منتدى نجوم الونشريس
أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم، إذا كانت هذه زيارتك الأولى للمنتدى، فيرجى التكرم بزيارة صفحة التعليمـــات، بالضغط هنا. كما يشرفنا أن تقوم بالتسجيل بالضغط هنا إذا رغبت بالمشاركة في المنتدى، أما إذا رغبت بقراءة المواضيع والإطلاع فتفضل بزيارة القسم الذي ترغب أدناه.
منتدى نجوم الونشريس
أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم، إذا كانت هذه زيارتك الأولى للمنتدى، فيرجى التكرم بزيارة صفحة التعليمـــات، بالضغط هنا. كما يشرفنا أن تقوم بالتسجيل بالضغط هنا إذا رغبت بالمشاركة في المنتدى، أما إذا رغبت بقراءة المواضيع والإطلاع فتفضل بزيارة القسم الذي ترغب أدناه.
منتدى نجوم الونشريس
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم، إذا كانت هذه زيارتك الأولى للمنتدى، فيرجى التكرم بزيارة صفحة التعليمـــات، بالضغط هنا. كما يشرفنا أن تقوم بالتسجيل بالضغط هنا إذا رغبت بالمشاركة في المنتدى، أما إذا رغبت بقراءة المواضيع والإطلاع فتفضل بزيارة القسم الذي ترغب
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول
المساهمة برقي المنتدى
اهلا وسهلا بزوار واعضاء منتدى نجوم الونشريس ******المنتدى بكم ولكم ****** ******المنتدى بحاجة الى مشرفين ولمن يخدمه******

 

 تاريخ الشيعة وفكرهم

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
البروفوسور
مشرف
مشرف
avatar


عدد المساهمات : 140
نقاط : 228
تاريخ التسجيل : 10/10/2010
العمر : 58

تاريخ الشيعة وفكرهم Empty
03112010
مُساهمةتاريخ الشيعة وفكرهم

الشيعة
مقدمة:
يقول د.غالب عواجي( [1]):
"والشيعة -كطائفة ذات أفكار وآراء- غلب عليهم هذا الاسم وهم من أكذب الفرق على أئمتهم، ومن أخطرها على المسلمين( [2])، وذلك بسبب:
1. استعمالهم التقية المرادفة للكذب.
2. تظاهرهم بنصرة أهل البيت، حيث انخدع بهم كثير من عوام المسلمين( [3]).
3. بغضهم لأهل السنة بسبب تعاليم خاطئة وضعها بعض كبرائهم نتج عنها نفور الشيعة وعدم الوصول –بعد محاولات كثيرة من جانب أهل السنة- إلى التقارب.
وقد قام التشيع في ظاهر الأمر على أساس أن علياً رضي الله عنه وذريته هم أحق الناس بالخلافة بعد رسول الله ، وأن علياً أحق بها من سائر الصحابة بعهد من النبي  كما زعموا في رواياتهم التي اخترعوها وملأوا بها كتبهم.
ومن الملاحظ على هذه الفرقة أنها كانت باباً واسعاً لكل طامع في تحقيق أغراضه من أهل الأهواء:
1. إذ تشيع قوم إيماناً بأحقية أولاد علي بالخلافة حسبما سمعوا من النصوص التي لفَّقها علماء التشيع.
وتشيع قوم كرهوا الحكم الأموي ثم العباسي فقاموا بتلك الثورات العديدة التي سجلها علماء الفرق والتاريخ تحت غطاء دعوى التشيع لأهل بيت النبي .
وتشيع آخرون للانتقام من الإسلام كالباطنية.
وتشيع قوم لتحقيق مطامع سياسية كالمختار مثلاً.
2. ولأن الشيعة أيضاً لا يتحرون النصوص الصحيحة، ولا يهتمون بإيصال السند إلى النبي ، لهذا فإن أكثر أحاديثهم رويت عن الأئمة( [4]).
3. ولأنهم كذلك أهل عاطفة نحو أهل البيت –فيما يظهرون للناس- فلذا يكفي لتوثيق الشخص عندهم أن يكون ظاهره الغلو في أهل البيت، ويكون بذلك من الثقات الأثبات".أهـ



________________________________________

يتبع باقي الموضوع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
مُشاطرة هذه المقالة على: reddit

تاريخ الشيعة وفكرهم :: تعاليق

avatar
رد: تاريخ الشيعة وفكرهم
مُساهمة الأربعاء نوفمبر 03, 2010 1:31 am من طرف البروفوسور
( [1]) انظر كتاب"فرق معاصرة تنتسب إلى الإسلام" د. غالب بن علي عواجي ص166-167.
( [2]) يقول إحسان إلهي ظهير في شريط مسجل (عن عقائد الشيعة):
"الشيعة الآن لهم نشاط كبير في البلاد العربية وغير البلاد العربية وفي البلاد التي فيها أقليات مسلمة، فقد ملأوا العالم بمنشوراتهم ومفترياتهم وأكاذيبهم، لكن قَلَّ من يدرك هذا الخطر ... فلذلك وجب على المسلم الذي يعتقد الاعتقاد الصحيح أن يقف في وجه هذا السيل العارم.
الشيعة الآن تطلق على قوم يختلفون معنا في الأصول، وكثير من الأخوة يفهمون أن اختلافنا معهم كاختلافنا مع المذاهب الأخري الفقهية، وبعض السذَّج يقولون أن اختلافنا في الفروع!، والشيعة الآن لا يستثنى منهم أحدٌ ، وهذه اللفظة عندما تطلق الآن لا يراد بها إلا الشيعة الإثنى عشرية". أهـ
( [3]) ويقول إحسان إلهي ظهير في شريط مسجل أيضاً:
"الشيعة كلهم يدَّعون أنهم موالون لأهل البيت ومحبون لهم، وهذه الكلمة استعملوها خداعاً ومكراً ليخدعوا بها السذج من الناس، إن كثيراً منا وحتى الخاصة لا يعرفون ماذا يقصدون من وراء لفظة أهل البيت، كثير يفهمون أنهم يقصدون أهل بيت النبي  ! هم يكفِّرون العباس عم النبي  رضي الله عنه، ويكفِّرون أمهات المؤمنين وهن أهل البيت أصلاً وحقيقة، لأن لفظة أهل البيت لم ترد في القرآن إلا مرتين، وفي المرتين لم ترد هذه اللفظة إلا للأزواج.
في سورة هود: رحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت ... الآية، أطلقت على زوج ابراهيم عليه السلام.
وفي سورة الأحزاب: إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهلَ البيتِ ... الآية.
فأهل البيت حقيقة في الأزواج، وهم قاطبة عن بكرة أبيهم يكفِّرون أزواج النبي  إلا خديجة رضي الله عنها، وهم لا يطلقون على أزواج النبي  إلا كلمة اللعن والطعن، وهم متهمون عائشة -رضي الله عنها التي نزلت براءتها في أربعة عشر آية- بالفسق والفجور عياذاً بالله.
فهم أكبر أعداء لأهل البيت وهم يدَّعون أنهم محبون لأهل البيت.
يقول الكاشي منهم في كتابه"رجال الكاشي"، وهو من أقدم الكتب عندهم:
في قوله تعالى ومن كان في هذه أعمى فهو في الآخرة أعمى وأضل سبيلاً [الإسراء: 72] يقول: نزلت في العباس. وكذلك يكفِّرون عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، ولا يعتقدون بإيمان عقيل بن أبي طالب رضي الله عنه وهو أخو علي بن أبي طالب رضي الله عنه.
إذن فماذا يقصدون من وراء هذا الادعاء؟!!
يقول كبيرهم أو كبير مجرميهم محسن الأمين في كتابه"أعيان الشيعة": "الشيعة قوم يهوون هواء إثرة علي رضي الله عنه ويوالونه وأولاده".
فيقصدون بأهل البيت علي رضي الله عنه وأولاده رضي الله عنهم أجمعين.
ومن الغرائب أيضاً أنهم لا يعدون جميع أولاد علي رضي الله عنه من أهل البيت إلا الحسن والحسين. والمعروف أن علياً رضي الله عنه له أربعة عشر ولداً وثماني عشرة بنتاً.
وأغرب من ذلك أنهم لا يجعلون فاطمة رضي الله عنها من أهل البيت فلا يعدون أولادها أم كلثوم وزينب من أهل البيت. والحسن عدُّوه من أهل البيت وأخرجوا أولاد الحسن جميعاً من أهل البيت.
والحسين عدُّوه من أهل البيت وأخرجوا جميع أولاده من أهل البيت إلا علي بن الحسين الملقَّب بزين العابدين، وعلي بن الحسين يخرجون جميع أولاده من أهل البيت إلا واحداً وهو محمد الملقَّب بالباقر.
ومحمد الباقر يخرجون جميع أولاده من أهل البيت إلا واحداً وهو جعفر(الصادق)، ويخرجون جميع أبناء جعفر من أهل البيت إلا ابنه موسى (الكاظم).
وهكذا حصروا كلمة أهل البيت في الأئمة الإثنى عشر المعروفون عندهم". أهـ
( [4]) ويقول إحسان إلهي ظهير في شريط مسجل أيضاً في معنى الحديث عند القوم:
"الحديث عندنا ما ثبت عن رسول الله  من قول أو فعل أو تقرير.
والحديث عندهم: كل ما ثبت عن أئمتهم الإثنى عشر بما فيهم المولود وغير المولود، والمعدوم والغائب!! فكل ما نقل عنهم فهو حديث عندهم مثل ما نقل عن رسول الله .
وهم يعتقدون أيضاً أن القرآن حُرِّف وغُيِّر وبُدِّل، نقص منه كثير وزيد فيه، وهذا قولهم جميعاً عن بكرة أبيهم، يقولون إن هذا ثُلث القرآن، أما الثُلث الباقي فهو محفوظ عند الإمام الغائب.
يقول الكُلَيْني في "الكافي"، -وهو عندهم كالبخاري عند أهل السنة- يذكر أن جعفر قال:
"لو وجد القرآن كما أنزل لألفيتنا مُسَمِّين" ، وقال: "أما العترة فقتلوهم وأما القرآن فحرفوه" كذباً عليه. وقالوا: أن قوله تعالى تبت يدا أبي لهب وتب زيادة في القرآن.
وقال إحسان إلهي ظهير:
وقد أوردت في كتاب"الشيعة والقرآن" –الذي مُنع في البلاد المسلمة المهددة من الخوميني 1200 ألف ومائتان حديث من كتبهم على أن القرآن محرَّف ومُغيَّر وزِيد فيه ونُقص منه كثير.
التأسيس وأبرز الشخصيات:
"الإثنا عشر إماماً الذين يتخذهم الشيعة الإمامية أئمة لهم يتسلسلون على النحو التالي( [4]):
• علي بن أبي طالب رضي الله عنه، الذي يلقبونه بالمرتضى، رابع الخلفاء الراشدين وصهر رسول الله ، وقد مات غيلة حينما أقدم الخارجي عبد الرحمن بن ملجم على قتله في مسجد الكوفة في 17رمضان سنة40هـ.
• الحسن بن علي رضي الله عنهما، ويلقبونه بالمجتبى (3-50هـ).
• الحسين بن علي رضي الله عنهما، ويلقبونه بالشهيد (4-61هـ).
• علي زين العابدين بن الحسين (38-95هـ)، ويلقبونه بالسَّجَّاد.
• محمد الباقر بن علي زين العابدين (57-114هـ)، ويلقبونه بالباقر.
• جعفر الصادق بن محمد الباقر (83-148هـ)، ويلقبونه بالصادق.
• موسى الكاظم بن جعفر الصادق (128-183هـ)، ويلقبونه بالكاظم.
• علي الرضا بن موسى الكاظم (148-203هـ)، ويلقبونه بالرضى.
• محمد الجواد بن علي الرضا (195-220هـ)، ويلقبونه بالتقي.
• علي الهادي بن محمد الجواد (212-254هـ)، ويلقبونه بالنقي.
• الحسن العسكري بن علي الهادي (232-260هـ)، ويلقبونه بالزكي.
• محمد المهدي بن الحسن العسكري (256-...هـ)، ويلقبونه بالحجة القائم المنتظر.
يزعمون أن الإمام الثاني عشر قد دخل سرداباً في دار أبيه بسُرَّ مَنْ رأى ولم يعد، وقد اختلفوا في سِنه وقت اختفائه فقيل أربع سنوات وقيل ثماني سنوات، غير أن معظم الباحثين يذهبون إلى أنه غير موجود أصلاً وأنه من اختراعات الشيعة، ويطلقون عليه لقب (المعدوم أو الموهوم)".أهـ
ويقول د. ناصر القفاري( [4]):
ومعظم الفرق التي خرجت عن الجماعة ضعف نشاطها اليوم، وفتر حماسها وتقلَّص اتباعها، وانكفأت علي نفسها، وقلَّت منابذتها لأهل السنة.
أما طائفة الشيعة فإن هجومها على أهل السنة وتجريحها لرجالهم وطعنها في مذهبهم، وسعيها لنشر التشيع بينهم يزداد يوماً بعد يوم.
ولعل طائفة الإثنى عشرية هي أشد فرق الشيعة سعياً في هذا الباب لإضلال العباد إن لم تكن الفرقة الوحيدة التي تكثر من التطاول على السنة والكيد لها على الدوام مما لا تجده عند فرقة أخرى.
وذلك لأسباب منها:
أولاً: أن هذه الطائفة بمصادرها في التلقي وكتبها وتراثها تمثل نحلة كبرى، حتى أنهم يسمون مسائل اعتقادهم:"دين الإمامية" لا مذهب الإمامية، وذلك لانفصالها عن دين الأمة، وبحسبك أن تعرف أن أحد مصادرها في الحديث عن الأئمة يبلغ مائة وعشرة مجلدات وهو "بحار الأنوار" لشيخهم المجلسي (ت 1111هـ).
ثانياً: اهتمام هذه الطائفة بنشر مذهبها والدعوة، وعندها دعاة متفرغون ومنظمون، ولها في كل مكان –غالباً- خلية ونشاط، وتوجه جل اهتمامها في الدعوة لنحلتها في أوساط أهل السنة، ولا أظن أن طائفة من طوائف البدع تبلغ شأو هذه الطائفة في العمل لنشر معتقدها والاهتمام بذلك.
وهي اليوم تسعى جاهدة لنشر مذهبها في العالم الإسلامي، وتصدير ثورتها، وإقامة دولتها الكبرى بمختلف الوسائل.
وقد تشيع بسبب الجهود التي يبذلها شيوخ الإثنى عشرية الكثير من شباب المسلمين.. ومن يطالع كتاب "عنوان المجد في تاريخ البصرة ونجد" يهوله الأمر، حيث يجد قبائل بأكملها قد تشيعت.
وقد تحولت سفارات دولة الشيعة في إيران إلى مراكز للدعوة إلي مذهبها في صفوف الطلبة والعاملين المسلمين في العالم، وهي تهتم بدعوة المسلمين أكثر من اهتمامها بدعوة الكافرين.
ولا شك أن المسؤولية كبيرة في إيضاح الحقيقة أمام المسلمين، ولاسيما الذين دخلوا في سلك التشيع حباً لأهل البيت واعتقاداً منهم أن هذا الطريق عين الحق وطريق الصدق.
ثالثاً: أن هذه هي الطائفة الشيعية الكبرى في عالم اليوم، وقد احتوت معظم الفرق الشيعية التي وجدت على مسرح التاريخ، حتى قيل بأن لقب الشيعة إذا أُطلق لا ينصرف إلا إليها.
رابعاً: هذه الفرقة لها اهتمام دَعائي في الدعوة للتقارب مع أهل السنة، وقد أقامت المراكز، وأرسلت الدعاة وأنشأت الجمعيات التي ترفع شعار الوحدة الإسلامية.
خامساً: هذه الطائفة تكثر من القول بأن مذهبها لا يختلف عن مذهب أهل السنة، وأنها مظلومة ومفترى عليها، ولها اهتمام كبير بالدفاع عن مذهبها، ونشر الكتب والرسائل الكثيرة له، وتتبع كتب أهل السنة ومحاولة الرد عليها، مما لا يوجد مثله عند طائفة أخرى.
سادساً: كثرة مهاجمة هذه الطائفة لأهل السنة، ولاسيما صحابة رسول الله ، وطعنها في أمهات كتب المسلمين، عبر مؤلفاتهم التي يخرج منها سنوياً العشرات من الكتب…كذلك مهاجمتها بعنف وضراوة لكل من يكتب عنها أو يتعرض لمذهبها بالنقد تحت ستار أن هذه الكتابات تعيق التقريب وتعرقل مساعي الوحدة الإسلامية، فانصرفت أكثر الأقلام عن الكتابة عنها.
ولقد كتب أسلافنا عن الإثنى عشرية، وهي التي يسمونها بالرافضة، وكان لمصنفاتهم أثرها، كما في كتابات أبي نعيم، وشيخ الإسلام ابن تيمية، والمقدسي، والفيروز آبادي، وما في كتب الفرق والعقيدة، ولكن تلك الكتابات كانت قبل شيوع كتب الشيعة وانتشارها، وجملة منها يحمل صفة الرد على بعض مؤلفات الشيعة، ولا تدرس الطائفة بعقائدها وأفكارها بشكل شامل.
كما أن الإثنى عشرية لمهارتها في التَّقِّية قد خفي أمرها حتى نجد في شرح صحيح مسلم القول بأن الإمامية لا تكفر الصحابة، وإنما ترى أنهم أخطأوا في تقديم أبي بكر. ونرى شيخ الإسلام ابن تيمية -على اهتمامه بالمذهب الرافضي ونقده- يقول: حدثني الثقات أن فيهم من يرى الحج إلى المشاهد أعظم من الحج إلى بيت الله. بينما هذه القضية تجدها اليوم مقررة في أمهات كتبهم في عشرات الروايات والعديد من الأبواب.
كما أن أهم كتب الشيعة وهو"أصول الكافي" لا تجد له ذكراً عند الأشعري أو ابن حزم أو ابن تيمية، وهو اليوم الأصل المعتمد عند الطائفة في حديثها عن الأئمة الذي هو أساس مذهبها.
وأيضاً فإن طبيعة هذا المذهب أنه يتطور من وقت لآخر، ويتغير من جيل لجيل، حتى أن الممقاني أكبر شيوخهم في هذا العصر يقول: إن ما يعتبر غلواً عند الشيعة الماضين أصبح اليوم من ضرورات المذهب. هذه الطبيعة المتغيرة تقتضي التعرف على الوجه الحقيقي للإثنى عشرية في عصرنا.
كما أن جل الردود التي تسود المصنفات التي كتبها الأئمة السابقون –رحمة الله عليهم أجمعين- هي على شبهات يثيرها الشيعة من كتب السنة نفسها، فيرد عليها أهل السنة مبينين أن تلك النصوص التي يتمسك بها الشيعة إما موضوعة وإما ضعيفة، أو بعيدة عن استدلالهم الفاسد.
لكن الشيعة لا تؤمن بكتب أهل السنة كلها أصلاً، وهي تثير هذه الشبهات إلى اليوم لتحقيق أمرين:
• الأول: إشغال أهل السنة بهذه الشبهات، حتى لا يتفرغوا لنقد كتبهم ونصوصهم ورجال رواياتهم.
• الثاني: إقناع الحائرين والمتشككين من أهل طائفتهم بدعوى أن ما هم عليه من شذوذ هو موضع اتفاق بين السنة والشيعة.
ولكن كتب الشيعة اليوم قد توفرت بشكل لم يعهد من قبل… فينبغي أن تكون من أهم ركائز الدراسة والنقد، لأن الحجة على كل طائفة إنما تقام بما تصَّدقه وتؤمن به.
تعريف الشيعة( [4]):
التعريف اللغوي:
يقول ابن دريد (المتوفى سنة 321هـ): "فلان من شيعة فلان أيّ: ممن يرى رأيه، وشيعت الرجل على الأمر تشييعاً إذا أعنته عليه، وشايعت الرجل على الأمر مشايعةً وشياعاً إذا مالأته عليه".
وقال الأزهري (المتوفى سنة 370هـ): "والشيعة أنصار الرجل وأتباعه، وكل قوم اجتمعوا على أمرهم شيعة. والجماعة شيَع وأشياع، والشيعة: قوم يهوون هوى عترة النبي  ويوالونهم".
وقال ابن منظور (المتوفى سنة 711هـ): "والشيعة أتباع الرجل وأنصاره، وجمعها شيَع، وأشياع جمع الجمع، وأصل الشيعة: الفرقة من الناس، ويقع على الواحد والاثنين والجمع والمذكر والمؤنث بلفظ واحد ومعنى واحد، وقد غلب هذا الاسم على من يتولى علياً وأهل بيته، حتى صار لهم اسماً خاصاً، فإن قيل: فلان من الشيعة عرف أنه منهم، وفي مذهب الشيعة كذا أيّ: عندهم، وأصل ذلك من المشايعة وهي المتابعة والمطاوعة".
فالشيعة والتشيع والمشايعة في اللغة تدور حول معنى المتابعة، والمناصرة، والموافقة بالرأي، والاجتماع على الأمر، أو الممالأة عليه. ثم غلب هذا الاسم كما يقول صاحب اللسان، والقاموس، وتاج العروس على كل من يتولى علياً وأهل بيته. وهذه الغلبة محل نظر، لأنه إذا تأمل الباحث في المعنى اللغوي للشيعة والذي يدل على المتابعة والمناصرة، ثم نظر إلى أكثر فرق الشيعة التي غلب إطلاق هذا الاسم عليها يجد أنه لا يصح تسميتها بالشيعة من الناحية اللغوية، لأنها غير متابعة لأهل البيت على الحقيقة، بل هي مخالفة لهم ومجافية لطريقتهم ...
ولعل هذا ما لاحظه شريك بن عبد الله حينما سأله سائل: أيهما أفضل أبو بكر أو علي؟ فقال له: أبو بكر. فقال السائل: تقول هذا وأنت شيعيّ! فقال له: نعم، من لم يقل هذا فليس شيعياً، والله لقد رقى هذه الأعواد علي، فقال ألا إن خير هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر ثم عمر، فكيف نرد قوله، وكيف نكذبه؟ والله ما كان كذاباً( [4]).
فالإمام شريك لاحظ أن غير المتابع لعلي لا يستحق اسم التشيع، لأن معنى التشيع وحقيقته المتابعة… ولهذا آثر بعض الأئمة أن يطلق عليهم اسم الرافضة.
وقد لجأ المتابعون لأهل البيت على الحقيقة، والذين كانوا يلقبون بالشيعة، لجأوا إلى ترك هذا اللقب لما غلب إطلاقه على أهل البدع المخالفين لأهل البيت، كما يشير صاحب التحفة الإثنى عشرية إلى ذلك فيقول:"إن الشيعة الأولى تركوا اسم الشيعة لما صار لقباً للروافض والإسماعيلية، ولقبوا أنفسهم بأهل السنة والجماعة".
لفظ الشيعة في القرآن ومعناه:
ومادة شيع وردت في كتاب الله العظيم في اثني عشر موضعاً، وقد أجمل ابن الجوزي معانيها بقوله: "وذكر أهل التفسير أن الشيع في القرآن على أربعة أوجه:
أحدها: الفرق، ومنه قوله تعالى: إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيَعا( [4])، وقوله: ولقد أرسلنا من قبلك في شيَع الأولين( [4])، وقوله: وجعل أهلها شيَعا( [4])، وقوله: من الذين فرقوا دينهم وكانوا شيَعا( [4]).
والثاني: الأهل والنسب، ومنه قوله تعالى: هذا من شيعته وهذا من عدوه( [4]) أراد من أهله في النسب إلى بني إسرائيل.
والثالث: أهل الملة، ومنه قوله تعالى: ثم لننزعن من كل شيعة( [4])، وقوله: ولقد أهلكنا أشياعكم( [4])، وقوله: كما فُعل بأشياعهم( [4])، وقوله: وإن من شيعته لإبراهيم( [4]).
والرابع: الأهواء المختلفة، قال تعالى: أو يلبسكم شيَعا( [4]).
ويشير ابن القيم –رحمه الله تعالى- في نص مهم له إلى أن لفظ الشيعة، والأشياع غالباً ما يستعمل في الذم، ويقول: ولعله لم يرد في القرآن إلا كذلك كقوله تعالى: ثم لننزعن من كل شيعة أيهم أشد على الرحمن عتياً( [4])، وكقوله: إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا، وقوله: وحيل بينهم وبين ما يشتهون كما فُعل بأشياعهم من قبل. ويعلل ابن القيم لذلك بقوله: وذلك والله أعلم لما في لفظ الشيعة من الشياع، والإشاعة التي هي ضد الائتلاف والاجتماع، ولهذا لا يطلق لفظ الشيع إلا على فرق الضلال لتفرقهم واختلافهم( [4]).
هذه ألفاظ الشيعة في كتاب الله ومعانيها، وهي لا تدل على الاتجاه الشيعي المعروف،وهذا أمر يدرك بداهة، لكن الغريب في الأمر أن نجد عند الشيعة إتجاهاً يحاول ما وسعته المحاولة أو الحيلة أن يفسر بعض ألفاظ الشيعة الواردة في كتاب الله بطائفته، ويؤول كتاب الله على غير تأويله، ويحمّل الآيات ما لا تحتمل تحريفاً لكتاب الله وإلحاداً فيه، فقد جاء في أحاديثهم في تفسير قوله سبحانه: وإن من شيعته لإبراهيم( [4]) قالوا أن إبراهيم من شيعة علي( [4]). وهذا مخالف لسياق القرآن وأصول الإسلام، وهو نابع من عقيدة غلاة الروافض الذين يفضلون الأئمة على الأنبياء، فهذا التأويل أو التحريف يجعل خليل الرحمن أفضل الرسل والأنبياء بعد محمد  يجعله من شيعة علي… وهو أمر يعرف بطلانه من الإسلام بالضرورة، كما هو باطل بالعقل والتاريخ ... وهو من وَضْعِ وضَّاعٍ لا يحسن الوضع … ولا يعرف كيف يضع.
والذي قاله أهل السنة في تفسير الآية والمنقول عن السلف أن إبراهيم من شيعة نوح عليه السلام وعلى منهاجه وسنته، وهذا التفسير هو الذي يتمشى مع سياق الآية، لأن الآيات التي قبل هذه الآية كانت في نوح عليه السلام، ويلاحظ أن من مفسري الشيعة من أخذ بقول أهل السنة، وأعرض عما قاله قومه في تأويل الآية.
لفظ الشيعة في السنة ومعناه:
ورد لفظ الشيعة في السنة المطهرة بمعنى الأَتْبَاع، كما جاء في الحديث الذي رواه الإمام أحمد في الرجل الذي قال للنبي –- : لم أرك عدلت ...، قال فيه عليه الصلاة والسلام: "سيكون له شيعة يتعمقون في الدين حتى يخرجوا منه" ... الحديث( [4])، وكذلك في الحديث الذي أخرجه أبو داود في المكذبين بالقدر وفيه: "وهم شيعة الدجال"( [4]).
فالشيعة هنا مرادفة للفظ الأصحاب، والأتباع، والأنصار.
ومن خلال مراجعتي لمعاجم السنة لم أر استعمال لفظ الشيعة على الفرقة المعروفة بهذا الاسم إلا ما جاء في بعض الأخبار الضعيفة أو الموضوعة والتي جاء فيها لفظ الشيعة كدلالة على أتباع علي مثل حديث: "فاستغفرت لعلي وشيعته"( [4])، وحديث: "مثلي كمثل شجرة أنا أصلها، وعلي فرعها… والشيعة ورقها"( [4])، وحديث: أنه  قال لعلي: "أنت وشيعتك في الجنة"( [4]).
وقد ورد في بعض الأخبار أنه سيظهر قوم يدعون التشيع لعلي يقال لهم الرافضة، فقد روى الإمام ابن أبي عاصم أربع روايات في ذكر الرافضة، وقال الشيخ الألباني في تحقيقه لأسانيدها بأنها ضعيفة( [4]). وقد أخرج الطبراني –بإسناد حسن كما يقول الهيثمي- أن النبي  قال: "يا علي سيكون في أمتي قوم ينتحلون حب أهل البيت، لهم نبز، يسمون الرافضة، قاتلوهم فإنهم مشركون".
وقد نبَّه شيخ الإسلام ابن تيمية إلى كذب لفظ الأحاديث المرفوعة التي فيها لفظ الرافضة، لأن اسم الرافضة لم يعرف إلا في القرن الثاني. وفي ظني أن هذا لا يكفي في الحكم بكذب الأحاديث، إذ لو صحت أسانيدها لكانت من باب الإخبار بما سيقع، وأن الله أخبر نبيه بما سيكون من ظهور الروافض، كما أوحى الله إليه بشأن ظهور فرقة الخوارج، وإن كانت بذرة الخوارج وجدت في حياته e.
لفظ الشيعة ومعناه في كتب الحديث الإثنى عشرية:
وفي كتب الحديث عند الشيعة يتكرر في كثير من رواياتهم وأحاديثهم التي ينسبونها إلى رسول الله ، وإلى الإمام علي والحسن والحسين وبقية أئمتهم الإثني عشر يتكرر لفظ الشيعة كمصطلح يدل على فرقتهم، وعقيدتهم، وأئمتهم، ذلك أنهم يزعمون أن رسول الله  هو الذي غرس بذرة التشيع وتعهدها بالسقي حتى نمت وأينعت( [4]) ... بل وصل بهم الأمر في هذا إلى وضع روايات تدل على أن لفظ الشيعة –كمصطلح لطائفتهم- معروف قبل زمن رسالة نبينا محمد ، فقد جاء في أحاديثهم في تفسير قوله سبحانه: وإن من شيعته لإبراهيم أي: أن إبراهيم من شيعة علي، بل بلغ بهم الزعم إلى القول: "أن الله أخذ ميثاق النبيين على ولاية علي، وأخذ عهد النبيين على ولاية علي" وأن "ولاية علي مكتوبة في جميع صحف الأنبياء"( [4]). إلى آخر هذه الدعاوى وسيأتي بسط ذلك في نشأة التشيع.
لفظ الشيعة في التاريخ الإسلامي:
في الأحداث التاريخية في صدر الإسلام وردت لفظ الشيعة بمعناه اللغوي الصرف، وهو المناصرة والمتابعة، بل إننا نجد في وثيقة التحكيم بين الخليفة علي، ومعاوية –رضي الله عنهما- وورد لفظ الشيعة بهذا المعنى، حيث أطلق على أتباع علي شيعته، كما أطلق على أتباع معاوية شيعته، ولم يختص لفظ الشيعة بأتباع علي، ومما جاء في صحيفة التحكيم: "هذا ما تقاضى عليه علي بن أبي طالب ومعاوية بن أبي سفيان وشيعتهما… (ومنها): وأن علياً وشيعته رضوا بعبد الله بن قيس، ورضي معاوية وشيعته بعمرو بن العاص… (ومنها): فإذا توفي أحد الحكمين فلشيعته وأنصاره أن يختاروا مكانه. (ومنها): وإن مات أحد الأميرين قبل انقضاء الأجل المحدود في هذه القضية فلشيعته أن يختاروا مكانه رجلاً يرضون عدله"( [4]).
وقال حكيم بن أفلح رضي الله عنه: "لأني نهيتها –يعني عائشة- أن تقول في هاتين الشيعتين شيئاً"( [4]). وقد أورد شيخ الإسلام ابن تيمية هذا النص، ليأخذ منه دلالة تاريخية على عدم اختصاص علي باسم الشيعة في ذلك الوقت( [4]).
وجاء في التاريخ أن معاوية قال لبسر بن أرطاة حين وجهه إلى اليمن: "أمض حتى تأتي صنعاء فإن لنا بها شيعة"( [4])، فإذن لم يظهر مصطلح الشيعة دلالة على أتباع علي فحسب حتى ذلك الوقت.
ويبدو أن بدء التجمع الفعلي لمن يدعون التشيع، وابتداء التميز بهذا الاسم بدأ بعد مقتل الحسين سنة 61هـ، يقول المسعودي: وفي سنة خمس و ستين تحركت الشيعة في الكوفة( [4]). وتكونت حركة التوابين، ثم حركة المختار (الكيسانية) وبدأت الشيعة تتكون وتضع أصول مذهبها… وأخذت تتميز بهذا الاسم.
من هنا يتضح أن اسم الشيعة كان لقباً يطلق على أية مجموعة تلتف حول قائدها، وإن كان بعض الشيعة يحاول أن يتجاهل الحقائق التاريخية ويدعي بأن الشيعة "هم أول من سموا باسم التشيع من هذه الأمة"( [4])، ويتناسوا بأن معاوية أطلق أيضاً على أتباعه كلمة الشيعة، ولكن الوقائع التاريخية تقول بأن لقب الشيعة لم يختص إطلاقه على أتباع علي إلا بعد مقتل عليّ –رضى الله عنه- كما يرى البعض( [4])، أو بعد مقتل الحسين كما يرى آخرون( [4]).
r تعريف الشيعة اصطلاحاً:
أ. تعريف الشيعة في كتب الإثنى عشرية:
1. التعريف الأول:
يعرف شيخ الشيعة القمي( [4]) (المتوفى سنة 301هـ) الشيعة بقوله: "هم شيعة علي ابن أبي طالب"، وفي موضع آخر يقول: "الشيعة هم فرقة علي بن أبي طالب المسمون شيعة علي في زمان النبي ، وبعده معروفون بانقطاعهم إليه والقول بإمامته".
ويوافقه على هذا التعريف شيخهم النوبختي( [4])حتى في الألفاظ نفسها.
2. التعريف الثاني:
يقول شيخ الشيعة وعالمها في زمنه المفيد( [4]) بأن لفظ الشيعة يطلق على"…أتباع أمير المؤمنين صلوات الله وسلامه عليه على سبيل الولاء والاعتقاد لإمامته بعد الرسول صلوات الله عليه وآله بلا فصل، ونفي الإمامة عمن تقدمه في مقام الخلافة، وجعل الاعتقاد متبوعاً لهم غير تابع لأحد منهم على وجه الاقتداء". ثم يذكر أنه يدخل في هذا التعريف الإمامية والجارودية( [4]) الزيدية، أما باقي فرق الزيدية فليسوا من الشيعة، ولا تشملهم سمة التشيع.
3. التعريف الثالث للشيعة:
وإذا كان المفيد لا ينص في تعريفه للتشيع على مسألة النص والوصية، فإننا نرى شيخهم الطوسي يربط وصف التشيع بالاعتقاد بكون عليّ إماماً للمسلمين بوصية من الرسول  وبإرادة من الله. فالطوسي هنا يجعل الاعتقاد بالنص هو أساس التشيع، ولهذا يخرج الطوسي السليمانية( [4]) الزيدية من فرق الشيعة لأنهم لا يقولون بالنص، بل يقولون: "إن الإمامة شورى، وأنها تصلح بعقد رجلين من خيار المسلمين، وأنها قد تصلح في المفضول.. ويثبتون إمامة الشيخين أبي بكر وعمر، ولم يخرجوهم من دائرة التشيع فحسب، بل اعتبروهم نواصب. ولم يكتفوا بذلك فقد جاء في رجال الطاشي أن الزيدية شر من النواصب( [4]).
ويلاحظ أن مسألة النص هي محل اهتمام الشيعة البالغ في القديم والحديث، فنرى مثلاً في القديم شيخهم الكليني يعقد في كتابه الكافي ثلاثة عشر باباً في مسألة النص على الأئمة يضمنها مائة وتسعة أحاديث، ونرى في الحاضر أحد الروافض يؤلف كتاباً في ستة عشر مجلداً في حديث من أحاديثهم التي يستدلون بها على ثبوت النص على عليّ وهو حديث الغدير، ويسمي كتابه باسم الغدير( [4])، فلا غرابة في أن يربط الشيعة وصف التشيع بقضية النص، لكن الملفت للنظر أن هذا الاهتمام والمبالغة يسري في كل عقائدهم التي هي محل استنكار وتكذيب من جمهور المسلمين، فتراهم في كل عقيدة من هذه العقائد التي هذا شأنها، يجعلونها هي عمود التشيع وأساسه، ويبالغون في إثباتها، ولكن حينما يعرِّف شيوخهم التشيع لا يذكرون هذه العقائد في التعريف، مع أنهم يعلقون الوصف بالتشيع على الإيمان بها، ولا تشيع بدونها، كمسألة الرجعة مثلاً، قالوا في أحاديثهم: "ليس منا من لم يؤمن بكرَّتِنا". ومع ذلك لا ترى لها ذكراً في تعريف التشيع، وكذلك مسألة العصمة، والإيمان بخلافة ولد عليّ وغيرها، بل تجد هذه المبالغة حتى في مسائل الفقه وقضايا الفروع كمسألة المتعة، قالوا: "ليس منا من لم..يستحل متعتنا". فالقوم ليسوا على منهج واضح سليم في ذلك.


ب. تعريف الشيعة في المصادر الأخرى:
1. تعريف الأشعري للشيعة:
ولعل من أقدم من عرَّف الشيعة من أصحاب المقالات والفرق (من غير الشيعة) الإمام الأشعري حيث قال: "إنما قيل لهم الشيعة لأنهم شايعوا علياً رضي الله عنه، ويقدمونه على سائر أصحاب رسول الله ( [4]).
2. تعريف ابن حزم:
قال: "ومن وافق الشيعة في أن علياً رضي الله عنه أفضل الناس بعد رسول الله ، وأحقهم بالإمامة وولده من بعده فهو شيعي، وإن خالفهم فيما عدا ذلك مما اختلف فيه المسلمون، فإن خالفهم فيما ذكرنا فليس شيعياً".
ولكن من يقرأ كلام الشيعة عن عقائدهم كالإمامة، والعصمة، والتقِّية وغيرها يرى أنهم يغالون في كل عقيدة من عقائدهم بحيث يربطون وصف التشيع بالإيمان بتلك العقيدة –كما سلف- ولعل هذا هو ما لاحظه الشهرستاني حينما قدم لنا تعريفاً للشيعة يعتبر من أجمع التعاريف لأصول التشيع وأكثرها شمولاً.
3. تعريف الشهرستاني( [4]):
يقول الشهرستاني: "الشيعة هم الذين شايعوا علياً رضي الله عنه على الخصوص، وقالوا بإمامته وخلافته نصاً ووصية، إما جلياً أو خفياً، واعتقدوا أن الإمامة لا تخرج من أولاده، وإن خرجت فبظلم يكون من غيره، أو بتقية من عنده. وقالوا: ليست الإمامة قضية مصلحية تناط باختيار العامة وينتصب الإمام بنصبهم، بل هي قضية أصولية، وهي ركن الدين لا يجوز للرسل عليهم السلام إغفاله وإهماله، ولا تفويضه إلى العامة وإرساله. ويجمعهم القول بوجوب التعيين والتنصيص، وثبوت عصمة الأنبياء والأئمة وجوباً عن الكبائر والصغائر. والقول بالتولي والتبري قولاً وفعلاً وعقداً إلا في حالة التقية، ويخالفهم بعض الزيدية في ذلك".
ومن هذا التعريف يتبين أن جميع فرق الشيعة ما عدا بعض الزيدية يتفقون على وجوب اعتقاد الإمامة، والعصمة، والتقية، وسنرى أن الإثنى عشرية يقولون بعقائد أخرى كالغيبة، والرجعة، والبداء .. وغيرها.
r التعريف المختار للشيعة( [4]):
وفي نظري أن تعريف الشيعة مرتبط أساساً بأطوار نشأتهم، ومراحل التطور العقدي لهم، فالتشيع في العصر الأول غير التشيع فيما بعده.
فعلى هذا يكون التعريف للشيعة في الصدر الأول: أنهم الذين يقدمون علياً على عثمان فقط( [4]).
ولهذا ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية أن: الشيعة الأولى الذين كانوا على عهد عليّ كانوا يفضلون أبا بكر وعمر( [4])، وقد منع شريك بن عبد الله –وهو ممن يوصف بالتشيع- إطلاق اسم التشيع على من يفضل علياً على أبي بكر وعمر، وذلك لمخالفته لما تواتر عن عليّ في ذلك، والتشيع يعني المناصرة والمتابعة لا المخالفة والمنابذة.
لكن لم يظل التشيع بهذا النقاء والصفاء، والسلامة والسمو.. بل إن مبدأ التشيع تغير، فأصبحت الشيعة شيعاً، وصار التشيع قناعاً يتستر به كل من أراد الكيد للإسلام والمسلمين من الأعداء الموتورين الحاسدين.. ولهذا نرى بعض الأئمة لا يسمون الطاعنين بالشيخين بالشيعة، بل يسمونهم بالرافضة، لأنهم لا يستحقون وصف التشيع. ومن عرف التطور العقدي لطائفة الشيعة لا يستغرب وجود طائفة من أعلام المُحَدِثين، وغير المحدثين من العلماء الأعلام أطلق عليهم لقب الشيعة، وقد يكونون من أعلام السُّنة، لأن للتشيع في زمن السلف مفهوماً وتعريفاً غير المفهوم والتعريف المتأخر للشيعة، ولهذا قال الإمام الذهبي في معرض الحديث عمن رمي ببدعة التشيع من المحدثين:

