان العصر الإقطاعي مرحلة من مراحل تاريخ العصور الوسطى فالحكم نفسه ينطبق عليه بمعنى أن العصر الإقطاعي ليس منفصلا عما سبقه أو لحقه من عصر وهو طور من أطوار النمو الذي تدرجت فيه البشرية. وبلغت مرحلة الإقطاع مداها في أوربا خلال القرنين التاسع والعاشر الميلادي وليس معنى ذلك أن الإقطاع بدأ في مطلع القرن التاسع وانتهى بنهاية القرن العاشر فالتطور إلى المجتمع الإقطاعي ليس بالحادثة التي يحددها زمن معين مثل معركة أو تنصيب ملك على العرش إنما هو عملية تطور تدريجي وطبيعي.
1- تعريف الإقطاع: الإقطاع هو مصطلح عام يستعمل لوصف النظام السياسي والعسكري الذي كان سائدا في غربي أوربا خلال القرون الوسطى ففي ذلك العصر لم بكن هناك حكومة مركزية قوية كما كان الأمن ضعيفا ولكن النظام الإقطاعي كان يسد الحاجة الأساسية من العدالة والحماية وكثيرا ما يخلط الناس بين الإقطاع والنظام الإقطاعي الزراعي. فقد كان الإقطاع الزراعي نظاما لتنظيم العمالة الزراعية ويشير إلى العلاقة الاقتصادية بين السيد الذي يملك الأرض الزراعية والفلاحين الذين يستأجرون منه الأرض وعلي الجانب الإخر فإن الإقطاع كان في جوهره نظاما سياسيا وعسكريا وكان كل من السيد وأفراد رعيته الذين يعرفون باسم المقطعين من الأرستقراطيين وكان السيد يمنح الأرض للمقطعين مقابل قيامهم
[1] هذا في الوقت الذي دخلت فيه طوائف الجرمان الأخرى إلى جوف الإمبراطورية الرومانية لتقيم ممالك جرمانية أريوسية المذهب مخالفة بذلك المذهب السائد بين بقية السكان ولتمثل طبقة مذهبية مناهضة لبقية الطبقات الأخرى.

[2] يذكر أن الدافع وراء هذه الخطوة التي اتخذها كلوفيس باعتناقه المسيحية الكاثوليكية ترجع إلى زواجه من أميرة برجندية كاثوليكية هي الأميرة كلوتيلدا التي ربما أغرته باعتناق هذا المذهب..