"إن البدعة على ضربين: فبدعة صغرى: كغلو التشيع، أو كالتشيع بلا غلو، فهذا كثير في التابعين وأتباعهم مع الدين والورع والصدق، فلو رُدَّ حديث هؤلاء لذهب جملة من الآثار النبوية، وهذه مفسدة بيِّنة.
ثم بدعة كبرى: كالرفض الكامل، والغلو فيه، والحطّ على أبي بكر وعمر –رضي الله عنهما- والدعاء إلى ذلك، فهذا النوع لا يحتج بهم ولا كرامة، وأيضاً فما أسْتَحضِر -الآن في هذا الضرب- رجلاً صادقاً، ولا مأموناً، بل الكذب شعارهم، والتَّقِّية والنفاق دثارهم، فكيف يقبل نقل من هذا حاله؟ حاشا وكلا.
فالشيعي الغالي في زمان السلف وعُرْفِهم هو: من تكلم في عثمان والزبير، وطلحة، ومعاوية، وطائفة ممن حارب علياً –رضي الله عنه- وتعرض لسبهم.
والغالي في زماننا وعُرْفِنَا هو: الذي يكفِّر هؤلاء السادة، ويتبرأ من الشيخين، فهذا ضال مفتر( [4]).
ويقول الحافظ ابن حجر:
"والتشيع محبة علي وتقديمه على الصحابة، فمن قدمه على أبي بكر وعمر فهو غالٍ في تشيعه، ويطلق عليه رافضي، وإلا فشيعي، فإن انضاف إلى ذلك السبُّ أو التصريح بالبغض، فغالٍ في الرفض، وإن اعتقد الرجعة في الدنيا، فأشد في الغلو"( [4]).
وقال رحمه الله في "التهذيب" أيضاً:
"التشيع في عرف المتقدمين هو: اعتقاد تفضيل عليّ على عثمان، وأن علياً كان مصيباً في حروبه، وأن مخالفه مخطئ، مع تقديم الشيخين وتفضيلهما.
وربما اعتقد بعضهم أن علياً أفضل الخلق بعد رسول الله ، وإذا كان معتقِد ذلك ورعاً، ديناً، صادقاً، مجتهداً،فلا تُرَدُّ روايته بهذا، لاسيما إذا كان غير داعية.
وأما التشيع في عرف المتأخرين: فهو الرفض المحض، (أي السب والشتم)، فلا تقبل رواية الرافضي الغالي، ولا كرامة"( [4]).
نشأة الشيعة وجذورها التاريخية:
يقول الدكتور ناصر القفاري( [4]):
إن الشيعة بأصولها ومعتقداتها لم تولد فجأة، بل مرت بمراحل كثيرة، ونشأت تدريجياً..وانقسمت إلى فرق كثيرة. ولا شك أن التتبع التاريخي والفكري للمراحل والأطوار التي مر بها التشيع يحتاج إلى بحث مستقل، ولهذا سيكون الحديث هنا عن: أصل النشأة وجذورها التاريخية، ولا يعنينا تتبع مراحلها ونشوء فرقها.. وسنبدأ بعرض رأي الشيعة من مصادرها المعتمدة عندها، ثم نذكر بعد ذلك آراء الآخرين.
فالمنهج العلمي والموضوعية توصيان بأخذ آراء أصحاب الشأن فيما يخصهم أولاً.
رأي الشيعة في نشأة التشيع:
لم يكن لهم رأي موحد في هذا، ونستطيع أن نستخلص ثلاثة آراء في نشأة التشيع كلها جاءت في كتبهم المعتمدة، وسنتعقب كلَّ رأي بالمناقشة والنقد.
• الرأي الأول:
أن التشيع قديم قبل رسالة النبي ، وأنه ما من نبي إلا وقد عرض عليه الإيمان بولاية علي. وقد وضع الشيعة أساطير كثيرة لإثبات هذا الشأن، ومن ذلك ما جاء في الكافي عن أبي الحسن قال: "ولاية علي مكتوبة في جميع صحف الأنبياء، ولن يبعث الله رسولاً إلا بنبوة محمد صلى الله عليه وآله، ووصية علي عليه السلام"( [4]).
"وعن أبي جعفر في قول الله عز وجل ولقد عهدنا إلى آدم من قبل فنسيَ ولم نجد له عزما، قال: عهدنا إليه في محمد والأئمة من بعده فترك ولم يكن له عزم( [4])، وإنما سمي أولو العزم أولي العزم لأنه عهد إليهم في محمد والأوصياء من بعده، والمهدي وسيرته، وأجمع عزمهم على أن ذلك كذلك والإقرار به( [4])".
 نقد هذا الرأي:
هناك من الآراء والمعتقدات ما يكفي في بيان فسادها مجرد عرضها، وهذا الرأي من هذا الصنف إذ أن فساده وبطلانه من الأمور المعلومة بالضرورة.. وكتاب الله بين أيدينا ليس فيه شيء من هذه المزاعم.
لقد كانت دعوة الرسل –عليهم السلام- إلى التوحيد لا إلى ولاية علي والأئمة كما يفترون.
قال الله تعالى: وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون( [4]). وقد قال : "أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله ..."( [4]) .
وعن ابن عباس أن رسول الله  لما بعث معاذاً إلى اليمن قال: "إنك تقدم على قوم أهل كتاب، فليكن أول ما تدعوهم إليه عبادة الله عز وجل…"( [4]).
فلم يرد في السنة الصحيحة إلا ما ينقض هذا الرأي، كما أن "أئمة السلف متفقون على أن أول ما يؤمر به العبد الشهادتين"( [4]) .
فأين ما يزعمون من أمر ولاية علي؟
وإذا كانت ولاية علي مكتوبة في جميع صحف الأنبياء، فلماذا ينفرد بذكرها الروافض، ولا يعلم بها أحد غيرهم؟ ولماذا لم يعلم بذلك أصحاب الديانات، بل لماذا لم تسجل هذه الولاية في القرآن وهو المهيمن على الكتب كلها، والمحفوظ من رب العزة جل علاه.
إن هي إلا دعوى بلا برهان، والدعاوى لا يعجز عن التنطع بها أحد إذا لم يكن له من دينه أو عقله أو حيائه ما يحميه.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "وهذه كتب الأنبياء التي أخرج الناس ما فيها من ذكر النبي  ليس في شيء منها ذكر عليٍّ ... وهؤلاء الذين أسلموا من أهل الكتاب لم يذكر أحد منهم أنه ذكر عليٌ عندهم فكيف يجوز أن يقال: أن كلاً من الأنبياء بعثوا بالإقرار بولاية عليّ، ولم يذكروا ذلك لأممهم، ولا نقله أحد منهم"( [4]) .
وكيف تتطاول هذه الأساطير على الأنبياء فتزعم أن آدم -عليه السلام- وبقية الأنبياء -ما عدا أولي العزم- قد تركوا أمر الله في الولاية، إن هذا إلا بهتان عظيم، فالولاية باطلة والافتراء على الأنبياء باطل.
ومن المفارقات العجيبة: ذلك الغلو الذي لا يقف عند حد في مسألة عصمة الأئمة .. وهذا الجفاء في حق صفوة الخلق، وهم الأنبياء، أليس ذلك دليلاً على أن واضعي هذه الأساطير هم قوم قد فرغت عقولهم ونفوسهم من العلم والإيمان، وشحنت بالحقد والتآمر على المصلحين والأخيار، وأرادوا الدخول على الناس لإفساد أمرهم من طريق التشيع؟، بلى: إنه لا يتجرأ على مثل هذه الافتراءات إلا زنديق، وكأنهم بهذه المقالة يجعلون أتباع الأئمة أفضل من أنبياء الله –ما عدا أولي العزم- لأن الأتباع اتبعوا، والأنبياء تركوا، إنَِّ هذا لهو الضلال المبين.
وأين عقول هؤلاء القوم الذين يصدقون بهذه الترهات! كيف يؤخذ على من قبلنا من الأنبياء وأممهم الميثاق على طاعة علي في إمامته "هذا –كما يقول شيخ الإسلام- كلام المجانين، فإن أولئك ماتوا قبل أن يخلق الله علياً فكيف يكون أميراً عليهم، وغاية ما يمكن أن يكون أميراً على أهل زمانه، وأما الإمارة على من خلق قبله، وعلى من يخلق بعده، فهذا من كذب من لا يعقل ما يقول، ولا يستحي مما يقول… وهذا من جنس قول ابن عربي الطائي وأمثاله من ملاحدة المتصوفة الذين يقولون: إن الأنبياء كانوا يستفيدون العلم بالله من مشكاة خاتم الأولياء والذي وجد بعد محمد بنحو ستمائة سنة، فدعوى هؤلاء في الإمامة من جنس دعوى هؤلاء في الولاية، وكلاهما يبني أمره على الكذب والغلو والشرك والدعاوى الباطلة، ومناقضة الكتاب والسنة وإجماع سلف الأمة( [4]) .
فما الغاية والهدف من هذه المقالة التي لا يخفى كذبها على أحد؟
هل الغاية صد الناس عن دين الله؟!.
لأن هذا معلوم بطلانه بداهة، فإذا رفعوا هذه الدعوى ونسبوها للإسلام، واطلع عليها أصحاب تلك الديانات وغيرهم، ورأوا بطلانها في العقل والنقل شَكُّوا في الإسلام نفسه ‍.
ثم ماذا يقول أهل العلم والعقل عن هذا التحليل الغريب لفساد الأشياء أو صلاحها من الجمادات والنباتات والمياه…إلخ، وأن هذا بسبب موقفها من ولاية علي.‍
ماذا يقول العالم عن هذا ... هل هذا هو الدين الذي يريدون أن يقدموه للناس ؟ أو أن الهدف تشويه الإسلام والصد عنه.
ولا يستغرب هذا الرأي من الشيعة، فهم أهل مبالغات غريبة يكذبون بالحقائق الواضحات، والأخبار المتواترات، ويصدقون بما يشهد العقل والنقل بكذبه.. وإذا كانوا يقولون بهذا الرأي فيمن يدعون إمامته، فإنهم أيضاً يقولون في أعداء الأئمة وأعداء الشيعة –في اعتقادهم- ما يقارب هذا الرأي فقد قالوا في الخليفتين الراشدين العظيمين: أبي بكر وعمر، قالوا –مثلاً- : "وقع في الخبر أن القائم -رضي الله عنه- إذا ظهر يحييهم ويلزمهم بكل ذنب وفساد وقع في الدنيا حتى قتل قابيل وهابيل، ورمي أخوة يوسف له في الجب، ورمي إبراهيم في النار وسايرها، وكذا روي عن الصادق: "أنه ما أزيل حجر من موضعه، ولا أريقت محجمة دم إلا وهو في أعناقهما- يعني الخليفة الأول والثاني-( [4]) .
• الرأي الثاني: (من آراء الشيعة)
ويزعم بعض الروافض في القديم والحديث أن رسول الله  هو الذي وضع بذرة التشيع، وأن الشيعة ظهرت في عصره، وأن هناك بعض الصحابة الذين يتشيعون لعلي ويوالونه في زمنه .
يقول القمي: "فأول الفرق الشيعة، وهي فرقة علي بن أبي طالب المسمون شيعة علي في زمان النبي  وبعده، معروفون بانقطاعهم إليه والقول بإمامته، منهم المقداد بن الأسود الكندي، وسلمان الفارسي، وأبو ذر جندب بن جنادة الغفاري، وعمار بن ياسر المذحجي.. وهم أول من سموا باسم التشيع من هذه الأمة( [4]). ويشاركه في هذا الرأي النوبختي، والرازي.
 مناقشة هذا الرأي:
أولاً: يلاحظ أن من أول من قال بهذا الرأي القمي في كتابه"المقالات والفرق" والنوبختي في كتابه"فرق الشيعة". وقد يكون من أهم الأسباب لنشأة هذا الرأي هو أن بعض علماء المسلمين أرجع التشيع في نشأته وجذوره إلى أصول أجنبية، وذلك لوجود ظواهر واضحة تثبت ذلك سيأتي الحديث عنها. فبسبب ذلك قام الشيعة بمحاولة إعطاء التشيع صفة الشرعية، والرد على دعوى خصومهم برد التشيع إلى أصل أجنبي، فادعوا هذه الدعوى، وحاولوا تأييدها وإثباتها بكل وسيلة، ووضعوا روايات كثيرة في ذلك( [4]). ونسبوها إلى رسول الله  وزعموا أنها رويت من طرق أهل السنة، وهي روايات لا يعرفها جهابذة السنة ولا نقلة الشريعة، بل أكثرها موضوع أو مطعون في طريقه، أو بعيد عن تأويلاتهم الفاسدة( [4]) .
آراء غير الشيعة في نشأة التشيع:
• القول الأول:
أن التشيع ظهر بعد وفاة الرسول  حيث وُجِدَ من يرى أحقية علي رضي الله عنه بالإمامة. وهذا الرأي قال به طائفة من القدامى والمعاصرين، منهم العلامة بن خلدون، وأحمد أمين، وبعض المستشرقين.
يقول ابن خلدون: "اعلم أن مبدأ هذه الدولة –يعني دولة الشيعة- أن أهل البيت لما توفي رسول الله  كانوا يرون أنهم أحق بالأمر، وأن الخلافة لرجالهم دون من سواهم"( [4]) .
 مناقشة هذا الرأي:
ولو كان هذا الرأي القائل بأحقية القرابة بالإمامة يمثل البذرة والنواة للتشيع لكان له ظهور ووجود زمن أبي بكر وعمر، ولكنه رأى إن ثبت فهو كسائر الآراء التي أثيرت في اجتماع السقيفة، ما إن وُجِدَ حتى اختفى بعد أن تمت البيعة .. واجتمعت الكلمة .. واتفق الرأي من الجميع.
• القول الثاني:
أن التشيع لعلي بدأ بمقتل عثمان رضي الله عنه، يقول ابن حزم: "ثم ولي عثمان، وبقي اثني عشر عاماً، وبموته حصل الاختلاف، وابتدأ أمر الروافض( [4]). والذي بدأ غرس بذرة التشيع هو عبد الله بن سبأ اليهودي( [4])، والذي بدأ حركته في أواخر عهد عثمان. وأكد طائفة من الباحثين القدماء والمعاصرين على أن ابن سبأ هو أساس المذهب الشيعي والحجر الأول في بنائه( [4]). وقد تواتر ذكره في كتب السنة والشيعة على حد سواء.
ونبتت نابتة من شيعة العصر الحاضر تحاول أن تنكر وجوده بجرة قلم دون مبرر واقعي، أو دليل قاطع( [4])، بل ادعى البعض منهم أن عبد الله بن سبأ هو عمار بن ياسر( [4]). وهذه الدعوى أو المحاولة هي حيلة لتبرئة يهود من التآمر على المسلمين .. كما هي محاولة أو حيلة لإضفاء صفة الشرعية على الرفض .. والرد على دعوى خصومهم برد أصل التشيع إلى أصل يهودي.
وقد اتفق القدماء من أهل السنة والشيعة على السواء على اعتبار ابن سبأ حقيقة واقعية، وشخصية تاريخية فكيف ينفي ما أجمع عليه الفريقان. أما القول بأن ابن سبأ هو عمار بن ياسر فهو قول يرده العقل والنقل والتاريخ، وكيف تلصق تلك العقائد التي قال بها ابن سبأ بعمار بن ياسر، وهل هذا إلا جزء من التجني على الصحابة والطعن فيهم.
ولست بحاجة إلى دراسة هذه المسألة فقد خرجت دراسات موضوعية ومستوفية لهذه القضية( [4])، فلا حاجة للوقوف عندها طويلاً.
• القول الثالث:
ويقول بأن منشأ التشيع كان سنة 37هـ.
ويبدو أن هذا القول يربط نشأة التشيع بموقعة صفين، حيث وقعت سنة 37هـ بين الإمام علي ومعاوية –رضي الله عنهما- وما صاحبها من أحداث، وما أعقبها من آثار، ولكن هذا الرأي لا يعني بداية الأصول الشيعية حيث أننا لا نجد في أحداث هذه السنة فيما نقله المؤرخون من نادى بالوصية، أو قال بالرجعة، أو دعا إلى أصل من أصول الشيعة المعروفة.
• القول الرابع:
بأن التشيع ولد إثر مقتل الحسين. يقول شتروتمان( [4]) (Strotnmann, R):

"إن دم الحسين يعتبر البذرة الأولى للتشيع كعقيدة"( [4]).
r الرأي المختار:
والذي أرى: أن الشيعة كفكر وعقيدة لم تولد فجأة، بل إنها أخذت طوراً زمنياً، ومرت بمراحل.. ولكن طلائع العقيدة الشيعية وأصل أصولها ظهرت على يد السبئية باعتراف كتب الشيعة التي قالت بأن ابن سبأ أول من شهد بالقول بفرض إمامة علي، وأن علياً وصِي محمد –كما مر- وهذه عقيدة النص على عليّ بالإمامة، وهي أساس التشيع كما يراه شيوخ الشيعة كما أسلفنا ذكره في تعريف الشيعة. وشهدت كتب الشيعة بأن ابن سبأ وجماعته هم أول من أظهر الطعن في أبي بكر وعمر وعثمان أصهار رسول الله ، وأرحامه وخلفاؤه وأقرب الناس إليه رضي الله عنهم، والطعن في الصحابة الآخرين، وهذه عقيدة الشيعة في الصحابة كما هي مسجلة في كتبهم المعتمدة. كما أن ابن سبأ قال برجعة علي، والرجعة من أصول الشيعة.
وهذه أهم الأصول التي تدين بها الشيعة، وقد وُجِدَت إِثر مقتل عثمان رضي الله عنه، وفي عهد علي رضي الله عنه.
أصل التشيع، أو أثر الفلسفات القديمة في المذهب الشيعي:
اختلفت أنظار العلماء والباحثين في مرجع الأصول العقدية للتشيع، فمن قائل بأنها ترجع لأصل يهودي، ومن قائل بأنها ترجع لأصل فارسي، ومن قائل بأن المذهب الشيعي كان مباءة للعقائد الأسيوية كالبوذية( [4]) وغيرها.
r الرأي المختار في أصل التشيع:
والذي أرى أن التشيع المجرد من دعوى النص والوصية ليس هو وليد مؤثرات أجنبية، بل إن التشيع لآل البيت وحبهم أمر طبيعي، وهو حب لا يفرق بين الآل، ولا يغلو فيهم، ولا ينتقص أحداً من الصحابة، كما تفعل الفرق المنتسبة للتشيع، وقد نما الحب وزاد للآل بعدما جرى عليهم من المحن والآلام بدءاً من مقتل علي، ثم الحسين…إلخ. هذه الأحداث فجرت عواطف المسلمين، فدخل الحاقدون من هذا الباب، ذلك أن آراء ابن سبأ لم تجد الجو الملائم لتنمو وتنتشر إلا بعد تلك الأحداث.. لكن التشيع بمعنى عقيدة النص على علي، والرجعة والبداء والغيبة وعصمة الأنبياء..إلخ، فلا شك أنها عقائد طارئة على الأمة دخيلة على المسلمين، ترجع أصولها لعناصر مختلفة، ذلك أنه قد ركب مطية التشيع كل من أراد الكيد للإسلام وأهله، وكل من احتال ليعيش في ظل عقيدته السابقة باسم الإسلام من يهودي ونصراني ومجوسي وغيرهم. فدخل في التشيع كثير من الأفكار الأجنبية والدخيلة، كما سيتبين من الدراسة الموسعة لأصولهم، ولهذا ذهب شيخ الإسلام ابن تيمية إلى أن المنتسبين للتشيع قد أخذوا من مذاهب الفرس والروم واليونان والنصارى واليهود وغيرهم أموراً مزجوها بالتشيع، ويقول: وهذا تصديق لما أخبر به النبي ، وساق بعض الأحاديث الواردة في أن هذه الأمة ستبع سنن من كان قبلها...، وقال بأن هذا بعينه صار في المنتسبين للتشيع( [4]).
ويقول سليمان العودة( [4]) - الخاتمة ونتائج البحث:
الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، والصلاة والسلام على من أكمل الله به الرسالات.. وبعد : فإن الذي يبرز من خلال البحث عدة نقاط نجملها فيما يلي:
1. البحث يكشف عن حقيقة وجود عبد الله بن سبأ وجوداً تؤكده الروايات القديمة وتفيض به كتب المقالات والفرق، والغالبية من كتب التراث وأخبار الشيعة المتقدمين، وسار على نهج هؤلاء المحققون من الباحثين المحدثين.
2. يبدو أن أول من شكك في وجود ابن سبأ بعض المستشرقين، ثم دعم هذا الغالبية من الشيعة المحدثين، وأنكر بعضهم وجوده، وبرز مع هذه المجموعة من أولع بآراء المستشرقين، ومن تأثر بكتابات الشيعة المحدثين، لكن هؤلاء وأولئك ليس لهم من دعائم الشك إلا الشك ذاته، وقد سبق البيان..
3. التوصل إلى حقيقة وجود ابن سبأ يكشف لنا عن الغموض المكتنف لبعض روايات الفتنة، ويجلِّي عاملاً خطيراً من عوامل الفتنة المنتهية بقتل الخليفة عثمان رضي الله عنه.
4. كما يكشف البحث أيضاً أثر ابن سبأ وأعوانه في الفتنة في خلافة علي رضي الله عنه، مبرزاً الدور
avatar
رد: تاريخ الشيعة وفكرهم
مُساهمة الأربعاء نوفمبر 03, 2010 1:33 am من طرف البروفوسور
اعتقاد الشيعة في مصادر الإسلام( [1]):

القرآن – السنة – الإجماع.
أولاً: اعتقادهم في القرآن الكريم:
وفيه ثلاث مباحث.
المبحث الأول - اعتقادهم في حجية القرآن:
سنقسم هذا المبحث إلى مسائل ثلاث: الأولى قولهم: إن القرآن ليس بحجة إلا بقَيِّم، والثانية: حصر علم القرآن ومعرفته بالأئمة، والثالثة: زعمهم بأن قول الإمام يخصص عام القرآن، ويقيد مطلقه..إلخ.

المسألة الأولى: اعتقادهم أن القرآن ليس حجة إلا بقَيِّم:
فالقرآن العظيم هو الشاهد والدليل والحجة، ولكن شيخ الشيعة ومن يسمونه بـ [ثقة الإسلام (الكليني)] يروي في كتابه: أصول الكافي والذي هو عندهم كصحيح البخاري عند أهل السنة يروي ما نصه: "… أن القرآن لا يكون حجة إلا بقَيِّم.. وأن علياً كان قَيِّم القرآن وكانت طاعته مفترضة، وكان الحجة على الناس بعد رسول الله".
فماذا يعنون بهذه العقيدة: أيعنون بذلك أن النص القرآني لا يمكن أن يحتج به إلا بالرجوع لقول الإمام؟ وهذا يعني أن الحجة هي في قول الإمام لا فى قول الرحمن.
والمتأمل لتلك المقالة التي تواترت في كتب الشيعة يلاحظ أنها من وضع عدو حاقد أراد أن يصد الشيعة عن كتاب الله سبحانه، ويضلهم عن هدى الله، فما دامت تلك المقالة ربطت حجية القرآن بوجود القَيِّم، و القَيِّم هو أحد الأئمة الإثنى عشر، لأن القرآن فُسِّرَ لرجل واحد وهو عليّ، وقد انتقل علم القرآن من علي إلى سائر الأئمة الاثنى عشر، كل إمام يعهد بهذا العلم إلى من بعده، حتى انتهى إلى الأمام الثاني عشر وهو غائب مفقود عند الإثني عشرية منذ ما يزيد على أحد عشر قرناً، ومعدوم عند طوائف من الشيعة وغيرهم.. فما دامت هذه المقالة ربطت حجية القرآن بهذا الغائب أو المعدوم فكأن نهايتها أن الاحتجاج بالقرآن متوقف لغياب قَيِّمِهِ أو عدمه، وأنه لا يرجع إلى كتاب الله، ولا يعرج عليه في مقام الاستدلال، لأن الحجة في قول الإمام فقط، وهو غائب فلا حجة فيه حينئذ.
المسألة الثانية: اعتقادهم بأن الأئمة اختصوا بمعرفة القرآن لا يشركهم فيه أحد:
فإنه مما عُلِمَ من الإسلام أن عِلْمَ القرآن لم يكن سراً تتوارثه سلالة معينة، ولم يكن لعلي اختصاص بهذا دون سائر صحابة رسول الله ، وأن الصحابة رضوان الله عليهم هم الطليعة الأولى الذين حازوا شرف تلقي هذا القرآن عن رسول البشرية محمد بن عبد الله ونقله إلى الأجيال كافة.. ولكن الشيعة تخالف هذا الأصل وتعتقد أن الله سبحانه قد اختص أئمتهم الاثنى عشر بعلم القرآن كله، وأنهم اختُصوا بتأويله، وأن من طلب علم القرآن من غيرهم فقد ضل!.
جاء في أصول الكافي في خبر طويل عن أبي عبد الله قال: "إن الناس يكفيهم القرآن لو وجدوا له مفسراً، وإن رسول الله صلى الله عليه وآله فسره لرجل واحد، وفسره للأمة شأن هذا الرجل وهو علي بن أبي طالب".
وجاء في طائفة من مصادر الشيعة المعتمدة لديهم أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: "إن الله أنزل علىّ القرآن وهو الذي من خالفه ضل، ومن يبتغي علمه عند غير علي هلك"( [2]).
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: وهذا ابن عباس نقل عنه من التفسير ما شاء الله بالأسانيد الثابتة ليس في شيء منها ذكر عليّ، وابن عباس يروي عن غير واحد من الصحابة، يروي عن عمر وأبي هريرة وعبد الرحمن بن عوف وعن زيد بن ثابت وأبي بن كعب وأسامة بن زيد وغير واحد من المهاجرين والأنصار. وروايته عن عليّ قليلة جداً، ولم يُخَرِّج أصحاب الصحيح شيئاً من حديثه عن علي، وخَرَّجُوا حديثه عن عمر وعبد الرحمن بن عوف وأبي هريرة وغيرهم… وما يعرف بأيدي المسلمين تفسير ثابت عن علي، وهذه كتب الحديث والتفسير مملوءة بالآثار عن الصحابة والتابعين، والذي منها عن علي قليل جداً، وما ينقل من التفسير عن جعفر الصادق عامته كذب على جعفر( [3]).
بعد: فهذه المقالة مؤامرة، الهدف منها الصدّ عن كتاب الله سبحانه والإعراض عن تدبره فالقرآن في دين الشيعة لا وسيلة لفهم معانيه إلا من طريقة الأئمة الإثنى عشر، أما غيرهم فمحروم من الانتفاع به.
المسألة الثالثة: اعتقادهم بأن قول الإمام ينسخ القرآن ويقيد مطلقه ويخصص عامه..
ومسألة النسخ والتخصيص والتقييد… ليست إلا جزءاً من وظيفة الأئمة الكبرى وهي (التفويض في أمر الدين) والتي يقررها صاحب الكافي في باب يعقده في هذا الشأن بعنوان: "باب التفويض إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وإلى الأئمة عليهم السلام في أمر الدين".
ولعل المتأمل لهذه المقولة، والمحلل لأبعادها يدرك أن الهدف من هذه المقالة تبديل دين الإسلام، وتغيير شريعة سيد الأنام.
وهذه الدعوى تقوم على أن دين الإسلام ناقص ويحتاج إلى الأئمة الاثنى عشر لإكماله، وأن كتاب الله وسنة رسوله  لم يكمل بهما التشريع ..
وهذه العقائد أصبحت من أصول الاثنى عشرية( [4])، لأنها شربت مذاهب الغلاة حتى الثمالة.. وقد أشار أبو جعفر النحاس (المتوفى سنة 338هـ) إلى هذه المقالة ولم ينسبها لأحد فقال: "وقال آخرون: باب الناسخ والمنسوخ إلى الإمام، ينسخ ما شاء"( [5]) وعدَّ ذلك من عظيم الكفر ثم بين بطلانه بقوله: "لأن النسخ لم يكن إلى النبي  إلا بالوحي من الله عز وجل إما بقرآن مثله على قول قوم، وإما بوحي من غير القرآن( [6]) فلما ارتفع هذان بموت النبي  ارتفع النسخ( [7]).
المبحث الثاني - اعتقادهم في تأويل القرآن:
وفيه مسألتان: الأولى: اعتقادهم بأن للقرآن معاني باطنة تخالف الظاهر.
والثانية: قولهم بأن جلّ القرآن نزل فيهم وفي أعدائهم.
المسألة الأولى: اعتقادهم بأن للقرآن معاني باطنة تخالف الظاهر:
جاء في أصول الكافي للكليني ما نصه: "..عن محمد بن منصور قال: سألت عبداً صالحاً( [8]) عن قول الله عز وجل: قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن( [9]). قال فقال: إن القرآن له ظهر وبطن، فجميع ما حرم الله في القرآن هو الظاهر، والباطن من ذلك أئمة الجور، وجميع ما أحل الله تعالى في الكتاب هو الظاهر والباطن من ذلك أئمة الحق.
تقرر هذه الرواية الواردة في كتبهم الأربعة مبدأ أن للقرآن معاني باطنة تخالف الظاهر مخالفة تامة، وتضرب المثل بما أحل الله وحرم في كتابه من الطيبات والخبائث، وأن المقصود بذلك رجال بأعيانهم هم الأئمة الاثنا عشر، وأعداؤهم وهم كل خلفاء المسلمين.. وهذا التأويل لا أصل له من لغة أو عقل أو دين، وهو محاولة لتغيير دين الإسلام من أساسه ودعوة إلى التحلل والإباحية؟!.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "من ادعى علماً باطناً، أو علماً بباطن وذلك يخالف العلم الظاهر كان مخطئاً، إما ملحداً زنديقاً، وأما جاهلاً ضالاً…وأما الباطن المخالف للظاهر المعلوم، مثل ما يدعيه الباطنية القرامطة من الإسماعيلية والنصيرية وأمثالهم. ثم يقول:" وهؤلاء الباطنية قد يفسرون: وكل شيء أحصيناه في إمام مبين( [10]) أنه عليّ، وقوله: فقاتلوا أئمة الكفر( [11]) أنهم طلحة والزبير، والشجرة الملعونة في القرآن( [12]) بأنها بنو أمية( [13]).
هذه التأويلات التي ينقلها ابن تيمية وينسبها للباطنية موجودة بعينها عند الاثنى عشرية، فالتأويل المذكور في الآية الأولى: وكل شيء أحصيناه في إمام مبين جاء عندهم في خمس روايات أو أكثر( [14])، وسجل في طائفة من كتبهم المعتمدة( [15])، وليس في الآية أية دلالة على هذا التأويل( [16]). وكذلك الآية الثانية فقاتلوا أئمة الكفرورد تأويلها بذلك في طائفة من كتبهم المعتمدة( [17])، وبلغت رواياتها عندهم أكثر من ثمان روايات( [18])، ومثلها الآية الثالثة والشجرة الملعونة جاء تأويلها عند الاثنى عشرية بما قاله شيخ الإسلام في أكثر من اثنتى عشرة رواية( [19])، وتناقل هذا التأويل مجموعة من مصادرهم المعتمدة( [20]).
المسألة الثانية: قولهم بأن جل القرآن نزل فيهم وفي أعدائهم:
يقول الشيعة بأن: "جل القرآن إنما نزل فيهم (يعني في الأئمة الاثنى عشر) وفي أوليائهم وأعدائهم، مع أنك لو فتشت في كتاب الله وأخذت معك قواميس اللغة العربية كلها وبحثت عن اسم من أسماء هؤلاء الاثنى عشرية فلن تجد لها ذكراً، ومع ذلك فإن شيخهم البحراني يزعم بأن علياً وحده ذكر في القرآن (1154) مرة، ويؤلف في هذا الشأن كتاباً سماه: "اللوامع النورانية في أسماء علي وأهل بيته القرآنية" يحطم فيه كل مقاييس لغة العرب، ويتجاوز فيه أصول العقل والمنطق، ويفضح من خلاله قومه علي رؤوس الأشهاد بتحريفاته التي سطرها في هذا الكتاب وجمعها –وقد كانت متفرقة قد لا تعرف- من طائفة من مصادرهم المعتبرة عندهم.
وتأتي بعض رواياتهم لتقول: "إن القرآن نزل أربعة أرباع: ربع حلال، وربع حرام، وربع سنن وأحكام، وربع خبر ما كان قبلكم ونبأ ما يكون بعدكم، وفصل ما بينكم"( [21]). وهذا يعني أنه ليس للأئمة ذكر صريح في القرآن.
وفي كتاب"البحار" أحد مصادرهم المعتمدة عندهم في الحديث أبواب كثيرة هي بمثابة قواعد وأصول في تفسير القرآن عندهم، وقد حشر في هذه الأبواب روايات كثيرة كلها تذهب هذا المذهب في كتاب الله سبحانه، ولعله يكفي أن تقرأ عناوين بعض هذه الأبواب لتدرك مدى مجافاتها للغة العرب، ومناقضتها للعقل، ومنافاتها لأصول الإسلام، وأنها من أعظم الإلحاد في كتاب الله، والتحريف لمعانيه. ولنستعرض قسماً من هذه العناوين فيما يلي. قال المجلسي:
باب أنهم عليهم السلام آيات الله وبيِّناته وكتابه.. وفيه (20) رواية( [22]).

وباب أنهم السبع المثاني، وفيه (10) روايات( [23]). وباب أنهم عليم السلام الصافون والمسبحون وصاحب المقام المعلوم وحملة عرش الرحمن، وأنهم السفرة الكرام البررة، وفيه (11) رواية( [24]). وباب أنهم كلمات الله، وفيه (25) رواية( [25]). وباب أنهم حرمات الله، وفيه (6) روايات( [26]).
وباب أنهم الذكر وأهل الذكر، وفيه (65) رواية( [27]). وباب أنهم أنوار الله، وفيه (42) رواية( [28]).
وباب أنهم خير أمة وخير أئمة أخرجت للناس، وفيه (24) رواية( [29]).
وباب أنهم المظلومون، وفيه (37) رواية( [30]). وباب أنهم المستضعفون، وفيه (13) رواية( [31]).
فالأئمة كما ترى في هذه الأبواب يكونون أحياناً ملائكة، وأحياناً كتباً سماوية، أو أنواراً إلهية..إلخ. ومع ذلك فهم المظلومون المستضعفون.
وهي دعاوى لا تحتاج إلى نقد فهي مرفوضة لغة وعقلاً، فضلاً عن الشرع وأصول الإسلام، وهي عناوين يناقض بعضها بعضاً.. ولكنه يمضي في هذا النهج حتى يفسر الجمادات ويؤولها بالأئمة، يقول: باب أنهم الماء المعين، والبئر المعطلة، والقصر المشيد، وتأويل السحاب، والمطر، والظل، والفواكه، وسائر المنافع بعلمهم وبركاتهم. وقد أورد في هذا الباب إحدى وعشرين رواية( [32])، انتخبها كعادته من طائفة من كتبهم المعتمدة.
ويغلو ويشطط ويتجاوز الحد، ليصل إلى أوصاف الرب جل جلاله فيقول: باب انهم جنب الله، وروحه، ويد الله وأمثالها ويذكر فيه ستاً وثلاثين رواية( [33]).
ويجعلهم هم الكعبة والقبلة.. ويعقد باباً لهذا بعنوان: باب أنهم رضي الله عنهم حزب الله وبقيته وكعبته وقبلته، وأن الأثارة من العلم علم الأوصياء، ويقدم في هذا الباب سبع روايات( [34]).
ويمضي في هذا الشطط في طائفة من الأبواب عرضها يمثل في الحقيقة أبلغ رد وأعظم نقد لمذهب الشيعة، وهو ينسف بنيانهم من القواعد، وهو يؤكد عظمة هذا الدين الإسلامي، فبضدها تتميز الأشياء –فلولا المر ما عرف طعم الحلو- فهذه التأويلات أشبه ما تكون بمحاولات مسيلمة الكذاب، وهي تعطي الدليل القاطع على أنها ليست من عند الله سبحانه، يعرف هذا من له أدنى صلة بلغة العرب فضلاً عن دين الإسلام وقواعده وأصوله، لأن الله أنزل هذا القرآن سبحانه أنزل هذا القرآن بلسان عربي مبين…وإن من له أدنى صلة باللسان العربي –كما قلت- يدرك أن هذه الأبواب وتلك الروايات إلحاد في كتاب الله، وتحريف لكلامه سبحانه عن مواضعه. وأن مثل هذه التحريفات لا تلتبس إلا على أعجمي جاهل بالإسلام ولغة العرب، ولعلها برهان واقعي على أن من حاول المساس بكتاب الله سبحانه سقط في هذا الدرك الهابط، وليس هذا النهج في كتب الروايات والأحاديث فحسب، فأنت إذا طالعت عمدة التفسير عند هذه الطائفة "وأصل أصول التفسير"( [35]) لديها، وهو تفسير القمي ألفيته قد أخذ من تلك التفاسير الباطنية بنصيب وافر، ومثله تفسير العياشي، وهو من كتب التفسير القديمة المعتمدة عندهم، وعلى نفس الطريق تجد تفسير البرهان، وتفسير الصافي وغيرها، وهي تعتمد على تفسير الآيات –كما زعموا- أنه بالمأثور عن جعفر الصادق أو بقية الاثنى عشر.
وحسبنا أن نذكر أمثلة من رواياتهم في هذا الباب:
أصل هذه التأويلات وجذورها، وأمثلة لها:
أ. أصل هذه التأويلات:
مضى القول بأن كتب الشيعة تزعم أن القرآن لا يحتج به إلا بقَيِّم، وأن هذا القَيِّم والمتمثل بالاثنى عشر عنده علم القرآن كله ولا يشركه في ذلك أحد، ثم جعلت لهذا القَيِّم وظيفة "المشرع" في تخصيص عام النصوص وتقييد مطلقها وبيان مجملها، ونسخ ما شاء منها، لأنه مُفَوَّض في أمر الدين كله، ثم بررت ضرورة وجود هذا القَيِّم لتأويل القرآن بقولها: بأن للقرآن معاني باطنة تخالف الظاهر، ثم كشفت عن علم هذا الباطن المدخر عند الأئمة بأنه يعني الأئمة الاثنى عشر وأعدائهم (وهم الصحابة والتابعين لهم بإحسان) ومعظم موضوعات القرآن لا تتعدى –عندهم- هذا الشأن، ثم وضعت هذه النظريات موضع التنفيذ حيث قام شيوخ الشيعة بوضع مئات الروايات في تفسير معاني القرآن بالأئمة أو مخالفيهم أو بعقيدة أخرى من عقائدهم التي شذوا بها عن جماعة المسلمين.
ويرى بعض الباحثين( [36]) أن أول كتاب وضع الأساس لهذا اللون من تفسير الشيعة هو تفسير القرآن الذي وضعه في القرن الثاني للهجرة (جابر الجعفي)( [37]).
وقد نقلت لنا بعض كتب أهل السنة نماذج من تأويلات الشيعة لكتاب الله، ولكن ما انكشف لنا اليوم أمر لا يخطر على البال. ويبدو أن ما نسبه بعض أئمة السنة لغلاة الشيعة من تأويلات قد ورثتها الاثنى عشرية. فالإمام الأشعري( [38])، وكذلك البغدادي( [39])، والشهرستاني( [40]) وغيرهم يحكون عن المغيرة بن سعيد أحد الغلاة باتفاق السنة والشيعة، والذي تنسب إليه طائفة المغيرية( [41]) أنه ذهب في تأويل الشيطان في قول الله جل شأنه: كمثل الشيطان إذ قال للإنسان اكفر( [42]) بعمر بن الخطاب رضي الله عنه.
وهذا التأويل بعينه قد ورثته الاثنا عشرية، ودونته في مصادرها المعتمدة، حيث جاء في تفسير العياشي، والصافي، والقمي، والبرهان، وبحار الأنوار( [43]) عن أبي جعفر في قول الله: وقال الشيطان لما قضي الأمر( [44]) قال: هو الثاني، وليس في القرآن شيء وقال الشيطان إلا وهو الثاني.
فكأن كتب الاثنى عشرية تزيد على المغيرة بوضع هذا الإلحاد في كتاب الله قاعدة مطردة.
وفي الكافي عن أبي عبد الله قال:"وكان فلان شيطاناً"( [45])، قال المجلسي في شرحه على الكافي: المراد بفلان عمر( [46]).
ب. أمثلة من تأويلات الشيعة لآيات القرآن:
حين احتج شيخ الشيعة في زمنه –والذي إذا أطلق لقب"العلامة" عندهم انصرف إليه (ابن المطهر الحلي) – على استحقاق علي للإمامة بقوله:"البرهان الثلاثون قوله تعالى:مرج البحرين يلتقيان بينهما برزخ لا يبغيانقال علي وفاطمة، بينهما برزخ لا يبغيان النبي  يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان الحسن والحسين. حينما احتج ابن المطهر بذلك قال شيخ الإسلام ابن تيمية: إن هذا وأمثاله إنما يقوله من لا يعقل ما يقول، وهذا بالهذيان أشبه منه بتفسير القرآن، وهو من جنس تفسير الملاحدة والقرامطة الباطنية للقرآن، بل هو شر من كثير منه. والتفسير بمثل هذا طريق الملاحدة بل هو شر من كثير منه، والتفسير بمثل هذا طريق الملاحدة على القرآن والطعن فيه، بل تفسير القرآن بمثل هذا من أعظم القدح فيه والطعن فيه( [47]).
وأقول كيف لو رأى شيخ الإسلام ما أودع في الكافي والبحار وتفسير العياشي والقمي والبرهان وتفسير الصافي وغيرها من تحريف لمعاني القرآن سموه تفسيراً !!.
وبين يدي مجموعة كبيرة من هذا اللون.. يستغرق عرضها المجلدات، ركام هائل من الروايات.. حجبت الشيعة عن نور القرآن وهديه.. فالتوحيد الذي هو أصل دعوة الرسل، وجوهر رسالتهم… هو عندهم ولاية الإمام فيروون عن أبي جعفر أنه قال:"ما بعث الله نبياً قط إلا بولايتنا والبراءة من عدوناً وذلك قول الله في كتابه:ولقد بعثنا في كل أمة رسولاً أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت( [48]). ورواياتهم في هذا الباب كثيرة، كما سيأتي( [49]).
والإله في كتاب الله هو الإمام، فقوله تعالى:لا تتخذوا إلهين اثنين إنما هو إله واحد( [50]) قال: أبو عبد الله- كما يزعمون- يعني بذلك ولا تتخذوا إمامين إنما هو إمام واحد( [51]) .والرب هو الإمام عندهم. وقد يلتمس لهم في هذا التأويل عذر، لأن الرب في اللغة له استعمالات أخرى كرب البيت، ورب المال بمعنى صاحب ولكن يمنع من ذلك أن تأويلهم للرب في الإمام جرى في آيات هي نص في الله سبحانه ولا تحتمل وجهاً آخر. وفي قوله سبحانه عن المشركين: ويعبدون من دون الله ما لا ينفعهم ولا يضرهم وكان الكافر على ربه ظهيرا( [52]) قال القمي في تفسيره: "الكافر: الثاني (يعني عمر- رضي الله عنه وأرضاه-) كان على أمير المؤمنين عليه السلام ظهيراً( [53]). فاعتبر أمير المؤمنين علياً هو الرب. وقال الكاشاني "في البصائر"( [54]) عن الباقر- عليه السلام –أنه سئل عن تفسيرها فقال (كما يفترون): "إن تفسيرها في بطن القرآن: علي هو ربه في الولاية، والرب هو الخالق الذي لا يوصف"، فهذا قد يفهم منه أن علياً هو الرب الذي لا يوصف –كما يفترون-، لأن الآية نص في حق الباري سبحانه؟!.
والصراط المستقيم في قوله تعالى: اهدنا الصراط المستقيم هو أمير المؤمنين( [55]) عندهم.
والشمس هي علي، فيروون عن الصادق في قوله: والشمس وضحاها( [56]) قال: "الشمس أمير المؤمنين، وضحاها: قيام القائم". فهل يعني هذا أنه لما مات أمير المؤمنين اختفت الشمس من الوجود؟، والناس في ظلمة حتى يشرق ضحى القائم المنتظر؟
والمسجد، والمساجد، والكعبة، والقبلة هي الإمام والأئمة، فيروون عن الصادق في قوله تعالى: وأقيموا وجوهكم عند كل مسجد( [57]) قال يعني الأئمة. وفي رواية أخرى عنه في قوله تعالى: خذوا زينتكم عند كل مسجد( [58]) قال يعني الأئمة.وفي قوله تعالى:وأن المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحداً( [59]) قال: إن الإمام من آل محمد فلا تتخذوا من غيرهم إماماً( [60])، ويقول الصادق- عندهم-: ".. نحن البلد الحرام، ونحن كعبة الله، ونحن قبلة الله"( [61]).
والسجود: هو ولاية الأئمة وبهذا يفسرون قوله تعالىوقد كانوا يدعون إلى السجود وهم سالمون( [62]) حيث قالوا: أى يدعون إلى ولاية علي في الدنيا".
ولعل مثل هذه الروايات هي السبب في شيوع عبادة الأئمة، وأضرحتهم، وعمارة المشاهد وتعطيل المساجد، لأن المشاهد هي المساجد، والإمام هو كعبة الله وقبلته، ولهذا صنفوا كتباً سموها"مناسك المشاهد" أو "مناسك الزيارات"، أو"المزار"( [63])، واعتنوا ببيان فضائلها وآدابها، وأخذت هذه المسائل في كتبهم المعتمدة قسماً كبيراً-كما سيأتي تفصيله.
وتأويلهم لكثير من آيات القرآن بالإمامة والأئمة يربو على الحصر وكأن القرآن لم ينزل إلا فيهم، ولقد تجاوزوا في هذه الدعاوى كل معقول، وأسرفوا في تأويلاتهم إلى ما يشبه هذيان المعتوهين حتى قالوا: إن النحل في قوله سبحانه: وأوحى ربك إلى النحل.. هم الأئمة، وروى القمي بإسناده إلى أبي عبد الله قال: "نحن النحل التي أوحى الله إليها أن اتخذي من الجبال بيوتاً أمرنا أن نتخذ من العرب شيعة ومن الشجر يقول: من العجم ومما يعرشون يقول: من الموالي"( [64]). وجمع المجلسى رواياتهم في هذا المعنى في باب بعنوان: "باب نادر في تأويل النحل بهم عليهم السلام"( [65])، كما جاء بروايات تقول: إن الأئمة هم الماء المعين والقصر المشيد، والسحاب والمطر والفواكه وسائر المنافع الظاهرة"( [66]).
وبعد.. فإن المتأمل لآيات القرآن بمقتضى اللغة العربية التي نزل بها: إنا أنزلناه قرآناً عربياً لعلكم تعقلون( [67]) لا يجد فيه ذكراً لما يدَّعون، والروايات التي يذكرونها يكفي في بيان فسادها مجرد عرضها، فهي تحمل بنفسها ما يهدم بنيانها من الأساس، فهل يصدق أحد أن لعلي في القرآن (1154) اسماً؟! وهل يدخل في عقل أحد أن من أسماء علي البعوض والذباب؟!، وهل يوافق مؤمن على القول بأن ما ورد من آيات عن اليوم الآخر هي خاصة برجعة الأئمة؟، وكيف تناقش من يقول بأن آيات الإيمان والمؤمنين هي في الأئمة الإثنى عشر، وآيات الكفر والكافرين هي في الصحابة؟، وإنني هنا أذهب إلى القول بأن هذا المستوى الذي هبط إليه هؤلاء هو من معجزات هذا الدين العظيم، فما من أحد ادّعى نبوة أو وحياً وأراد أن يضع في الدين ما ليس منه إلا وفضحه الله على رؤوس الأشهاد، وتالله إن هذه المقالات التي لا يمكن بحال أن تتفق مع العقل والنقل ولا اللغة والدين هي من أعظم فضائح القوم وعوراتهم.. وبها يكشف الله سبحانه وتعالى كذبهم وبهتانهم.
المبحث الثالث - هل الشيعة تقول بأن في كتاب الله نقصاً أو تغييراً ؟
مدخل للموضوع:
وجاء هذا المبحث بهذه الصيغة الاستفهامية لثلاثة أسباب:
أولاً: أن طائفة من أعلام الاثنى عشرية يتبرأون من هذه المقالة، مثل الشريف المرتضى، وابن بابويه القمي وغيرهما.
ثانياً: أن إجماع المسلمين كلهم قام على أن كتاب الله سبحانه محفوظ بحفظ الله له لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه( [68]). ومن قال أن في القرآن نقصاً وتحريفاً فليس من أهل القبلة وليس من الإسلام في شيء، ومن هنا فإن العدل يقتضي أن نحتاط في دراستنا لهذه المسألة أبلغ الاحتياط، وأن نعدل في القول، فلا نرمي طائفة بهذه المقالة إلا بعد الدراسة والتثبت.
ثالثاً: أن هناك طائفة من المفكرين يرمون الشيعة بالقول بهذا الكفر، ويعممون ذلك، ولا شك بأن الشيعة فِرقٌ، والشيعة طبقات فلا يصح أن يقال مثلاً بأن متقدمي الشيعة يقولون بهذه المقالة( [69])، ولا يقبل أن يقال بأن الزيدية تقول بهذه الفرية.. فأسلوب التعميم غير مرضي ولا مقبول.
وأقول إن دراسة هذه المسألة ليست من أجل الرد والنقض، إنما هي لبيان هل الشيعة تقول بهذه المقالة أم لا؟، وفي ثبوت ذلك أكبر فضيحة للشيعة يهدم بنيانها من الأساس ويزلزل كيانها من القواعد، ولن يقبل منها قول ولا يسمع منها كلمة.. ومن ذا الذي يمس كتاب الله ويقبل منه مسلم قولاً أو يرتضي منه حكماً. ومن ثم فنحن نكتب هذه الدراسة لبيان حقيقة نسبة هذه المسألة للشيعة، لأن من حاول المساس بكتاب الله والنيل من قدسيته فإنه بعيد عن الإسلام وإن تسمى به، وأنه يجب كشفه لتعرف الأمة عداوته، لأنه يحارب الإسلام في أصله العظيم وركنه المتين.
نتائج الموضوع:
أولاً: يحتمل أن هذه الأسطورة نشأت عند الشيعة في القرن الثاني والذي تولى كبرها بعض الغلاة، وكان من أسبابها خلو كتاب الله مما يثبت بدعهم في الإمامة، والصحابة وغيرها.
ثانياً: أكبر كتب الشيعة المعتمدة عندهم قد روت هذا الكفر، جاءت معظم هذه الروايات صريحة في ذلك لا يمكن حملها على أنهم يقصدون تأويل الآية، أو بيان القراءات التي وردت فيها، بل جاءت تصرح بأن الآية هكذا والصحابة –بزعمها- غيرت ذلك، مثل الألفاظ التالية:"هذه الآية مما غيروا وحرفوا.."( [70]) يعنون الصحابة، وقولهم "أنزل الله سبعة بأسمائهم فمحت قريش ستة وتركوا أبا لهب"( [71])، "كانت فيه أسماء رجال فألقيت"( [72])، وقولهم "هكذا والله نزل به جبرائيل على محمد ولكنه فيما حرف من كتاب الله"( [73])، وقولهم "بلى والله إنه لمثبت فيها وأن أول من غير ذلك لابن أروى"( [74])، ومثل ذلك كثير. فمن يقل من الشيعة أن رواياتهم الواردة في كتبهم من جنس روايات القراءات، ونسخ التلاوة، فهو يتستر على هذا الكفر، ويساوي بين الحق والباطل.
ثالثاً: ادعى جمع من شيوخهم استفاضة هذه "الأساطير" وكثرتها في كتبهم المعتمدة، وهذا طعن في كتبهم لا في كتاب الله سبحانه، ولهذا حاول بعض عقلائهم الخروج بالمذهب من هذا "المأزق" الذي وقع فيه، أو التستر على هذه الفضيحة.. لكن هذه الأسطورة كانت رواياتها تزيد –عبر القرون- رغم إنكار المنكرين، وتبنى إشاعتها طائفة من الزنادقة الذين اندسوا في الشيعة. ولا ريب بأن من يقل بهذه الأسطورة فليس من الإسلام في شيء، ولا علاقة له بكتاب الله ودينه، ولا برسول الإسلام، وأهل بيته بل له دين آخر غير دين الإسلام.
لكن القائلين بتغير القرآن الناقلين لتلك الأساطير كالمجلسي في "بحار الأنوار" والطبرسي في "فصل الخطاب" نراهم يستشهدون من كتاب الله، ويفتتحون كل باب من أبواب كتبهم بآيات من القرآن، كما يفعل المجلسي في بحاره، والطبرسي في "مستدرك الوسائل" وغيرهما، بل إن الطبرسي الذي كتب في فصل الخطاب ما كتب قد عقد في كتابه "مستدرك الوسائل" باباً بعنوان: باب استحباب الوضوء لمس كتاب الله ونسخه، وعدم جواز مسه المحدث والجنب كتابة القرآن( [75]). بل إن شيخ الشيعة المجلسي الذي قال –كما سلف- باستفاضة تلك الأساطير وأنها لا تقصر عن أخبار الإمامة، يقول مع ذلك: "بأن الذي بين الدفتين كلام الله تعالى على الحقيقة من غير زيادة ولا نقصان"( [76]).
ثم استشعر التناقض بين هذا القول وبين أساطيرهم في تحريف القرآن فقال: "فإن قال قائل كيف يصح القول بأن الذي بين الدفتين هو كلام الله على الحقيقة من غير زيادة ولا نقصان، وأنتم تروون عن الأئمة عليهم السلام أنهم قرؤوا:"يسألونك الأنفال" وهذا بخلاف ما في المصحف الذي في أيدي الناس، قيل له.. إن الأخبار التي جاءت بذلك أخبار آحاد لا يقطع على الله بصحتها، فلذلك وقفنا فيها، ولم نعدل عما في المصحف الظاهر على ما أمرنا به.. مع أنه لا ننكر أن تأتي القراءة على وجهين منزلتين أحدهما ما تضمنه المصحف، والثاني كما جاء به الخبر كما يعترف مخالفونا به من نزول القرآن على وجوه شتى"، ثم أشار إلى بعض القراءات( [77]).
فما دام هذه نهاية الذين أثاروا تلك العقائد الكفرية، فلماذا أثاروا تلك المفتريات وتناقلوها.. الجواب واضح من خلالا ما سبق أن عرضناه وهو اقناع قومهم وأتباعهم بصحة ما هم عليه من معتقدات، وإن آيات من القرآن قد حذفها الصحابة تشهد لمذهبهم، ولهذا لاحظنا أنهم أيضاً ادعوا نزول كتب إلهية غير القرآن، وفزعوا إلى التفسير الباطني، كل ذلك لإثبات شذوذهم.. فإذن تحولت تلك الدعاوى إلى مجرد محاولات للتخلص من الإلزامات الواردة عليهم بخلو كتاب الله مما يثبت عقائدهم، ولكن تلك الروايات كان لها آثارها على فرق الشيعة( [78])، بل على الاثنى عشرية نفسها، فإن الإخباريين منهم يقدمون أخبارهم على كتاب الله كما سلف. حتى أشيع بأن الاثنى عشرية لهم مصحف خاص بهم..
رابعاً: كما أن لهم روايات تقول بالتحريف، فإن عندهم روايات أخرى تنفي هذا الباطل وتنكره مثل قول إمامهم:"واجتمعت الأمة قاطبة لا اختلاف بينهم في ذلك أن القرآن حق لا ريب فيه عند جميع فرقها، فهم في حالة الاحتجاج عليه مصيبون، وعلى تصديق ما أنزل الله مهتدون لقول النبي :"لا تجتمع أمتي على ضلالة"( [79]). ومثل ما جاء عندهم في ثواب قراءة القرآن( [80]). وفضل حامل القرآن( [81])، ووجوب عرض أحاديثهم عليه( [82]). والتمسك به إلى قيام الساعة، وهذا يبطل أن يكون محرفاً أو مخفياً عند منتظرهم.
خامساً: تبين لنا أن هذه الأسطورة حملت بذاتها باطلها، وتبين من عناصر تكوينها فسادها، وكان مجرد عرضها كافياً في الرد عليها ويكفي في بيان كذب الروافض.. أن علي بن أبي طالب الذي هو عند أكثرهم إله خالق، وعند بعضهم نبي ناطق، وعند سائرهم إمام معصوم ولي الأمر وملك، فبقى خمسة أعوام وتسعة أشهر خليفة مطاعاً ظاهر الأمر.. والقرآن يقرأ في المساجد في كل مكان وهو يؤم الناس به، والمصاحف معه وبين يديه، فلو رأى فيه تبديلاً كما تقول الرافضة أكان يقرهم على ذلك؟، ثم أتى ابنه الحسن وهو عندهم كأبيه فجرى على ذلك.
فكيف يسوغ لهؤلاء النوكى أن يقولوا إن في المصحف حرف زائداً أو ناقصاً أو مبدلاً مع هذا ؟!.
ولقد كان جهاد من حرف القرآن وبدل الإسلام أوكد عليه من قتال أهل الشام الذين إنما خالفوه في رأي يسير رأوه ورأى خلافه فقط، فلاح كذب الرافضة ببرهان لا محيد عنه، والحمد لله رب العالمين( [83]).
ثانياً: اعتقادهم في السُّنة:
الشيعة تقول بالسنة ظاهراً وتنكرها باطناً، إذ أن معظم رواياتهم وأقوالهم تتجه اتجاها مخالفاً للسنة التي يعرفها المسلمون، في الفهم والتطبيق، وفي الأسانيد والمتون، ويتبين ذلك فيما يلي:
قول الإمام كقول الله ورسوله:
فالسنة عندهم هي: "كل ما يصدر عن المعصوم من قول أو فعل أو تقرير"( [84])، ولكن الشيعة تعطي صفة العصمة لآخرين غير رسول الله ، وتجعل كلامهم مثل كلام الله وكلام رسوله، وهم الأئمة الاثنى عشر لا فرق عندهم في هذا بين هؤلاء الاثنى عشر وبين من لا ينطق عن الهوى، ولا فرق في كلام هؤلاء الاثنى عشر بين سن الطفولة، وسن النضج العقلي، إذ إنهم –في نظرهم- لايخطئون عمداً ولا سهواً ولا نسياناً طوال حياتهم- كما سيأتي في مسألة العصمة.
وقد جاء في الكافي ما يعدونه حجة لهم في هذا المذهب وهو قول أبي عبد الله –كما يزعم صاحب الكافي- "حديثي حديث أبي، وحديث أبي حديث جدي، وحديث جدي حديث الحسين، وحديث الحسين حديث الحسن، وحديث الحسن حديث أمير المؤمنين وحديث أمير المؤمنين حديث رسول الله ، وحديث رسول الله قول الله عز وجل"( [85]).
وذكر شارح الكافي أن هذا القول يدل على "أن حديث كل واحد من الأئمة الظاهرين قول الله عز وجل ولا اختلاف في أقوالهم كما لا اختلاف في قوله تعالى"( [86]).
بل قال: "يجوز من سمع حديثاً عن أبي عبد الله رضي الله عنه أن يرويه عن أبيه أو عن أحد من أجداده، بل يجوز أن يقول قال الله تعالى"( [87])وهذا صريح في جواز نسبة أقوال البشر إلى الله سبحانه. ثم ذكر أن بعض رواياتهم تدل على جواز ذلك بل أولويته"( [88]).
وهذه الروايات صريحة في استساغتهم الكذب البواح الصراح حيث ينسبون –مثلاً- لأمير المؤمنين علي رضي الله عنه ما لم يقله، بل قاله بعض أحفاده ممن لم يشتهر عنه العلم.
وهم يقولون بهذا القول من منطلقين خطيرين، وقاعدتين أساسيتين عندهم في هذه المسألة.
الأصل الأول: علم الأئمة يتحقق عن طريق الإلهام والوحي:
علم الأئمة يتحقق -في نظرهم- عن طريق الإلهام وحقيقته كما قال صاحب الكافي في روايته عن أئمته "النكت في القلوب"( [89]).
والإلهام ليس هو الوسيلة الوحيدة في هذا بل صرح صاحب الكافي أن هناك طرقاً أخرى غيره، حيث ذكر في بعض رواياته أن من وجوه علوم الأئمة"النقر في الأسماع"( [90])إذن هناك وسيلة أخرى غير الإلهام وهو نقر في الأسماع بتحديث الملك( [91])، وهو يسمع الصوت ولا يرى الملك.
وتتحدث رواية أخرى لهم عن أنواع الوحي للإمام فتذكر أن جعفراً قال: "إن منا لمن ينكت في أذنه، وإن منا لمن يؤتى في منامه، وإن منا لمن يسمع صوت السلسلة تقع علىالطشت (كذا)، وإن منا لمن يأتيه صورة أعظم من جبرائيل وميكائيل"( [92]).
وثمة روايات أخرى في البحار بهذا المعنى( [93]). وكأنهم بهذا المقام أرفع من النبي الذي لا يأتيه إلا جبرائيل، وتأتي روايات تبين هذه الصورة التي أعظم من جبرائيل وميكائيل بأنها الروح( [94]) عندهم، وقد خصها صاحب الكافي بباب مستقل بعنوان: باب الروح التي يسدد الله بها الأئمة، وذكر فيها ست روايات( [95]) منها: "عن أبي بصير قال: سألت أبا عبد الله عن قول الله تبارك وتعالى:وكذلك أوحينا إليك روحاً من أمرنا ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان قال: خلق من خلق الله عز وجل أعظم من جبرائيل وميكائيل كان مع رسول الله  يخبره ويسدده، وهو مع الأئمة من بعده"( [96]).ومعلوم أن الروح في هذه الآية المراد بها القرآن، كما يدل عليه لفظ الآيةأوحينا، وقد سماه الله سبحانه روحاً لتوقف الحياة الحقيقية على الاهتداء به( [97]). وكأن هذه الدعاوى حول الوحي للإمام قد غابت عن مفيدهم (المتوفى سنة 413هـ) أو صنعت فيما بعد إذ رأينا المفيد يقرر الاتفاق والإجماع على "أنه من يزعم أن أحداً بعد نبينا يوحى إليه فقد كفر وأخطأ.."( [98])، أو يكون قوله هذا تقية.
بل إن الأئمة تذهب إلى عرش الرحمن –كما يزعمون- كل جمعة لتطوف به فتأخذ من العلم ما شاءت. قال أبو عبد الله: "إذا كان ليلة الجمعة وافى رسول الله صلى الله عليه وآله العرش ووافى الأئمة عليهم السلام معه ووافينا معهم، فلا ترد أرواحنا إلى أبداننا إلا بعلم مستفاد ولولا ذلك لأنفدنا"( [99]).
بل جاء في البحار تسع عشرة رواية تذكر بأن الله ناجى علياً، وأن جبرائيل يملي عليه.."( [100]).
الأصل الثاني: خزن العلم وإيداع الشريعة عند الأئمة:
جاء في الكافي عن موسى بن جعفر قال –كما يزعمون- "مبلغ علمنا على ثلاثة وجوه: ماض وغابر وحادث، فأما الماضي فمفَسر، وأما الغابر فمزبور، وأما الحادث فقذف في القلوب ونقر في الأسماع وهو أفضل علمنا ولا نبي بعد نبينا"( [101]). وفي البحار، وبصائر الدرجات ثلاث روايات بهذا اللفظ( [102]).
العلم الحادث هو ما تقدم بيانه، وهو كما أشارت الرواية يعد من أفضل علومهم، لأنه كما يقول بعض شيوخهم حصل لهم من الله بلا واسطة( [103]). أي من الله مباشرة بلا واسطة ملك من الملائكة، وهذا يشبه قول غلاة الصوفية مثل ابن عربي.
أما الماضي المفَسر والغابر المزبور فقد أوضح شارح الكافي معناهما بقوله يعني: الماضي الذي تعلق علمنا به، وهو كل ما كان مفسراً لنا بالتفسير النبوي، والغابر المزبور الذي تعلق علمنا به هو كل ما يكون مزبوراً مكتوباً عندنا بخط علي رضي الله عنه وإملاء الملائكة مثل الجامعة وغيرها". فبهذا يتبين أن العلم المستودع عند الأئمة نوعان: كتب ورثوها عن النبي، أو علم تلقوه مشافهة منه ، وفحوى هذا الاعتقاد الذي يعتبر من ضرورات مذهبهم وأركان دينهم أن رسول الله  بلَّغ جزءاً من الشريعة وكتم الباقي وأودعه علياً فأظهر عليٌّ منه جزءاً في حياته، وعند موته أودعه الحسن، وهكذا كل إمام يظهر منه جزءاً حسب الحاجة ثم يعهد بالباقي لمن يليه إلى أن صار عند إمامهم المنتظر.
هذه بعض الخطوط العامة لهذه العقيدة الخطيرة في مذهب الشيعة.
النقــد:
هذه المزاعم الخطيرة التي دونها الروافض في المعتمد من كتبهم تحمل أموراً خطيرة:
تحمل دعوى استمرار الوحي الإلهي، وهو باطل.. قامت الأدلة النقلية والعقلية على بطلانه، وأجمع المسلمون على أن "الوحي قد انقطع منذ مات النبي ، والوحي لا يكون إلا لنبي، وقد قال الله سبحانه:ما كان محمد أبا أحد من رجالكم ولكن رسول الله وخَاتَم النبيين( [104]).
ثم هي تدعي أن الدين لم يكمل، وهي مخالفة صريحة لقول الله سبحانه:اليوم أكملت لكم دينكم..( [105]). كما تزعم بأن رسول الهدى  لم يبلغ جميع ما أنزل إليه، وأنه لم يمتثل أمر ربه في قوله:يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته( [106])، وهذا إزراء بحق رسول الله، ولهذا وجد من فرق الشيعة من يقع في رسول الله( [107])..
وقد بلغ النبي  البلاغ المبين، وبين الدين، وأقام الحجة على العالمين، وأعلن ذلك بين المسلمين، ولم يسر لأحد بشيء من الشريعة ويستكتمه إياه، قال تعالى:..لتبيننه للناس ولا تكتمونه( [108])فهو بيان للناس وليس لفئة معينة من أهل البيت، وقال تعالى:إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى من بعد ما بيناه للناس في الكتاب أولائك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون إلا الذين تابوا وأصلحوا وبينوا..( [109])، وقال:وما أنزلنا عليك الكتاب إلا لتبين لهم الذي اختلفوا فيه( [110]).
"فالدين قد تم وكمل لا يزاد فيه ولا ينقص منه ولا يبدل"( [111]) لا من إمام مزعوم، ولا من غائب موهوم.
وقد ودع المصطفى الدنيا بعد أن بلغ الدين كله وبين جميعه كما أمره ربه، وأعلم بذلك المسلمين أجمع "فلا سر في الدين عند أحد"( [112]). قال :"تركتكم على مثل البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها بعدي إلا هالك"( [113])، قال أبو الدرداء رضي الله عنه: "صدق الله ورسوله فقد تركنا على مثل البيضاء"( [114]). وقال أبو ذر رضي الله عنه: لقد تركنا محمد  وما يحرك طائر جناحيه في السماء إلا ذكر لنا منه علماً( [115]). وقال عمر رضي الله عنه: "قام فينا رسول الله مقاماً فأخبرنا عن بدء الخلق حتى دخل أهل الجنة منازلهم، وأهل النار منازلهم حفظ ذلك من حفظه ونسيه من نسيه"( [116]). وقال الإمام الشافعي: "فليست تنزل بأحد من أهل دين الله نازلة إلا وفي كتاب الله الدليل على سبيل الهدى فيها"( [117]). بل قال جعفر الصادق -كما تنقل كتب الشيعة نفسها-:"إن الله تعالى أنزل في القرآن تبيان كل شيء، حتى والله ما ترك الله شيئاً يحتاج إليه العباد، حتى لا يستطيع عبد أن يقول: لو كان هذا أنزل في القرآن؟ إلا وقد أنزله الله فيه"( [118]). فكل ما تنسبه الشيعة بعد هذا كذب.
والرافضة ليست على شيء في مخالفتها في هذا الأصل العظيم الذي "هو أصل أصول العلم والإيمان، وكل من كان أعظم اعتصاماً بهذا الأصل كان أولى بالحق علماً وعملاً"( [119]).
إن الحق الذي لا ريب فيه أن الله أكمل لنا ديننا اليوم أكملت لكم دينكم..( [120])، وكل دعوى بعد ذلك فهي باطل وزور…
وكل هذه الدعاوى أرادت منها هذه الزمرة إثبات ما تزعمه في الأئمة.. فزادت وغلت في ذلك.. فانكشف بذلك أمرها.. والشيء إذا تجاوز حده انقلب إلى ضده.
مرويات الصحابة:
يقول محمد حسين آل كاشف الغطا -أحد مراجع شيعة هذا العصر- في تقرير مذهب طائفته في ذلك: "إن الشيعة لا يَعْتَبِرون من السنة (أعني الأحاديث النبوية) إلا ما صح لهم من طرق أهل البيت.. أما ما يرويه مثل أبي هريرة، وسمرة بن جندب، وعمرو بن العاص ونظائرهم فليس لهم عند الإمامية مقدار بعوضة"، فهو هنا يقرر أن مذهب الشيعة هو قبول"ما صح لهم من طرق أهل البيت"( [121]) دون ما سواه من روايات صحابة رسول الله--، وإذا عرفنا أن الاثنى عشرية تعني بأهل البيت"الأئمة الاثنى عشر"، والذي أدرك الرسول --منهم وهو مميز هو أمير المؤمنين على، وعليه فهل يتمكن أمير المؤمنين من نقل سنة الرسول-- كلها للأجيال.. كيف وهو لا يكون مع الرسول--في كل الأحيان.. فقد كان الرسول-- يسافر ويستخلفه في بعض الأحيان كما في غزوة تبوك، كما كان على يسافر ورسول الله في المدينة فقد بعثه رسول الله إلى اليمن، وكذلك ألحقه بأبي بكر حين أرسله لأهل مكة، بالإضافة إلى حال الرسول-- في بيته والتي يختص بنقلها زوجاته أمهات المؤمنين رضى الله عنهم وهذا من أسرار وحكم تعددهن.. فإذن علي لا يمكن أن يستقل بنقل سنة رسول الله-- وحده فكيف يقولون بأنهم لا يقبلون إلا ما جاء عن طريقه، كما أن هذه المقالة، وهي حصر نقل سنة رسول الله-- بواحد يفضي إلى فقدان صفة التواتر في نقل شريعة القرآن، وسنة سيد الأنام-- "ولهذا اتفق المسلمون على أنه لا يجوز أن يكون المبلغ عنه العلم واحداً؛ بل يجب أن يكون المبلغون أهل التواتر الذين يحصل العلم بخبرهم للغائب.."( [122]).
كما أن جل بلاد الإسلام بلغهم العلم عن رسول الله من غير طريق علي رضى الله عنه( [123]) وعامة من بَلَّغَ عنه  من غير أهل بيته -فضلا أن يكون هو علي وحده- فقد بعث رسول الله  أسعد بن زرارة إلى المدينة يدعو الناس إلى الإسلام، ويعلم الأنصار القرآن، ويفقههم في الدين، وبعث العلاء بن الحضرمي إلى البحرين في مثل ذلك، وبعث معاذاً وأبا موسى إلى اليمن، وبعث عتاب بن أسيد إلى مكة فأين قول من زعم أنه لا يبلغ عنه إلا رجل من أهل بيته"( [124]).
وقد قال بعض أهل العلم إنه "لم يرو عن علي إلا خمسمائة وستة وثمانون حديثاً مسندة يصح منها نحو خمسين حديثاً"( [125]).فهل سنة الرسول هي هذه فقط
ثالثاً: عقيدتهم في الإجماع:
والشيعة لا ترى إجماع الصحابة والسلف أو إجماع الأمة إجماعاً، ولها في هذا الباب عقائد مخالفة نذكرها فيما يلي:
أولاً: الحجة في قول الإمام لا في الإجماع:
نقلت كتب الأصول عند أهل السنة أن الشيعة تقول: "إن الإجماع حجة لا لكونه إجماعاً، بل لاشتماله على قول الإمام المعصوم، وقوله بانفراده عندهم حجة"( [126]).
ونستطلع فيما يلي رأى الشيعة من مصادرها، يقول ابن المطهر الحلى: "الإجماع إنما هو حجة عندنا لاشتماله على قول المعصوم، فكل جماعة كثرت أو قلت كان قول الإمام في جملة أقوالها، فإجماعها حجة لا لأجل الإجماع"( [127])وبمثل هذا قال عدد من شيوخهم( [128]).
وحتى يتجلى لك الفرق جلياً بين مذهب أهل السنة في القول بحجية الإجماع، وبين مذهب الشيعة في ذلك، فلك أن تتصور أنه لو صدر من إمامهم محمد الجواد، والذي قالوا بإمامته وهو ابن خمس سنين( [129]): لو صدر منه وهو في هذا العمر قول أو رأى، أو نسب إليه عن طريق جماعة من الروافض أنه يقول في أمر شرعى بحكم، أو قول، وخالفته في ذلك الأمة الإسلامية جميعاً، فإن الحجة في رأيه لا في إجماع الأمة( [130]).
وهذا مذهب في غاية البطلان لا يحتاج إلى مناقشة.
ولهذا قرر المفيد أن هذا مما شذت به طائفته، فقال: "وهذا مذهب أهل الإمامة خاصة، ويخالفهم فيه المعتزلة والمرجئة والخوارج وأصحاب الحديث..".

ثانياً: ما خالف العامة ففيه الرشاد:
الإجماع عند جمهور المسلمين ينظر فيه إلى إجماع الأمة، لأن الأمة لا يمكن أن تجتمع على ضلالة.قال تعالى: ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وسآءت مصيراً( [131]) وقال--: "لا تزال طائفة من أمتي قائمة بأمر الله لا يضرهم من خذلهم أو خالفهم حتى يأتي أمر الله وهم ظاهرون على الناس"( [132]).
وروى عنه  عدة روايات في أن هذه الأمة "لا تجتمع على ضلالة"( [133]).
هذا بالنسبة لجمهور المسلمين، أما طائفة الشيعة فالنظر عندهم في الإجماع إلى الإمام لا إلى الأمة، والاعتبار بمن دان بإمامة الاثنى عشر بشرط أن يكون من ضمنهم الإمام، أو يكون إجماعهم كاشفاً عن قول الإمام -كما قدمنا- ولا يلتفت إلى اتفاق العلماء المجتهدين من أمة محمد .
بل الأمر أعظم من عدم اعتبار إجماعهم، حيث تعدى ذلك إلى القول بأن مخالفة إجماع المسلمين فيه الرشاد، وصار مبدأ المخالفة أصلاً من أصول الترجيح عندهم، وأساساً من أسس مذهبهم، وجاءت عندهم نصوص كثيرة تؤكد هذا المبدأ وتدعو إليه.
ففي أصول الكافي سؤال لأحد أئمتهم يقول: إذا "... وجدنا أحد الخبرين موافقاً للعامة (يعني أهل السنة) والآخر مخالفاً لهم بأي الخبرين يؤخذ؟ فقال: ما خالف العامة ففيه الرشاد، فقلت (القائل هو الراوي) جعلت فداك، فإن وافقها الخبران جميعاً؟ قال: ينظر إلى ما هم إليه أميل إليه حكامهم وقضاتهم فيترك ويؤخذ بالآخر، قلت: فإن وافق حكامهم الخبرين جميعاً؟ قال: إذا كان ذلك فارجئه حتى

تلقى إمامك، فإن الوقوف عند الشبهات خير من الاقتحام في الهلكات"( [134]).
وذكر ثقتهم الكليني أن من وجوه التمييز عند اختلاف رواياتهم قول إمامهم: "دعوا ما وافق القوم فإن الرشد في خلافهم"( [135]).
وقال أبو عبد الله-كما يفترون-"إذا ورد عليكم حديثان مختلفان فخذوا بما خالف القوم"( [136]).
هذه النصوص في منتهى الخطورة، وهى من وضع زنديق ملحد أراد الكيد للأمة ودينها، وأراد أن يفتح للقوم باباً واسعاً للخروج من الإسلام، حيث يتجهون إلى مخالفة كل أمر من الدين عليه أمة الإسلام. وكيف يدعو قوم هذه عقائدهم إلى التقريب؟! وكيف يزعمون إمكانية اللقاء مع أهل السنة الذين يكون الرشد في خلافهم؟!




________________________________________

avatar
رد: تاريخ الشيعة وفكرهم
مُساهمة الأربعاء نوفمبر 03, 2010 1:36 am من طرف البروفوسور
( [1]) هذا الباب مختصر من كتاب أصول مذاهب الشيعة الإمامية الاثنى عشرية عرض ونقد وتأليف دكتور: ناصر بن عبد الله بن على القفارى.
( [2]) وسائل الشيعة: 18/138، وانظر: بحار الأنوار: 7/302، 19/23، الطبري(الرافضي) /بشارة المصطفى ص: 16، آمالي الصدوق ص: 40.
( [3]) منهاج السنة: 4/155.
( [4]) انظر دعوى الاثنى عشرية أن الأئمة يوحى إليهم وتهبط عليهم الملائكة، فصل السنة من هذه المسألة، وانظر قول الاثنى عشرية بأن الأئمة تظهر عليهم المعجزات/ مبحث الإيمان بالأنبياء من هذه الرسالة.
( [5]) الناسخ والمنسوخ: ص8.
( [6]) يعني سنة المصطفى . قال تعالى: وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى [النجم: 3-4].
( [7]) الناسخ والمنسوخ: ص 8-9.
( [8]) يعنون به موسى الكاظم والذي يعتبرونه إمامهم السابع(انظر أصول الكافي: الهامش: 1/374).
( [9]) الأعراف: 33.
( [10]) يس: 12.
( [11]) التوبة: 12.
( [12]) الإسراء: 60.
( [13]) مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية: 13/236-237.
( [14]) انظر: اللوامع النورانية في أسماء علي وأهل بيته القرآنية: هاشم البحراني: ص321-322.
( [15]) انظر من ذلك: تفسير القمي: 2/212.
( [16]) قال السلف في تفسير الآية: أن الإمام المبين هنا هو أم الكتاب، أي وجميع الكائنات مكتوبة في كتاب مسطور مضبوط في لوح محفوظ.(انظر تفسير ابن كثير: 3/591).
( [17]) انظر البرهان: 2/106-107.
( [18]) راجع المصدر السابق.
( [19]) انظر البرهان: 2/224-225.
( [20]) انظر: تفسير القمي: 2/21.
( [21]) أصول الكافي: 2/627.
( [22]) انظر: بحار الأنوار: 23/206-211.
( [23]) المصدر السابق: 24/114-118.
( [24]) المصدر السابق: 24/87-91.
( [25]) المصدر السابق: 24/173-184.
( [26]) المصدر السابق: 24/185-186.
( [27]) المصدر السابق: 23/172-188.
( [28]) المصدر السابق: 23/304-325.
( [29]) المصدر السابق: 24/153-158.
( [30]) المصدر السابق: 24/221-231.
( [31]) المصدر السابق: 24/167-173.
( [32]) المصدر السابق: 24/100-110.
( [33]) المصدر السابق: 24/191-203.
( [34]) المصدر السابق: 24/211-213.
( [35]) انظر مقدمة تفسير القمي: 1/16.
( [36]) جولد سيهر/ مذاهب التفسير الإسلامي ص: 303-304.
( [37]) جابر بن يزيد بن الحارث الجعفي الكوفي، توفي سنة(127هـ)، قال ابن حبان: كان سبئياً من أصحاب عبد الله بن سبأ. كان يقول أن علياً يرجع إلى الدنيا. وروى العقيلي بسنده عن زائدة أنه قال: جابر الجعفي رافضي يشتم أصحاب رسول الله . وقال النسائي وغيره: متروك. وقال يحى: لا يكتب حديثه ولا كرامة. قال ابن حجر: ضعيف رافضي. وانظر ميزان الاعتدال: 1/379-380، تقريب التهذيب 1/123، والضعفاء للعقيلي: 1/191-196.
أما هذا الجعفي في كتب الشيعة فأخبارهم في شأنه متناقضة، فأخبار تجعله ممن انتهى إليه علم أهل البيت، وتضفي عليه صفات أسطورية من علم الغيب ونحوه، وأخبار تطعن فيه… لكنهم يحملون أخبار الطعن فيه على التقية، ويقولون بتوثيقه كعادتهم في توثيق من على مذهبهم وإن كان كاذباً. انظر: وسائل الشيعة: 20/51، رجال الكشي: ص191، جامع الرواة: 1/144.
( [38]) مقالات الإسلاميين: 1/73.
( [39]) الفرق بين الفرق: ص 240.
( [40]) الملل والنحل: 1/177.
( [41]) المغيرية: أتباع المغيرة بن سعيد، عدَّهم أصحاب الفرق من غلاة الشيعة، نسب إليه القول بألوهية علي، ودعوى النبوة، والتجسيم، وضلالات أخرى، وقد جاء في كتب الإثنى عشرية ذمه ولعنه عن الأئمة. قتله خالد بن عبد الله القسري سنة 119هـ. انظر تاريخ الطبري: 7/128-130، الأشعري: مقالات الإسلاميين: 1/69-74.
( [42]) الحشر:: 16.
( [43]) تفسير العياشي: 2/223، الكاشاني/تفسير الصافي: 3/84، تفسير القمي: انظر الكاشاني 3/84، ولم أجده في الطبعة التي عندي، البحراني/ البرهان: 2/309، بحار الأنوار: 3/378(ط. كمباني).
( [44]) إبراهيم: 22.
( [45]) الكليني/ الكافي(المطبوع بهامش مرآة العقول: 4/416).
( [46]) مرآة العقول: 4/416.
( [47]) منهاج السنة: 4/66.
( [48]) النحل: 36. تفسير العياشي: 2/261.
( [49]) في مبحث: عقيدتهم في توحيد الألوهية.
( [50]) النحل: 51.
( [51]) تفسير العياشي: 2/261، البرهان في تفسير القرآن: 2/373.
( [52]) الفرقان: 55.
( [53]) تفسير القمي: 2/115.
( [54]) يعني بصائر الدرجات لشيخهم الصفار.
( [55]) تفسير القمي: 1/28.
( [56]) الشمس: 1، البرهان: 4/467.
( [57]) الأعراف: 29، تفسير العياشي: 2/12.
( [58]) الأعراف: 31، تفسير العياشي: 2/13.
( [59]) الجن: 18.
( [60]) الجن: 18، البرهان: 4/393.
( [61]) بحار الأنوار: 24/303.
( [62]) القلم: 43، تفسير القمي: 2/383.
( [63]) مثل كتاب: مناسك الزيارات للمفيد، وكتاب المزار لمحمد بن علي الفضيل، والمزار لمحمد المشهدي.
( [64]) النحل: 68، تفسير القمي: 1/387.
( [65]) بحار الأنوار: 24/110-113.
( [66]) انظر: بحار الأنوار: 24/100-110.
( [67]) يوسف: 2.
( [68]) فصلت: 42.
( [69]) وقد انساق"إحسان إلهي ظهير" وراء مقالة صاحب فصل الخطاب، بأنه لا يوجد من أنكر مقالة التحريف من الشيعة في القرون المتقدمة إلا هؤلاء الأربعة(يعني ابن بابويه القمي والمرتضى والطبرسي والطوسي) فقال إحسان: والحاصل أن متقدمي الشيعة ومتأخريهم جميعاً متفقون على أن القرآن محرف مغير فيه .(الشيعة والسنة ص122 ط. دار الأنصار). والحقيقة أن هذه القضية بدأت عند الشيعة متأخرة عن نشأة الشيعة نفسها، وأن أوائل الشيعة ليسوا على هذا الضلال، وأن فرقاً من الشيعة ليست على هذا"الباطل".
( [70]) بحار الأنوار: 92/55.
( [71]) رجال الكشي: ص290، بحار الأنوار: 92/54.
( [72]) تفسير العياشي: 1/12، بحار الأنوار: 92/55.
( [73]) بحار الأنوار: 92/56.
( [74]) تفسير فرات: ص177، بحار الأنوار: 92/56.
( [75]) مستدرك الوسائل: 1/43.
( [76]) بحار الأنوار: 92/75.
( [77]) الموضع نفسه من المصدر السايق.
( [78]) كالدروز الذين اتخذوا لهم مصحفاً سموه: "مصحف المنفرد بذاته". انظر: مصطفى الشكعة/ إسلام بلا مذاهب، مقدمة الطبعة الخامسة، الخطيب/ عقيدة الدروز ص183-184.
( [79]) انظر: الشعراني: تعاليق علمية(على شرح الكافي للمازندراني) 2/414.
( [80]) انظر: أصول الكافي: كتاب فضل القرآن: 2/611.
( [81]) المصدر السابق: 3/603.
( [82]) المصدر السابق: باب الرد إلي الكتاب والسنة: 1/59.
( [83]) ابن حزم/ الفصل: 2/216-217. والنوكى: جمع أنْوَك وهو الأحمق. وقيل الجاهل والعاجز: انظر لسان العرب. وجاء جمعه على وزن فعلى لأنه مما يصاب به مما يكره كقتلى وغرقى وجرحى وهلكى وموتى..وكثيراً ما يستخدم الإمام ابن حزم –رحمه الله- هذه اللفظة في الحمل على مخالفيه.
( [84]) محمد تقي الحكيم/ الأصول العامة للفقه المقارن ص: 122.
( [85]) أصول الكافي: كتاب فضل العلم، باب رواية الكتب والحديث: 1/53، وسائل الشيعة: 18/58.
( [86]) المازندراني/ شرح جامع (على الكافي) 2/272.
( [87]) الموضع نفسه من المصدر السابق.
( [88]) الموضع نفسه من المصدر السابق.
( [89]) أصول الكافي: 1/264.
( [90]) أصول الكافي: 1/264.
( [91]) المازندراني/ شرح جامع(على الكافي) 6/44.
( [92]) بحار الأنوار: 26/358، بصائر الدرجات: ص: 63.
( [93]) انظر بحار الأنوار: 26/53 وما بعدها.
( [94]) وقد ورد في معاني الأخبار لابن بابويه تفسير للروح بأنها –كما يقول إمامهم-: "عمود من نور بيننا وبين الله عز وجل". عيون الأخبار: ص354.
( [95]) أصول الكافي: 1/273-274.
( [96]) المصدر السابق: 1/273.
( [97]) شرح الطحاوية: ص 4.
( [98]) أوائل المقالات: ص 39.
( [99]) أصول الكافي: 1/254، بحار الأنوار: 26/88-89، بصائر الدرجات: ص 36.
( [100]) بحار الأنوار: 39/151-157.
( [101]) أصول الكافي: 1/264.
( [102]) بحار الأنوار: 26/59، بصائر الدرجات ص 92.
( [103]) المازندراني/ شرح جامع: 6/44.
( [104]) الأحزاب: 40.
( [105]) المائدة: 3.
( [106]) المائدة: 67.
( [107]) وهي طائفة العلبائية.
( [108]) آل عمران: 187.
( [109]) البقرة: 159-160.
( [110]) النحل: 64.
( [111]) ابن حزم/ المحلى: 1/26.
( [112]) المصدر السابق: 1/15.
( [113]) هذا جزء من حديث رواه ابن ماجة في سننه، المقدمة، باب اتباع سنة الخلفاء الراشدين: 1/16، وأحمد في مسنده: 4/126، والحاكم في مستدركه: 1/96، وابن أبي عاصم في كتاب السنة، باب ذكر قول النبي : تركتكم على مثل البيضاء، وروى عدة روايات في هذا المعنى صحح الألباني معظمها.
( [114]) رواه ابن أبي عاصم في كتاب السنة: 1/26.
( [115]) روى هذا الأثر الإمام أحمد في مسنده: 5/153.
( [116]) صحيح البخاري، كتاب بدء الخلق، باب ما جاء في قوله تعالى: وهو الذي يبدء الخلق ثم يعيده ج4 ص73.
( [117]) الرسالة: ص 20.
( [118]) أصول الكافي: 1/59.
( [119]) معارج الوصول: ص 2، وانظر: موافقة صحيح المنقول: 1/13.
( [120]) المائدة: 3.
( [121]) قوله: "ما صح لهم من طرق أهل البيت" هذا تعبير فيه شيء من التمويه والخداع، لأن من لا يعرف طبيعة مذهب الشيعة يظن أن العمدة عندهم هو كلام رسول الله  الذي جاء من طرق آل البيت، في حين أنهم يعدون الواحد من الاثنى عشر كالرسول لا ينطق عن الهوى، وقوله كقول الله ورسوله، ولذلك يندر وجود أقوال الرسول في مدوناتهم، لأنهم اكتفوا بما جاء عن أئمتهم، كما أن قوله"أهل البيت" إنما يعني بعضهم فليس كل آل البيت يصلحون –عندهم- طريقاً للرواية، لأن آل البيت ليسوا جميعاً أئمة، فالرواية عن ذرية فاطمة من ولد الحسن رضي الله عنه لا تعتبر روايتهم، لأن من بعد الحسن من ذريته ليسوا أئمة عندهم، وغاية أمرهم أن يعتبروا مجرد رواة يخضعون للرد والقبول، ولذلك كفر الاثنى عشرية كل من خرج وادعى الإمامة من آل البيت(ماعدا الأئمة الاثنى عشر عندهم). أصول الكافي: 1/372 رقم 1، 3.
ويلاحظ أن الطوسي في"الاستبصار" يرد روايات زيد بن علي(الاستبصار: 1/66). فتعبير آل كاشف الغطا فيه شيء من التمويه والخداع، لأن الكتاب وضع للدعاية للتشيع في العالم الإسلامي.
( [122]) منهاج السنة: 4/138. ويقول شيخ الإسلام أيضاً: وخبر الواحد لا يفيد العلم بالقرآن والسنن المتواترة، وإذا قالوا ذلك الواحد المعصوم يحصل العلم بخبره قيل لهم فلابد من العلم بعصمته أولاً وعصمته لا تثبت بمجرد خبره قبل أن تعرف عصمته لأنه دور، ولا تثبت بالإجماع فإنه لا إجماع فيها، وعند الإمامية إنما يكون الإجماع حجة لأن فيهم الإمام المعصوم فيعود الأمر إلى إثبات عصمته بمجرد دعواه، فعلم أن عصمته لو كانت حقاً لابد أن تعلم بطريق آخر غير خبره.(منهاج السنة: 4/139).
( [123]) قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "…فإن جميع مدائن الإسلام بلغهم العلم عن الرسول من غير علي، أما أهل المدينة ومكة فالأمر فيها ظاهر، وكذلك الشام والبصرة، فإن هؤلاء لم يكونوا يروون عن علي إلا شيئاً قليلاً، وإنما كان غالب علمه في الكوفة، كانوا يعلمون القرآن والسنة قبل أن يتولى عثمان فضلاً عن علي، وفقهاء أهل المدينة تعلموا الدين في خلافة عمر، وتعليم معاذ لأهل اليمن ومقامه فيهم أكثر من علي ولهذا روى أهل اليمن عن معاذ بن جبل أكثر مما رووا عن علي، وشريح وغيره من أكابر التابعين إنما تفقهوا على معاذ بن جبل، ولما قدم علي الكوفة كان شريح فيها قاضياً وهو وعبيدة السلماني تفقها على غيره، فانتشر علم الإسلام في المدائن قبل أن يقدم علي الكوفة. (منهاج السنة: 4/139).
( [124]) منهاج السنة: 3/15.
( [125]) ابن حزم: الفصل: 4/213، منهاج السنة: 4/139..
( [126]) الإسنوي/ نهاية السول: 3/247.
( [127]) ابن المطهر/ تهذيب الوصول إلى علم الأصول: ص70، ط. طهران 1308هـ.
( [128]) انظر: المفيد/ أوائل المقالات ص 99-100، قوامع الفضول ص305، حسين معتوق/ المرجعية الدينية العليا ص16، وراجع كتب الأصول عندهم عامة.
( [129]) انظر: بحار الأنوار: 25/103.
( [130]) وقد جاء في أصول الكافي القول بإمامة الإمام، ولو كان عمره ثلاث سنين. انظر: أصول الكافي، كتاب الحجة، باب الإشارة والنص على أبي جعفر الثاني: 1/321، وانظر: المفيد/ الإرشاد ص298، الطبرسي/ أعلام الورى: ص331. وفيهما "ولو كان ابن أقل من ثلاث سنين"، وبحار الأنوار: 25/102-103.
( [131]) النساء: 115، فمن خرج عن إجماع الأمة فقد اتبع غير سبيل المؤمنين(انظر مجموع فتاوى شيخ الإسلام: 19/194)، ولذلك عول الإمام الشافعي رحمه الله في الاحتجاج على كون الإجماع حجة تحرم مخالفته بهذه الآية الكريمة، وذلك بعد التروي والفكر الطويل، وهو من أحسن الاستنباطات وأقواها، وإن كان بعضهم قد استشكل ذلك فاستبعد الدلالة منها (تفسير ابن كثير: 1/590). ولشيخ الإسلام تحقيق بديع حول هذه الآية والإجماع، (انظر مجموع فتاوى شيخ الإسلام: 19/ 178، 179، 192 وما بعدها، وانظر تفسير القاسمي: 5/459 وما بعدها).
قال الإمام ابن كثير قوله: ويتبع غير سبيل المؤمنين هذا ملازم للصفة الأولى، ولكن قد تكون المخالفة لنص الشارع، وقد تكون لما اجتمعت عليه الأمة المحمدية فيما علم اتفاقهم عليه تحقيقاً، فإنه قد ضمنت لهم العصمة في اجتماعهم من الخطأ تشريفاً لهم وتعظيماً لنبيهم، وقد وردت أحاديث صحيحة كثيرة في ذلك.. ومن العلماء من ادعى تواتر معناها (تفسير ابن كثير: 1/590).
( [132]) رواه مسلم في كتاب الجهاد، باب قول النبي : "لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لا يضرهم من خالفهم" 2/1524. والحديث بهذا المعنى أخرجه أيضاً البخاري في كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة، باب قول النبي : "لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق" 8/149.
( [133]) قال السخاوي: حديث مشهور المتن ذو أسانيد كثيرة وشواهد متعددة في المرفوع وغيره(المقاصد الحسنة: ص460). فروي عنه  أنه قال : "إن الله أجاركم من ثلاث خلال(ومنها) وأن لا تجتمعوا على ضلالة، رواه أبو داود في سننه: 4/452، رقم 4253، قال الحافظ في التلخيص: في إسناده انقطاع، وقال في موضع آخر: سنده حسن(عون المعبود: 11/426)، وروى أحمد عن أبي بصرة الغفاري رضي الله عنه أن رسول الله  قال: "سألت الله عز وجل أن لا تجتمع أمتي على ضلالة فأعطانيها"(المسند 6/396) قال الحافظ في التلخيص: "..رجاله ثقات لكن فيه راوٍ لم يسم"(عون المعبود: 11/326)، وروى الترمذي عن ابن عمر "أن الله تعالى لا يجمع أمتي أو قال أمة محمد  على ضلالة، ويد الله مع الجماعة، ومن شذَّ شذَّ إلى النار" قال أبو عيسى: حديث غريب من هذا الوجه (سنن الترمذي 4/466، رقم 2167)، وقال ابن حجر في تخريج المختصر: حديث غريب خرجه أبو نعيم في الحلية، واللالكائي في السنة، ورجاله رجال الصحيح، لكنه معلول، فقد قال الحاكم: لو كان محفوظاً حكمت بصحته على شرط الصحيح، لكن اختلف فيه على معتمر بن سليمان على سبعة أقوال، فذكرها، وذلك مقتضي للاضطراب والمضطرب من أقسام الضعيف(عن فيض القدير 2/271). ورواه ابن ماجة بلفظ: "إن أمتي لا تجتمع على ضلالة"(سنن ابن ماجة: كتاب الفتن، باب السواد الأعظم 2/1303، رقم 3950)، وأورده السيوطي في الجامع ورمز له بالصحة(فيض القدير: 2/431) لكن قال السندي: "وفي الزوائد في إسناده أبو خلف الأعمى واسمه حازم بن عطاء وهو ضعيف(حاشية السندي على سنن ابن ماجة: 2/464)، وقال العراقي في تخريج أحاديث البيضاوي: جاء الحديث بطرق في كلها نظر (لمصدر السابق)، وقال ابن حجر: "له طرق لا يخلو واحد منها من مقال"(عن فيض القدير: 2/200)، وقد أورده أصحاب الأصول محتجين به. انظر: المستصفى: 1/175، والأحكام للآمدي: 1/219.
[قال جامعه: رواية أبي داود ضعفها الألباني في السنن، ولكن قال: الجملة الثالثة (يعني محل الشاهد) صحيحة، الصحيحة 1331. وراجع الضعيفة 1510-ورواية الترمذي صححها الألباني في السنن دون طرفها الأخير- ورواية ابن ماجة ضعفها جداً في السنن دون محل الشاهد- ورواية أحمد قال محققوا مسند الرسالة: صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف لإبهام الراوي عن أبي بصرة (45/200-ح 27224 الرسالة، 6/396 الميمنية)- وتفسير ابن كثير: الآية 65 من سورة الأنعام، والطبري نفس الآية - وانظر: السنة لابن أبي= =عاصم: 80، 82، 83، 84، 85، 92، والمشكاة 173، والضعيفة 4896، وصحيح الجامع 1844، الطبراني في الكبير (2171)، الحاكم 1/116، ومجمع الزوائد 7/221، 222].
( [134]) الكليني/ أصول الكافي: 1/67-68، ابن بابويه القمي/ من لا يحضره الفقيه: 3/5، الطوسي/ التهذيب: 6/301، الطبرسي/ الاحتجاج ص194، الحر العاملي/ وسائل الشيعة: 18/75-76.
( [135]) أصول الكافي/ خطبة الكتاب ص8، وانظر: وسائل الشيعة: 18/80.
( [136]) وسائل الشيعة: 18/85.
avatar
رد: تاريخ الشيعة وفكرهم
مُساهمة الأربعاء نوفمبر 03, 2010 1:39 am من طرف البروفوسور
فرق الشـيعة( [1]):