[3] م.م. مرسي الشيخ، المرجع السابق، ص ص .115-166

من الأرستقراطيين وكان السيد يمنح الأرض للمقطعين مقابل قيامهم بخدمات عسكرية وكان السيد والمقطعون يلتزمون فيما بينهم برباط من المراسيم والعهود على أن يخلص كل طرف للآخر ويوفي بالتزاماته. أما الفلاحون فلم يكن لهم دور في مثل هذه الترتيبات.
- نشأ النظام الإقطاعي ليوفي بحاجات عصره ففي القرن الخامس ميلادي غزت القبائل الجرمانية أراضي الإمبراطورية الرومانية الغربية وقامت بتقسيمها إلى ممالك عديدة وكانت هذه الشعوب الجرمانية يسمون البرابرة لا تدين بالولاء إلا لزعماء قبائلها وأسرها وهكذا زالت الحكومة المركزية الرومانية وقد أدت تلك الغزوات إلى حالة من الفوضى العامة والحروب المستمرة في السنوات التي تلت غزو البرابرة للإمبراطورية الرومانية الغربية وقد ساعد النظام الإقطاعي في إقامة النظام في أوربا الغربية. وقد أنشأ الصليبيون في القرن الثاني عشر الميلادي دولهم في الشرق الإسلامي على أساس من النظام الإقطاعي. وقد ظهر النظام الإقطاعي أولا في كل من فرنسا وإنجلترا وإسبانيا ثم انتشر في باقي الأنحاء الأخرى من العالم المسيحي وأنشأ الصليبيون دولتهم في الشرق الأدنى على أسس النظام الإقطاعي وقد بلغ النظام الإقطاعي قمته بين القرنين التاسع والثالث عشر الميلاديين ولكنه أصبح نظاما باليا في القرن الخامس عشر الميلادي[1].
وهكذا فٌن الإقطاع الأوربي بهذا المفهوم السابق هو نظام اقتصادي ساد في أوربا منذ نهاية الإمبراطورية الرومانية في القرن الثالث عشر. ولإقطاع يعني أراضي زراعية مملوكة لأحد النبلاء أو الأشراف يعمل فيها عدد من الفلاحين وقد انتشرت في معظم أنحاء أوربا وكانت الإقطاعيات تتكون من الأراضي التي يمتلكها النبلاء والأراضي التي يمتلكها الفلاحون أيضا. ويعيش النبلاء في بيوت داخل الضيعة الإقطاعية محاطة بالحدائق وأشجار الفاكهة والمباني الأخرى وكان لكل بيت من هذه البيوت كنيسة وطاحونة للدقيق ومعصرة للخمور وفي هذا النظام كان الفلاحون يعتمدون على النبلاء في حمايتهم من الأعداء وفي قضايا العدالة العامة أمام الدولة نظير أن يعمل الفالحون في مزارعهم الخاصة بالإضافة إلى مزارع النبلاء أي أنهم ملتصقون بالأرض ويعدون جزءا من الأملاك ويظلون في المزرعة حتى عند بيعها إلى نبيل آخر. وبدأ النظام الإقطاعي الأوربي في الأفول في الوقت الذي تلي ازدهار التجارة والصناعة وهذا الازدهار أدى إلى ظهور نظام اقتصادي يقوم على دفع المال للحصول على السلع والخدمات وقد اختفى نظام الإقطاع الأوربي في غرب أوربا أولا ثم استمر في بعض أجزائها في الوسط والشرق إلى القرن التاسع عشر ميلادي.
2- بروز النظام الإقطاعي ونشأته:
ضعفت الملكية أمام الغزوات الجرمانية وتقاتل النبلاء وأبناء الملوك على تقاسم الأرض والسلطة وعجزوا عن حماية الشعب وتعرضت مناطق كثيرة للنهب والسرقة وسادت الفوضى وانتشر الفقر والجوع فاضطرت كل منظقة أن تتولى الدفاع عن نفسها فراح الشعب يلتف حول قائد قوي وهو يتولى القيادة والحماية ويبني قصرا حصينا يكون المسكن والحصن ومركز جمع الغلال والسلاح والمقاتلين وأخلص الناس للسيد حتى يحميهم وخصصوا له قسما من الغلال كذلك خصصوا أياما يعملون في خدمته وهو بالمقابل يؤمن حمايتهم وعيشتهم وقت الضيق ويوزع عليهم الأرض والعمل وهو بدوره يخضع لإقطاعي أكبر منه وتتسلل عملية الطاعة حتى تصل إلى الملك فكل لإقطاعي مبدئيا سيد على لإقطاعي وخاضع لإقطاعي أكبر مه وبين اٌقطاعييين مواثيق وعهود ولهم حياتهم الخاصة فيمضون معظم وقتهم في الصيد والتمارين العسكرية والرياضية والألعاب كذلك في الحرب عندما تدعو الحاجة ولهم تقاليد الفروسية من كرم وشجاعة ومساعدة المحتاج والعفو عن الضعيف واحترام النساء والأطفال والإخلاص لوعد قطعوه على أنفسهم ومع الوقت قوي الإقطاعيون وأصبحوا يتحدون تحت سلطة الملك ويجمعون الضرائب ويفرضون العدالة والنظام وسنون القواني وسكون العملة ويرفعون علما خاصا بهم.
كانت حال الفلاحين سيئة فثاروا عدة مرات ضد أسيادهم وكان قمع الإقطاعيين عنيفا لكن الفلاحين استمروا يسعون للحصول عل حقوقهم حتى تحسن وضعهم وحصلوا على بعض الحقوق من الأسياد الإقطاعيين وبنيت الأسوار لحماية نفسها وأقام جماعة من الفلاحين في ضاحية المدينة خارج السور المسمى بورج bourg ثم تعاطوا المهن الحرة فاعتنوا وشكلوا طبقة عظمت قوتها مع الوقت عرفوا بالبرجوازيين تنافس الإقطاعيين حتى استطاعت فيما بعد أن تأخذ مكانهم وهي التي ستقود الثورة الفرنسية الكبرى في أواخر القرن الثامن عشر الميلادي فتقلب واقع المجتمع الأوربي[2].