حفلت كتب المقالات والفرق بذكر فرق الشيعة وطوائفهم…والملفت للنظر هو كثرة هذه الفرق، وتعددها بدرجة كبيرة حتى تكاد تنفرد الشيعة بهذه السمة أو قل بهذا البلاء..، فبعد وفاة كل إمام من الأئمة عند الشيعة تظهر فرق جديدة، وكل طائفة تذهب في تعيين الإمام مذهباً خاصاً بها.. وتنفرد ببعض العقائد والآراء عن الطوائف الأخرى، وتدعي أنها هي الطائفة المحقة.
ولكن من الملاحظ –كما سيأتي- في عرض آراء وعقائد الإثنى عشرية قد استوعبت جل الآراء والعقائد التي قالت بها الفرق الشيعية الأخرى، وأنها كانت بمثابة النهر الذي انسكبت فيه كل الجداول والروافد الشيعية المختلفة.
فهذه الفرق لم تفن -كما يقال- بل إن أكثرها باقٍ، وهو يطل علينا من خلال الفكر الإثنى عشري، وقد انحصرت الفرق الشيعية المعاصرة بثلاث فرق هي: 1. الاثنا عشرية، 2. الإسماعيلية( [2])،
3. الزيدية( [3]).
وطائفة الإثنى عشرية هي أكبر هذه الطوائف اليوم، كما كانت تمثل أكثرية الشيعة وجمهورها في بعض فترات التاريخ.
ألقاب الشيعة الإمامية الإثنى عشرية:
من الألقاب التي يطلقها بعض كتب الفرق والمقالات وغيرهم على الاثنى عشرية ما يلي:
1. الشيعة:
لقب الشيعة في الأصل يطلق على فرق الشيعة كلها، ولكن هذا المصطلح اليوم إذا أطلق –في نظر جمع من الشيعة وغيرهم- لا ينصرف إلا إلى طائفة الاثنى عشرية.
2. الإمامية:
قال ابن خلدون: "وأما الاثنا عشرية فربما خصوا باسم الإمامية عند المتأخرين منهم"( [4]).
ويقول شيخ الشيعة في زمنه "المفيد" :"الإمامية هم القائلون بوجوب الإمامة، والعصمة، ووجوب النص"( [5]).
والشهرستاني يقول:"الإمامية هم القائلون بإمامة علي رضي الله عنه نصاً ظاهراً، وتعييناً صادقاً من غير تعريض بالوصف، بل إشارة إليه بالعين( [6]).
ومثله الأشعري حيث يقول:".. وهم يدعون الإمامية لقولهم بالنص على إمامة علي بن أبي طالب"( [7])

3. الاثنا عشرية:
هذا المصطلح لا نجده في كتب الفرق والمقالات المتقدمة، ولعل أول من ذكره المسعودي( [8]) (ت 349هـ) من الشيعة. أما من غير الشيعة فلعله عبد القادر البغدادي (ت429هـ) حيث ذكر أنهم سموا بالاثنى عشرية لدعواهم أن الإمام المنتظر هو الثاني عشر من نسبه إلى علي بن أبي طالب رضي الله عنه( [9]).
4. القطعية:
وهو من ألقاب الاثنى عشرية عند طائفة من أصحاب الفرق كالأشعري والشهرستاني والإسفراييني وغيرهم( [10]). وهم يسمون القطعية لأنهم قطعوا على موت موسى بن جعفر الصادق( [11]). ومنهم من يعتبر القطعية فرقة من فرق الإمامية وليس من ألقاب الاثنى عشرية( [12]).
5. أصحاب الانتظار:
لَقَّبَ الرازي الاثنى عشرية بأصحاب الانتظار، وذلك لأنهم يقولون بأن الإمام بعد الحسن العسكري ولده محمد بن الحسن العسكري، وهو غائب وسيحضر .. ويقول: وهذا المذهب هو الذي عليه إمامية زماننا( [13]).والانتظار للإمام مما يشترك في القول به جمع من فرق الشيعة على اختلاف بينهم في تعيينه، ولا يختص به طائفة الاثنى عشرية.
6. الرافضة:
ذهب جمع من العلماء إلى إطلاق اسم الرافضة على الاثنى عشرية كالأشعري في المقالات، وابن حزم في الفصل( [14]).
يقول أبو الحسن الأشعري: "وإنما سموا رافضة لرفضهم إمامة أبي بكر وعمر"( [15]).
هذا وهناك أقوال أخرى في سبب تسميتهم بالرافضة، على أن هناك من أصحاب الفرق من أطلق اسم الرافضة على عموم فرق الشيعة.
7. الجعفرية:
وتسمى الاثنا عشرية بالجعفرية نسبة إلى جعفر الصادق إمامهم السادس –كما يزعمون- وهو من باب التسمية للعام باسم الخاص.



________________________________________

avatar
رد: تاريخ الشيعة وفكرهم
مُساهمة الأربعاء نوفمبر 03, 2010 1:47 am من طرف البروفوسور
( [1]) أصول مذهب الشيعة الإمامية: عرض ونقد د. ناصر القفاري ص 90 ومابعدها.
( [2]) الإسماعيلية: وهم الذين قالوا: الإمام بعد جعفر إسماعيل بن جعفر، ثم قالوا بإمامة محمد بن إسماعيل بن جعفر، وأنكروا إمامة سائر ولد جعفر، ومن الإسماعيلية انبثق القرامطة والحشاشون والفاطميون والدروز وغيرهم، وللإسماعيلية فرق متعددة وألقاب كثيرة تختلف باختلاف البلدان، إذ لهم كما يقول الشهرستاني دعوة في كل زمان، ومقالة جديدة بكل لسان، وأما مذهبهم فهو كما يقول أبو حامد الغزالي وغيره: "إنه مذهب ظاهره الرفض وباطنه الكفر المحض"، أو كما يقول ابن الجوزي: "فمحصول قولهم تعطيل الصانع وإبطال النبوة والعبادات وإنكار البعث، ولكنهم لا يظهرون هذا في أول أمرهم. ولهم مراتب في الدعوة، وحقيقة المذهب لا تعطى إلا لمن وصل إلى الدرجة الأخيرة، وقد أطلع على أحوالهم وكشف أستارهم جملة من أهل العلم، كالبغدادي الذي أطلع على كتاب لهم يسمى: "السياسة والبلاغ الأكيد والناموس الأكبر"، ورأى من خلاله أنهم دهرية زنادقة يتسترون بالتشيع، والحمادي اليماني الذي اندس بينهم وعرف حالهم وبين ذلك في كتابه "كشف أسرار الباطنية"، وابن النديم الذي اطلع على "البلاغات السبعة" لهم، وقرأ "البلاغ السابع"، ورأى فيه أمراً عظيماً من إباحة المحظورات والوضع من الشرائع وأصحابها… وغيرهم، ولهم نشاطهم اليوم، كما لهم كتبهم السرية. قال أحدهم: وإن لنا كتباً لا يقف على قراءتها غيرنا ولا يطلع على حقائقها سوانا"(مصطفى غالب/ الحركات الباطنية في الإسلام ص67، وانظر أبو حاتم الرازي الإسماعيلي/ الزينة: ص287 ضمن كتاب "الغلو والفرق الغالية"، أبو حامد الغزالي/ فضائح الباطنية: ص37 وما بعدها، الملل والنحل: 1/167، 191، والبغدادي/ الفرق بين الفرق: ص294، 621، ابن النديم/ الفهرست: ص267، 268، الملطي/ التنبيه والرد: ص218، والمقدسي/ البدء والتاريخ: 5/124، الإسفراييني / التبصير في الدين، ابن الجوزي/ تلبيس إبليس: ص99، وانظر الإسماعيلية: إحسان إلهي ظهير).
( [3]) الزيدية: وهم اتباع زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب(الملل والنحل: 1/154، مقدمة البحر الزخار: ص40)، وسموا بالزيدية نسبة إليه(يحي بن حمزة/ الرسالة الوازعة ص28، والسمعاني/ الأنساب: 6/340)، وقد افترقوا عن الإمامية حينما سئل زيد عن أبي بكر وعمر فترضى عنهما فرفضه قوم فسموا رافضة.. وسمي من لم يرفضه من الشيعة زيدية لاتباعهم له وذلك في آخر خلافة هشام بن عبد الملك سنة إحدى وعشرين أو اثنين وعشرين(منهاج السنة: 1/21، الرسالة الوازعة: ص87-88). والزيدية يوافقون المعتزلة في العقائد(انظر المقبلي/ العلم الشامخ: ص319، الملل والنحل: 1/162، والرازي/ المحصل: ص247). والزيدية فرق : منهم من لم يحمل من الانتساب إلى زيد إلا الاسم فهم روافض في الحقيقة يقولون إن الأمة ضلت وكفرت بصرفها الأمر إلى غير علي، وهؤلاء الجارودية أتباع أبي الجارود، ومنهم من يقترب من أهل السنة كثيراً وهم أصحاب الحسن بن صالح حي الفقيه القائلون بأن الإمامة في ولد علي رضي الله عنه(ويقول ابن حزم: إن الثابت عن الحسن ابن صالح هو أن الإمامة في جميع قريش) ويتولون جميع الصحابة إلا أنهم يفضلون علياً على جميعهم.. (انظر ابن حزم/ الفصل: 2/266، وانظر في اعتدال الزيدية الحقة في مسألة الصحابة: ابن الوزير/ الروض الباسم ص49-50، المقبلي/ العلم الشامخ: ص326)، وانظر بحثي عن الزيدية في فكرة التقريب ص146 وما بعدها (سلمان العودة).
( [4]) تاريخ ابن خلدون: 1/201.
( [5]) العيون والمحاسن: 2/91.
( [6]) الملل والنحل: 1/162.
( [7]) مقالات الإسلاميين: 1/86.
( [8]) التنبيه والإشراف: ص198.
( [9]) الفرق بين الفرق: ص64.
( [10]) مقالات الإسلاميين: 1/90-91، الملل والنحل: 1/169، التبصير في الدين: ص33، الحور العين: ص166.
( [11]) انظر: القمي/ المقالات والفرق: ص89، الناشئ الأكبر، مسائل الإمامة ص47، الأشعري/ مقالات الإسلاميين: 1/90، عبد الجبار الهمداني/ المغني ج20، القسم الثاني ص 176، المسعودي/ مروج الذهب: 3/221.
( [12]) مختصر التحفة الاثنى عشرية: ص19-20. ولا شك أن القطعية هم أسلاف الاثنى عشرية، وسموا بهذا بعد القطع بإمامة موسى، وافترقوا بذلك عن الإسماعيلية.. ولكن إذا لاحظنا أن الشيعة تختلف بعد موت كل إمام، فإن فرقة القطعية قد حل بها هذا الانقسام.. وانفصل منها فرق لم تعتقد بالاثنى عشر. أي أنه قد صار من فرق القطعية من لم يكن من الاثنى عشرية، فالقطعية أعم من الاثنى عشرية.
( [13]) اعتقادات فرق المسلمين والمشركين: ص84-85.
( [14]) مقالات الإسلاميين: 1/88، الفصل: 4/157-158.
( [15]) مقالات الإسلاميين: 1/89، وانظر أيضاً في سبب التسمية بالرافضة: الشهلاستاني/ الملل والنحل: 1/155، والرازي/ اعتقادات فرق المسلمين والمشركين ص77، والإسفراييني/ التبصير في الدين: ص34، الجيلاني/ الغنية: 1/76، ابن المرتضى/ المنية والأمل: ص21. وقيل سموا رافضة ..لتركهم نصرة النفس الزكية(ابن المرتضى/ المنية والأمل: ص21، وانظر هامش رقم 1 ص111، وقيل لتركهم محبة الصحابة(علي القاري/ شم العوارض في ذم الروافض، الورقة 254 ب(محظوظ) وقيل لرفضهم دين الإسلام(انظر: الإسكوبي/ الرد على الشيعة، الورقة 23(مخطوط) وانظر: محي الدين عبد الحميد/ هامش مقالات الإسلاميين: 1/89).
avatar
رد: تاريخ الشيعة وفكرهم
مُساهمة الأربعاء نوفمبر 03, 2010 12:37 pm من طرف البروفوسور
عقيدتهم في أصول الدين( [1])

أولاً: عقيدتهم في توحيد الألوهية:
وهذا التوحيد هو الذي دعت الرسل إليه، وهو أصل النجاة، وأساس قبول العبادات إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء( [2]).
فهل حافظت الشيعة على هذا الأصل الأصيل، والركن المتين، أم أن اعتقادها في الأئمة قد أثر على عقيدتها في توحيد الله سبحانه؟ هذا ما سنتناوله بالحديث فيما يلي، حيث سأعرض لسبعة مباحث –إن شاء الله-.
المبحث الأول
نصوص التوحيد جعلوها في ولاية الأئمة
أ. ففي قوله سبحانه:ولقد أوحي إليك وإلى الذين من قبلك لئن أشركت ليحبطن عملك( [3]) جاء في الكافي -أصح كتاب عندهم في الرواية-، وفي تفسير القمي -عمدة تفسيرهم، وفي غيرها من مصادرهم المعتمدة( [4])، تفسيرها بما يلي: "يعني إن أشركت في الولاية غيره"( [5])، وفي لفظ آخر: "لئن أمرت بولاية أحد مع ولاية علي من بعدك ليحبطن عملك"( [6]). وقد ساق صاحب البرهان في تفسير القرآن أربع روايات لهم في تفسير الآية السابقة بالمعنى المذكور( [7]).
ب. وفي قوله سبحانه: ذلكم بأنه إذا دعي الله وحده كفرتم وإن يشرك به تؤمنوا..( [8]).
وهذه الآية –كما هو واضح- تبين ما عليه أهل الشرك من إعراض عن عبودية الله وحده، وهي جواب للمشركين حين طلبوا الخروج من النار، والرجعة إلى الدنيا فقالوا: فهل إلى خروج من سبيل فكان جوابهم: ذلكم بأنه إذا دعي الله وحده كفرتم وتركتم توحيده وإن يشرك به غبره من الأصنام أو غيرها تؤمنوا بالإشراك به وتجيبوا الداعي إليه( [9]).
ولكن الشيعة تروي عن أئمتها في تأويل الآية غير ما فهمه المسلمون منها.
تقول عن أبي جعفر في قوله عز وجل: ذلكم بأنه إذا دعي الله وحده كفرتم بأن لعلي ولاية وإن يشرك به من ليست له ولاية تؤمنوا فالحكم لله العلي الكبير( [10]).
وهكذا لا تكاد تخلو آية من آيات القرآن في موضوع التوحيد والنهي عن الشرك إلا وراموا تحريفها وتعطيل معناها وتحويلها إلى ولاية علي والأئمة ولو كانت صريحة واضحة بينة.
وأخذوا من هذه النصوص وغيرها الحكم بتكفير من عداهم من المسلمين. قال المجلسي: "اعلم أن إطلاق لفظ الشرك والكفر –يعني في نصوصهم- على من لا يعتقد إمامة أمير المؤمنين والأئمة من ولده عليهم السلام، وفضل عليهم غيرهم يدل على أنهم كفار مخلدون في النار"( [11]).
المبحث الثاني
الولاية أصل قبول الأعمال عندهم
إن التوحيد هو أصل قبول الأعمال، والشرك بالله سبحانه هو سبب بطلانها، قال تعالى: إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء( [12])، ولكن الشيعة جعلوا ذلك كله لولاية الإثنى عشر، وجاءت رواياته لتجعل المغفرة والرضوان والجنات لمن اعتقد الإمامة وإن جاء بقراب الأرض خطايا، والطرد والإبعاد والنار لمن اتقى الله لا يدين بإمامة الاثنى عشر، فقالوا "إن الله عز وجل نصب علياً علماً بينه وبين خلقه، فمن عرفه كان مؤمناً، ومن أنكره كان كافراً، ومن جهله كان ضالاً، ومن نصب معه شيئاً كان مشركاً، ومن جاء بولايته دخل الجنة( [13]).
المبحث الثالث
اعتقادهم أن الأئمة هم الواسطة بين الله والخلق
وإذا كان المسلمون يعتقدون أن الرسل هم الواسطة بين الله والناس في تبليغ أمر الله وشرعه، فإن الاثنى عشرية تعتقد أن هذا المعنى موجود في الأئمة، لأنهم يتلقون من الله –كما مر في عقيدتهم في السنة- وتزيد على ذلك فتجعل لهم من خصائص الألوهية ما يخرج بمن يؤمن به من دين التوحيد إلى دين المشركين، حين تجعل هداية الخلق إليهم، وأن الدعاء لا يقبل إلا بأسمائهم، وأنهم يستغاث بهم عند الشدائد والملمات، ويُحَج إلى مشاهدهم، والحج إليها أفضل من الحج إلى بيت الله، وكربلاء أفضل من الكعبة، ولزيارة أضرحة الأئمة مناسك وآداب سموها مناسك المشاهد، وجعلوها تُحَجُّ كما يُحَجُّ بيت الله الذي جعله الله قياماً للناس، ويطاف بها كما يطاف بالبيت، وتتخذ قبلة كبيت الله الحرام. وسأعرض –إن شاء الله- لهذه المسائل من خلال النقل الأمين –بحول الله- من كتب الشيعة المعتمدة عندها.
المسألة الأولى: قولهم لا هداية للناس إلا بالأئمة:
قال أبو عبد الله: "بلية الناس عظيمة إن دعوناهم لم يجيبونا، وإن تركناهم لم يهتدوا بغيرنا"( [14]).
المسألة الثانية: قولهم لا يقبل الدعاء إلا بأسماء الأئمة:
قالوا: لا يفلح من دعا الله بغير الأئمة، ومن فعل ذلك فقد هلك.
جاء في أخبارهم عن الأئمة: "من دعا الله بنا أفلح، ومن دعا بغيرنا هلك واستهلك"( [15]). وبلغت جرأتهم في هذا الباب أن قالوا: "إن دعاء الأنبياء استجيب بالتوسل والاستشفاع بهم صلوات الله عليهم أجمعين"( [16]).
وجاءت روايات كثيرة في هذا المعنى في عدد من مصادرهم المعتمدة وهذا "الزعم" الخطير يهدف بطريقة ماكرة، وأسلوب مقنع إلى "تأليه الأئمة" وأنهم ملجأ المحتاجين ومفزع الملهوفين وأمان الخائفين وقبلة الداعين، ولا تستجاب الدعوات إلا بذكر أسمائهم، فأي فرق بين هذا وبين ما يزعمه المشركون في أصنامهم؟
نعم هناك فرق، وهو أن المشركين في وقت الشدة يخلصون الدعاء لله أما هؤلاء فإنهم يشركون في الرخاء والشدة.
تقول إحدى رواياتهم" عن الرضا عليه السلام قال: لما أشرف نوح عليه السلام دعا الله بحقنا فدفع الله عنه الغرق، ولما رمى إبراهيم في النار دعا الله بحقنا فجعل الله النار عليه برداً وسلاماً، وإن موسى عليه السلام لما ضرب طريقاً في البحر دعا الله بحقنا فجعله يبساً، وإن عيسى عليه السلام لما أراد اليهود قتله دعا الله بحقنا فنجى من القتل فرفعه الله( [17]).
المسألة الثالثة: الاستغاثة بالأئمة:
هناك"رقاع" تكتب، وتوضع على قبور الأئمة، لأن قبور الأئمة وأضرحتهم التي لا تنفع ولا تضر هي –بزعمهم-مناط الرجاء ومفزع الحاجات.قالوا: "إذا كان لك حاجة إلى الله عز وجل فاكتب رقعة على بركة الله، واطرحها على قبر من قبور الأئمة إن شئت، أو فشدها واختمها واعجن طيناً نظيفاً واجعلها فيه، واطرحها في نهر جار، أو بئر عميقة، أو غدير ماء، فإنها تصل إلى السيد عليه السلام وهو يتولى قضاء حاجتك بنفسه"( [18]).
ثم ذكروا أنه يكتب في هذه الرقعة:"بسم الله الرحمن الرحيم كتبت إليك يا مولاي صلوات الله عليك مستغيثاً…، فأغثني يا مولاي صلوات الله عليك عند اللهف، وقدم المسألة لله عز وجل في أمري قبل حلول التلف وشماتة الأعداء، فبك بسطت النعمة عليّ، واسأل الله(الخطاب للإمام في قبره) جل جلاله لي نصراً عزيزاً.."( [19]).
المسألة الرابعة: قولهم إن الحج إلى المشاهد أعظم من الحج إلى بيت الله:
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "حدثني الثقات أن فيهم من يرى الحج إلى المشاهد أعظم من الحج إلي البيت العتيق، فيرون الإشراك بالله أعظم من عبادة الله وحده، وهذا من أعظم الإيمان بالطاغوت"( [20]).
هذه المسألة التي قال عنها عالم من أكبر علماء أهل السنة المعنيين بتتبع أمر الرافضة والرد عليهم بأنه قد وصله خبرها عن طريق بعض الثقات هي اليوم مقررة ومعلنة في كتب الاثنى عشرية في عشرات من الروايات تنص على أن زيارة المشهد أفضل من الحج إلى بيت الله الحرام.
جاء في الكافي وغيره:"إن زيارة قبر الحسين تعدل عشرين حجة، وأفضل من عشرين عمرة وحجة"( [21]).
زيارة كربلاء يوم عرفة أفضل من سائر الأيام:
مما يكشف أن هذه الروايات هي ثمرة مؤامرة ضد الأمة لصرفها عن بيت ربها والعمل على إفساد أمرها وتفريق إجتماعها.. والحيلولة دون تلاقيها في هذا المؤتمر السنوي العام..أن هذه الروايات خصت زيارة الحسين يوم عرفة بفضل خاص، تقول:"من أتى قبر الحسين عارفاً بحقه في غير يوم عيد كتب الله له عشرين حجة وعشرين عمرة مبرورات مقبولات، ومن أتاه في يوم عيد كتب الله له مائة حجة ومائة عمرة..ومن أتاه يوم عرفة عارفاً بحقه كتب الله له ألف حجة وألف عمرة مبرورات متقبلات، وألف غزوة مع نبي مرسل أو إمام عادل"( [22]).
المبحث الرابع
قولهم إن الإمام يُحَرِّم ما يشاء ويُحِلُّ ما يشاء
من أصول التوحيد: الإيمان بأن الله سبحانه هو المشرع وحده سبحانه، يحل ما يشاء ويحرم ما يشاء لا شريك له في ذلك، ورسل الله يبلغون شرع الله لعباده، ومن ادعى أن له إماماً يحل ما يشاء ويحرم ما يشاء فهو داخل في قوله سبحانه:أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله( [23])، فأشرك مع الله غيره.
والشيعة تزعم في رواياتها أن الله سبحانه وتعالى"خلق محمداً وعلياً وفاطمة فمكثوا ألف دهر ثم خلق جميع الأشياء فأشهدهم خلقها وأجرى طاعتهم عليها وفوض أمورهم إليها، فهم يحلون ما يشاءون ويحرمون ما يشاءون"( [24]).
المبحث الخامس
قولهم إن تراب قبر الحسين شفاء من كل داء
تقول الشيعة –مخالفة بذلك النقل والعقل والطب والحكمة- بأن تربة الحسين هي الكفيلة لشفاء الأدواء والأسقام بشتى أنواعها وأشكالها.
ولقد ذكر صاحب البحار ما يصل إلى ثلاث وثمانين رواية عن تربة الحسين وفضلها وآدابها وأحكامها، فجعلت هذه الروايات من هذه التربة البلسم الشافي من كل داء، والحصن الحصين من كل خوف( [25])، يشرب منها المريض فيتحول إلى صحيح، كأن لم يكن به بأس( [26]). ويحنك بها الطفل فتكون مأمنه من الأخطار( [27])، وتوضع مع الميت في قبره لتقيه من العذاب، ويمسك بها الرجل يعبث بها ساهياً يقلبها فيكتب له أجر المسبحين، لأنها تسبح بيد الرجل من غير أن يسبح( [28]).
المبحث السادس
دعاؤهم بالطلاسم والرموز، واستغاثتهم بالمجهول
من أمثلة تلك الطلاسم قالوا:"حرز لأمير المؤمنين صلوات الله عليه للمسحور، والتوابع (الجني يتبع الإنسان حيث يذهب) والمصروع والسم والسلطان والشيطان وجميع ما يخافه الإنسان.. وهذه كتابته:
بسم الله الرحمن الرحيم أي كنوش أي كنوش أرشش عطنيطنيطح يا مطيطرون فريالسنون ما وما ساما سويا طيطشا لوش خيطوش ..إلى آخر هذه الطلاسم ثم رسم رموزاً غريبة على شكل خطوط متداخلة..ومن عوذات الأئمة وأحرازهم بالألفاظ الغريبة قولهم كما يزعمون:"بيا آهيا شراهيا.."..إلخ( [29])
المبحث السابع
استخارتهم بما يشبه أزلام الجاهلية
وقد أدخلت طائفة الاثنى عشرية الاستخارة بالأزلام في دينها وأضافت عليها بعض الإضافات وسموها الرقاع. وعقد الحر العاملي لهذا باباً بعنوان"باب استحباب الاستخارة بالرقاع وكيفيتها"( [30])، وذكر في هذا الباب جملة من أحاديثهم في ذلك بلغت خمس روايات، أما المجلسي فقد ذكر أنواعاً من الاستخارات تدخل في هذا المعنى في أبواب ثلاثة وهي: باب الاستخارة بالرقاع، وباب الاستخارة بالبنادق، وباب الاستخارة بالسبحة والحصى( [31]).
ثانياً: عقيدتهم في توحيد الربوبية:
لقد بين أهل العلم أن الإيمان بربوبية الله سبحانه أمر قد فطر عليه البشر، وأن الشرك في الربوبية باعتبار إثبات خالقَين متماثلَين في الصفات والأفعال لم يثبت عن طائفة من الطوائف في التاريخ البشري، وإنما ذهب بعض المشركين إلى أن ثَم خالقاً خلق بعض العالم( [32]).
ولهذا كان السؤال هل تأثر هذا الأصل في دين الشيعة، بمعنى هل وجد الإشراك الجزئي عندهم، باعتبار ما يولونه الأئمة من اهتمام، وما يعطونهم من أوصاف، وما يضيفونه عليهم من ألقاب؟ سيتبين هذا من خلال التتبع لما جاء عن أئمتهم في كتبهم المعتمدة، ورواياتهم المعتبرة عندهم، حيث أعرض خمسة مباحث: أولها: قولهم أن الرب هو الإمام، وثانيها: اعتقادهم أن الدنيا والآخرة للإمام، وفي المبحث الثالث: قولهم إن السحاب والرعد هو من أمر الأئمة، ومسخر للأئمة، وهو ما أسميته (إسناد الحوادث الكونية إلى الأئمة)، وفي المبحث الرابع: قولهم بحلول جزء إلهي في الأئمة، وفي الخامس: زعمهم تأثير الأيام بالنفع والضر.
المبحث الأول
قولهم أن الرب هو الإمام
جاء في أخبارهم أن علياً –كما يفترون عليه- قال: أنا رب الأرض الذي يسكن الأرض به( [33]).
المبحث الثاني
قولهم بأن الدنيا والآخرة كلها للإمام يتصرف بها كيف يشاء
عقد صاحب الكافي لهذا باباً بعنوان: "باب أن الأرض كلها للإمام"، ومما جاء فيه: عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال: "أما علمت أن الدنيا والآخرة للإمام يضعها حيث يشاء ويدفعها إلى من يشاء جائز له ذلك من الله.."( [34]).

المبحث الثالث
إسناد الحوادث الكونية إلى الأئمة
كل ما يجري في هذا الكون فهو بأمر الله وتقديره لا شريك له سبحانه، لكن في كتب الاثنى عشرية ما يثير العجب في هذا حيث تدعي بأن لأئمتها أمراً في ذلك، تقول رواياتهم:
"عن سماعة بن مهران قال: كنت عند أبي عبد الله عليه السلام فأرعدت السماء وأبرقت، فقال أبو عبد الله عليه السلام : أما إنه ما كان من هذا الرعد ومن هذا البرق فإنه من أمر صاحبكم، قلت من صاحبنا؟ قال: أمير المؤمنين عليه السلام"( [35])
المبحث الرابع
الجزء الإلهي الذي حل بالأئمة
وترد عندهم روايات تدعي بأن جزءاً من النور الإلهي حل بعلي.
قال أبو عبد الله:"ثم مَسَحَنا بيمينه فأفضى نوره فينا". "...ولكن الله خلطنا بنفسه.."( [36]).
وهذا الجزء الإلهي الذي في الأئمة –كما يزعمون- أعطوا به قدرات مطلقة، ولذلك فإن من يقرأ ما يسمونه معجزات الأئمة وتبلغ مئات الروايات يلاحظ أن الأئمة أصبحوا كرب العالمين –تعالى الله وتقدس عما يقولون- في الإحياء والإماتة والخلق والرزق( [37]).. إلا أن رواياتهم تربط هذا بأنه من الله كنوع من التلبيس والإيهام.
فهذا –مثلاً- عليّ يُحيِى الموتى: جاء في الكافي عن أبي عبد الله قال: إن أمير المؤمنين له خؤولة في بني مخزوم وإن شاباً منهم أتاه فقال: يا خالي إن أخي مات وحزنت عليه حزناً شديداً، قال فقال: تشتهي أن تراه؟ قال: بلى، قال: فأرني قبره، قال فخرج ومعه بردة رسول الله متزراً بها، فلما انتهى إلى القبر تلملمت شفتاه ثم ركضه برجله فخرج من قبره وهو يقول بلسان الفرس، فقال أمير المؤمنين عليه السلام: ألم تمت وأنت رجل من العرب؟ قال: بلى ولكنا متنا على سنة فلان وفلان (أي أبي بكر وعمر) فانقلبت ألسنتنا"( [38]). بل إن علياً –كما يزعمون- أحيى موتى مقبرة الجبانة بأجمعهم( [39])، وضرب الحجر فخرجت منه مائة ناقة( [40]).
هذا سلمان –كما يفترون- "لو أقسم أبو الحسن على الله أن يحيي الأولين والآخرين لأحياهم"( [41]).
هذا الغلو هو بلا شك ارتضعوه من أفاويق المذاهب الوثنية التي تدعي في أصنامها ومعبوداتها ما للرب سبحانه من أفعال، ويكفي في فساده مجرد تصوره، إذ هو مخالف للنقل والعقل، والسنن الكونية كما هو منقوض بواقع الأئمة وإقراراتهم، ورسول الهدى  يقول –كما أمره ربه- قل لا أملك لنفسي نفعاً ولا ضراً إلا ما شاء الله( [42]).
المبحث الخامس
قولهم بتأثير الأيام والليالي بالنفع والضر
قال الله سبحانه: وما بكم من نعمة فمن الله ثم إذا مسكم الضر فإليه تجأرون( [43]). فالضر والنفع من الله وحده، وليس للأنواء والأيام والليالي وغيرها تأثير في ذلك، والشيعة تخالف هذا بدعواها أن في بعض الأيام شؤماً لا تقضى فيه الحاجات:
قال أبو عبد الله:"لا تخرج يوم الجمعة في حاجة، فإن كان يوم السبت وطلعت الشمس فاخرج في حاجتك"، وقال:"السبت لنا، والأحد لبني أمية"( [44]).

ثالثاً: عقيدتهم في أسماء الله وصفاته:
المبحث الأول
الغلو في الإثبات (التجسيم)
اشتهرت ضلالة التجسيم بين اليهود، ولكن أول من ابتدع ذلك بين المسلمين هم الروافض، ولهذا قال الرازي:"اليهود أكثرهم مشبهة، وكان بدء ظهور التشبيه في الإسلام من الروافض مثل هشام بن الحكم، وهشام بن سالم الجواليقي، ويونس بن عبد الرحمن القمي، وأبي جعفر الأحول( [45]).
وكل هؤلاء الرجال المذكورين هم ممن تعدهم الاثنى عشرية في الطليعة من شيوخها، والثقات من نقلة مذهبها.
وقد حدد شيخ الإسلام أول من تولى كبر هذه الفرية من هؤلاء فقال: "وأول من عُرِفَ في الإسلام أنه قال إن الله جسم هو هشام بن الحكم"( [46]).
وقد نقل أصحاب الفرق كلمات مغرقة في التشبيه والتجسيم منسوبة إلى هشام بن الحكم وأتباعه تقشعر من سماعها جلود المؤمنين. يقول عبد القاهر البغدادي:"زعم هشام بن الحكم أن معبوده جسم ذو حد ونهاية وأنه طويل عريض عميق وأن طوله مثل عرضه…"( [47]).
وقال ابن حزم: "قال هشام إن ربه سبعة أشبار بشبر نفسه"( [48]).
وقد يقال إن ما سلف من أقوال عن هشام وأتباعه هي من نقل خصوم الشيعة فلا يكون حجة عليهم. مع أن تلك النقول عن أولئك الضُّلال قد استفاضت من أصحاب المقالات على اختلاف اتجاهاتهم، وهم أصدق من الرافضة مقالاً، وأوثق نقلاً، وهي تثبت أن الرافضة هم الأصل في إدخال هذه البدعة على المسلمين.
لكن القول بأن نسبة التجسيم إليهم قد جاءت من الخصوم، ولا شاهد عليها من كتب الشيعة قد يتوهمه من يقرأ إنكار المنكرين لذلك من الشيعة، وإلا فالواقع خلاف ذلك.
وقد كان لهشام بن الحكم وهشام بن سالم الجواليقي بالذات دور ظاهر في اتجاه التجسيم عند الشيعة كما تذكر ذلك مجموعة من رواياتهم.جاء في أصول الكافي وغيره".. عن محمد بن الرخجي قال"كتبت إلي أبي الحسن عليه السلام أسأله عما قال هشام بن الحكم في الجسم وهشام بن سالم في الصورة فكتب دع عنك حيرة الحيران واستعذ بالله من الشيطان ليس القول ما قال الهاشمان( [49]).
وكان الأئمة يتبرءون منهما ومن قولهما، وحينما جاء بعض الشيعة إلى إمامهم وقال له: "إني أقول بقول هشام "قال إمامهم (أبو الحسن علي بن محمد)" ما لكم ولقول هشام؟ إنه ليس منا من زعم أن الله جسم ونحن منه براء في الدنيا والآخرة"( [50]).
فأنت ترى أن كبار متكلميهم قد غلوا في الإثبات، حتى شبهوا الله جل شأنه بخلقه وهو كفر بالله سبحانه، لأنه تكذيب لقوله سبحانه ليس كمثله شيء( [51]) وعطلوا صفاته اللائقة به سبحانه فوصفوه بغير ما وصف به نفسه، وإمامهم كان ينكر عليهم هذا المنهج الضال، ويأمر بالالتزام في وصف الله، بما وصف به نفسه، ورواياتهم في هذا الباب كثيرة( [52]).
فهذا الاتجاه إلى الغلو في الإثبات، قد طرأ على الإثبات الحق الذي عليه علماء أهل البيت وأصبح المذهب يتنازعه اتجاهان اتجاه التجسيم الذي تزعمه هشام، واتجاه التنزيه الذي عليه أهل البيت كما تشير إليه روايات الشيعة نفسها، وكما هو"ثابت مستفيض في كتب أهل العلم"( [53]).


المبحث الثاني
التعطيل عندهم
بعد هذا اللغو في الإثبات بدأ تغيير المذهب في أواخر المائة الثالثة حيث تأثر بمذهب المعتزلة في تعطيل الباريء سبحانه من صفاته الثابتة له في الكتاب والسنة، وكثر الاتجاه إلى التعطيل عندهم في المائة الرابعة لما صنف لهم المفيد وأتباعه كالموسوي الملقب بالشريف المرتضى، وأبي جعفر الطوسي، واعتمدوا في ذلك على كتب المعتزلة. وكثيراً مما كتبوه في ذلك منقول عن المعتزلة نقل المسطرة، وكذلك ما يذكرونه في تفسير القرآن في آيات الصفات والقدر ونحو ذلك هو منقول من تفاسير المعتزلة( [54]).
ولهذا لا يكاد القارىء لكتب متأخري الشيعة يلمس بينها وبين كتب المعتزلة في باب الأسماء والصفات فرقا، فالعقل-كما يزعمون-هو عمدتهم فيما ذهبوا إليه، والمسائل التي يقررها المعتزلة في هذا الباب أخذ بها شيوخ الشيعة المتأخرون كمسألة خلق القرآن، ونفى رؤية المؤمنين لربهم في الآخرة، وإنكار الصفات.
بل إن الشبهات التي يثيرها المعتزلة في هذا، هي الشبهات التي يثيرها شيوخ الشيعة المتأخرون.
وهؤلاء المعطلة قد رد عليهم أئمة الإسلام وبينوا باطلهم ولن نكرر القول ونبديء فيه ونعيد .. ولكن الذي يمكن أن يضاف في هذا المجال بعد ظهور الكتاب الشيعي وانتشاره هو تصوير هذه المسألة من كتب الشيعة ومن خلال روايات الشيعة عن أئمتها ، وكلام شيوخهم المبني على مجاراة أهل التعطيل.
وسأختار[مسألتين] في ذلك:
المسألة الأولى: قولهم بأن القرآن مخلوق:
يقول آية الشيعة محسن الأمين:"قالت الشيعة والمعتزلة القرآن مخلوق"( [55]).
وهذا بناءً على إنكارهم لصفة الكلام لله وزعمهم أن الله سبحانه "يوجد الكلام في بعض مخلوقاته كالشجرة حين كلم موسى، وكجبرائيل حين أنزله بالقرآن"( [56]). هذا بعض ما يقوله شيوخهم في هذا الأمر( [57]). وإذا رجعت إلى الروايات التي ينقلونها عن (آل البيت) وجدتها تخالف في أكثرها ما يذهب إليه هؤلاء، فمن ذلك: ما جاء في تفسير العياشي: "عن الرضا أنه سئل عن القرآن فقال… إنه كلام الله غير مخلوق.."( [58]).
وأول من قال بهذه المقالة الجعد بن درهم( [59]).
قال عبد الرحمن بن أبي حاتم: سمعت أبي يقول: "أول من أتى بخلق القرآن جعد بن درهم( [60])، فهو أول من قال بمبدأ التعطيل في هذه الأمة ثم تلقى ذلك عنه الجهم بن صفوان"( [61]).
ويشير البعض إلى أن هذه المقالة ترتد أصولها إلى مؤثرات أجنبية، فقد ذكر ابن الأثير وشيخ الإسلام ابن تيمية وغيرهما أن الجعد أخذ ذلك –أي القول بخلق القرآن- عن أبان بن سمعان، وأخذه هذا من طالوت ابن أخت لبيد بن أعصم اليهودي الذي سحر النبي ، وكان يقول بخلق التوراة، وكان طالوت زنديقاً وهو أول من صنف لهم في ذلك ثم أظهره الجعد بن درهم( [62])، كما يذكر الخطيب البغدادي أن والد بشر المريسي وهو أحد كبار القائلين بخلق القرآن من المعتزلة كان يهودياً( [63]).
[المسألة الثانية]: الرؤية:
لقد ذهبت الشيعة الإمامية بحكم مجاراتها للمعتزلة إلى نفي الرؤية وجاءت روايات عديدة ذكرها ابن بابويه في كتابه التوحيد وجمع أكثرها صاحب البحار تنفي ما جاءت به النصوص من رؤية المؤمنين لربهم في الآخرة فتفتري –مثلاً- على أبي عبد الله جعفر الصادق بأنه سئل"عن الله تبارك وتعالى هل يرى في المعاد؟ فقال: سبحان الله وتعالى عن ذلك علواً كبيراً..إن الأبصار لا تدرك إلا ما له لون وكيفية، والله خالق الألوان والكيفية"( [64]).
المبحث الثالث
وصفهم الأئمة بأسماء الله وصفاته
لقد خرجوا ببدعة ثالثة أحدثوها في أمة محمد ، حين زعموا أن الأئمة هم أسماء الله، فأسماء الله سبحانه التي ذكرها في كتابه هي –على حد زعمهم- عبارة عن الأئمة الاثنى عشر، وهذا يتضمن تعطيل الله من أسمائه الحسنى، واعطاءها بعض البشر، ويزعمون أن النص من "المعصوم"قد ورد بذلك وهذا إفك عظيم افتروه فويل لهم مما يفترون، روى الكليني في أصول الكافي عن أبي عبد الله في قول الله عز وجل: ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها قال: "نحن والله الأسماء الحسنى التي لا يقبل الله من العباد عملاً إلا بمعرفتنا"( [65]).
الله سبحانه يقول: ولله الأسماء الحسنى وهؤلاء يقولون نحن الأسماء الحسنى، فأي محاداة لله وكتابه أعظم من هذا، إن من معين هذه النصوص المظلمة تستقي طوائف الباطنية الملاحدة والتي تذهب لتأليه الأئمة..ومن مائها الآسن ترتوي.
وزعموا أن أمير المؤمنين علياً قال: "أنا عين الله وأنا يد الله وأنا جنب الله وأنا باب الله"( [66]). وقال –كما يفترون- :"أنا علم الله وأنا قلب الله الواعي، ولسان الله الناطق، وعين الله الناظرة، وأنا جنب الله وأنا يد الله"( [67]).
وقد ذكر المجلسي ستاً وثلاثين رواية تقول أن الأئمة هم وجه الله ويد الله( [68]).
وفي رجال الكشي وغيره قال علي –كما يفترون- "أنا وجه الله، أنا جنب الله، وأنا الأول، وأنا الآخر، وأنا الظاهر، وأنا الباطن"( [69]).
كما أنهم أضافوا إلى الأئمة أيضاً بعض صفات الرب سبحانه كالعلم بالغيب، وعقد لذلك صاحب الكافي باباً بعنوان: "باب أن الأئمة يعلمون علم ما كان وما يكون وأنه لا يخفى عليهم الشيء"، وضمنه طائفة من رواياتهم. وعقد باباً آخر بعنوان:"باب أن الأئمة إذا شاءوا أن يعلموا علموا "( [70])، وذكر فيه جملة من أحاديثهم.
وقد عثرت وسط هذا الركام من هذه الدعاوى الغبية الملحدة حول الأئمة على بعض النصوص التي روتها كتب الشيعة والتي تجرد الأئمة من هذه الصفات التي خلعوها عليهم وهي لا تنبغي إلا للحق جل شأنه. قال أبو عبد الله –كما يروي صاحب الكافي- :"يا عجباً لأقوام يزعمون أنا نعلم الغيب، ما يعلم الغيب إلا الله عز وجل، لقد هممت بضرب جاريتي فلانة فهربت مني، فما علمت في أي بيوت الدار هي.."( [71]). ولو كان أبو عبد الله كما يزعم الكليني في أبوابه التي عقدها بعد ذكره لهذا النص، لو كان يعلم ما يكون ولا يخفى عليه الشيء وإذا شاء أن يعلم علم لم يخف عليه موضع الجارية.
وروايات الشيعة تكشف نفسها بنفسها وتتناقض نصوصها.

رابعًا: اعتقادهم في الإيمان وأركانه:
المبحث الأول
قولهم في الإيمان والوعد والوعيد
المسألة الأولى: مفهوم الإيمان عندهم:
لقد أدخل الاثنا عشرية الإيمان بالأئمة الاثنى عشر في مسمى الإيمان( [72]). ولهذا قال ابن المطهر الحلي: إن"مسألة الإمامة(إمامة الاثنى عشر).. هي أحد أركان الإيمان المستحق بسببه الخلود في الجنان والتخلص من غضب الرحمن"( [73]).
المسألة الثانية: الشهادة الثالثة:
وبمقتضى هذا الإيمان الذي لا يعرفه سوى الاثنى عشرية، فإنهم اخترعوا شهادة ثالثة، هي شعار هذا الإيمان الجديد، هي قولهم: "أشهد أن علياً ولي الله" يرددونها في أذانهم، وبعد صلاتهم، ويلقنونها موتاهم. فالإقرار بالأئمة مع الشهادتين يقال بعد كل صلاة، وعقد الحر العاملي باباً في هذا المعنى( [74]).
وجاء في أخبارهم عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال:"لو أدركت عكرمة( [75]) عند الموت لنفعته، فقيل لأبي عبد الله عليه السلام: بماذا كان ينفعه؟ قال: يلقنه ما أنتم عليه"( [76])، وعن أبي بصير عن أبي جعفر قال:"…لقنوا موتاكم عند الموت شهادة أن لا إله إلا الله والولاية"( [77]).
ويلقن هذه الشهادة عند إدخاله للقبر( [78])، وكذلك عند انصراف الناس عنه، وبوب لذلك المجلسي فقال:" باب استحباب تلقين الولي الميت الشهادتين والإقرار بالأئمة عليهم السلام بأسمائهم بعد انصراف الناس"( [79])، وساق في ذلك جملة من رواياتهم.
المسألة الثالثة: القول بالإرجاء:
هذا وإذا كان الإيمان عندهم هو الإقرار بالأئمة الاثنى عشر، فقد أصبحت معرفة الأئمة عندهم كافية في الإيمان ودخول الجنان فأخذوا بمذهب المرجئة رأساً. ولهذا عقد صاحب الكافي باباً بعنوان:"باب أن الإيمان لا يضر معه سيئة، والكفر لا ينفع معه حسنة"، وذكر فيه ستة أحاديث منها قول أبي عبد الله:"الإيمان لا يضر معه عمل، وكذلك الكفر لا ينفع معه عمل"( [80]).والإيمان حسب مصطلحهم هو حب الأئمة أو معرفتهم.
المسألة الرابعة: قولهم في الوعد:
وجاءت أخبارهم تقول: بأن الأئمة يملكون الضمان لشيعتهم بدخول الجنة، وقد شهدوا بذلك لبعض أتباعهم على وجه التعيين، فهم يعدون بالثواب ويحققونه.
ومن نصوصهم في هذا ما جاء في رجال الكشي: "..عن زياد القندي عن علي بن يقطين، أن أبا الحسن قد ضمن له الجنة"، وفي رواية أخرى عن عبد الرحمن الحجاج، قال قلت لأبي الحسن رضي الله عنه: إن علي بن يقطين أرسلني إليك برسالة أسألك الدعاء له، فقال: في أمر الآخرة؟ قلت: نعم، قال: فوضع يده على صدره ثم قال: ضمنت لعلي بن يقطين ألا تمسه النار"‍( [81]).
إن مثل هذه المزاعم تبين أن واضعي هذه الأساطير هم فئة من الزنادقة الذين يؤمنون بقرآن ولا بسنة، وهدفهم إفساد هذا الدين، فلم يجدوا مكاناً لتحقيق ذلك إلا في محيط التشيع، وعلي بن يقطين الذي ضمن له هؤلاء الزنادقة"جنتهم" قد يكون شريكاً لهم في المذهب، فقد ذكر الطبري في حوادث سنة 169 هـ بأنه قُتِلَ على الزندقة( [82]).
المسألة الخامسة: قولهم في الوعيد:
قال المفيد: "اتفقت الإمامية على أن الوعيد بالخلود في النار متوجه إلى الكفار خاصة دون مرتكبي الذنوب من أهل المعرفة بالله تعالى والإقرار بفرائضه من أهل الصلاة".وأنهم بارتكابهم الكبيرة لا يخرجون عن الإسلام وإن كانوا يفسقون بما فعلوه من الكبائر والآثام( [83]).
وهذا القول في ظاهره موافق لمذهب أهل السنة، لكنهم خرجوا عن تحقيق هذا المذهب من طريق آخر، حيث توسعوا في مفهوم الكفر والمكفرات، ولذلك "اتفقت الإمامية على أن أصحاب البدع كلهم كفار، وأن على الإمام أن يستتيبهم عند التمكن بعد الدعوة لهم وإقامة البينات عليهم فإن تابوا عن بدعهم وصاروا إلى الصواب وإلا قتلهم لردتهم عن الإيمان، وأن من مات منهم على تلك البدعة فهو من أهل النار"، واتفقت على القول بكفر من حارب أمير المؤمنين علياً وأنهم "كفار ضُلاَّل ملعونون بحربهم أمير المؤمنين وأنهم بذلك في النار مخلدون"( [84]).
وهكذا حكمهم في كل من خالفهم، ولذلك قال ابن بابويه:"واعتقادنا في من خالفنا في شيء واحد من أمور الدين كاعتقادنا في من خالفنا في جميع أمور الدين"( [85]).فهم من هذا الباب وعيدية، ولهذا قال شيخ الإسلام بأن متأخري الشيعة وعيدية في باب الأسماء والأحكام( [86]).
المبحث الثاني
قولهم في أركان الإيمان
الإيمان بالملائكة:
وقد نال هذا الركن من أركان الإيمان نصيبه، فالملائكة خلقوا من نور الأئمة، وهم خدمة الأئمة، ومنهم طوائف قد كلفوا بزعمهم للعكوف على قبر الحسين..إلخ.
تقول أخبارهم: "خلق الله من نور وجه علي بن أبي طالب سبعين ألف ملك يستغفرون له ولمحبيه إلى يوم القيامة"( [87]).
وأحياناً يقولون:"خلق الله الملائكة من نور علي"( [88]).
وقد زعموا أن ملائكة الرحمن من لا وظيفة له إلا البكاء على قبر الحسين، والتردد لزيارته، قالوا:"وكل الله بقبر الحسين أربعة آلاف ملك شعث غبر يبكون إلى يوم القيامة.."( [89]).
وزيارة قبر الحسين هي أمنية أهل السماء، قالوا: "وليس شئ في السماوات إلا وهم يسألون الله أن يؤذن لهم في زيارة الحسين ففوج ينزل وفوج يعرج"( [90]).
وقالوا إن الملائكة لخدامنا وخدام محبينا"( [91]).
وجاء في أخر حديث طويل لهم إن جبريل دعا أن يكون خادماً للأئمة، قالوا فجبريل خادمنا"( [92]).
وقد قال شيخ الإسلام -رحمه الله-وهو يرد على ابن المطهر نقله لمثل هذا اللقب للملائكة قال: "فتسمية جبريل رسول الله إلى محمد  خادماً عبارة من لا يعرف قدر الملائكة وقدر إرسال الله لهم إلى الأنبياء…"( [93]).
وكيف يطلق هذا اللقب "الوضيع" في من وصفه الله بقوله: إنه لقول رسول كريم. ذي قوة عند ذي العرش مكين( [94]) فالمراد بالرسول الكريم هنا جبريل، وذي العرش رب العزة سبحانه.
ولهم دعاوي في هذا الباب كثيرة، وكأنه لا وظيفة للملائكة إلا أمر أئمتهم الاثنى عشر، أو كأنهم ملائكة الأئمة لا ملائكة الله!
الإيمان بالكتب:
والشيعة قد تأثر هذا الجانب عندها بمقتضى عقائدها التي انفردت بها عن سائر المسلمين في مسألة الإمامة وغيرها، فآمنت بكتب ما أنزل بها من سلطان، حيث ادعت أن الله سبحانه أنزل على أئمتها كتباً من السماء، كما أنزل كتبه على أنبيائه.
كما زعمت بأن لدى الأئمة الاثنى عشر الكتب السماوية التي نزلت على جميع الأنبياء فهم يقرءونها ويحتكمون إليها.
وإليك بيان هاتين القضيتين، من خلال النقل الأمين من كتب الشيعة المعتمدة.
المسألة الأولى: دعواهم تنزل كتب إلهية على الأئمة:
ولعل جذور هذه المقالة بدأت في عصر علي-رضى الله عنه-كما أشارت إلى ذلك إحدى روايات الإمام البخاري-رضى الله عنه- عن أبى جحيفة قال: قلت لعلي: هل عندكم كتاب؟ قال: لا إلا كتاب الله، أو فهم أعطيه رجل مسلم أو ما في هذه الصحيفة. قال: قلت: فما في هذه الصحيفة ؟ قال: العقل وفكاك الأسير ولا يقتل مسلم بكافر"( [95]).
وفي رواية أخرى للبخاري جاء السؤال: "هل عندكم شئ من الوحي إلا ما في كتاب الله"( [96]) (وهى تفسر المراد بالكتاب).
قال ابن حجر: وإنما سأله أبو جحيفة عن ذلك، لأن جماعة من الشيعة كانوا يزعمون أن عند أهل البيت –لاسيما علياً-أشياء من الوحى-خصهم النبي  بها لم يطلع غيرهم عليها، وقد سأل علياً عن هذه المسألة أيضاً قيس ابن عباد، والأشتر النخعي وحديثهما في مسند النسائي"( [97]).
وفي كتاب أحوال الرجال أن عبد الله بن سبأ زعم أن القرآن جزء من تسعة أجزاء وعلمه عند علي"( [98]).
إذن كانت دعوى السبئيين تشير إلى علم مخزون عند علي، فهذه أصل الدعوى، وقد تطورت واتخذت صوراً وأشكالاً متعددة كلها ترجع إلى دعوى أن عند آل البيت ما ليس عند الناس والتي نفاها أمير المؤمنين علي نفياً قاطعاً وما تفرع من الباطل فهو باطل، فالفرع له حكم أصله.
وإليك بكل أمانة بعض ما وجدناه في كتبهم المعتبرة عندهم من هذه الدعاوى والمزاعم:
أ- "مصحف فاطمة":
تدعي كتب الشيعة نزول مصحف على فاطمة بعد وفاة رسول الله .
تقول إحدى روايات الكافي عن مصحف فاطمة: "… إن الله تعالى لما قبض نبيه صلى الله عليه وآله دخل على فاطمة عليها السلام من وفاته من الحزن مالا يعلمه إلا الله عز وجل فأرسل الله إليها ملكاً يسلي غمها ويحدثها فشكت ذلك إلى أمير المؤمنين رضى الله عنه فقال: إذا أحسست بذلك، وسمعت الصوت قولي لي فأعلمته بذلك فجعل أمير المؤمنين رضى الله عنه يكتب كل ما سمع حتى أثبت من ذلك مصحفاً.. أما إنه ليس فيه شئ من الحلال والحرام ولكن فيه علم ما يكون"( [99]).
فتفيد هذه الرواية بأن الغرض من هذا المصحف أمر يخص فاطمة وحدها وهو تسليتها وتعزيتها بعد وفاة أبيها  وأن موضوعه"علم ما يكون" وما أدرى كيف يكون تعزيتها بإخبارها بما يكون وفيه –على ما تنقله الشيعة-قتل أبنائها وأحفادها، وملاحقة المحن لأهل البيت…
ثم كيف تعطي فاطمة"علم ما يكون" "علم الغيب" ورسول الهدى يقول كما أمره الله: ولو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير( [100]) فهل هي أفضل من رسول الله؟
وتقول هذه الرواية بأن علياً هو الذي كتب ما أملاه الملك رغم أن رواياتهم الأخرى تقول بأنه بعد وفاة الرسول  كان منشغلاً بجمع القرآن.والكذب لا محالة له من التناقض والاختلاف.
ويقولون بأن مصحفهم هذا ثلاثة أضعاف القرآن.
جاء في الكافي"عن أبي بصير قال: دخلت على أبي عبد الله-ثم ذكر حديثاً طويلاً في ذكر العلم الذي أودعه الرسول  عند أئمة الشيعة -كما يزعمون- وفيه قول أبي عبد الله: "وإن عندنا لمصحف فاطمة عليها السلام قلت(القول للراوي) وما مصحف فاطمة؟ عليها السلام قال: مصحف فيه مثل قرآنكم هذا ثلاث مرات ما فيه من قرآنكم حرف واحد"( [101]).
فهذه الأسطورة التي يرويها"ثقة الإسلام عندهم" بسند صحيح عندهم كما يقرره شيوخهم( [102]) تقول: "إن مصحفهم يفوق المصحف في حجمه، ويخالفه في مادته..فهل معنى هذا أن كتاب الله أقل من مصحف فاطمة، وأن مصحف فاطمة أكمل وأوفى من كتاب الله سبحانه الذى أنزله الله سبحانه تبياناً لكل شئ وهدى ورحمة وبشرى للمسلمين( [103])، وجعله دستوراً ومنهاج حياة للأمة إلى أن تقوم الساعة، وهل الأمة محتاجة إلى كتاب آخر غير كتاب الله ليكمل به دينها، وإذا فقدته فهي لم تستكمل أسباب الهداية والخير، وهي اليوم قد فقدته، إذ لا وجود له باعتراف الجميع.. ثم كيف يكون كتاب تسلية وتعزية –كما تقول روايتهم السابقة- أكمل من كتاب الله سبحانه؟ أليس هذا الزعم آية في التحلل من العقل والجرأة على الكذب؟.
وقد وقفت على نص عندهم جاء في الكافي، يناقض هذه الدعوى، وهو عن أبي عبد الله –الذي يفترون عليه كل تلك الافتراءات- قال:"إن الله عز ذكره ختم بنبيكم النبيين فلا نبي بعده أبداً، وختم بكتابكم الكتب فلا كتاب بعده أبداً، وأنزل فيه تبيان كل شيء وخلقكم وخلق السموات والأرض ونبأ ما قبلكم وفصل ما بينكم وخبر ما بعدكم وأمر الجنة والنار وما أنتم صائرون إليه"( [104])، وهذا نص لا يحتاج إلى تعليق فهو يكذب كل هذه الدعاوى وينفي وقوعها نفياً قاطعاً.
المسألة الثانية: دعواهم بأن جميع الكتب السماوية عند الأئمة:
تدعي الشيعة بأن عند الاثنى عشر كل كتاب نزل من السماء وأنهم يقرأونها على اختلاف لغاتها، وعقد صاحب الكافي باباً لهذا الموضوع بعنوان: (باب أن الأئمة عندهم جميع الكتب التي نزلت من عند الله عز وجل وأنهم يعرفونها على اختلاف ألسنتها)( [105]) وضمنه طائفة من رواياتهم. ومثله فعل صاحب البحار فذكر باباً بعنوان: (باب في أن عندهم صلوات الله عليهم كتب الأنبياء عليهم السلام يقرؤونها على اختلاف لغاتها)( [106]) وذكر في هذا الباب (27) حديثاً من أحاديثهم.
الإيمان بالرسل:
وضلال الشيعة في هذا الركن يتمثل في عقائد متعددة كقولهم بأن الأئمة يوحى إليهم، كما سبق إثباته في "فصل السنة" وفي مسألة الإيمان بالكتب. وكقولهم بعصمة الأئمة وضرورة اتباع قولهم، فهم أعطوهم بهذا معنى النبوة، ولهذا قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "فمن جعل بعد الرسول معصوماً يجب الإيمان بكل ما يقوله فقد أعطاه معنى النبوة وإن لم يعطه لفظها"( [107]).
وبالغوا في الضلالة حينما زعموا أن الأنبياء عليهم السلام هم أتباع لعلي، وأن منهم من عوقب لرفضه ولاية علي، حتى جاء في أخبارهم عن حبة العرني قال: "قال أمير المؤمنين عليه السلام: إن الله عرض ولايتي على أهل السموات وأهل الأرض أقر بها من أقر، وأنكرها من أنكر، أنكرها يونس فحبسه الله في بطن الحوت حتى أقر بها"( [108]).
الإيمان باليوم الآخر:
لهم في هذا الركن العظيم أقوال منكرة، وبدع كثيرة.. فآيات القرآن في اليوم الآخر أولوا معناها بالرجعة. وهذه حيلة ماكرة من واضعي هذه النصوص لإنكار أمر اليوم الآخر بالكلية، وأقل ما فيها أنها تصرف قلوب الشيعة عن ذلك اليوم، أو تمحو معاني اليوم الآخر من نفوسهم، لأنهم لا يقرأون في آيات اليوم الآخر إلا تأويلات شيوخهم له بالرجعة.
ومن بدعهم أيضاً قولهم بأن أمر الآخرة للإمام. يقول صاحب الكافي في أخباره:" الآخرة للإمام يضعها حيث يشاء ويدفعها إلى من يشاء جائز له ذلك من الله"( [109]).
الإيمان بالقدر:
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية بأن "قدماء الشيعة كانوا متفقين على إثبات القدر، وإنما شاع فيهم نفي القدر من حين اتصلوا بالمعتزلة"( [110]).
وهذا كان في أواخر المائة الثالثة، وكثر بينهم في المائة الرابعة لما صنف لهم المفيد وأتباعه( [111]).
كما أن"سائر علماء أهل البيت متفقون على إثبات القدر"( [112]) .
ويمكن أن يقال:
قد كان في القديم الإثبات هو الأصل والنفي طارئ نتيجة التأثر بالاتجاه الاعتزالي، وعند المتأخرين النفي هو الكثير الغالب، والإثبات موجود عند البعض.
خامسًا: أصولهم ومعتقداتهم الأخرى التي تفردوا بها:
وفيه ثمانية فصول:
الفصل الأول: الإمامة. الفصل الثاني: عصمة الإمام.
الفصل الثالث: التَّقِّيَّة. الفصل الرابع: المهدية والغيبة.
الفصل الخامس: الرجعة. الفصل السادس: الظهور.
الفصل السابع: البداء. الفصل الثامن: الطينة.



________________________________________

avatar
رد: تاريخ الشيعة وفكرهم
مُساهمة الأربعاء نوفمبر 03, 2010 12:41 pm من طرف البروفوسور
( [1]) هذا الباب مختصر من كتاب أصول مذاهب الشيعة الإمامية الاثنى عشرية عرض ونقد، تأليف دكتور: ناصر ابن عبد الله بن على القفارى ج2 ص425 وما بعدها.
( [2]) النساء: 48، 116.
( [3]) الزمر: 65.
( [4]) أصول الكافي: 1/427 رقم (76)، تفسير القمي: 2/251، وانظر البرهان: 4/83، وتفسير الصافي: 4/328.
( [5]) هذا لفظ الكليني في الكافي.
( [6]) هذا لفظ القمي في تفسيره.
( [7]) البرهان: 4/83.
( [8]) غافر: 12.
( [9]) أنظر: تفسير الطبري: 24/48، تفسير البغوي: 4/93-94، تفسير ابن كثير: 4/79-80، السعدي: 6/512.
( [10]) البرقي/كنز جامع الفوايد ص277، بحار الأنوار: 23/364، وانظر تفسير القمي: 2/256، أصول الكافي: 1/421، البرهان: 4/93-94، تفسير الصافي: 4/337.
( [11]) بحار الأنوار: 23/390.
( [12]) النساء: 48.
( [13]) أصول الكافي: 1/437.
( [14]) أمالي الصدوق: ص363، بحار الأنوار: 23/99.
( [15]) الطبري/ بشارة المصطفى: ص117-119، البحار: 23/103، وسائل الشيعة: 4/1142.
( [16]) وهو أحد أبواب بحار الأنوار: 26/319.
( [17]) بحار الأنوار: 26/325.
( [18]) بحار الأنوار: 94/29.
( [19]) بحار الأنوار: 94/29-30.
( [20]) منهاج السنة: 2/124.
( [21]) فروع الكافي: 1/324.
( [22]) انظر الكليني: /فروع الكافي: 1/324.
( [23]) الشورى: 21.
( [24]) أصول الكافي: 1/441، بحار الأنوار: 25/340.
( [25]) جاء في أخبارهم "…عن الحارث بن المغيرة قال: قلت لأبي عبد الله –عليه السلام- إني رجل كثير العلل والأمراض، وما تركت دواء إلا تداويت به، فقال لي: أين أنت من طين قبر الحسين بن علي فإنه شفاء من كل داء وأمناً من كل خوف.(أمالي الطوسي: 1/326، وبحار الأنوار: 101/119.
( [26]) وقد اخترعوا في ذلك حكايات وأساطير، وكل واحد من أصحاب هذه الحكايات يسوق قصة مرضه، وتعذر شفائه، وما أن يأكل من طين الحسين حتى ينهض كأن لم يكن به علة، يقول أحدهم في نهاية حكايته: "فلما أستقر الشراب في جوفي فكأنما نشطت من عقال".(بحار الأنوار: 101/120-121، كامل الزيارات: ص275).
( [27]) قال أبو عبد الله: "حنكوا أولادكم بتربة الحسين فإنه أمان".(كامل الزيارات ص278، بحار الأنوار: 101/124).
( [28]) جاء في تهذيب الأحكام للطوسي "عن محمد الحميري قال: كتبت إلى الفقيه (إمامهم المنتظر) أسأله هل يجوز أن يسبح الرجل بطين القبر؟ وهل فيه فضل؟ فأجاب –وقرأت التوقيع ومنه نسخت- : تسبح به فما من شيء من التسبيح أفضل منه، ومن فضله أن المسبح ينسى التسبيح ويدير السبحة تكتب له ذلك التسبيح (تهذيب الأحكام: 6/75، بحار الأنوار: 101/132-133). وفي رواية أخرى عندهم: "إذا قلبها ذاكراً الله له عشرين حسنة" (تهذيب الأحكام 6/75، بحار الأنوار 101/132).
( [29]) بحار الأنوار: 94/193، 222،229، 265، 297.
( [30]) وسائل الشيعة: 5/208-213.
( [31]) بحار الأنوار: 91/226-251.
( [32]) انظر: مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية: 3/96-97، شرح العقيدة الطحاوية: ص17-18.
( [33]) مرآة الأنوار: ص59، وقد نقل ذلك عن بصائر الدرجات للصفار.
( [34]) انظر: أصول الكافي: 1/407-410.
( [35]) المفيد/الاختصاص ص327، بحار الأنوار: 27/33، البرهان: 2/482.
( [36]) أصول الكليني: 1/440،441،442،445.
( [37]) انظر: بحار الأنوار، باب جوامع معجزاته(يعنون علياً): 42/17-50، وفيه 17 رواية.
( [38]) أصول الكافي: 1/457، وانظر بحار الأنوار: 41/192.
( [39]) بحار الأنوار: 41/194.
( [40]) المصدر السابق: 41/198.
( [41]) السابق: 41/201.
( [42]) الأعراف: 188.
( [43]) النحل: 53.
( [44]) من لا يحضره الفقيه: 1/95-2/342، وسائل الشيعة: 8/253.
( [45]) اعتقاد فرق المسلمين والمشركين: ص97.
( [46]) منهاج السنة: 1/20.
( [47]) الفرق بين الفرق: ص65.
( [48]) الفصل: 5/40.
( [49]) أصول الكافي: 1/105، وبحار الأنوار: 3/288.
( [50]) ابن بابويه/ التوحيد: ص104، بحار الأنوار: 3/291.
( [51]) الشورى: 11.
( [52]) لمعرفة المزيد من الشواهد انظر كتاب: التوحيد لابن بابويه، باب أنه عز وجل ليس بجسم ولا صورة ص: 97-104، وفيه عشرون رواية، وأصول الكافي: باب النهي عن الجسم والصورة: 1/104-106، وفيه ثماني روايات.
( [53]) منهاج السنة: 20/144.
( [54]) انظر منهاج السنة: 1/229،356.
( [55]) أعيان الشيعة: 1/461.
( [56]) المصدر السابق: 1/453.
( [57]) وقد سئل شيخ الإسلام عمن قال ذلك فأفتى بكفره وأنه يستتاب فإن تاب وإلا قتل، وقال بأنه يكفر ولو قال: أنا لا أكذب قوله تعالى: وكلم اللهُ موسى تكليماً[النساء: 164]، بل أقر بأن هذا اللفظ حق ولكن أنفي معناه وحقيقته، وقال بأن هؤلاء هم الجهمية الذين اتفق السلف والأئمة على أنهم من شر أهل الأهواء والبدع، حتى أخرجهم كثير من الأئمة عن الثنتين والسبعين فرقة (انظر: مجموعة الرسائل والمسائل لابن تيمية: 1/474، أو مجموع فتاوى شيخ الإسلام: 12/502، وقال في موضع آخر إن سلف الأمة وأئمتها كفروا الجهمية الذين قالوا: إن الله خلق كلاماً في بعض الأجسام سمعه موسى وفسر التكليم بذلك: (مجموع فتاوى شيخ الإسلام: 12/533).
( [58]) العياشي: 1/8.
( [59]) قال ابن حجر: الجعد بن درهم عداده في التابعين، مبتدع ضال زعم أن الله لم يتخذ إبراهيم خليلاً، ولم يكلم موسى فقتل على ذلك بالعراق يوم النحر، وللجعد أخبار كثيرة في الزندقة: (لسان الميزان: 2/105، ميزان الاعتدال: 1/399، ابن نباتة: سرح العيون: ص293-294.
( [60]) اللالكائي/ شرح أصول اعتقاد أهل السنة: ص382.
( [61]) انظر: ابن تيمية: بيان تلبيس الجهمية: 1/127، مجموع فتاوى شيخ الإسلام: 5/20، وانظر: درء تعارض العقل والنقل: 5/244.
( [62]) انظر: ابن الأثير/ الكامل: 5/294، ابن تيمية/ الحموية: (ضمن مجموع فتاوى شيخ الإسلام: 5/20-21.
( [63]) تاريخ بغداد: 7/61.
( [64]) بحار الأنوار: 4/31 وعزاه إلى أمالي الصدوق.
( [65]) الأعراف: 180، أصول الكافي: 1/143-144.
( [66]) أصول الكافي: 1/415، بحار الأنوار: 24/194.
( [67]) ابن بابويه/ التوحيد: ص164، بحار الأنوار: 24/ 198.
( [68]) بحار الأنوار: 24/191-203.
( [69]) رجال الكشي: ص211 رقم(374)، وانظر: بحار الأنوار: 24/180، بصائر الدرجات: ص151.
( [70]) انظر: أصول الكافي: 1/258،260،262.
( [71]) أصول الكافي: 1/257.
( [72]) وقد نسب الأشعري هذا المذهب إلى جمهور الرافضة، انظر: مقالات الإسلاميين: 1/125.
( [73]) منهاج الكرامة في معرفة الإمامة: ص1.
( [74]) انظر: وسائل الشيعة: باب استحباب الشهادتين والإقرار بالأئمة بعد كل صلاة: 4/1038.
( [75]) يعني عكرمة مولى ابن عباس العلامة الحافظ المفسر (انظر: سير أعلام النبلاء: 5/12).
( [76]) فروع الكافي: 1/34.
( [77]) فروع الكافي: 1/34.
( [78]) انظر أخبارهم في ذلك في: فروع الكافي: 1/53، تهذيب الأحكام: 1/91، وسائل الشيعة: 2/843.
( [79]) وسائل الشيعة: 2/862.
( [80]) أصول الكافي: 2/463-464.
( [81]) رجال الكشي: ص431، وأورد الكشي عدة روايات متشابهة لما ذكر: ص431-432.وانظر في مسألة الضمان هذه: أصول الكافي: 1/474،475، رجال الكشي: ص447-448، 484، ورجال الحلي: ص98،185.
( [82]) تاريخ الطبري: 8/190.
( [83]) أوائل المقالات: ص14،15.
( [84]) السابق: 16،10.
( [85]) الاعتقادات: ص 116، وانظر: الاعتقادات للمجلسي: ص100.
( [86]) الفتاوى: 6/55.
( [87]) كنز جامع الفوايد: ص334، بحار الأنوار: 23/ 320.
( [88]) المعالم الزلفى: ص249.
( [89]) وسائل الشيعة: 10/318، فروع الكافي: 1/325.
( [90]) الطوسي/ التهذيب: 2/16.
( [91]) بحار الأنوار: 26/335.
( [92]) بحار الأنوار: 26/344-345.
( [93]) منهاج السنة: 2/158.
( [94]) التكوير: 19-20.
( [95]) صحيح البخاري –مع الفتح- 1/204.
( [96]) صحيح البخاري –مع الفتح- 6/167.
( [97]) فتح الباري: 1/204.
( [98]) الجوزجاني/ أحوال الرجال ص38.
( [99]) أصول الكافي: 1/240، بحار الأنوار: 26/44، بصائر الدرجات: ص43.
( [100]) الأعراف: 188.
( [101]) أصول الكافي: 1/239.
( [102]) انظر: الشافي شرح أصول الكافي: 3/197.
( [103]) النحل: 89.
( [104]) صحيح الكافي: 1/31، أو أصول الكافي: 1/269، وانظر : مفتاح الكتب الأربعة: 8/64-65.
( [105]) أصول الكافي: 1/227.
( [106]) بحار الأنوار: 26/180.
( [107]) منهاج السنة: 3/174.
( [108]) بحار الأنوار: 26/282، بصائر الدرجات: ص22.
( [109]) أصول الكافي: 1/409.
( [110]) منهاج السنة: 2/29.
( [111]) السابق: 1/229.
( [112]) السابق: 2/29.
avatar
رد: تاريخ الشيعة وفكرهم
مُساهمة الأربعاء نوفمبر 03, 2010 12:56 pm من طرف البروفوسور
الفصل الأول الإمـامــــة

مفهوم الإمامة عند الشيعة ومنشؤها:
لعل أول من تحدث عن مفهوم الإمامة بالصورة الموجودة عند الشيعة هو ابن سبأ، الذي بدأ يشيع القول بأن الإمامة هي وصاية من النبي، ومحصورة بالوصي، وإذا تولاها سواه يجب البراءة منه وتكفيره، فقد اعترفت كتب الشيعة بأن ابن سبأ "كان أول من أشهر القول بفرض إمامة عليّ، وأظهر البراءة من أعدائه، وكاشف مخالفيه وكفرهم"( [1]).
استدلالهم على مسألة الإمامة:
من أصول الروافض "أنه لا يجوز للرعية اختيار إمام، بل لابد فيه من النص"( [2]). "فالإمامة لا تكون إلا بالنص"( [3]). وأن الرسول  نص على عليّ وأولاده( [4])، فهم الأئمة إلى أن تقوم الساعة. وقد رأينا بدايات هذه العقيدة على أيدي السبئية، والهاشمية والشيطانية. إلا أن شيوخ الشيعة ادعوا أن هذا الأمر هو من شرع الله ورسوله ، وأقوال أئمة أهل البيت ...
وأخذوا يستدلون على ذلك "بنصوص ينقلونها ويؤولونها على مقتضى مذهبهم لا يعرفها جهابذة السنة ولا نقلة الشريعة، بل أكثرها موضوع أو مطعون في طريقه أو بعيد عن تأويلاتهم الفاسدة"( [5]).
أدلتهم من القرآن:
قال شيخ الطائفة –كما يلقبونه- الطوسي: "وأما النص على إمامته من القرآن فأقوى ما يدل عليه قوله تعالى:إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون( [6]). وقال الطبرسي:"وهذه الآية من أوضح الدلائل على صحة إمامة علي بعد النبي بلا فصل"( [7]). ويكاد شيوخهم يتفقون على أن هذا أقوى دليل عندهم حيث يجعلون له الصدارة في مقام الاستدلال في مصنفاتهم( [8]).
أما كيف يستدلون بهذه الآية على مبتغاهم؟ فإنهم يقولون:"اتفق المفسرون والمحدثون من العامة والخاصة أنها نزلت في علي لما تصدق بخاتمه على المسكين في الصلاة بمحضر من الصحابة وهو مذكور في الصحاح الستة"( [9]).
و"إنما" للحصر باتفاق أهل اللغة، و"الولي" بمعنى الأولى بالتصرف المرادف للإمام والخليفة( [10]).
فأنت ترى أن الشيعة تعتمد في استدلالها بالآية بما روي في سبب نزولها، لأنه ليس في نصها ما يدل على مرادهم، فصار استدلالهم بالرواية لا بالقرآن، فهل الرواية ثابتة، وهل وجه استدلالهم سليم؟ يتبين هذا بالوجوه التالية:
أولاً: أن زعمهم بأن أهل السنة أجمعوا على أنها نزلت في علي هو"من أعظم الدعاوى الكاذبة، بل أجمع أهل العلم بالنقل على أنها لم تنزل في علي بخصوصه، وأن علياً لم يتصدق بخاتمه في الصلاة، وأجمع أهل العلم بالحديث على أن القصة المروية في ذلك من الكذب الموضوع"( [11]). وقوله إنها مذكورة في الصحاح الستة، كذبٌ إذ لا وجود لهذه الرواية في الكتب الستة( [12]). وقد ساق ابن كثير الآثار التي تروى في أن هذه الآية نزلت في علي حين تصدق بخاتمه، وعقب عليها بقوله:"وليس يصح شيء منها بالكلية لضعف أسانيدها، وجهالة رجالها"( [13]).
ثانياً: أن هذا الدليل الذي يستدلون به ينقض مذهب الاثنى عشرية لأنه يقصر الولاية على أمير المؤمنين بصيغة الحصر"إنما" فيدل على سلب الإمامة عن باقي الأئمة، فإن أجابوا على النقض بأن حصر الولاية في بعض الأوقات، أعني وقت أمامته لا وقت إمامة من بعده، وافقوا أهل السنة في أن الولاية العامة كانت له وقت كونه إماماً لا قبله، وهو زمان خلافة الثلاثة( [14]).
ثالثاً: أن الله تعالى لا يثني على الإنسان إلا بما هو محمود عنده، إما واجب وإما مستحب، والتصدق أثناء الصلاة ليس بمستحب باتفاق علماء الملة، ولو كان مستحباً لفعله الرسول  ولحض عليه، ولكرر فعله،وإن في الصلاة لشُغلاً، وإعطاء السائل لا يفوت إذ يمكن للمتصدق إذا سلم أن يعطيه، بل إن الاشتغال بإعطاء السائلين يبطل الصلاة كما هو رأي جملة من أهل العلم( [15]).
رابعاً: أنه لو قدر أن هذا مشروع في الصلاة لم يختص بالركوع فكيف يقال: لا ولي إلا الذين يتصدقون في حال الركوع، فإن قيل هذا أراد بها التعريف بعلي، قيل له أوصاف علي التي يعرف بها كثيرة ظاهرة فكيف يترك تعريفه بالأمور المعروفة ويعرف بهذا الأمر الذي لا يعرفه إلا من سمعه وصدق به، وجمهور الأمة لا تسمع هذا الخبر ولا هو في شيء من كتب المسلمين المعتمدة( [16]).
خامساً: وقولهم أن علياً أعطى خاتمه زكاة في حال ركوعه فنزلت الآية: مخالفة للواقع، ذلك أن علياً رضي الله عنه لم يكن ممن تجب عليه الزكاة على عهد النبي  فإنه كان فقيراً، وزكاة الفضة إنما تجب على من ملك النصاب حولاً، وعلى لم يكن من هؤلاء.
كذلك فإن إعطاء الخاتم في الزكاة لا يجزي عند كثير من الفقهاء إلا إذا قيل بوجوب الزكاة في الحلي، وقيل إنه يخرج من جنس الحلي، ومن جوز ذلك بالقيمة فالتقويم في الصلاة متعذر، والقيم تختلف باختلاف الأحوال( [17]).
سادساً: لما تبين أن الروايات التي أولوا بمقتضاها الآية باطلة سنداً ومتناً، فلا متمسك لهم حينئذ بالآية بوجه سائغ، بل إن الآية حجة عليهم لأنها جاءت بالأمر بموالاة المؤمنين والنهي عن موالاة الكافرين( [18])، وليس للرافضة –فيما يظهر من نصوصها وتاريخها- من ذلك نصيب.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية:"إنه من المعلوم المستفيض عند أهل التفسير خلفاً عن سلف أن هذه الآيات نزلت في النهي عن موالاة الكفار، والأمر بموالاة المؤمنين"( [19]).
سابعاً: قولهم:"إن المراد بقوله:إنما وليكم الإمارة لا يتفق مع قوله سبحانه:إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا، فإن الله سبحانه لا يوصف بأنه متول على عباده، وأنه أمير عليهم، فإنه خالقهم ورازقهم وربهم ومليكهم له الخلق والأمر.
ثامناً: إن الفرق بين الوَلاية بالفتح والوِلاية بالكسر معروف في اللغة، فالوَلاية ضد العداوة وهي المذكورة في هذه النصوص ليست هي الوِلاية بالكسر التي هي الإمارة، وهؤلاء الجهال يجعلون الولي هو الأمير ولا يفرقون بين اللفظتين، مع أنه واضح"أن الولاء بالفتح وهو ضد العداوة، والاسم منه مولى وولي، والوِلاية بالكسر والاسم منها والي ومتولي"( [20]).
ولهذا قال الفقهاء: إذا اجتمع في الجنازة الوالي والولي فقيل يقدم الوالي وهو قول أكثرهم، وقيل يقدم الولي، فلفظ الولي والوَلاية غير لفظ الوالي( [21]).
ولو أراد سبحانه الولاية التي هي الإمارة لقال: "إنما يتولى عليكم".. فتبين أن الآية دلت على الموالاة المخالفة للمعاداة الثابتة لجميع المؤمنين بعضهم على بعض( [22])، ولهذا جاءوالذين آمنوا بصيغة الجمع.
وإذا كانت هذه أقوى أدلتهم –كما يقول شيوخهم- تبين أنهم ليسوا على شيء، ذلك أن الأصل أن يستعمل في هذا الأمر العظيم –والذي هو عند الشيعة أعظم أمور الدين، ومنكره في عداد الكافرين- صيغة واضحة جلية يفهمها الناس بمختلف طبقاتهم، يدركها العامي كما يدركها العالم، ويفهمها اللاحق كما يفهمها الحاضر، ويعرفها البدوي كما يعرفها الحضري، فلما لم يستعمل مثل ذلك في كتاب الله دل على أنه لا نص كما يزعمون، فليست الآية المذكورة –وغيرها مما يستدلون به- من ألفاظ الاستخلاف المعروفة في لغة العرب، والقرآن نزل بلسان عربي مبين، فأين يذهب الشيعة بعد هذا؟ إما إلى كفر بالقرآن وهو كفر بالإسلام، وإما ترك الغلو والتطرف والتعصب والرجوع إلى الحق، وهذا هو المطلوب.
هذه أقوى آية يستدلون بها من كتاب الله، ويسمونها آية الولاية، ولهم تعلق بآيات أخرى ذكرها ابن المطهر الحلي، وأجاب عنها شيخ الإسلام بأجوبة جامعة( [23]).
أدلتهم من السنة:
أما السنة المطهرة فقد تعلق الشيعة في إثبات النص من طرق أهل السنة بما ورد في فضائل علي رضي الله عنه، ويلاحظ أن باب الفضائل مما كثر فيه الكذب، ويقال بأن الشيعة هم الأصل فيه. يقول ابن أبي الحديد: "الكذب في أحاديث الفضائل جاء من جهة الشيعة"( [24]).
ولهذا تجد في كتب الموضوعات الأحاديث الموضوعة في حق علي أكثر من غيره من الخلفاء الأربعة.
والفضائل الواردة في حق علي رضي الله عنه ليست من ألفاظ النصوص والوصايا والاستخلاف، لا في لغة العرب ولا في عرفهم ولا في شريعة الإسلام ولا في عقول العقلاء، إنما هي فضائل أدخلها هؤلاء في الدعاوى. وقد قام ابن حزم بحصر الأحاديث الواردة في فضائل علي فقال:"وأما الذي صح من فضائل علي فهو قول النبي : "أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي"( [25]) وهذا لا حجة فيه للرافضة( [26]).
وقوله عليه السلام: "لأعطين الراية غداً رجلاً يحب الله ورسولَه، ويحبه اللهُ ورسولُه"( [27])، وهذه صفة واجبة لكل مسلم وفاضل( [28]).
وعهده عليه السلام:"أن علياً لا يحبه إلا مؤمن ولا يبغضه إلا منافق"( [29]).
وقد صح مثل ذلك في الأنصار رضي الله عنهم:"أنه لا يبغضهم من يؤمن بالله واليوم الآخر"( [30]).
وأما:"من كنت مولاه فعلي مولاه"، فلا يصح من طريق الثقات أصلاً.
وأما سائر الأحاديث التي تتعلق بها الرافضة فموضوعة، يعرف ذلك من له أدنى علم بالأخبار ونقلتها( [31]). وقد نقل هذا النص عن ابن حزم شيخ الإسلام ابن تيمية وعقب عليه بقوله:" فإن قيل لم يذكر ابن حزم ما في الصحيحين من قوله:"أنت مني وأنا منك"( [32])، وحديث المباهلة( [33])، والكساء( [34])، قيل: مقصود ابن حزم الذي في الصحيح من الحديث الذي لا يذكر فيه إلا علي، وأما تلك ففيها ذكر غيره، فإنه قال لجعفر:"أشبهت خلقي وخلقي، وقال لزيد: أنت أخونا ومولانا،وحديث المباهلة والكساء فيهما ذكر علي وفاطمة وحسن وحسين رضي الله عنهم، فلا يرد هذا على ابن حزم( [35]).
ولكن الرافضة قد توسعوا في هذا الباب، واختلقوا الروايات، وزادوا على النصوص الصحيحة نصوصاً كاذبة.. وقد ذكرت كتب الموضوعات جملة منه الروايات التي يستند إليها الروافض( [36])، قال ابن الجوزي:" فضائله –يعني علياً- الصحيحة كثيرة، غير أن الرافضة لم تقنع، فوضعت له ما يضع ولا يرفع"( [37]).
وقد جمع ابن المطهر الحلي جل ما يحتجون به في هذا الباب، وكشف شيخ الإسلام ما فيها من حق وباطل في"منهاج السنة"( [38]).
هذا وكما ذكرنا ما يراه الشيعة أنه أقوى أدلتهم من القرآن في إثبات الإمامة بحسب مفهومهم، نذكر أيضاً ما يرونه أقوى أدلتهم من السنة ونبين مافيه..

عمدة أدلتهم من السنة:
عمدة أدلتهم هو ما يسمونه"حديث الغدير"، وقد بلغ من اهتمام الروافض في أمره ان ألف أحد شيوخهم المعاصرين كتاباً من ستة عشر مجلداً يثبت به صحة هذا الحديث وشهرته سماه:"الغدير في الكتاب والسنة والأدب". فهم يرون أن النبي  عندما وصل إلى غدير خم( [39]) بعد منصرفه من حجة الوداع بيَّن للمسلمين أن وصيته وخليفته من بعده علي بن أبي طالب، حيث أمره الله عز وجل بذلك في قوله:يا أيها النبي بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته( [40]).
وقد أورد شيخهم المجلسي في هذا المعنى (105) من أحاديثهم، وقال:"إنا ومخالفينا قد روينا عن النبي  أنه قام يوم غدير خم وقد جمع المسلمون فقال: أيها الناس ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟ فقالوا: اللهم بلى، قال صلى الله عليه وآله: من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم والِ من والاه، وعادِ من عاداه، وانصر من نصره واخذل من خذله.."( [41]).
والحديث احتج به ابن المطهر وأجاب عليه شيخ الإسلام جواباً شافياً( [42])، كما ناقش الإمام محمد بن عبد الوهاب شيخهم المفيد في إيراده هذا الحديث بالصورة التي تراها الشيعة( [43]). وتعرض لهذا الحديث معظم أهل السنة الذين ردوا على الروافض( [44]).
ونوجز جواب أهل السنة فيما يلي:
أن الحديث زاد الوضَّاعون فيه، ولا يصح منه في نظر طائفة من أهل العلم في الحديث إلا قوله: من كنت مولاه فعلي مولاه( [45])، بينما يرى بعض أهل العلم أن الحديث لا يصح منه شيء البتة. قال ابن حزم: “وأما: من كنت مولاه فعلي مولاه، فلا يصح من طريق الثقات أصلاً"( [46]). ونقل عن البخاري وإبراهيم الحربي وطائفة من أهل العلم بالحديث أنهم طعنوا فيه وضعفوه( [47]).
قال شيخ الإسلام: "أما قوله: من كنت مولاه فعلي مولاه، فليس هو في الصحاح، لكن هو مما رواه أهل العلم وتنازع الناس في صحته"( [48]). وأما قوله: اللهم والِ من والاه، وعادِ من عاداه، وانصر من نصره واخذل من خذله، فهو كذب باتفاق أهل المعرفة بالحديث"( [49]).ثم بين شيخ الإسلام أن الكذب يعرف من مجرد النظر في متنها، لأن قوله: اللهم انصر من نصره.. خلاف الواقع التاريخي الثابت( [50]) فلا تصح عن رسول الله ، وأما قوله: اللهم والِ من والاه، وعادِ من عاداه، فهو مخالف لأصل الإسلام، فإن القرآن قد بين أن المؤمنين إخوة مع قتالهم وبغي بعضهم على بعض"( [51]).
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: بعد ذكره لخلاف أهل العلم في ثبوت قوله: من كنت مولاه فعلي مولاه، إن لم يكن النبي  قاله فلا كلام، فإن قاله فلم يرد به قطعاً الخلافة بعده، إذ ليس في اللفظ ما يدل عليه، وهذا الأمر العظيم لابد أن يبلغ بلاغاً مبيناً.. والموالاة ضد المعاداة، وهذا حكم ثابت لكل مؤمن، فعلي رضي الله عنه من المؤمنين الذين يتولون المؤمنين ويتولونه، وفي هذا الحديث إثبات إيمان علي في الباطن، والشهادة له بأنه يستحق الموالاة باطناً وظاهراً، ويرد ما يقوله فيه أعداؤه من الخوارج والنواصب، ولكن ليس فيه أنه ليس في المؤمنين مولى غيره، فكيف ورسول الله  له موالٍ وهم صالحوا المؤمنين( [52]).
وبعد أن عرضنا لأهم دليل عندهم من كتاب الله، وأقوى دليل عندهم من سنة رسول الله ، ندع استعراض باقي أدلتهم إلى كتب أهل السنة التي تتبعت شبه الروافض التي يثيرونها من كتب السنة وأتت عليها من القواعد.
ولا شك أن التعرف على هذه الشبه والرد عليها أمر ميسور، إذ يكفي الرجوع إلى منهاج السنة وما ماثله من كتب أهل السنة.. ولكن استعراضها كلها في بحثنا يستوعب المجلدات ولن يأتي بجديد.. ولذلك اقتصرنا على أقوى دليل عندهم من الكتاب والسنة.
وسبب آخر في غاية الأهمية أن هؤلاء الروافض لا يؤمنون أصلاً بما جاء عن طريق أهل السنة ولو كان في غاية الصحة –كما سلف- لكن هم يثيرون هذه الشبهات ليحققوا بها أمرين –فيما أرى-:

الأول: إقناع المتشككين والحائرين من أتباعهم، وذلك بخداعهم أن هذه العقائد متفق عليها بين السنة والشيعة، ولكن أهل السنة يكابرون.
الثاني: إشغال أهل السنة بهذه المسائل والدفاع عنها حتى لا يتمكنوا من الوصول إلى كتب الروافض المعتمدة في الحديث والرجال والتفسير ودراستها بعين بصيرة ناقدة.. وكشف الأمر أمام الأتباع الجهلة..
ولذا أقول إن علماء السنة قدموا جهداً عظيماً في مواجهة الأمر الأول، وأما الثاني فإن عدم توفر كتب الروافض –فيما يظهر- حال بينهم وبين نقدها وكشف ما فيها، إلا في العصور المتأخرة، حيث بدأ علماء الهند والباكستان في الإسهام في ذلك. والموضوع مازال بحاجة إلى مواصلة هذا الطريق وتضافر الجهود بدراسات علمية موضوعية تبين الحقيقة وتكشف الزيف إمام أولائك المغرورين والمخدوعين.
النص في كتب الشيعة:
أصل قول الرافضة هو دعوى النص( [53]).. وقد تنوعت احتجاجاتهم على مسألة النص:
1. فهي تارة: كتب إلهية تنزل من السماء في النص على علي والأئمة، ولكن هذه الكتب غابت منذ سنة 260 هـ مع الغائب المنتظر..
2. وهي أخرى: نصوص صريحة في القرآن في النص على الإثنى عشر، ولكن هذه النصوص اختفت من القرآن بفعل الصحابة.
3. وهي ثالثة: نصوص صريحة من الرسول ، ولكن الأمة اجتمعت على كتمانها، وكان أول من أظهر القول بها، كما في رجال الكشي وغيره ابن سبأ.
4. وهي تارة رابعة: تأويلات باطنية لآيات القرآن بالأئمة، ولكن لا يعرف هذه التأويلات إلا الأئمة..
والكتاب الوحيد الذي تطمئن الشيعة إلى كل كلمة فيه هو كتاب نهج البلاغة، مع أنه لم يجمع إلا في القرن الرابع عن أمير المؤمنين في القرن الأول وليس له سند معروف، فإذا كان هذا هو عمدة كتبها فما حال الكتب الأخرى؟ ولذلك قال شيخ الإسلام ابن تيمية: “ليس أحد من الإمامية ينقل هذا النص بإسناد متصل فضلاً عن أن يكون متواتراً".
ومع ذلك إذا أردنا أن نحتكم إلى نهج البلاغة نجد فيه ما ينفي دعوى النص ويهدم كل ما زعموه في هذا الباب، أو يثبت التناقض والتناقض دليل بطلان المذهب.
جاء في نهج البلاغة: أن أمير المؤمنين علياً قال: لما أراده الناس على البيعة: "دعوني والتمسوا غيري، فإننا مستقبلون أمراً له وجوه وألوان لا تقوم له القلوب ولا تثبت عليه العقول، وإن تركتموني فإني كأحدكم، ولعلي أسمعكم وأطوعكم لمن وليتموه أمركم وأنا لكم وزيراً خير مني لكم أميراً"( [54]) .
وهذا النص يدل على أنه لم يكن منصوصاً عليه بالإمامة من جهة الرسول وإلا لما جاز أن يقول: “دعوني إلخ، ولعلي إلخ، وأنا لكم إلخ"( [55]).



________________________________________

avatar
رد: تاريخ الشيعة وفكرهم
مُساهمة الأربعاء نوفمبر 03, 2010 12:57 pm من طرف البروفوسور
( [1]) رجال الكشي: ص108-109.
( [2]) الحر العاملي/ الفصول المهمة في أصول الأئمة ص142.
( [3]) المظفر/ عقائد الإمامية ص103.
( [4]) الكليني/ أصول الكافي: باب ما نص الله ورسوله على الأئمة: 1/286 وما بعدها.
( [5]) ابن خلدون/ المقدمة: 2/572 (تحقيق د. علي عبد الواحد وافي).
( [6]) المائدة: 55. تلخيص الشافي: 2/10.
( [7]) مجمع البيان: 2/128.
( [8]) نظر-مثلاً-ابن المطهر الحلي في منهاج الكرامة، حيث اعتبره البرهان الأول ص147، وشبر في حق اليقين: 1/144، والزنجاني في عقائد الإمامية الاثنى عشرية: 1/81-82.
( [9]) قوله"الصحاح الستة" تسمية غير سليمة، لأن أهل السنة لا يعدون جميع الكتب الستة صحاحاً، ولذا يسمونها بالكتب السته، ولكن الروافض أصحاب مبالغات وليس هذا بكثير على من يتعمد الكذب على الله ورسوله.
( [10]) شبر في حق اليقين: 1/144، والزنجاني في عقائد الإمامية الاثنى عشرية: 1/81-82.
( [11]) منهاج السنة: 4/1.
( [12]) وهو من الكذب الذي لا يستحي الشيعة من إثباته، والغريب أن هذا الزعم يجري على ألسنة آياتهم في هذا العصر كشبر والزنجاني، فهل يخفى عليهم أن هذا لا وجود له في الكتب الستة؟! وقد توافرت اليوم الفهارس والمعاجم التي تكشف الحقيقة (راجع المعجم المفهرس لألفاظ الحديث، ومفتاح كنوز السنة، لفظ علي بن أبي طالب، وراجع الكتب المعنية بجمع الروايات المتعلقة بتفسير الآيات وسبب نزولها: مثل (الدر المنثور: 3/104-106)وغيره، أو المعنية بجمع روايات الكتب الستة: كجامع الأصول فلا تجد لدعواهم أصلاً، ولذلك قال شيخ الإسلام ابن تيمية : "وجمهور الأمة لم تسمع هذا الخبر ولا هو في شيء من كتب المسلمين المعتمدة لا الصحاح ولا السنن ولا الجوامع ولا المعجمات ولا شيء من الأمهات" (منهاج السنة: 4/5).
( [13]) تفسير ابن كثير: 2/76-77.
( [14]) انظر: روح المعاني: 6/168.
( [15]) انظر: منهاج السنة: 1/208-4/5.
( [16]) السابق: 4/5.
( [17]) السابق: 4/5.
( [18]) حتى وإن ثبت أن لها سبب نزول خاص، فالعبرة بعموم النص لا بخصوص السبب.
( [19]) منهاج السنة: 4/5.
( [20]) المقدسي/ رسالة في الرد على الرافضة: ص220-221. وراجع مختار الصحاح: مادة: "ولي".
( [21]) منهاج السنة: 4/8.
( [22]) السابق: 4/8. وانظر تفسير الفخر الرازي: 12/25، وتفسير الألوسي: 6/167.
( [23]) وقد قدم الدكتور علي السالوس في رسالة له الإمامة عند الجعفرية والأدلة من القرآن العظيم عرضاً للآيات القرآنية الكريمة التي يستدل بها الإمامية لقولهم بالإمامة، وانتهى من ذلك إلى أن استدلالاتهم تنبني على روايات متصلة بأسباب النزول، وتأويلات انفردوا بها ولم يصح شيء من هذا ولا ذاك بما يمكن أن يكون دليلاً يؤيد مذهبهم.
( [24]) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: 2/134 (عن السنة ومكانتها في التشريع: ص76).
( [25]) ونص الحديث كما أخرجه البخاري-أن رسول الله  خرج إلى تبوك واستخلف علياً، فقال: أتخلفني في الصبيان والنساء؟ فقال: "ألا ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه ليس نبي بعدي" (صحيح البخاري –مع الفتح- كتاب المغازي، باب غزوة تبوك: 8/12-ح4416)، ورواه مسلم في فضائل الصحابة، باب من فضائل علي بن أبي طالب: 2/1870-ح 2404، والترمذي: كتاب المناقب: 5/640،641-ح 3730،3731، وابن ماجة: المقدمة: 1/42،43-ح 115، وأحمد: 1/170، 173، 174، 175، 177، 179، 182، 184، 185، 330- 3/32، 338- 6/369، 438.
( [26]) يقول ابن حزم في إثبات ذلك: "وهذا لا يوجب له فضلاً على من سواه ولا استحقاق الإمامة بعده عليه السلام، لأن هارون لم يلِ أمر بني إسرائيل بعد موسى عليه السلام، وإنما ولي الأمر بعد موسى عليه السلام يوشع بن نون فتى موسى وصاحبه الذي سافر معه في طلب الخضر عليهما السلام، كما ولي الأمر بعد رسول الله  صاحبه في الغار الذي سافر معه إلى المدينة.
وإذا لم يكن علي نبياً كما كان هارون نبياً، ولا كان هارون خليفة بعد موت موسى على بني إسرائيل، فصح أن كونه رضي الله عنه من رسول الله  بمنزلة هارون من موسى إنما هو في القرابة فقط.
وأيضاً فإنما قال له رسول الله  هذا القول إذ استخلفه على المدينة في غزوة تبوك، فقال المنافقون: استقله (كذا في الأصل المحقق من الفِصل، ولعلها استثقله) فخلفه فلحق علي برسول الله  فشكى ذلك إليه فقال رسول الله  حينئذ: أنت مني بمنزلة هارون من موسى، يريد عليه السلام أنه استخلفه على المدينة مختاراً، ثم قد استخلف عليه السلام قبل تبوك وبعد تبوك على المدينة في أسفاره رجالاً سوى علي رضي الله عنه فصح أن هذا الاستخلاف لا يوجب لعلي فضلاً على غيره، ولا ولاية الأمر بعده، كما لم يوجب ذلك لغيره من المستخلَفين (الفصل: 4/159-160).
وتشبيه علي بهارون ليس بأعظم من تشبيه أبي بكر بإبراهيم وعيسى، وتشبيه عمر بنوح وموسى (كما روى ذلك الإمام أحمد في مسنده: 1/383- ح3632، والحاكم في مستدركه: 3/21-22، وروى الترمذي في كتاب الجهاد طرفاً منه: 4/213، فإن هؤلاء الأربعة أفضل من هارون، وكل من أبي بكر وعمر شبه باثنين لا بواحد، فكان هذا التشبيه أعظم من تشبيه علي، مع أن استخلاف علي له فيه أشباه وأمثال من الصحابة، وهذا التشبيه ليس لهذين فيه شبيه، فلم يكن الاستخلاف من الخصائص، ولا التشبيه بنبي في بعض أحواله من الخصائص (المنتقى: 314-315).
وانظر في إبطال احتجاج الرافضة بهذا الحديث: شرح النووي على صحيح مسلم: 15/174، الإمامة، والرد على الرافضة لابي نعيم: ص 221-222، منهاج السنة: 4/87 وما بعدها، المنتقى ص212،213،311،314، فتح الباري: 7/74، المقدسي/ الرد على الرافضة: ص201-208، مختصر التحفة الاثنى عشرية: ص163،164، السالوس/الإمامة عند الجعفرية في ضوء السنة: ص33-34.
( [27]) أخرجه البخاري: كتاب فضائل الصحابة، باب مناقب علي بن أبي طالب: 7/70 البخاري مع الفتح، ومسلم: كتاب فضائل الصحابة، باب من فضائل علي بن أبي طالب: 2/1871-1873.
( [28]) أي ليس هذا الوصف من خصائص علي بل غيره يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله، ولكن فيه الشهادة لعينه بذلك كما شهد للأعيان العشرة بالجنة، فهو ليس من خصائصه فضلاً عن أن يكون نصاً على إمامته وعصمته، والرافضة الذين يقولون أن الصحابة ارتدوا بعد موته  لا يمكنهم الاستدلال بهذا، لأن الخوارج تقول لهم هو ممن ارتد أيضاً، قال الأشعري: أجمعت الخوارج على كفر علي (المقالات: 1/167)، وأهل السنة يبطلون قول الخوارج بأدلة كثيرة لكنها مشتركة تدل على إيمان الثلاثة..(انظر منهاج السنة: 4/98،99).
( [29]) أخرجه الترمذي: في كتاب المناقب: 5/643- ح3736، وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.
( [30]) الحديث أخرجه مسلم بسنده عن أبي هريرة أن رسول الله  قال: "لا يبغض الأنصار رجل يؤمن بالله واليوم الآخر" كتاب الإيمان باب الدليل على أن حب الأنصار وعلي رضي الله عنهم من الإيمان وعلاماته، وبغضهم من علامات النفاق: 1/86-ح 130، وهناك أحاديث في الأنصار مطابقة للفظ الوارد في علي رضي الله عنه، منها ما أخرجه الشيخان أن النبي  قال: " الأنصار لا يحبهم إلا مؤمن ولا يبغضهم إلا منافق" البخاري –مع الفتح- كتاب مناقب الأنصار، باب حب الأنصار من الإيمان: 7/113- ح3783،3784، ومسلم في الموضع السابق.
( [31]) الفصل: 4/ 224.
( [32]) راجع صحيح البخاري مع الفتح، كتاب الصلح: 5/303،304- ح2699، وكتاب المغازي، باب عمرة القضاء: 7/499 –ح4251.
( [33]) وهو في مسلم من حديث سعد بن أبي وقاص قال: "..لما نزلت هذه الآية: فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم[آل عمران: 61] دعا رسول الله  علياً وفاطمة وحسناً وحسيناً فقال اللهم هؤلاء أهلي". صحيح مسلم، كتاب فضائل الصحابة، باب من فضائل علي بن أبي طالب رضي الله عنه: 2/1871. وهذا" لا دلالة فيه على الإمامة ولا على الأفضلية.. والمباهلة إنما تحصل بالمقربين إليه، وإلا فلو باهلهم بالأبعدين في النسب وإن كانوا أفضل عند الله لم يحصل المقصود" (انظر تفصيل الرد على الروافض في احتجاجهم بهذا الحديث في: منهاج السنة: 4/34، والمقدسي/ رسالة في الرد على الرافضة ص243-245.
( [34]) وهو في مسلم من حديث عائشة رضي الله عنها قالت: "خرج النبي  غداة وعليه مرط(كساء) مرحّل(هو الموشى المنقوش عليه صور رحال الإبل) من شعر أسود فجاء الحسن بن علي فأدخله، ثم جاء الحسين فدخل معه، ثم جاءت فاطمة فأدخلها، ثم جاء علي فأدخله، ثم قال: إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيراً[الأحزاب، 33]: صحيح مسلم، كتاب فضائل الصحاية، باب فضائل أهل بيت النبي : 2/1883- ح2424، وانظر: في الرد على تعلق الرافضة بهذا الحديث: منهاج السنة: 4/20-25، وانظر المقدسي/ رسالة في الرد على الرافضة ص264، مختصر التحفة: ص155-156.
( [35]) منهاج السنة: 4/86.
( [36]) انظر مثلاً: الموضوعات لابن الجوزي: 1/338 وما بعدها.
( [37]) المصدر السابق: 1/338.
( [38]) ولاسيما في المجلد الأخير منه، وقد قام د. علي السالوس بجمع كل الأحاديث المتصلة بالإمامة والموجودة في الكتب الستة والموطأ ومسند أحمد ودرسها سنداً ومتناً، وانتهى إلى أن السنة النبوية لا تؤيد ما ذهب إليه الجعفرية في مسألة الإمامة بل تنقضه بأحاديث صحيحة ثابتة. (انظر: الإمامة عند الجعفرية في ضوء السنة).
( [39]) خمّ: وادٍ بين مكة والمدينة عند الجحفة به غدير، وهذا الوادي موصوف بكثرة الوخامة: (معجم البلدان: 2/389).
( [40]) المائدة: 67.
( [41]) بحار الأنوار: 37/108-253، 37/225.
( [42]) انظر: منهاج السنة: 4/9-16، 84-87، المنتقى: ص422-425، 466-468.
( [43]) انظر: رسالة في الرد على الرافضة: ص 6-7.
( [44]) انظر: أبو نعيم/الإمامة والرد على الرافضة ص13، والقدسي/ رسالة في الرد على الرافضة: ص221-224، الطفيل/ المناظرة بين أهل السنة والرافضة: ص15-16ـ الألوسي/ روح المعاني: 6/192-199.
( [45]) محمد بن عبد الوهاب/ رسالة في الرد على الرافضة ص13.
والحديث أخرجه ابن ماجة: 1/43، وأخرجه الترمذي بسنه عن النبي  قال: "من كنت مولاه فعلي مولاه" قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح: الترمذي: كتاب المناقب، باب مناقب علي بن أبي طالب: 5/633- ح 3713، وابن ماجة بسنه عن البراء بن عازب قال: "أقبلنا مع رسول الله في حجته التي حج فنزل في بعض الطرق فأمر الصلاة جامعة، فأخذ بيد علي فقال: ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟ قالوا: بلى، قال: ألست أولى بكل مؤمن من نفسه؟ قالوا: بلى، قال: فهذا ولي من أنا مولاه، اللهم والِ من والاه، اللهم عادِ من عاداه" : ابن ماجة: 1/43، المقدمة- ح 116. لكن قال في الزوائد: إسناده ضعيف لضعف علي بن زيد بن جدعان (أحد رجال سند ابن ماجة)، وأخرجه الإمام أحمد 1/84، قال الشيخ أحمد شاكر: الحديث متنه صحيح، ورد من طرق كثيرة، وطرقه أو أكثرها في مجمع الزوائد (انظر المسند: 2/56 تحقيق شاكر، ومجمع الزوائد: 9/103-109).
( [46]) ابن حزم/ الفصل: 4/224، وانظر ابن تيمية: منهاج السنة: 4/86، والذهبي/ المنتقى(مختصر منهاج السنة) ص467.
( [47]) منهاج السنة: 4/86.
( [48]) منهاج السنة: 4/86.
( [49]) منهاج السنة: 4/16.
( [50]) فإنه قاتل معه أقوام يوم صفين فما انتصروا، وأقوام لم يقاتلوا فما خذلوا، كسعد الذي فتح العراق لم يقاتل معه، وكذلك أصحاب معاوية وبني أمية الذين قاتلوه فتحوا كثيراً من بلاد الكفار، ونصرهم الله (مجموع فتلوى شيخ الإسلام: 4/418).
( [51]) الموضع نفسه من المصدر السابق.
( [52]) منهاج السنة: 4/86.
( [53]) منهاج السنة: 3/356.
( [54]) نهج البلاغة: ص136.
وقال المفيد في الإرشاد: ومما حفظ العلماء من كلام أميرالمؤمنين أنه قال: " أتيتموني فقلتم بايعنا، فقلت: لا أفعل، فقلتم: بلى، فقلت: لا، وقبضت يدي فبسطتموها، ونازعتكم فجذبتموه –كذا- وتداككتم علي تداك الإبل الهيم على حياضها يوم ورودها حتى ظننت أنكم قاتلي، وإن بعضكم قاتل بعضاً لدي فبسطت يدي فبايعتموني…" : الإرشاد: ص130-131ط.الأعلمي، بيروت، ص143-144 ط. الحيدرية بالنجف. فهل يقول مثل هذا الكلام من يتطلع للخلافة، ويطوف بفاطمة على بيوت الصحابة يطالب بالبيعة، إلى آخر أساطير الشيعة في هذا الباب، وهل يبقى لدعوى النص على الإمامة وكفر من خالفه بعد هذا القول مكان.. إذ هل يخطر بالبال أن يدعو عليٌ الناس إلى الكفر، ذلك أن من لم يبايع الإمام المنصوص عليه هو كافر في قواميس الشيعة.. وعليٌ هنا يرفض البيعة!!.
( [55]) محمود شكري الألوسي/ تعليقات على ردود الشيعة 0مخطوط).
avatar
رد: تاريخ الشيعة وفكرهم
مُساهمة الأربعاء نوفمبر 03, 2010 1:08 pm من طرف البروفوسور
الفصل الثاني عصمـة الإمــام


أما معنى العصمة عند الشيعة فيختلف بحسب أطوار التشيع وتطوراته، لكن يظهر أن مذهب الشيعة في عصمة الأئمة قد استقر على ما قرره شيخ الشيعة في زمنه المجلسي صاحب بحار الأنوار المتوفى سنة(1111هـ) في قوله: “اعلم أن الإمامية اتفقوا على عصمة الأئمة عليهم السلام من الذنوب صغيرها وكبيرها، فلا يقع منهم ذنب أصلاً لا عمداً ولا نسياناً ولا لخطأ في التأويل ولا للإسهاء من الله سبحانه( [1]).
فالمجلسي يسبغ على أئمته العصمة من كافة الأوجه المتصورة للعصمة من المعصية كلها، صغيرة أو كبيرة، العصمة من الخطأ والعصمة من السهو والنسيان.
وهذه الصورة من العصمة التي يرسمها المجلسي، ويعلن اتفاق الشيعة عليها لم تتحقق لأنبياء الله ورسله كما يدل على ذلك صريح القرآن والسنة، وإجماع الأمة، فهي غريبة على الأصول الإسلامية، بل إن النفي المطلق للسهو والنسيان عن الأئمة تشبيه لهم بمن لا تأخذه سنة ولا نوم.

استدلالهم على عصمة الأنبياء:
استدلالهم بالقرآن:
رغم أن كتاب الله سبحانه ليس فيه ذكر للإثنى عشر أصلاً –كما مر- فضلاً عن عصمتهم، إلا أن الإثنى عشرية تتعلق بالقرآن لتقرير العصمة، ويتفق شيوخهم على الاستدلال بقوله -سبحانه-: وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن قال إني جاعلك للناس إماماً قال ومن ذريتي قال لا ينال عهدي الظالمين( [2]).
وبهذه الآية صدر المجلسي بابه الذي عقده في بحاره بشأن العصمة بعنوان
"باب .. لزوم عصمة الإمام"( [3]).
استدلوا بهذه الآية على أن الإمام لا يكون إلا معصوماً من القبايح، لأن الله-سبحانه- نفى أن ينال عهده الذي هو الإمامة ظالم، ومن ليس بمعصوم فقد يكون ظالماً إما لنفسه، وإما لغيره.
نقد استدلالهم:
أولا: اختلف السلف في معنى العهد على أقوال:
قال ابن عباس والسدى: إنه النبوة، قال: لا ينال عهدي الظالمين "أي نبوتي"، وقال مجاهد: الإمامة، أي لا أجعل إماماً ظالماً يقتدي به، وقال قتادة وإبراهيم النخعي وعطاء والحسن وعكرمة: لا ينالُ عهدُ اللهِ في الآخرة الظالمين فأما في الدنيا فقد ناله الظالم فأمن به وأكل وعاش..
فالآية-كما ترى- اختلف السلف في تأويلها، فهي ليست في مسألة الإمامة أصلاً في قول أكثرهم، والذين فسروها بالإمامة قصدوا إمامة العلم والصلاح والاقتداء، لا الإمامة بمفهوم الرافضة.
ثانياً: لو كانت الآية في الإمامة فهي لا تدل على العصمة بحال، إذ لا يمكن أن يقال بأن غير الظالم معصوم لا يخطئ ولا ينسى ولا يسهو… إلخ .
أدلتهم من السنة:
ويتمسكون بروايات من طرق أهل السنة للاحتجاج بها على أهل السنة، وإقناع قومهم بأن ما هم عليه موضع إجماع، وهى ما بين كذب أو بعيد عن استدلالهم، وقد مضى الحديث فيها في فصل الإمامة.
أما الكلينى في الكافي فقد عقد مجموعة من الأبواب في معنى العصمة المزعومة ساق فيها أخباراً بسنده عن الإثنى عشر يدعون فيها أنهم معصومون بل وشركاء في النبوة، بل ويتصفون بصفات الألوهية، وقد مر في باب اعتقادهم في أصول الدين أمثلة من ذلك.



________________________________________

avatar
رد: تاريخ الشيعة وفكرهم
مُساهمة الأربعاء نوفمبر 03, 2010 1:18 pm من طرف البروفوسور
الفصل الثالث التَّقِيَّـــــة( [1])

تعريفها:
يعرف المفيد التقية عندهم بقوله:" التقية كتمان الحق وستر الاعتقاد فيه، وكتمان المخالفين، وترك مظاهرتهم بما يعقب ضرراً في الدين أو الدنيا"( [2]).
فالمفيد يعرف التقية بأنها الكتمان للاعتقاد خشية الضرر من المخالفين وهم أهل السنة كما هو الغالب من إطلاق هذا اللفظ عندهم، أي هي إظهار مذهب أهل السنة (الذي يرونه باطلاً)، وكتمان مذهب الرافضة الذي يرونه هو الحق، من هنا يرى بعض أهل السنة: أن أصحاب هذه العقيدة هم شر من المنافقين لأن المنافقين يعتقدون أن ما يبطنون من كفر هو باطل، ويتظاهرون بالإسلام خوفاً، وأما هؤلاء فيرون أن ما يبطنون هو الحق، وأن طريقتهم هي منهج الرسل والأئمة( [3]).
والتقية في الإسلام غالباً إنما هي مع الكفار، قال تعالى:إلا أن تتقوا منهم تقاهقال ابن جرير الطبري: “التقية التي ذكرها الله في هذه الآية إنما هي تقية من الكفار لا من غيرهم"( [4]).
وأجمع أهل العلم على أن التقية رخصة في حال الضرورة، قال ابن المنذر: “أجمعوا على أن من أكره على الكفر حتى خشى على نفسه القتل فكفر وقلبه مطمئن بالإيمان أنه لا يحكم عليه بالكفر.. ولكن من اختار العزيمة في هذا المقام فهو أفضل، قال ابن بطال: “وأجمعوا على أن من أكره على الكفر واختار القتل أنه أعظم أجراً عند الله"( [5]).
ولكن التقية التي عند الشيعة خلاف ذلك، فهي عندهم ليست رخصة بل هي ركن من أركان دينهم كالصلاة أو أعظم، قال ابن بابويه: “اعتقادنا في التقية أنها واجبة من تركها بمنزلة من ترك الصلاة"( [6]).
قال الصادق: “لو قلت أن تارك التقية كتارك الصلاة لكنت صادقاً"( [7]). بل نسبوا إلى النبي  أنه قال:" تارك التقية كتارك الصلاة"( [8])، ثم زادوا في درجة التقية فجعلوها "تسعة أعشار الدين".
ثم لم يكفهم ذلك فجعلوها هي الدين كله، ولا دين لمن لا تقية له، جاء في أصول الكافي وغيره: أن جعفر بن محمد قال:" إن تسعة أعشار الدين في التقية، ولا دين لمن لا تقية له"( [9]).
أما سبب هذا الغلو في أمر التقية فيعود إلى عدة أمور منها:
أولاً: أن الشيعة تعد إمامة الخلفاء الثلاثة باطلة، وهم ومن بايعهم في عداد الكفار، مع أن علياً بايعهم، وصلى خلفهم وجاهد معهم، وزوجهم وتسرى من جهادهم، ولما ولي الخلافة سار على نهجهم، ولم يغير شيئاً مما فعله أبو بكر وعمر، كما تعترف بذلك كتب الشيعة نفسها، وهذا يبطل مذهب الشيعة من أساسه، فحاولوا الخروج من هذا التناقض المحيط بهم بالقول بالتقية.
ثانياً: أنهم قالوا بعصمة الأئمة وأنهم لا يسهون ولا يخطئون ولا ينسون، وهذه الدعوى خلاف ما هو معلوم من حالهم.. حتى أن روايات الشيعة نفسها المنسوبة للأئمة مختلفة متناقضة، حتى لا يوجد خبر منها إلا وبإزائه ما يناقضه كما اعترف بذلك شيخهم الطوسي، وهذا ينقض مبدأ العصمة من أصله.
فقالوا بالتقية لتبرير هذا التناقض والاختلاف والتستر على كذبهم.
ثالثاً: تسهيل مهمة الكذابين على الأئمة ومحاولة التعتيم على مذهب أهل البيت، بحيث يوهمون الأتباع أن ما ينقله (واضعوا مبدأ التقية) عن الأئمة هو مذهبهم، وأن ما اشتهر وذاع عنهم وما يقولونه ويفعلونه أمام المسلمين لا يمثل مذهبهم، وإنما يفعلونه تقية فيسهل عليهم بهذه الحيلة رد أقوالهم والدس عليهم، وتكذيب ما يروى عنهم من حق، فتجدهم مثلاً يردون كلام الإمام محمد الباقر أو جعفر الصادق الذي قاله أمام ملأ من الناس، أو نقله العدول من المسلمين، بحجة أنه حضره بعض أهل السنة فاتقى في كلامه، ويقبلون ما ينفرد به الكذبة أمثال جابر الجعفي بحجة أنه لا يوجد أحد يتقيه في كلامه.



________________________________________

( [1]) قال ابن حجر: التقية: الحذر من إظهار ما في النفس من معتقد وغيره للغير: فتح الباري: 12/314.
( [2]) شرح عقائد الصدوق: ص 261 (ملحق بكتاب أوائل المقالات).
( [3]) ابن تيمية: رسالة في علم الظاهر والباطن، ضمن مجموعة الرسائل المنيرية: 1/248.
( [4]) آل عمران: 28، تفسير الطبري: 6/316 (تحقيق شاكر).
( [5]) فتح الباري: 12/ 314،317.
( [6]) الاعتقادات: ص114.
( [7]) بحار الأنوار: 75/412،414.
( [8]) جامع الأخبار: ص110، بحار الأنوار: 75/412
( [9]) أصول الكافي: 2/217، بحار الأنوار: 75/423.
يتبع
avatar
رد: تاريخ الشيعة وفكرهم
مُساهمة الأربعاء نوفمبر 03, 2010 1:25 pm من طرف البروفوسور
الفصل الرابع المهدية والغيبة عند فرق الشيعة


فكرة الإيمان بالإمام الخفي أو الغائب توجد لدى معظم الشيعة، حيث تعتقد في إمامها بعد موته أنه لم يمت، وتقول بخلوده واختفائه عن الناس، وعودته إلى الظهور في المستقبل مهدياً، ولا تختلف هذه الفرق إلا في تحديد الإمام الذي قدرت له العودة، كما تختلف في تحديد الأئمة وأعيانهم والتي يعتبر الإمام الغائب واحداً منهم.
وتعتبر السبئية –كما يقول القمي والنبختي والشهرستاني وغيرهم- أول فرقة قالت بالوقف على عليّ وغيبته( [1])، حيث زعمت"أن علياً لم يقتل ولم يمت ولا يقتل ولا يموت حتى يسوق العرب بعصاه، ويملأ الأرض عدلاً وقسطاً كما ملئت ظلماً وجوراً"، ولما بلغ عبد الله بن سبأ نعي علي بالمدائن قال للذي نعاه: كذبت لو جئتنا بدماغه في سبعين صرة، وأقمت على قتله سبعين عدلاً لعلمنا أنه لم يمت ولم يقتل، ولا يموت حتى يملك الأرض".
ثم شاع التوقف على الإمام وانتظار عودته مهدياً بعد ذلك بين فرق الشيعة.. فبعد وفاة كل إمام من آل البيت تظهر فرقة من أتباعه تدعي فيه هذه الدعوى.. وتنتظر عودته، وتختلف فيما بينها اختلافاً شديداً في تحديد الإمام الذي وقفت عليه وقدرت له العودة –في زعمهم- ولذلك قال السمعاني:"ثم إنهم في انتظارهم الإمام الذي انتظروه مختلفون اختلافاً يلوح عليه حمق بليغ"( [2]).
الاستدلال على وقوع الغيبة:
عني الإمامية عناية شديدة بالبرهنة على صحة عقيدتهم في غيبة المهدي.. وقد اتجهوا إلى كتاب الله سبحانه يبحثون فيه عن سند لعقيدتهم، فلما لم يجدوا فيه ما يريدون استنجدوا كعادتهم بالتأويل الباطني المتسم بالتكلف الشديد والشطط البالغ وأوَّلوا عدة آيات من كتاب الله بهذا المنهج.
جاء في أصل أصول التفاسير عندهم (تفسير القمي) في قوله سبحانه: والنهار إذا تجلى. قال: النهار هو القائم عليه السلام منا أهل البيت..
وجاء في أصح كتبهم الأربعة في قوله سبحانه: قل أرأيتم إن أصبح ماؤكم غوراً فمن يأتيكم بماء معين قال:"إذا غاب عنكم إمامكم فمن يأتيكم بإمام جديد. وفي تفسير العياشي في قوله سبحانه: وأذان من الله ورسوله إلى الناس يوم الحج الأكبر قال: "خروج القائم وأذان دعوته إلى نفسه".
والأمثلة في مثل هذا اللون من التأويل كثيرة حتى ألفوا في هذا كتباً مستقلة مثل:"ما نزل من القرآن في صاحب الزمان"و"المحجة فيما نزل في القائم الحجة".




________________________________________

( [1]) القمي/ المقالات والفرق ص19-20، النوبختي/ فرق الشيعة ص22، الشهرستاني/ الملل والنحل: 1/174.
( [2]) الأنساب: 1/345.

الفصل الخامس الرجعة


الرجعة من أصول المذهب الشيعي، فمن رواياتهم" ليس منا من لم يؤمن بِكَرَّتِنَا". وقال ابن بابويه في الاعتقادات" واعتقادنا في الرجعة أنها حق. وقال المفيد: "واتفقت الإمامية على وجوب رجعة كثير من الأموات". وقال الطبرسي والحر العاملي وغيرهما من شيوخ الشيعة: بأنها موضع "إجماع الشيعة الإمامية، وأنها من ضروريات مذهبهم"، وأنهم" مأمورون بالإقرار بالرجعة واعتقادها وتجديد الاعتراف بها في الأدعية والزيارات ويوم الجمعة وكل وقت كالإقرار بالتوحيد والنبوة والإمامة والقيامة".
ومعنى الرجعة: الرجوع إلى الدنيا بعد الموت، ويشير ابن الأثير: أن هذا مذهب قوم من العرب في الجاهلية معروف عندهم.
وقد ذهبت فرق شيعية كثيرة إلى القول برجوع أئمتهم إلى هذه الحياة، ومنهم من يقر بموتهم ثم رجعتهم، ومنهم من ينكر موتهم ويقول بأنهم غابوا وسيرجعون- كما مر في مبحث الغيبة- وكان أول من قال بالرجعة ابن سبأ، إلا أنه قال بأنه غاب وسيرجع ولم يصدق بموته..
وكانت عقيدة الرجعة خاصة برجعة الإمام عند السبئية، والكيسانية وغيرها، ولكنها صارت عند الاثنى عشرية عامة للإمام وكثير من الناس. ويشير الألوسي إلى أن تحول مفهوم الرجعة عند الشيعة من رجعة الإمام فقط إلى ذلك المعنى العام كان في القرن الثالث( [1]).
استدلالهم على الرجعة:
يرى شيخ المفسرين عندهم أن من أعظم الأدلة على الرجعة قوله سبحانه:وحرام على قرية أهلكناها أنهم لا يرجعون( [2])، حيث يقول ما نصه" هذه الآية من أعظم الأدلة على الرجعة، لأن أحداً من أهل الإسلام لا ينكر أن الناس كلهم يرجعون يوم القيامة من هلك ومن لم يهلك"( [3]).
مع أن الآية حجة عليهم، فهي تدل على نفي الرجعة إلى الدنيا إذ معناها كما صرح به ابن عباس وأبو جعفر الباقر وقتادة وغير واحد حرام على أهل كل قرية أهلكوا بذنوبهم أنهم يرجعون إلى الدنيا قبل يوم القيامة( [4]).



________________________________________

( [1]) روح المعاني: 20/27.
( [2]) الأنبياء: 95.
( [3]) تفسير القمي: 2/76.
( [4]) انظر: تفسير ابن كثير: 3/205.
يتبع
avatar
رد: تاريخ الشيعة وفكرهم
مُساهمة الأربعاء نوفمبر 03, 2010 1:32 pm من طرف البروفوسور
الفصل السادس الظهور


أى ظهور الأئمة بعد موتهم لبعض الناس ثم عودتهم لقبورهم، وهذه العقيدة غير رجعة الأئمة، وقد بوب لها المجلسي بعنوان" باب أنهم يظهرون بعد موتهم، ويظهر منهم الغرائب"( [1]).. فالأئمة يظهرون بعد موتهم، ويراهم.. بعض الناس، وهذا الظهور غير مرتبط بوقت معين كالرجعة بل هو خاضع لإرادة الأئمة حتى نسبوا لأمير المؤمنين أنه قال: "يموت من مات منا وليس بميت". وتذكر أساطيرهم أن أبا الحسن الرضا كان يقابل أباه بعد موته، ويتلقى وصاياه وأقواله( [2]).
ورجعة الأموات قبل يوم القيامة باطلة بالنقل وإجماع المسلمين-كما سلف-وهذه الخرافات تعتبر من فضائحهم وعوراتهم التي هي قائمة في مذهبهم ولعلها من حكمة الباري سبحانه إذ ما من قوم أرادوا أن ينسبوا لله دينا ما أنزله إلا وفضحهم على رؤوس الأشهاد كما أثبتت ذلك الوقائع والأيام..



________________________________________

( [1]) بحار الأنوار: 27/303-304.
( [2]) بحار الأنوار: 27/303.

الفصل السابع البداء


من أصول الإثنى عشرية القول بالبداء على الله سبحانه وتعالى حتى بالغوا في أمره، فقالوا" ما عبد الله بشئ مثل البداء"( [1]) و"ما عظم الله عز وجل بمثل البداء"( [2])، "ولو علم الناس ما في القول بالبداء من الأجر ما فتروا من الكلام فيه"( [3])، "وما بعث الله نبياً قط إلا بتحريم الخمر وأن يقر الله بالبداء"( [4]).
ويبدو أن الذي أرسى أسس هذا المعتقد عند الاثنى عشرية هو الملقب عندهم بثقة الإسلام وهو شيخهم الكليني (ت 328 أو 329 هـ) حيث وضع هذا المعتقد في قسم الأصول من الكافي، وجعله ضمن كتاب التوحيد، وخصص لهم باباً بعنوان "باب البداء"، وذكر فيه ستة عشر حديثاً من الأحاديث المنسوبة للأئمة.
ولعل القارئ المسلم يعجب من أمر هذه العقيدة، التي لا يعرفها المسلمون، وليس لها ذكر في كتاب الله سبحانه، وسنة نبيه  مع أنها من أعظم ما عبد الله به، ومن أصول رسالات الرسل، وفيها من الأجر ما لو علم به المسلم لأصبحت تجري على لسانه دائماً كشهادة التوحيد (كما يزعمون).
إذا رجعت إلى اللغة العربية لتعرف معنى البداء تجد أن القاموس يقول: بدا بدواً وبدوّاً وبداءة: ظهر. وبدا له في الأمر بدواً وبداء وبداة: نشأ له فيه رأي( [5]). فالبداء في اللغة –كما ترى- له معنيان:
الأول: الظهور بعد الخفاء، تقول بدا سور المدينة أي: ظهر.
والثاني: نشأة الرأي الجديد، قال الفراء: بدا لي بداء أي: ظهر لي رأي آخر، وقال الجوهري: بدا له في الأمر بداء أي: نشأ له فيه رأي( [6]).
وكلا المعنيين ورد في القرآن، فمن الأول قوله تعالى: وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله( [7]). ومن الثاني قوله: ثم بدا لهم من بعد ما رأوا الآيات ليسجننه حتى حين( [8]).
وواضح أن البداء بمعنييه يستلزم سبق الجهل وحدوث العلم وكلاهما محال على الله سبحانه، ونسبته إلى الله سبحانه من أعظم الكفر، فكيف تجعل الشيعة الاثنا عشرية هذا من أعظم العبادات وتدعي أنه ما عظم الله عز وجل بمثل البداء، سبحانك هذا بهتان عظيم.
وهذا المعنى المنكر يوجد في كتب اليهود، فقد جاء في التوراة التي حرفها اليهود وفق ما شاءت أهواءهم نصوص صريحة تتضمن نسبة معنى البداء إلى الله سبحانه( [9]).
ويبدو أن ابن سبأ اليهودي قد حاول إشاعة هذه المقالة، التي ارتضعها من "توراته" في المجتمع الإسلامي الذي حاول التأثير فيه باسم التشيع وتحت مظلة الدعوة إلى ولاية عليّ، ذلك أن فرق السبئية "كلهم يقولون بالبداء وأن الله تبدو له البدوات"( [10]).
استدلالهم على البداء:
وبعد أن استقرت مسألة البداء عندهم كعقيدة بمقتضى روايات الكليني وأضرابه، حاول شيخ الشيعة –كعادتهم- البحث في كتاب الله عن سند لدعواهم.
وكأنه لم يكفهم أن نسبوا هذه الفرية إلى الله، حتى زعموا أن كتاب الله أثبت فريتهم، فتعلقوا بقوله سبحانه:يمحوا الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب( [11]).
ويلحظ أن أول من استدل بهذه الآية على فرية البداء هو المختار بن أبي عبيد، وتابعه شيوخ الشيعة، ووضعوا روايات في ذلك أسندوها لبعض علماء آل البيت لتحظى بالقبول( [12]).
واستدلالهم بهذه الآية على أن المحو والإثبات بداء شطط في الاستدلال، وتعسف بالغ، ذلك أن المحو بعلمه وقدرته وإرادته، من غير أن يكون له بداء في شيء، وكيف يتوهم له البداء وعنده أم الكتاب، وله في الأزل العلم المحيط: وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو ويعلم ما في البر والبحر وما تسقط من ورقة إلا يعلمها ولا حبة في ظلمات الأرض ولا رطب ولا يابس إلا في كتاب مبين، ..عالم الغيب لا يعزب عنه مثقال ذرة في السموات ولا في الأرض ولا أصغر من ذلك ولا أكبر إلا في كتاب مبين( [13]).
وأمثالها من الآيات، وتوهم البداء لله تكذيب لكل هذه الآيات، وقد بين الله تعالى في آخر الآية أن كل ما يكون منه من محو وإثبات وتغيير، واقع بمشيئته ومسطور عنده في أم الكتاب( [14]).




________________________________________

( [1]) أصول الكافي، كتاب التوحيد: باب البداء: 1/146.
( [2]) أصول الكافي: 1/146.
( [3]) أصول الكافي: 1/148.
( [4]) أصول الكافي: 1/148.
( [5]) القاموس المحيط: مادة: بدو: 4/302.
( [6]) الصحاح: 6/2278، ولسان العرب: 14/66.
( [7]) البقرة: 284.
( [8]) يوسف: 35.
( [9]) جاء في التوراة: "فرأى الرب أنه كثر سوء الناس على الأرض .. فندم الرب على خلقه الإنسان على الأرض وتنكد بقلبه، وقال الرب: لأمحون الإنسان الذي خلقته عن وجه الأرض.." : سفر التكوين، الفصل السادس، فقرة: 5.
( [10]) الملطي/ التنبيه والرد: ص19.
( [11]) الرعد: 39.
( [12]) انظر: أصول الكافي: 1/146.
( [13]) الأنعام: 59، سبأ: 3.
يتبع
avatar
رد: تاريخ الشيعة وفكرهم
مُساهمة الأربعاء نوفمبر 03, 2010 1:45 pm من طرف البروفوسور
الفصل الثامن الطينــة


هذه العقيدة من مقالاتهم السرية، وعقائدهم التي يتواصون بكتمانها حتى من عامتهم، لأنه لو اطلع العامي الشيعي على هذه العقيدة"تعمد أفعال الكبار لحصول اللذة الدنيوية، ولعلمه بأن وبالها الأخروي إنما هو على غيره"( [1]).
والذي تولى إرساء هذه العقيدة –فيما يظهر- هو شيخهم الكليني الذي بوب لها بعنوان"باب طينة المؤمن والكافر" وضمن ذلك سبعة أحاديث في أمر الطينة"( [2]).
وهذه العقيدة أوسع تفصيل لها هو رواية ابن بابويه في علل الشرائع حيث استغرقت عنده خمس صفحات وختم بها كتابه( [3])، ورأى بعض شيوخهم المعاصرين أن هذا كمسك الختام فقال:"إنه ختم بهذا الحديث الشريف كتاب علل الشرائع"( [4]).
وملخص ذلك يقول بأن الشيعي خلق من طينة خاصة، والسني خلق من طينة أخرى، وجرى المزج بين الطينتين بوجه معين، فما في الشيعي من معاصي وجرائم هو من تأثره بطينة السني، وما في السني من صلاح وأمانة هو بسبب تأثره بطينة الشيعي، فإذا كان يوم القيامة فإن سيئات وموبقات الشيعة توضع على أهل السنة، وحسنات أهل السنة تعطى للشيعة.
وعلى هذا المعنى تدور أكثر من ستين رواية من رواياتهم.
ويمكن أن يستنبط سبب القول بهذه العقيدة من الأسئلة التي وجهت للأئمة والشكاوى التي رفعت إليهم، فالشيعة يشكون من انغماس قومهم بالموبقات والكبائر، ومن سوء معاملة بعضهم لبعض، ومن الهم والقلق الذي يجدونه ولا يعرفون سببه.
ولكن يعزو إمامهم ذلك كله لتأثر طينة الشيعي بطينة السني في الخلقة الأولى.
الشيعة المعاصرون وصلتهم بأسلافهم:
فقد بيَّن الدكتور ناصر القفاري في رسالته عن الشيعة:
- الصلة في مصدر التلقي.
- صلتهم بالفرق القديمة.
-الصلة العقدية بين القدامى والمعاصرين.
ثم قال: وبهذا يتبين أن المعاصرين هم أخطر من سابقيهم، لأنهم ورثوا كل ما صنعته القرون من الدسّ والتزوير، واعتبروا تلك مصادر معتمدة.. ووفرت لهم "الطباعة الحديثة" انتشار الكتب عنهم.. وكان ضعف المسلمين سبباً في زيادة نشاطهم، وكان فشو الجهل وضعف السنة عاملاً من عوامل التأثر بهم وتأثير ضلالهم. (ثم تكلم بعد ذلك عن):
دولة الآيات:
وبعد أن تبين صلة الشيعة المعاصرين بقدمائهم، وأن الارتباط قائم ووثيق بينهم، بل إن ما كان يعد غلواً عند الماضين أصبح ضرورياً عند المعاصرين، فهل ثمة حاجة بعد ذلك للوقوف عند دولتهم؟ أليس الأمر قد اتضح لكل ذي عينين؟ وأن تخصيص دولتهم الحاضرة بالدراسة والتقويم يعود إلى أمرين أساسيين:
الأول: أنها طرحت بلسان زعيمها، ونص دستورها فكرة جديدة في محيط التشيع الاثنى عشري، أثارت جدلاً بين شيوخ الشيعة بين مؤيد ومعارض. تلك هي فكرة نقل وظائف المهدي وصلاحياته بعد طول غيبته وتأخر خروجه إلى الفقيه الشيعي بالكامل، حيث أن الخميني استولى تماماً على وظائف مهديهم المنتظر بعد قيام دولته.
السبب الثاني: بأنه قيل إن هذه الدولة هي التي تمثل الإسلام في هذا العصر، وشيوخها هم المراجع للمسلمين، ومؤسسها من المجددين، وراج هذا على بعض المسلمين، وقيل بعد قيام دولتهم بأنه قد عاد "المذهب الشيعي إلى نقائه الأصيل ولاء لله ورسوله  وحباً لآل بيته حباً صادقاً لوجه الله لا يفقد صاحبه احترام غيرهم من المسلمين وخصوصاً صحابة رسول الله "( [5]).
وزعمت بعض الصحف "أن ردود الفعل التي أحدثتها (حركة الخميني) كان مبعثها أن حركة الخميني حركة إسلامية مائة في المائة"( [6]).. ورشحت مجلة المعرفة التونسية الخميني لنيل جائزة الملك فيصل لخدمة الإسلام( [7]).
ومضت على هذا النهج مجلات أخرى كالرائد، والدعوة، والرسالة، والأمان، وغيرها( [8]). وهذه المجلات كلها منتسبة لأهل السنة.
وقد كتب بعض المنتمين لأهل السنة كتابات عن الخميني وثورته، يشيد بها، ويعدها المثال الصادق للحكومة الإسلامية( [9]).
وأصدرت بعض الحركات الإسلامية بيانات تثني وتؤيد المنهج الخميني حتى جاء في بيان التنظيم الدولي للإخوان المسلمين وصف حكم الخميني بأنه "الحكم الإسلامي الوحيد في العالم"( [10]).
فكانت فتنة مدلهمة لا تزال بعض آثارها باقية، وإن أفاق البعض وتبينت له الحقيقة، إلا أن منهم من لا يزال يعد ما يثار عن شيعة الخميني إنما هي "ضجة مفتعلة"( [11]).
وقد استغل الشيعة هذا الجو بالدعاية لمذهبهم ونشره، وساهمت هذه الحملة الإعلامية الدعائية في الصحف الإسلامية علة إخفاء الحقيقة أمام شباب المسلمين، لأنها هي لا تعرف شيئاً من الخلاف بين الشيعة والسنة إلا أنه خلاف حول من يستحق الولاية: عليّ أم أبو بكر، وتلك أمة خلت، وليس هذا الخلاف بأمر ذي بال اليوم.
فكان هذا الوضع مجالاً خصباً لنشر الفتنة والرفض.. ومن هنا فإنه لابد من بيان الحقيقة ونشرها بين الناس. ولابد من نقض دعوى الجديد والتجديد، وحكاية التغيير وتقويمها، ولعل دراسة فكر مؤسسها، ومواد دستورها، هي التي يمكن على ضوئها إصدار حكم موضوعي محايد في أمرها.
فكر مؤسسها:
من خلال الرجوع إلى ما كتبه الخميني في "كشف الأسرار"، و"تحرير الوسيلة"، و"الحكومة الإسلامية"، و"مصباح الإمامة والولاية"، و"رسائل التعادل والترجيح والتقية"، و"دروس في الجهاد والرفض"، و"سر الصلاة" .. وغيرها. يتبين أن له مجموعة من الاتجاهات، لعل أهمها ما يلي:
أولاً: الاتجاه الوثني:
في كتابه كشف الأسرار ظهر الخميني داعياً للشرك ومدافعاً عن ملة المشركين حيث يقول، تحت عنوان :"ليس من الشرك طلب الحاجة من الموتى": "يمكن أن يقال إن التوسل إلى الموتى وطلب الحاجة منهم شرك، لأن النبي والإمام ليس إلا جمادين فلا يتوقع منهما النفع والضرر".
والجواب: إن الشرك هو طلب الحاجة من غير الله، مع الاعتقاد بأن هذا الغير هو إله ورب، وأما إذا طلب الحاجة من الغير من غير هذا الاعتقاد فذلك ليس بشرك، ولا فرق في هذا المعنى بين الحي والميت، ولهذا لو طلب أحد حاجته من الحجر والمدر لا يكون شركاً، مع أنه قد فعل فعلاً باطلاً.
ومن ناحية أخرى نحن نستمد من أرواح الأنبياء المقدسة والأئمة الذين أعطاهم الله قدرة.
فقد اشتمل هذا النص على ما يلي:
أ. اعتقاده أن دعاء الأحجار والأصنام والأضرحة من دون الله لا يكون شركاً، إلا إذا اعتقد الداعي أنها هي الإله والرب. وهذا باطل من القول وزور، لأن هذا هو الشرك الأكبر بعينه.
ب. اعتقاده أن الأئمة الأموات لهم قدرة على النفع والضر. ويقول بأنهم يستمدون منهم ذلك. وهذا من الشرك الأكبر بلا ريب، فالأموات لا يملكون لأنفسهم نفعاً ولا ضراً.. وهل يوجد فرق بين هذا وشرك مشركي قريش.. وغيرهم من مشركي الأمم التى كان غالب شركهم من هذا الباب.

جـ. دعواهم الإحاطة الكاملة للأرواح على هذا العالم، ثم خاض في ركام الفلسفة لإثبات مدعاه.
والإحاطة بهذا العالم لله وحده وكان الله بكل شيء محيطاً( [12])، والروح مخلوقة مدبرة، وهي بعد مفارقتها للجسد في نعيم أو عذاب، وليس لها من أمر الإحاطة بالعالم نصيب، ولكن الشيء من معدنه لا يستغرب فمن يجمع بين إلحاد الفلاسفة وغلو الرافضة لا يخرج منه إلا هذا وأشنع.
اعتقاده تأثير الكواكب والأيام على حركة الإنسان:
لا يزال فكر الخميني أسير أوهام الشرك والمشركين، فهو يزعم أن هناك أياماً منحوسة من كل شهر يجب أن يتوقف الشيعي فيها عن كل عمل، وأن لانتقال القمر إلى بعض الأبراج تأثيراً سلبياً على عمل الإنسان، فليتوقف الشيعي عن القيام بمشروع معين حتى يتجاوز القمر ذلك البرج المعين.
ومما يشهد لاتجاه الخميني هذا ما جاء في تحرير الوسيلة، حيث يقول:"يكره إيقاعه (يعني عقد الزواج) والقمر في برج العقرب، وفي محاق الشهر، وفي أحد الأيام المنحوسة في كل شهر وهي سبعة: يوم3، ويوم5، ويوم13، ويوم16، ويوم21، ويوم24، ويوم25 (وذلك من كل شهر)( [13]).
هذا معتقد الخميني فيصدق فيه ومن تبعه قول صاحب التحفة الاثنى عشرية:"إن الصابئين كانوا يحترزون عن أيام يكون القمر بها في العقرب، أو الطرف، أو المحاق وكذلك الرافضة.. وكانت الصابئة يعتقدون أن جميع الكواكب فاعلة مختارة، وأنها هي المدبرة للعالم السفلي، وكذلك الرافضة"( [14]).
حقيقة الشرك عند الخميني:
وإذا كانت وثنية المشركين ليست عنده بشرك.. فما هو الأمر الذي يكون شركاً في نظره؟.
يقول:"توجد نصوص كثيرة تصف كل نظام غير إسلامي بأنه شرك، والحاكم أو السلطة فيه طاغوت، ونحن مسؤولون عن إزالة آثار الشرك من مجتمعنا المسلم، ونبعدها تماماً عن حياتنا"( [15]).
فأنت ترى أن مفهوم الشرك عنده هو أن يتولى على بلاد المسلمين أحد من أهل السنة فحاكمها حينئذ مشرك، وأهلها مشركون، فدين هؤلاء الولاية، لا التوحيد، ولذلك فإن الشرك قد ضرب بجرانه في أقطارهم.
ثانياً: الغلو في التصوف (أو القول بالحلول والاتحاد):
وتتمثل صورة التصوف عنده في أوضح مظاهرها في كتابه"مصباح الهداية إلى الخلافة والولاية" ثم كتابه الآخر "سر الصلاة".. وفيما يلي بيان لبعض اتجاهاته الصوفية الغالية:
أ- قوله بالحلول الخاص:
يقول عن أمير المؤمنين علي: "خليفته (يعني خليفة الرسول ) القائم مقامه في الملك والملكوت، المتحد بحقيقته في حضرة الجبروت واللاهوت، أصل شجرة طوبى، وحقيقة سدرة المنتهى، الرفيق الأعلى في مقام أو أدنى، معلم الروحانيين، ومؤيد الأنبياء والمرسلين عليّ أمير المؤمنين"( [16]).
فانظر إلى قوله "المتحد..باللاهوت" تجده كقول النصارى باتحاد اللاهوت بالناسوت( [17])، ومن قبل زعمت غلاة الشيعة أن الله حل في عليّ( [18])، ولا تزال مثل هذه الأفكار الغالية والإلحادية تعشعش في أذهان هؤلاء الشيوخ كما ترى.
ومن منطلق دعوى حلول الرب بعلي –كما يفتري- ينسب الخميني لأمير المؤمنين علي أنه يقول:"كنت مع الأنبياء باطناً ومع رسول الله ظاهراً"( [19]). ويعلق عليه فيقول:"فإنه عليه السلام صاحب الولاية المطلقة الكلية والولاية باطن الخلافة.. فهو عليه السلام بمقام ولايته الكلية قائم على كل نفس بما كسبت، ومع كل الأشياء معية قيومية ظلية إلهية ظل المعية القيومية الحقة الإلهية، إلا أن الولاية لما كانت في الأنبياء أكثر خصهم بالذكر".
فأنت ترى أن الخميني يعلق على تلك الكلمة الموغلة في الغلو والمنسوبة زوراً لأمير المؤمنين بما هو أشد منها غلواً وتطرفاً فهو عنده ليس قائماً على الأنبياء فحسب، بل على كل نفس، ويختار الآية المختصة بالله سبحانه ليصف بها المخلوق، قال تعالى:أفمن هو قائم على كل نفس بما كسبت( [20]).
أي أنه سبحانه: "حفيظ عليم رقيب على كل نفس منفوسة" قال تعالى: وما تكون في شأن وما تتلوا منه من قرآن ولا تعملون من عمل إلا كنا عليكم شهوداً إذ تفيضون فيه( [21]).
قد تبينت الحقيقة لكل ذي عينين، فماذا بعد القول بأن علياً هو القائم على كل نفس غلواً، إذ هو تأليه صريح.
ب- قوله بالحلول والاتحاد الكلي:
وتجاوز الخميني مرحلة القول بالحلول الجزئي، أو الحلول الخاص بعلي إلى القول بالحلول العام.. فهو يقول –بعد أن تحدث عن التوحيد ومقاماته حسب تصوره- "النتيجة لكل المقامات والتوحيدات عدم رؤية فعل وصفة حتى من الله تعالى، ونفى الكثرة بالكلية، وشهود الوحدة الصرفة.."( [22]).
ويبدو أن قوله" عدم رؤية فعل وصفة حتى من الله تعالى للتأكيد على مذهب الاتحادية، لأن رؤية فعل متميز، وإثبات صفة معينة لله يعني إثبات الغيرية والتثنية وهذا شرك عندهم.
ثم ينقل عن أحد أئمته أنه قال:"لنا مع الله حالات هو هو ونحن نحن، وهو نحن ونحن هو"( [23]).
ثم يعلق على ذلك بقوله:"وكلمات أهل المعرفة خصوصاً الشيخ الكبير محي الدين مشحونة بأمثال ذلك مثل قوله: الحق خلق، والخلق حق، والحق حق، والخلق خلق. وقال في نصوصه:"إن الحق المنزه هو الحق.. ثم نقل جملة من كلمات ابن عربي.. وقال:"لا ظهور ولا وجود إلا له تبارك وتعالى، والعالم خيال في خيال عند الأحرار"( [24]).
ثم قال: وقوله: إياك نعبد "رجوع العبد إلى الحق بالفناء الكلي المطلق"( [25]).
ثم تراه كثيراً ما يستدل على مذهبه في وحدة الوجود. يقول ابن عربي والذي يصفه بالشيخ الكبير( [26])، وهكذا يتبين أن الخميني قد أخذ مذهب أهل الحلول والاتحاد.
ثالثاً: دعوى النبوة:
أفرزت لوثات التصوف، وخيالات الفلسفة عنده دعوى غربية، وكفراً صريحاً، حيث رسم للسالك أسفاراً أربعة:
ينتهي السفر الأول إلي مقام الفناء وفيه السر الخفي والأخفى.. ويصدر عنه الشطح، فيحكم بكفره، فإن تداركته العناية الإلهية.. فيقر بالعبودية بعد الظهور بالربوبية"( [27])كما يقول.
وينتهي السفر الثاني عنده إلى أن "تصير ولايته تامة، وتفنى ذاته وصفاته وأفعاله في ذات الحق وصفاته وأفعاله، وفيه يحصل الفناء عن الفنائية أيضاً الذي هو مقام الأخفى، وتتم دائرة الولاية"( [28]).
أما في السفر الثالث فإنه "يحصل له الصحو التام ويبقى بإبقاء الله، ويسافر في عوالم الجبروت والملكوت والناسوت، ويحصل له حظ من النبوة، وليست له نبوة التشريع، وحينئذ ينتهي السفر الثالث ويأخذ في السفر الرابع"( [29]).
وبالسفر الرابع" يكون نبياً بنبوة التشريع"( [30]).
فمراحل السفر عنده: الفناء، والولاية وفيها الفناء عن الفناء، والنبوة بلا تشريع، ثم النبوة الكاملة، وهي تتضمن أن النبوة مكتسبة عن طريق "رياضات" ومجاهدات أهل التصوف، وهي دعوى ترتد إلى أصول فلسفة صوفية قديمة، ولذا قال القاضي عياض: "ونكفر… من ادعى النبوة لنفسه، أو جوز اكتسابها والبلوغ بصفاء القلب إلى مرتبتها كالفلاسفة وغلاة الصوفية"( [31]).
فهذه المقالة كفر صريح، وإلحاد مكشوف، كفر بالنبوة والأنبياء، وخروج عن دين الإسلام، ويبدو أنه يدعي لنفسه سلوك هذه "المقامات".. وقد ذكر في كتابه الحكومة الإسلامية "أن الفقيه الرافضي بمنزلة موسى وعيسى"( [32]).
وينبغي ألا يغيب عن البال أن مقام الإمامة عندهم أعلى من مقام النبوة –كما سبق ذكره- وسيأتي ذكر ذلك أيضاً من كلام الخميني نفسه، ومع ذلك فإن الخميني لا يُدْعَي في إيران إلا بالإمام أي بالوصف الذي هو فوق وصف النبوة عندهم( [33]).
ولهذا قال مرتضى كتبي، وجان ليون( [34]): "بالنسبة للغالبية العظمى من الشعب الإيراني لم يعد روح الله الخميني آية الله إنما الإمام، وهو لقب نادراً ما أعطي في تاريخ الشيعة"( [35]).
وقد أكد هذا المعنى أحد المسئولين الإيرانيين ويدعى فخر الحجازي حين قال: "إن الخميني أعظم من النبي موسى وهارون"، فنال بهذا القول رضى الخميني فعينه نائباً عن طهران ، ورئيساً لمؤسسة المستضعفين أعظم مؤسسة مالية في البلاد( [36]).
رابعاً: الغلو في الرفض:
بالنسبة لاتجاه الخميني في التشيع فإنه يأخذ بالمذهب الغالي والمتطرف وهو مذهب غلاة الروافض. ومما يدل على ذلك أنه يعتمد مقالة غلاتهم في تفضيل الأئمة على أنبياء الله ورسله، فيقول:"إن من ضرورات مذهبنا أن لأئمتنا مقاماً لا يبلغه ملك مقرب ولا نبي مرسل.. وقد ورد عنهم أن لنا مع الله حالات لا يسعها ملك مقرب ولا نبي مرسل"( [37]).
وهذا هو مذهب غلاة الروافض كما يقرر ذلك عبد القادر البغدادي، والقاضي عياض، وشيخ الإسلام ابن تيمية( [38]).
وترى الخميني ينسب هذا المذهب لكل المعاصرين، وأن هذا من الضرورات عندهم، فالمعاصرون هم –بناءً على ذلك- من غلاة الروافض في حكم أئمة الإسلام. وليس ذلك فحسب، بل عقيدة الخميني في أئمته هي عقيدة الغلاة في حكم كبار شيوخ الشيعة في القرن الرابع يدل على ذلك أنه يذهب إلى القول بأن أئمته "لا يتصور فيهم السهو والغفلة"( [39]).
هذا والخميني في بقية عقائده لا يختلف عن عقائد الاثنى عشرية التي تحدثت عنها صفحات هذا البحث، وذلك في تكفيره لصحابة رسول الله ( [40]) ولأهل السنة عموماً، حتى ينعتهم بالنواصب –ما عدا من يسمونهم بالمستضعفين- بل هو يأخذ بالرأي المتطرف من آراء قومه في ذلك، وهو معاملتهم كالحربي، حبث قال:"والأقوى إلحاق الناصب بأهل الحرب في إباحة ما اغتنم منهم وتعلق الخمس به، بل الظاهر جواز أخذ ماله أينما وجد، وبأي نحو كان، ووجوب إخراج خُمُسه.
فتبين أن خميني من غلاة الروافض، بل هو يأخذ من آرائهم ما هو أكثر شذوذاً، ويتعمد مخالفة أهل السنة وإن خرج عن ذلك فهو تقيَّة..
خامساً: قوله بعموم ولاية الفقيه:
تعتقد الاثنى عشرية أن الولاية العامة على المسلمين منوطة بأشخاص معينين بأسمائهم وعددهم، قد اختارهم الله كما يختار أنبيائه.. وهؤلاء الأئمة أمرهم كأمر الله، وعصمتهم كعصمة رسل الله، وفضلهم فوق فضل أنبياء الله.
ولكن آخر هؤلاء الأئمة –حسب اعتقادهم- غائب منذ سنة 260 هـ، ولذا فإن الاثنى عشرية تحرم أن يلي أحد منصبه في الخلافة حتى يخرج من مخبئه، حتى تقول:"كل راية ترفع قبل أن يقوم القائم فصاحبها طاغوت وإن كان يدعو إلى الحق".
لكن غيبة الحجة طالت، وتوالت قرون قاربت الاثنى عشر دون أن يظهر، والشيعة محرومون من دولة شرعية حسب اعتقادهم، فبدأت فكرة القول بنقل وظائف المهدي للفقيه تداعب أفكار المتأخرين منهم. ويقول الخميني:" قد مر على الغيبة الكبرى لإمامنا المهدي أكثر من ألف عام، وقد تمر ألوف السنين قبل أن تقتضى المصلحة قدوم الإمام المنتظر في طول هذه المدة المديدة، هل تبقى أحكام الإسلام معطلة؟ يعمل الناس من خلالها ما يشاؤون؟ ألا يلزم من ذلك الهرج والمرج والقوانين التي صدع بها نبي الإسلام  وجاهد في نشرها وبيانها وتنفيذها طيلة ثلاثة وعشرين سنة، هل كان ذلك لمدة معلومة؟ هل حدد الله عمر الشريعة بمائتي عاماً مثلاً؟ الذهاب إلى هذا الرأي أسوأ في نظري من الاعتقاد بأن الإسلام منسوخ"( [41]).
ثم يقول:"إذن فإن كل من يتظاهر بالرأي القائل بعدم ضرورة تشكيل الحكومة الإسلامية فهو ينكر ضرورة تنفيذ أحكام الإسلام، ويدعو إلى تعطيلها وتجميدها، وهو ينكر بالتالي شمول وخلود الدين الإسلامي الحنيف"( [42]).
فخميني يرى لهذه المبررات التي ذكرها ضرورة خروج الفقيه الشيعي وأتباعه للاستيلاء على الحكم في بلاد الإسلام نيابة عن المهدي، وهو يخرج بهذا عن مقررات دينهم، ويخالف وصايا أئمتهم الكثيرة في ضرورة انتظار الغائب وعدم التعجيل بالخروج.



________________________________________

avatar
رد: تاريخ الشيعة وفكرهم
مُساهمة الأربعاء نوفمبر 03, 2010 1:47 pm من طرف البروفوسور


( [1]) انظر: الأنوار النعمانية: 1/295.
( [2]) أصول الكافي: 2/2-6.
( [3]) انظر: علل الشرائع: ص606-610.
( [4]) انظر: بحار الأنوار (الهامش): 5/233.
( [5]) مجلة البلاغ، العدد 512، 9 ذي القعدة 1399هـ.
( [6]) مجلة الاعتصام، العدد الخامس، السنة الثانية والأربعون، ربيع أول 1399هـ.
( [7]) انظر: مجلة المعرفة التونسية، العدد 9، السنة الخامسة، ذي الحجة 1399هـ.
( [8]) انظر: الرائد الألمانية، العدد34، ذي الحجة 1398 هـ ص 25-26. والدعوة المصرية، العدد 30، في 1/12/1398 هـ ص8. والرسالة اللبنانية، العدد 29، جمادى الثانية 1399 هـ . والأمان اللبنانية، العدد، 31، 9 شوال 1399 هـ .
( [9]) مثل: الخميني الحل الإسلامي والبديل، تأليف فتحي عبد العزيز ونشرته دار المختار الإسلامي، و"مع ثورة إيران" وهو البحث الثالث من البحوث التي يصدرها المركز الإسلامي في آخن، وكتاب "نحو ثورة إسلامية" لمحمد عنبر.
( [10]) انظر: الشيعة والسنة ضجة مفتعلة، وهو من سلسلة الكتب التي تصدرها دار المختار الإسلامي: ص52.
( [11]) المصدر السابق.
( [12]) النساء: 126.
( [13]) تحرير الوسيلة: 2/238.
( [14]) مختصر التحفة: ص299، وراجع باب ما جاء في التنجيم، من كتاب التوحيد مع شرحه فتح المجيد ص365.
( [15]) الحكومة الإسلامية: ص33-34.
( [16]) مصباح الهداية: ص1.
( [17]) الناسوت: هو اتحاد الإله بالإنسان.
( [18]) انظر القول بالحلول عند فرق غلاة الشيعة في مقالات الإسلاميين: 1/83-86، وأشار الشهرستاني إلى أن غلاة الشيعة كلهم متفقون على القول بالحلول (الملل والنحل: 1/175).
( [19]) مصباح الهداية: ص142.
( [20]) الرعد: 33.
( [21]) يونس: 61، تفسير ابن كثير: 2/556.
( [22]) مصباح الهداية: ص134.
( [23]) مصباح الهداية: ص114.
( [24]) مصباح الهداية: ص114،123.
( [25]) سر الصلاة: ص 178.
( [26]) انظر –مثلاً- ص 84،94،112 من مصباح الهداية.
( [27]) مصباح الهداية: ص148.
( [28]) المصدر السابق: ص148-149.
( [29]) مصباح الهداية: ص149.
( [30] ) مصباح الهداية: ص149.
( [31]) الشفاء: 2/1070-1071.
( [32]) الحكومة الإسلامية: ص 95.
( [33]) مصطلح الإمام عند الشيعة يختلف تماماً في مفهومه عند أهل السنة، ولذلك لا يلفت استعمال الشيعة له أنظار أهل السنة.
( [34]) مرتضى كتبي: أستاذ العلوم الاجتماعية في جامعة طهران، وجان ليون فاندورن: صحافي فرنسي.
( [35]) المجتمع والدين عند الإمام الخميني، وقد نشر هذا البحث في "الموند" الفرنسية، ثم طبع في كتاب باسم "إيران..ص216".
( [36]) موسى الموسوى/ الثورة البائسة: ص147.
( [37]) الحكومة الإسلامية: ص52.
( [38]) انظر: أصول الدين: ص298، والشفاء: 2/290، ومنهاج السنة: 1/177.
( [39]) الحكومة الإسلامية: ص91.
( [40]) حتى أنه يقرر في كتابه"تحرير الوسيلة" مشروعية التبري من أعداء الأئمة في الصلاة –وأعداء الأئمة في قاموس الشيعة هم صحابة رسول الله  إلا ثلاثة أو سبعة –(تحرير الوسيلة: 1/169) وهو في كتابه: كشف الأسرار: ص112وما بعدها.
( [41]) الحكومة الإسلامية: ص26.
( [42]) السابق: ص26-27.
يتبع
avatar
رد: تاريخ الشيعة وفكرهم
مُساهمة الأربعاء نوفمبر 03, 2010 2:09 pm من طرف البروفوسور
( [1]) انظر: الأنوار النعمانية: 1/295.
( [2]) أصول الكافي: 2/2-6.
( [3]) انظر: علل الشرائع: ص606-610.
( [4]) انظر: بحار الأنوار (الهامش): 5/233.
( [5]) مجلة البلاغ، العدد 512، 9 ذي القعدة 1399هـ.
( [6]) مجلة الاعتصام، العدد الخامس، السنة الثانية والأربعون، ربيع أول 1399هـ.
( [7]) انظر: مجلة المعرفة التونسية، العدد 9، السنة الخامسة، ذي الحجة 1399هـ.
( [8]) انظر: الرائد الألمانية، العدد34، ذي الحجة 1398 هـ ص 25-26. والدعوة المصرية، العدد 30، في 1/12/1398 هـ ص8. والرسالة اللبنانية، العدد 29، جمادى الثانية 1399 هـ . والأمان اللبنانية، العدد، 31، 9 شوال 1399 هـ .
( [9]) مثل: الخميني الحل الإسلامي والبديل، تأليف فتحي عبد العزيز ونشرته دار المختار الإسلامي، و"مع ثورة إيران" وهو البحث الثالث من البحوث التي يصدرها المركز الإسلامي في آخن، وكتاب "نحو ثورة إسلامية" لمحمد عنبر.
( [10]) انظر: الشيعة والسنة ضجة مفتعلة، وهو من سلسلة الكتب التي تصدرها دار المختار الإسلامي: ص52.
( [11]) المصدر السابق.
( [12]) النساء: 126.
( [13]) تحرير الوسيلة: 2/238.
( [14]) مختصر التحفة: ص299، وراجع باب ما جاء في التنجيم، من كتاب التوحيد مع شرحه فتح المجيد ص365.
( [15]) الحكومة الإسلامية: ص33-34.
( [16]) مصباح الهداية: ص1.
( [17]) الناسوت: هو اتحاد الإله بالإنسان.
( [18]) انظر القول بالحلول عند فرق غلاة الشيعة في مقالات الإسلاميين: 1/83-86، وأشار الشهرستاني إلى أن غلاة الشيعة كلهم متفقون على القول بالحلول (الملل والنحل: 1/175).
( [19]) مصباح الهداية: ص142.
( [20]) الرعد: 33.
( [21]) يونس: 61، تفسير ابن كثير: 2/556.
( [22]) مصباح الهداية: ص134.
( [23]) مصباح الهداية: ص114.
( [24]) مصباح الهداية: ص114،123.
( [25]) سر الصلاة: ص 178.
( [26]) انظر –مثلاً- ص 84،94،112 من مصباح الهداية.
( [27]) مصباح الهداية: ص148.
( [28]) المصدر السابق: ص148-149.
( [29]) مصباح الهداية: ص149.
( [30] ) مصباح الهداية: ص149.
( [31]) الشفاء: 2/1070-1071.
( [32]) الحكومة الإسلامية: ص 95.
( [33]) مصطلح الإمام عند الشيعة يختلف تماماً في مفهومه عند أهل السنة، ولذلك لا يلفت استعمال الشيعة له أنظار أهل السنة.
( [34]) مرتضى كتبي: أستاذ العلوم الاجتماعية في جامعة طهران، وجان ليون فاندورن: صحافي فرنسي.
( [35]) المجتمع والدين عند الإمام الخميني، وقد نشر هذا البحث في "الموند" الفرنسية، ثم طبع في كتاب باسم "إيران..ص216".
( [36]) موسى الموسوى/ الثورة البائسة: ص147.
( [37]) الحكومة الإسلامية: ص52.
( [38]) انظر: أصول الدين: ص298، والشفاء: 2/290، ومنهاج السنة: 1/177.
( [39]) الحكومة الإسلامية: ص91.
( [40]) حتى أنه يقرر في كتابه"تحرير الوسيلة" مشروعية التبري من أعداء الأئمة في الصلاة –وأعداء الأئمة في قاموس الشيعة هم صحابة رسول الله  إلا ثلاثة أو سبعة –(تحرير الوسيلة: 1/169) وهو في كتابه: كشف الأسرار: ص112وما بعدها.
( [41]) الحكومة الإسلامية: ص26.
( [42]) السابق: ص26-27.
يتبع
avatar
رد: تاريخ الشيعة وفكرهم
مُساهمة الأربعاء نوفمبر 03, 2010 2:12 pm من طرف البروفوسور
فصل في الحكم على الشيعة( [1])

المبحث الأول الحكم عليهم بأنهم مبتدعة وليسوا بكفرة

قال الإمام النووي( [2]): "إن المذهب الصحيح المختار الذي قاله الأكثرون والمحققون أن الخوارج لا يكفرون كسائر أهل البدع"( [3]).
وقد فهم الشيخ ملا علي القاري من هذا النص أن النووي لا يرى تكفير الروافض لدخولهم في"أهل البدع" ولكنه أشار إلى أن الرافضة يتطور مذهبها ويتغير، وأن متأخري الرافضة ليسوا كسابقيهم، وإن رافضة زمانه غير الرافضة الذين يتحدث عنهم النووي وغيره من أهل العلم. فعقب على كلام النووي هذا وقال: "قلت: وهذا في غير حق الرافضة الخارجة في زماننا، فإنهم يعتقدون كفر أكثر الصحابة فضلاً عن سائر أهل السنة والجماعة، فهم كفرة بالإجماع بلا نزاع"( [4]).
وأقول الدليل على أن الإمامية في عصر النووي لا يكفرون الصحابة، أو أن الإمام رحمه الله، لم يعرف ذلك عنهم، وهذا هو الأقرب لوجود روايات تكفر الصحابة في أصول الرافضة الموضوعة من قَبْلِ النووي، والدليل على ذلك أن النووي يذكر في شرح مسلم أن الإمامية لا يكفرون الصحابة، ويرى أن التكفير إنما هو عند غلاة الشيعة( [5]).
المبحث الثاني
القول بكفرهم
وقد ذهب إلى هذا كبار أئمة الإسلام، كالإمام مالك وأحمد والبخاري وغيرهم..
وفيما يلي نصوص فتاوى أئمة الإسلام وعلمائه في الروافض المسمون بالاثنى عشرية والجعفرية. وفي مقالاتهم التي اشتهروا بها، وثبتت في مدوناتهم الأساسية.
وأبدأ بذكر فتوى الإمام مالك، ثم الإمام أحمد، ثم الإمام البخاري، ثم أذكر بعد ذلك فتاوى الأئمة الباقين حسب تاريخ وفياتهم.. وقد اخترت فتاوى الأئمة الكبار، أو من عاش مع الروافض في بلد واحد، أو كتب عنهم ودرس مذهبهم من علماء المسلمين.

الإمام مالك:
روى الخلال عن أبي بكر المروذي قال: سمعت أبا عبد الله يقول: قال مالك: الذي يشتم( [6]) أصحاب النبي  ليس لهم اسم، أو قال نصيباً في الإسلام( [7]).
وقال ابن كثير –عند قوله سبحانه-:محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم ركعاً سجداً يبتغون فضلاً من الله ورضواناً سيماهم في وجوههم من أثر السجود ذلك مثلهم في التوراة ومثلهم في الإنجيل كزرع أخرج شطأه فآزره فاستغلظ فاستوى على سوقه يعجب الزراع ليغيظ بهم الكفار... قال: "ومن هذه الآية انتزع الإمام مالك رحمة الله عليه في رواية عنه بتكفير الروافض الذين يبغضون الصحابة رضي الله عنهم، قال: لأنهم يغيظونهم ومن غاظ الصحابة رضي الله عنهم فهو كافر لهذه الآية، ووافقه طائفة من العلماء رضي الله عنهم على ذلك"( [8]).
قال القرطبي:"لقد أحسن مالك في مقالته وأصاب في تأويله. فمن نقص واحداً منهم، أو طعن عليه في روايته( [9])فقد رد على الله رب العالمين، وأبطل شرائع المسلمين( [10]).
الإمام أحمد:
رويت عنه روايات عديدة في تكفيرهم..
روى الخلال عن أبي بكر المروذي قال: سألت أبا عبد الله عمن يشتم أبا بكر وعمر وعائشة؟ قال: ما أراه على الإسلام( [11]).
وقال الخلال: أخبرني عبد الملك بن عبد الحميد قال: سمعت أبا عبد الله قال: من شتم أخاف عليه الكفر مثل الروافض، ثم قال: من شتم أصحاب النبي  لا نأمن أن يكون قد مرق عن الدين( [12]).
وقال: أخبرنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال: سألت أبي عن رجل شتم رجلاً من أصحاب النبي  فقال: ما أراه على الإسلام( [13]).
وجاء في كتاب السنة للإمام أحمد قوله عن الرافضة:"هم الذين يتبرأون من أصحاب محمد  ويسبونهم وينتقصونهم ويكفرون الأئمة إلا أربعة: علي وعمار والمقداد وسلمان، وليست الرافضة من الإسلام في شيء( [14]).
والإثنى عشرية تكفر الصحابة إلا قليلاً لا يتجاوز أصابع اليد، وتلعنهم في دعواتها وزياراتها، ومشاهدها، وأمهات كتبها.. وتكفر أتباعهم إلى يوم الدين.
قال ابن عبد القوي:"وكان الإمام أحمد يكفر من تبرأ منهم (أي الصحابة) ومن سب عائشة أم المؤمنين ورماها مما برأها الله منه، وكان يقرأ يعظكم الله أن تعودوا لمثله أبداً إن كنتم مؤمنين( [15]).
ولكن ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى أن فى تكفير الروافض نزاعاً عن أحمد وغيره( [16]).
وما مضى من نصوص عن الإمام أحمد صريحة في قوله بتكفيرهم، وقد نبه شيخ الإسلام ابن تيمية إلى وجه من لم يكفر الروافض في سبهم للصحابة، وبه يزول التعارض المتوهم في نصوص أحمد.. فقال:
"وأما من سبهم سباً لا يقدح في عدالتهم ولا في دينهم مثل وصف بعضهم بالبخل أو الجبن، أو قلة العلم، أو عدم الزهد ونحو ذلك فهذا هو الذي يستحق التأديب والتعزير، ولا نحكم بكفره بمجرد ذلك، وعلى هذا يحمل كلام من لم يكفرهم من أهل العلم"( [17]). يعني فمن سبهم سباً يقدح في عدالتهم ودينهم فيحكم بكفره عند أهل العلم، فكيف الحال إذاً بمن يحكم بردتهم؟!!
البخاري:
قال رحمه الله: "ما أبالي صليت خلف الجهمي والرافضي، أم صليت خلف اليهود والنصارى، ولا يسلم عليهم ولا يعادون ولا يناكحون ولا يشهدون ولا تؤكل ذبائحهم( [18]).
عبد الله بن إدريس( [19]):
قال:"ليس لرافضي شفعة إلا لمسلم"( [20]).
عبد الرحمن بن مهدي( [21]):
قال البخاري: قال عبد الرحمن بن مهدي: هما ملتان: الجهمية، والرافضية( [22]).
الفريابي( [23]):
روى الخلال قال: أخبرني حرب بن إسماعيل الكرماني، قال: حدثنا موسى بن هارون بن زياد قال: سمعت الفريابي ورجل يسأله عمن شتم أبا بكر، قال: كافر، قال فيصلى عليه، قال: لا. وسألته كيف يصنع به وهو يقول لا إله إلا الله، قال: لا تمسوه بأيديكم ارفعوه بالخشب حتى تواروه في حفرته( [24]).
أحمد بن يونس( [25]):
قال: لو أن يهودياً ذبح شاة، وذبح رافضي لأكلت ذبيحة اليهودي ولم آكل ذبيحة الرافضي، لأنه مرتد عن الإسلام( [26]).
أبو زرعة الرازي( [27]):
قال: إذا رأيت الرجل ينتقص أحداً من أصحاب رسول الله  فاعلم أنه زنديق، لأن مؤدى قوله إلى إبطال القرآن والسنة( [28]).
ابن قتيبة( [29]):
قال: بأن غلو الرافضة في حب علي المتمثل في تقديمه على من قدمه رسول الله  وصحابته عليه، وادعاءهم له شركة النبي  في نبوته، وعلم الغيب للأئمة من ولده، وتلك الأقاويل والأمور السرية قد جمعت إلى الكذب والكفر أفراط الجهل والغباوة( [30]).
عبد القادر البغدادي( [31]):
يقول: أما أهل الأهواء من الجارودية والهشامية والجهمية والإمامية الذين كفَّروا خيار الصحابة… فإنا نكفرهم، ولا تجوز الصلاة عليهم عندنا، ولا الصلاة خلفهم( [32]).
وقال: وتكفير هؤلاء واجب في إجازتهم على الله البداء، وقولهم بأنه قد يريد شيئاً ثم يبدو له، وقد زعموا أنه إذا أمر بشيء ثم نسخه، فإنما نسخه لأنه بدا له فيه.
وما رأينا ولا سمعنا بنوع من الكفر إلا وجدنا شعبة منه في مذهب الروافض…( [33]).
القاضي أبو يعلى( [34]):
قال: وأما الرافضة فالحكم فيهم.. إن كفَّر الصحابة أو فسَّقهم بمعنى يستوجب النار فهو كافر( [35]).
والروافض كما تبين بعد انتشار أصولهم يكفرون أكثر الصحابة.
ابن حزم:
قال: وأما قولهم ( يعني النصارى) في دعوى الروافض تبديل القرآن فإن الروافض ليسوا من المسلمين( [36])، إنما هي فرقة حدث أولها بعد موت رسول الله  بخمس وعشرين سنة.. وهي طائفة تجري مجرى اليهود والنصارى في الكذب والكفر.
وقال: ومن قول الإمامية قديماً وحديثاً أن القرآن مبدل..، ثم قال: القول بأن بين اللوحين تبديلاً كفرٌ صريح وتكذيب لرسول الله .
وقال: ولا خلاف بين أحد من الفرق المنتمية إلى المسلمين من أهل السنة والمعتزلة والخوارج والمرجئة والزيدية في وجوب الأخذ بما في القرآن وأنه المتلو عندنا.. وإنما خالف في ذلك قوم من غلاة الروافض، وهم كفار بذلك مشركون عند جميع أهل الإسلام وليس كلامنا مع هؤلاء، وإنما كلامنا مع أهل ملتنا.
وقال: واعلموا أن رسول الله  لم يكتم من الشريعة كلمة فما فوقها، ولا أطلع أخص الناس به من ابنةٍ أو ابن عمٍ أو زوجة أو صاحب على شيء من الشريعة كتمه عن الأحمر والأسود ورعاة الغنم، ولا كان عنده عليه السلام سرٌ ولا رمز ولا باطن غير ما دعا الناس كلهم إليه، فلو كتمهم شيئاً لما بلغ كما أُمر، ومن قال هذا فهو كافر…( [37]).
الإسفراييني( [38]):
نقل جملة من عقائدهم كتكفير الصحابة، وقولهم إن القرآن قد غير عما كان ووقع فيه الزيادة والنقصان، وانتظارهم لمهدي يخرج إليهم ويعلمهم الشريعة.. قال: بأن جميع فرق الإمامية التي ذكرناها متفقون على هذا، ثم حكم عليهم بقوله: وليسوا في الحال على شيء من الدين، ولا مزيد على هذا النوع من الكفر إذ لا بقاء فيه على شيء من الدين( [39]).
أبو حامد الغزالي( [40]):
قال: ولأجل قصور فهم الروافض( [41]) عنه ارتكبوا البداء، ونقلوا عن علي رضي الله عنه أنه كان لا يخبر عن الغيب مخافة أن يبدو له تعالى فيه فيغيره( [42])، وحكوا عن جعفر بن محمد أنه قال: ما بدا لله في شيء كما بدا له في إسماعيل أي في أمر ذبحه( [43])..وهذا هو الكفر الصريح، ونسبة الإله تعالى إلى الجهل والتغير، ويدل على استحالته ما دل عليه أنه محيط بكل شيء علماً( [44])..
ويقول الغزالي: فلو صرح مصرح بكفر أبي بكر وعمر رضي الله عنهما .. فقد خالف الإجماع وخرقه، ورد ما جاء في حقهم من الوعد بالجنة والثناء عليهم والحكم بصحة دينهم وثبات يقينهم وتقدمهم على سائر الخلق في أخبار كثيرة.. ثم قال: فقائل ذلك إن بلغته الأخبار واعتقد مع ذلك كفرهم فهو كافر.. بتكذيبه رسول الله  فمن كذبه بكلمة من أقاويله فهو كافر بالإجماع( [45]).
القاضي عياض( [46]):
قال رحمه الله: نقطع بتكفير غلاة الرافضة في قولهم إن الأئمة أفضل من الأنبياء( [47]).
وكذلك يحكم بكفر من قال: بمشاركة علي في الرسالة للنبي  وبعده، وأن كل إمام يقوم مقام النبي  في النبوة والحجة، وأشار بأن هذا مذهب أكثر الرافضة( [48]). وكذلك من ادعي منهم أنه يوحى إليه وإن لم يدع النبوة( [49]). وقال: وكذلك نكفر من أنكر القرآن أو حرفاً منه، أو غير شيئاً منه، أو زاد فيه كفعل الباطنية والإسماعيلية( [50]).
السمعاني( [51]): (ت 562هـ)
قال رحمه الله: واجتمعت الأمة على تكفير الإمامية لأنهم يعتقدون تضليل الصحابة، وينكرون إجماعهم، وينسبونهم إلى ما يليق بهم( [52]).
الرازي( [53]):
يذكر الرازي أن أصحابه من الأشاعرة يكفرون الروافض من ثلاثة وجوه:
أولها: أنهم كفَّروا سادات المسلمين، وكل من كفَّر مسلماً فهو كافر لقوله عليه السلام: "من قال لأخيه يا كافر فقد باء به أحدهما" فإذن يجب تكفيرهم.
وثانيها: أنهم كفَّروا قوماً نص الرسول عليه السلام بالثناء عليهم وتعظيم شأنهم، فيكون تكفيرهم تكذيباً للرسول عليه السلام.
وثالثها: إجماع الأمة على تكفير من كفَّر سادات الصحابة( [54]).
ابن تيمية:
قال رحمه الله: من زعم أن القرآن نقص منه آيات وكتمت، أو زعم أن له تأويلات باطنة تسقط الأعمال المشروعة، فلا خلاف في كفرهم.
ومن زعم أن الصحابة ارتدوا بعد رسول الله عليه الصلاة والسلام إلا نفراً قليلاً لا يبلغون بضعة عشر نفساً، أو أنهم فسقوا عامتهم، فهذا لا ريب أيضاً في كفره، لأنه مكذب لما نصه القرآن في غير موضع من الرضا عنهم والثناء عليهم.
بل من يشكك في كفر هذا؟! فإن كفره متعين، فإن مضمون هذه المقالة أن نقلة الكتاب والسنة كفار أو فساق، وأن هذه الآية التي هي: كنتم خير أمة أخرجت للناس( [55])وخيرها هو القرن الأول كان عامتهم كفاراً أو فساقاً، ومضمونها أن هذه الأمة شر الأمم، وأن سابقي هذه الأمة هم شرارها، وكفر هذا مما يعلم بالاضطرار من دين الإسلام( [56]).
وقال شيخ الإسلام: أنهم شر من عامة أهل الأهواء، وأحق بالقتال من الخوارج( [57]).
وأنهم كفروا مما جاء به الرسول  بما لا يحصيه إلا الله، فتارة يكذبون بالنصوص الثابتة عنه، وتارة يكذبون بمعاني التنزيل.
فإن الله قد ذكر في كتابه من الثناء على الصحابة، والرضوان عليهم والاستغفار لهم ما هم كافرون بحقيقته.. وذكر في كتابه من الأمر بالجمعة والأمر بالجهاد وبطاعة أولي الأمر ما هم خارجون عنه.
وذكر في كتابه من مولاة المؤمنين وموادتهم والإصلاح بينهم ما هم خارجون عنه.
وذكر في كتابه من تحريم دماء المسلمين وأموالهم وأعراضهم وتحريم الغيبة والهمز واللمز ما هم أبعد الناس عنه.
وذكر في كتابه من الأمر بالجماعة والائتلاف، والنهي عن الفرقة والاختلاف ما هم أبعد الناس عنه. وذكر في كتابه من طاعة رسول الله  ومحبته واتباع حكمه ما هم خارجون عنه. وكذلك من حقوق أزواجه ما هم براء منه.
وذكر في كتابه من توحيده وإخلاص الملك له وعبادته وحده لا شريك له ما هم خارجون عنه، فإنهم مشركون لأنهم أشد الناس تعظيماً للمقابر التي اتخذت أوثاناً من دون الله.
وقد ذكر الله في كتابه من أسمائه وصفاته ما هم كافرون به.
وذكر في كتابه أنه على كل شيء قدير وأنه خالق كل شيء، وأنه ما شاء الله كان لا قوة إلا بالله ما هم كافرون به.
ثم قال شيخ الإسلام: ومن اعتقد من المنتسبين إلى العلم أو غيره أن قتال هؤلاء بمنزلة قتال البغاة الخارجين على الإسلام بتأويل سائغ.. فهو غالط جاهل بشريعة الإسلام.. لأن هؤلاء خارجون عن نفس شريعة رسول الله  وسنته شراً من خروج الخوارج الحرورية، وليس لهم تأويل سائغ، فإن التأويل السائغ هو الجائز الذي يقر صاحبه عليه إذا لم يكن فيه جواب، كتأويل العلماء المتنازعين في موارد الاجتهاد، وهؤلاء ليس لهم ذلك بالكتاب والسنة والإجماع، ولكن لهم تأويل من جنس تأويل اليهود والنصارى، وتأويلهم شر تأويلات أهل الأهواء( [58]).
ولكن شيخ الإسلام وهو يكفر أصحاب هذه المقالات، إلا أن تكفيره للمعين مشروط عنده بقيام الحجة وبلوغ الرسالة، ولذلك أفتى في الرافضة الذين تم القبض عليهم بالفتوى التالية:
فتوى شيخ الإسلام في الرافضة بعد الاستيلاء عليهم:
يقول رحمه الله: وقد علم أنه بساحل الشام جبل كبير فيه ألوف من الرافضة يسفكون دماء الناس ويأخذون أموالهم، وقتلوا خلقاً عظيماً، وأخذوا أموالهم، ولما انكسر المسلمون سنة غازان أخذوا الخيل والسلاح والأسارى وباعوهم للكفار والنصارى بقبرص، وأخذوا من مر بهم من الجند، وكانوا أضر على المسلمين من جميع الأعداء، وحمل بعض أمرائهم راية النصارى، وقالوا له: أيما خير المسلمون أو النصارى؟ فقال: بل النصارى، فقالوا له: مع من تحشر يوم القيامة؟ فقال: مع النصارى، وسلموا إليهم بعض بلاد المسلمين.
ومع هذا فلما استشار بعض ولاة الأمر في غزوهم وكتبت جواباً مبسوطاً في غزوهم( [59])..وذهبنا إلى ناحيتهم، وحضر عندي جماعة منهم وجرت بيني وبينهم مناظرات ومفاوضات يطول وصفها، فلما فتح المسلمون بلدهم، وتمكن المسلمون منهم نهيتهم عن قتلهم، وعن سبيهم، وأنزلناهم في بلاد المسلمين متفرقين لئلا يجتمعوا( [60]).
وهذه الفتوى من إمام أهل السنة في وقته تبين أن أهل السنة يتبعون الحق من ربهم الذي جاء به الرسول، ولا يكفرون كل من خالفهم فيه، بل هم أعلم بالحق وأرحم بالخلق بخلاف أهل الأهواء الذين يبتدعون رأياً ويكفرون من خالفهم فيه( [61]).
ابن كثـير( [62]):
ساق ابن كثير بعض الأحاديث الثابتة في السنة، المتضمنة نفي دعوى النص والوصية التي تدعيها الرافضة لعلي، ثم عقب عليها بقوله:
ولو كان الأمر كما زعموا لما رد ذلك أحد من الصحابة فإنهم كانوا أطوع لله ولرسوله في حياته وبعد وفاته، من أن يفتاتوا عليه فيقدموا غير من قدمه، ويؤخروا من قدمه بنصه، حاشا وكلا، ومن ظن بالصحابة رضوان الله عليهم ذلك فقد نسب بأجمعهم إلى الفجور، والتواطؤ على معاندة الرسول ، ومضادتهم في حكمه ونصه، ومن وصل من الناس إلى هذا المقام فقد خلع ربقة الإسلام، وكفر بإجماع الأئمة الأعلام، وكان إراقة دمه أحق من إراقة المدام( [63]).
ومن الثابت عن الرافضة –كما مر- أنها تدعي أن الرسول  نص على عليّ، وأن الصحابة ردوا النص، وارتدوا بسبب ذلك، وهذا ما يقوله المعاصرون وأسلافهم من الروافض.
أبو حامد محمد المقدسي( [64]):
قال –بعد حديثه عن فرق الشيعة وعقائدهم- : ولا يخفى على كل ذي بصيرة وفهم من المسلمين أن أكثر ما قدمناه في الباب قبله من عقائد هذه الطائفة الرافضة على اختلاف أصنافها كفر صريح، وعناد مع جهل قبيح لا يتوقف الواقف عليه من تكفيرهم والحكم عليهم بالمروق من دين الإسلام( [65]).
محمد بن عبد الوهاب( [66]):
حكم الإمام محمد بن عبد الوهاب على جملة من عقائد الاثنى عشرية بأنها كفر، ومن ذلك قال رحمه الله –بعد أن عرض عقيدة الاثنى عشرية في سب الصحابة ولعنهم، وما قاله الله ورسوله في الثناء عليهم- قال: فإذا عرفت أن آيات القرآن تكاثرت في فضلهم، والأحاديث المتواترة بمجموعها ناصة على كمالهم، فمن اعتقد فسقهم أو فسق مجموعهم وارتدادهم وارتداد معظمهم عن الدين، أو اعتقد حقية سبهم وإباحته، أو سبهم مع اعتقاد حقية سبهم، أو حليته فقد كفر بالله تعالى ورسوله… والجهل بالتواتر القاطع ليس بعذر، وتأويله وصرفه من غير دليل معتبر غير مفيد، كمن أنكر فرضية الصلوات الخمس جهلاً لفرضيتها، فإنه بهذا الجهل يصير كافراً، وكذا لو أولها على غير المعنى الذي نعرفه فقد كفر، لأن العلم الحاصل من نصوص القرآن والأحاديث الدالة على فضلهم قطعي.
شاه عبد العزيز الدهلوي( [67]):
قال -بعد دراسة مستفيضة لمذهب الاثنى عشرية من خلال مصادرهم المعتمدة-: ومن استكشف عقائدهم الخبيثة وما انطووا عليه، علم أن ليس لهم في الإسلام نصيب وتحقق كفرهم لديه( [68]).
محمد بن علي الشوكاني( [69]):
قال: إن أصل دعوة الروافض كياد الدين، ومخالفة شريعة المسلمين. والعجب كل العجب من علماء الإسلام، وسلاطين الدين كيف تركوهم على هذا المنكر البالغ في القبح إلى غايته ونهايته، فإن هؤلاء المخذولين لما أرادوا رد هذه الشريعة المطهرة ومخالفتها طعنوا في أعراض الحاملين لها، الذين لا طريق لنا إليها إلا من طريقهم، واستزلوا أهل العقول الضعيفة بهذه الذريعة الملعونة، والوسيلة الشيطانية، فهم يظهرون السب واللعن لخير الخليقة، ويضمرون العناد للشريعة، ورفع أحكامها عن العباد.
وليس في الكبائر أشنع من هذه الوسيلة إلا ما توسلوا بها إليه، فإنه أقبح منها، لأنه عناد لله عز وجل ولرسوله  ولشريعته.
فكان حاصل ما هم فيه من ذلك أربع كبائر كل واحدة منها كفر بواح:
الأولى: العناد لله عز وجل. الثانية: العناد لرسوله .
الثالثة: العناد لشريعته المطهرة ومحاولة إبطالها.
الرابعة: تكفير الصحابة رضي الله عنهم، الموصوفين في كتاب الله بأنهم أشداء على الكفار، وأن الله تعالى يغيظ بهم الكفار، وأنه قد رضي عنهم، مع أنه قد ثبت في هذه الشريعة المطهرة أن من كفر مسلماً فقد كفر كما في الصحيحين وغيرهما من حديث ابن عمر أن النبي  قال: "إذا قال الرجل لأخيه يا كافر، فقد باء بها أحدهما، فإن كان كما قال وإلا رجعت عليه"( [70]).
بهذا يتبين أن كل رافضي خبيث يصير كافراً بتكفيره لصحابي واحد، فكيف بمن كفَّر كل الصحابة، واستثنى أفراداً يسيرة تغطية لما هو فيه من الضلال على الطغام الذين لا يعقلون الحجج؟!( [71]).
علماء ما وراء النهر( [72]):
قال الألوسي –صاحب التفسير- : ذهب معظم علماء ما وراء النهر إلى كفر الاثنى عشرية وحكموا بإباحة دمائهم وفروج نسائهم، حيث أنهم يسبون الصحابة رضي الله عنهم ولاسيما الشيخين وهما السمع والبصر منه عليه الصلاة والسلام، وينكرون خلافة الصديق، ويقذفون عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها مما برأها الله تعالى منه، ويفضلون بأسرهم علياً كرم الله وجهه.. على غير أولي العزم من المرسلين، ومنهم من يفضله عليهم أيضاً.. ويجحدون سلامة القرآن العظيم من الزيادة والنقص( [73]).
هذه بعض فتاوى أئمة المسلمين وعلمائهم في هذه المسألة.
واكتفى بهذا القدر، وفي الكتب الفقهية أقوال كثيرة في تكفيرهم، يمكن الرجوع إليها بيسر ولذا لا داعي لذكرها( [74]).
ويلاحظ هنا عدة أمور:
أولاً: أن هذا حكمهم –رحمة الله عليهم- قبل انتشار كتب الروافض ومجاهرتهم بعقائدهم بمثل ما هو واقع اليوم.. ولهذا تضمنت صفحات هذا البحث عقائد للإثنى عشرية كان ينسبها علماء الإسلام للقرامطة الباطنية، كمسألة نقص القرآن وتحريفه والذي استفاض أمرها في كتبهم، وكذلك جملة مما جاء في اعتقادهم في أصول الدين، وهناك عقائد لم تكن معروفة عنهم كعقيدة الطينة ونحوها..
معنى هذا أن حكمهم اليوم عليهم أشد.
ثانياً: أن الرافضة المتأخرين والمعاصرين جمعوا أخس المذاهب وأخطرها.. جمعوا مقالة القدرية في نفي القدر، والجهمية في نفي الصفات، وقولهم إن القرآن مخلوق، والصوفية –عند جملة من رؤساء مذهبهم- في ضلالة الوحدة والاتحاد، والسبئية في تأليه عليّ، والخوارج والوعيدية في تكفير المسلمين، والمرجئة في قولهم إن حب علي حسنة لا يضر معها سيئة، بل ساروا في سبيل أهل الشرك في تعظيم القبور والطواف حولها، بل يصلون إليها مستدبرين القبلة، إلى غير ذلك مما هو عين مذهب المشركين.
لكن مما يجب مراعاته حسب منهج أهل السنة في التكفير:
أن هذه الأقوال التي يقولونها، والتي يعلم أنها مخالفة لما جاء به الرسول  هي كفرٌ، وكذلك أفعالهم التي هي من جنس أفعال الكفار بالمسلمين هي أيضاً كفر..
لكن تكفير الواحد المعين من أهل القبلة والحكم بتخليده في النار موقوف على: ثبوت شروط التكفير، وانتفاء موانعه، فإنا نطلق القول بنصوص الوعد والوعيد والتكفير والتفسيق، ولا يحكم للمعين بدخوله في ذلك العام حتى يقوم فيه المقتضى الذي لا معارض له، ولهذا لا يكفر العلماء من استحل شيئاً من المحرمات لقرب عهده بالإسلام أو لنشأته ببادية بعيدة، فإن حكم الكفر لا يكون إلا بعد بلوغ الرسالة ، ومن هؤلاء من لا يكون بلغته النصوص المخالفة لما يراه، ولا يعلم أن الرسول بعث بذلك. فيطلق أن هذا القول كفر، ويكفر من قامت عليه الحجة التي يكفر تاركها دون غيره( [75]).

________________________________________

يتبع
avatar
رد: تاريخ الشيعة وفكرهم
مُساهمة الأربعاء نوفمبر 03, 2010 2:13 pm من طرف البروفوسور
( [1]) هذا الفصل منقول من كتاب أصول مذهب الشيعة الإمامية الإثنى عشرية عرض ونقد تأليف د. ناصر بن عبد الله بن علي القفاري. ص 1249 ومابعدها.
( [2]) يحى بن شرف بن حسن بن حسين النووي. قال ابن كثير: شيخ المذهب(يعني الشافعي) وكبير الفقهاء في زمانه، توفي سنة 676هـ. (البداية والنهاية: 3/278-279).
( [3]) شرح النووي على صحيح مسلم: 2/50.
( [4]) مرقاة المفاتيح: 9/137.
( [5]) شرح النووي على صحيح مسلم: 15/173.
( [6]) وقد ثبت فيما مضى أنهم يرون اللعن للصحابة ديناً وشرعة ويصرحون بتكفيرهم إلا ما لا يتجاوز أصابع اليد.
( [7]) الخلال/ السنة: 2/557، قال محقق الرسالة: إسناده صحيح.
( [8]) الفتح: 29. تفسير ابن كثير: 4/219، وانظر روح المعاني للآلوسي: 26/116، وانظر أيضاً في استنباط وجه تكفيرهم من الآية/ الصارم المسلول: ص579.
( [9]) وقد مضى مرجع الشيعة في هذا العصر أن روايات الصحابة كأبي هريرة وعمرو بن العاص وسمرة بن جندب لا تساوي عندهم جناح بعوضة.
( [10]) تفسير القرطبي: 16/297.
( [11]) الخلال/ السنة: 2/557، قال محقق الرسالة: إسناده صحيح، وانظر: شرح السنة لابن بطة: ص161، والصارم المسلول: ص571.
( [12]) الخلال/ السنة: 2/558، قال محقق الرسالة: إسناده صحيح.
( [13]) الخلال/ السنة: 2/558، وانظر: مناقب الإمام أحمد لابن الجوزي: ص214.
( [14]) السنة/للإمام أحمد: ص 82، تصحيح الشيخ إسماعيل الأنصاري.
( [15]) الآية رقم: 17 من سورة النور، والنص من كتاب ما يذهب إليه الإمام أحمد/ للإمام أبي محمد رزق الله بن عبد القوي التميمي، المتوفى سنة 480 هـ الورقة21.
( [16]) الفتاوى: 3/352.
( [17]) الصارم المسلول: ص 586، وانظر: ص 571 في توجيه القاضي أبي يعلى لرواية عدم التكفير.
( [18]) الإمام البخاري/ خلق أفعال العباد: ص125.
( [19]) عبد الله بن إدريس بن يزيد بن عبد الرحمن الأودي، قال أبو حاتم: هو حجة يحتج بها، وهو إمام من أئمة المسلمين، وقال أحمد: كان نسيجًا وحده، وقال ابن سعد: كان ثقة مأموناً كثير الحديث حجة صاحب سنة وجماعة، توفي سنة: 192هـ(تهذيب التهذيب: 5/144-145، الجرح والتعديل لابن أبي حاتم: 5/8-9، وهو من أعيان أئمة الكوفة (الصارم المسلول: ص570). والكوفة مطلع الرفض فهو أدرى بهم وبمذاهبهم، لأن أهل البيت أدرى بما فيه.
( [20]) الصارم المسلول: ص570، السيف المسلول على من سب الرسول/ علي بن عبد الكافي السبكي، الورقة 71 أ (مخطوط).
( [21]) الإمام الحافظ العلم عبد الرحمن بن مهدي بن حسان بن عبد الرحمن العنبري البصري (ت 198هـ). (تهذيب التهذيب: 6/279-281).
( [22]) خلق أفعال العباد للبخاري: ص125، وانظر: مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية: 35/415.
( [23]) محمد بن يوسف الفريابي، روى عنه البخاري 26 حديثاً، وكان من أفضل أهل زمانه، توفي سنة (212هـ) (تهذيب التهذيب: 9/535).
( [24]) الخلال/ السنة: 2/566، قال محقق الكتاب: في إسناده موسى بن هارون بن زياد لم أتوصل إلى معرفته. وقد نسبه شيخ الإسلام ابن تيمية في الصارم المسلول: ص570 إلى الفريابي على سبيل الجزم.
( [25]) أحمد بن يونس: هو ابن عبد الله ينسب إلى جده، وهو إمام من أئمة السنة، ومن أهل الكوفة منبت الرفض فهو أخبر بالروافض ومذاهبهم أيضاً، قال أحمد بن حنبل لرجل: اخرج إلى أحمد بن يونس فإنه شيخ الإسلام، وقد أخرج له أصحاب الكتب الستة، وقال أبو حاتم: كان ثقة متقناً، وقال النسائي: كان ثقة، وقال ابن سعد: كان ثقة صدوقاً صاحب سنة وجماعة، وذكر ابن حجر أن ابن يونس قال: أتيت حماد بن زيد فسألته أن يملي عليّ شيئاً من فضائل عثمان رضي الله عنه، فقال: من أنت؟ قلت: من أهل الكوفة، فقال: كوفي يطلب فضائل عثمان، والله ما أمليتها عليك إلا وأنا قائم وأنت جالس. وقد توفى سنة 227هـ (تهذيب التهذيب: 1/50، وتقريب التهذيب: 1/29).
( [26]) الصارم المسلول: ص570، ومثل هذا المعنى قاله أبو بكر بن هانئ (الموضع نفسه من المصدر السابق)، وانظر السيف المسلول على من سب الرسول/ علي بن عبد الكافي السبكي: الورقة: 71 أ(مخطوط).
( [27]) عبد الله بن عبد الكريم بن يزيد بن فروخ المخزومي بالولاء أبو زرعة الرازي من حفاظ الحديث وكبار الأئمة، كان يحفظ مائة ألف حديث، ويقال: كل حديث لا يعرفه أبو زرعة ليس له أصل . توفي سنة 264هـ.
( [28]) انظر الكفاية: ص49.
( [29]) أبو محمد عبد الله بن مسلم الدينوري، صاحب المصنفات البديعة المحتوية على علوم جمة نافعة كما يقول ابن كثير، توفي سنة 276هـ. (انظر: وفيات الأعيان: 3/42-44، تاريخ بغداد: 10/170-171، البداية والنهاية: 11/48.
( [30]) الاختلاف في اللفظ والرد على الجهمية والمشبهة: ص47 مطبعة السعادة بمصر 1349هـ.
( [31]) عبد القادر بن طاهر بن محمد البغدادي التميمي الإسفراييني أبو منصور، كان يلقب"صدر الإسلام" في عصره، ويدرس في سبعة عشر فناً، توفي سنة 429هـ. (انظر: السبكي/طبقات الشافعية: 5/136-145، القفطي/ انباه الرواه: 2/185-186، السيوطي/ بغية الوعاة: 2/105.
( [32]) الفرق بين الفرق: ص357.
( [33]) الملل والنحل: ص52-53 تحقيق البير نصري نادر.
( [34]) محمد بن الحسين بن محمد خلف بن الفراء أبو يعلى عالم عصره في الأصول والفروع، توفي سنة 458هـ. انظر: طبقات الحنابلة: 2/193-230.
( [35]) المعتمد: ص267.
( [36]) يعني فلا حجة في كلامهم على المسلمين، ولا على كتابهم.
( [37]) الفصل: 2/213، 5/40، 2/274-275، والإحكام في أصول الأحكام: 1/96. وهذا الاعتقاد الذي يكفر ابن حزم معتقده قد أصبح اليوم من أصول الاثنى عشرية، ويؤكد على القول به شيوخهم المعاصرون والغابرون. كما تقدم.
( [38]) أبو المظفر شهفور بن طاهر بن محمد الإسفراييني الإمام الأصولي الفقيه المفسر، له تصانيف منها: التفسير الكبير، التبصير في الدين، توفي عام 471هـ. وانظر طبقات الشافعية: 5/11، والأعلام: 3/260.
( [39]) التبصير في الدين: ص24-25.
( [40]) محمد بن محمد بن محمد بن أحمد الطوسي الغزالي، قال ابن كثير: كان من أذكياء العالم في كل ما يتكلم فيه، وله مصنفات منتشرة في فنون متعددة، من كتبه: فضائح الباطنية، توفي سنة 505هـ. انظر: البداية والنهاية: 12/173-174، مرآة الجنان: 3/177-192.
( [41]) من درس مذهب الرافضة في البداء عرف أنه ليس بقصور فهم، ولكنه نهج متعمد ساقهم إليه غلوهم في الأئمة، وهذا القول من الغزالي يشبه كلام الآمدي (في الإحكام: 3/109) حيث قال: إن الرافضة خفي عليهم الفرق بين النسخ والبداء، وقد علق على ذلك الشيخ عبد الرزاق عفيفي فقال: من تبين حال الرافضة ووقف على فساد دخيلتهم وزندقتهم بإبطان الكفر وإظهار الإسلام، وأنهم ورثوا مبادئهم عن اليهود، ونهجوا في الكيد للإسلام منهجهم عرف أن ما قالوه من الزور والبهتان (يعني في أمر البداء) إنما كان عن قصد سيء وحسد للحق وأهله وعصبية ممقوتة دفعتهم إلى الدس والخداع وإعمال معاول الهدم سراً وعلناً للشرائع ودولها القائمة عليها. (هامش: الإحكام في أصول الأحكام: 3/109-110).
( [42]) وهذه الرواية موجودة عند المجلسي في البحار، وعزاها إلى "قرب الإسناد" (بحار الأنوار: 4/97) وفي خبر آخر نسبوا هذا القول إلى علي بن الحسين (انظر: تفسير العياشي: 2/215، بحار الأنوار: 4/118، البرهان: 2/299، تفسير الصافي: 3/75).
( [43]) انظر هذه الرواية في كتاب التوحيد لابن بابويه: ص336.
( [44]) المستصفى: 1/110.
( [45]) فضائح الباطنية: ص149.
( [46]) عياض بن موسى بن عياض بن عمرو اليحصبي عالم المغرب وإمام أهل الحديث في وقته، توفي سنة 544هـ. وانظر: وفيات الأعيان: 3/483، والعبر للذهبي: 2/467، الضبي: بغية الملتمس ص437، النباهي/ناريخ قضاة الأندلس: ص101.
( [47]) الشيعة المعاصرون يعدون هذا الكفر من ضرورات مذهبهم ومنكر الضروري كافر عندهم.. يقول شيخهم الممقاني: ومن ضروريات مذهبنا أن الأئمة عليهم السلام أفضل من أنبياء بني إسرائيل كما نطقت بذلك النصوص المتواترة .. ولا شبهة عند كل ممارس لأخبار أهل البيت عليهم السلام (يعني أئمته الاثنى عشر) أنه كان يصدر من الأئمة عليهم السلام خوارق للعادة نظير ما كان يصدر من الأنبياء بل أزيد، وأن الأنبياء والسلف انفتحت لهم باب أو بابان من العلم، وانفتحت للأئمة عليهم السلام بسبب العبادة والطاعة التي تذر العبد مثل الله إذا قال للشيء كن فيكون جميع الأبواب. (تنقيح المقال: 3/232). فانظر كيف فضلهم في البداية على الأنبياء، وانتهى إلى أنهم مثل الله تعالى الله عما يقول الظالمون علواً كبيراً .. فماذا بعد هذا من زندقة وإلحاد؟!!.
( [48]) وتجد ذلك عند الاثنى عشرية في زعمهم أن الإمامة أرفع درجة من النبوة، وأن الأئمة حجة على الناس كالرسل.
( [49]) وهذا ما يقول به الروافض.
( [50]) هنا ملاحظة مهمة، وهي أن بعض الأئمة ينسبون القول بتغيير القرآن إلى الإسماعيلية، في حين أنه من أقوال الاثنى عشرية، والإسماعيلية لم تخض في القرآن بهذا القول، وإنما سلكت التأويل الباطني.
( [51]) الإمام الحافظ المحدث أبو سعد عبد الكريم بن محمد بن منصور التميمي السمعاني مصنف الأنساب وغيره، رحل وسمع الكثير حتى كتب عن أربعة آلاف شيخ، قال ابن كثير: وذكر له ابن خلكان مصنفات عديدة منها كتابه الذي جمع فيه ألف حديث عن مائة شيخ وتكلم عليها إسناداً ومتناً وهو مفيد جداً، توفي سنة: 562هـ.
( [52]) الأنساب: 6/341، وقوله: "إلى ما يليق بهم" كذا في الأصل، وإذا كان الضمير يعود إلى الرافضة فالعبارة مستقيمة، أي ينسبون الصحابة إلى ضلال يليق بالرافضة أنفسهم، وأما إذا كان الضمير يعود إلى الصحابة ففي العبارة تصحيف ولعل صحتها: "إلى ما لا يليق بهم".
( [53]) محمد بن عمر بن الحسين المعروف بالفخر الرازي، مفسر متكلم فقيه أصولي من تصانيفه: التفسير الكبير، والمحصول وغيرهما، نسب له نوع تشيع، توفي سنة 606هـ. (لسان الميزان: 4/426، السيوطي/ طبقات المفسرين: ص115، عيون الأنباء: ص414-427).
( [54]) الرازي: نهاية العقول: الورقة 212 أ (مخطوط).
( [55]) آل عمران: 110.
( [56]) الصارم المسلول: ص586-587.
( [57]) مجموع فتاوى شيخ الإسلام: 28/482.
( [58]) انظر: الفتاوى: 28/484-486.
( [59]) لعله ما جاء في الفتاوى: 28/398.
( [60]) منهاج السنة: 3/39.
( [61]) الموضع نفسه من المصدر السابق.
( [62]) الإمام المحدث المفتي البارع –كما قال الذهبي- أبو الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير، قال الشوكاني: له تصانيف مفيدة منها: التفسير، من أحسن التفاسير إن لم يكن أحسنها، توفي سنة: 774هـ. (ابن حجر/ الدرر الكامنة: 1/373-374، الشوكاني/ البدر الطالع 1/1530.
( [63]) البداية والنهاية: 5/252، والمدام هى الخمر.
( [64]) محمد بن خليل بن يوسف الرملي المقدسي، من فقهاء الشافعية، توفي سنة: 888هـ. وانظر: السخاوي/ الضوء اللامع: 7/234، الشوكاني/ البدر الطالع: 2/169.
( [65]) رسالة في الرد على الرافضة: ص200.
( [66]) محمد بن عبد الوهاب بن سليمان بن أحمد التميمي النجدي، الإمام المجدد للإسلام في الجزيرة العربية في القرن الثاني عشر من الهجرة، كانت دعوته إلى التوحيد الخالص ونبذ البدع هي الشعلة الأولى لليقظة الحديثة في العالم الإسلامي كله، تأثر بها رجال الإصلاح في الهند ومصر والعراق والشام وغيرها. توفي رحمه الله سنة: 1206هـ. انظر: عبد العزير بن باز/ الشيخ محمد بن عبد الوهاب مصلح مظلوم ومفترى عليه، وبهجة الأثري/ محمد بن عبد الوهاب داعية التوحيد والتجديد في العصر الحديث وغيرها. وانظر : أحمد أمين / زعماء الإصلاح: ص10، مجلة الزهراء: 3/82-98.
( [67]) عبد العزيز بن أحمد (ولي الله) بن عبد الرحيم العمري الفاروقي الملقب سراج الهند، قال محب الدين الخطيب: كان كبير علماء الهند في عصره، وكان رحمه الله مطلعاً على كتب الشيعة متبحراً