3- قواعد وأسس النظام الإقطاعي: نشأ النظام الإقطاعي عن أصلين أساسيين أولهما علاقة الشرف التي تربط بين العصابات الجرمانية المقاتلة التي كانت تجوب مساحات شاسعة في أوائل القرون الوسطى فقد كان هناك عهد بالولاء بين قادة ومقاتلي هذه العصابات كان المقاتلون يحاربون من أجل شرف قائدهم ويتوقع منهم أن يضلوا معه حتى الموت وفي المقابل كان القائد مسؤولاً عن رجالهم ويكافئهم بالمجوهرات والفخار وكان الأصل الأساسي الثاني لنشوء الإقطاع هو نظام حيازة الأرض، ففي ظل هذا النظام كان السيد الإقطاعي أو اللورد يمنح الأرض لشخص ما وفق شروط معينة أو مقابل خدمات وليس مقابل إيجار وقيمة مالية وكان بعض ملاك الأرض ينقلون ملكية الأرض أرضهم إلى السيد الإقطاعي مقابل حمايته لهم.وكان السيد يسمح للناس بالبقاء في أرضه كزراع مستأجرين وهؤلاء الزراع المستأجرون هم الذين أصبحوا فيما بعد فلاحين في ظل الإقطاع الزراعي وبالرغم من أنهم كانوا يفقدون استقلالهم بموجب هذا الترتيب إلا أن الحصول على الحماية من قبل السيد الإقطاعي المحلي القوي كان أمرا أكثر أهمية بالنسبة لهم وقد كان نظام حيازة الأرض قد بدأ العمل بموجبه مسبقا في المقاطعات القديمة التي كانت تتبع الإمبراطورية الرومانية عندما استقر فيها الغزاة الجرمانيون في القرن الخامس الميلادي.
وفي القرن الثامن ميلادي كان المسلمون قد دخلوا إسبانيا قادمين من أفريقيا ووصلت إمبراطوريتهم الجديدة إلى حدود أوربا الغربية وبدأ الملوك والنبلاء ذوي الشأن في منح الإقطاعيات إلى المقاتلين الأحرار والنبلاء مقابل الخدمة العسكرية وكانت هذه الإقطاعيات تشمل الأرض والمباني التي عليها والفلاحين الذين يعيشون ويعملون فيها وكان يطلق على المقاطعين الذين يتسلمون الإقطاعيات اسم المقطعين وفي القرن التاسع الميلادي صارت علاقة الشرف والولاء التي سادت بين الزعماء والمحاربين في العصابات الجرمانية المقاتلة ترتبط أيضا بنظام حيازة الأرض وتقديم الخدمات في المقابل وكانت نتيجة تجاوز هذين العاملين ما يعرف بالنظام الإقطاعي.
أما مبادئ النظام الإقطاعي فتنص على أنه ليس بمقدور أحد سوى النبلاء أو المحاربين الأرستقراطيين أن يشاركوا في الممارسات الإقطاعية ويقول أحد أمثال ذلك العصر: لا أرض بلا سيد ولا سيد بدون أرض. وكان الرجل يصير مقطعا للسيد وفق مراسيم تعرف باسم الولاء فكان على لشخص الذي بصدد أن يصبح مقطعا أن بتعهد بأن يكون مواليا لليد وأن يقاتل من أجله وان يصبح من رجاله. أما السيد فقد كان يتعهد بأن يعامل المقطع بشرف بعد أداء مراسيم البيعة كان المقطع الجديد يمنح حقوق استخدام إقطاعه وكان ذلك يتم وفق مراسيم تقليد المنصب وكان السيد في غالب الأمر أثناء هذه المراسيم يقوم بإعطاء المقطع كتلة من الطين أو عصا أو أي شيء آخر بمثابة رمز لإقطاعه وليس ملكيتها وكان يحتفظ بالإقطاع مقابل الخدمات التي تعهد بها. وكان المقطع يأخذ ما تنتجه الأرض وما ينتجه الفلاحون ويجمع الضرائب ويعقد الجلسات للنظر في قضايا الفلاحين. وكان يدير شؤون أعمال الفلاحين وعندما يموت المقطع كان يتولى فارس مسلح للمعركة في القرن الثالث عشر الميلادي يحمل سيفا ودرعا وتغطي رأسه خوذة ويمكن للفرسان الآخرين أن يتعرفوا عليه فقط بشعار النبالة وكان الابن يقوم بتقديم نفس الخدمات التي كان يقدمها والده وبحلول القرن الثاني عشر ميلادي أصبح العرف أن يرث الإقطاعي الابن الأكبر للرجل وأطلق على هذا العرف اسم حق البكورة وقد عمل هذا العرف على ضمان أن لا يتم تقسيم الإقطاع لعدة أبناء وأن يتولى المسؤولية وريث واحد وفي حالة وفاة المقطع كانت الإقطاعية تعود إلى السيد وبذلك كان يتسنى للسيد أن يجمع الإقطاعية لشخص آخر حسب ما يراه. أما في حالة إن كان وريث المقطع طفلا صغيرا فكان للسيد حق الوصاية ويكون بذلك وصيا على الطفل القاصر.
4- التركيبة الاجتماعية للمجتمع الإقطاعي: كان المجتمع الإقطاعي يتكون من العبيد ورقيق الأرض والأحرار. أما الأحرار فهم البارونات ورجال الدين والجنود النظاميين ومعظم التجار والصناع وأصحاب المهن وأخيرا الفلاحون الذين يملكون أرضا ولا يرتبطون بأي سيد إقطاعي إلا
الموسوعة العالمية/ عالم التاريخ والحضارة حرف أ، ج.2، الطبعة الثانية، ص. 431[1]

الموسوعة العالمية، عالم الحضارة، ص. 431[2]
انتهى الموضوع بحمد الله
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
محاضرات في التاريخ الأوربي الوسيط /د. الطاهــر عمـــــــري
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» اختبار في التاريخ والجغرافيا
» من جرائم الصهاينة عبر التاريخ
» من جرائم الصهاينة عبر التاريخ
» جميع مصطلحات التاريخ والجغرافيا للسنة ال3 ثانوي
» أحداث التاريخ الإسلامي خلال خمسة عشرة قرناً

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى نجوم الونشريس  :: القسم العام :: منتدى التاريخ ( المحلي، الوطني، العربي، العالمي)-
انتقل الى: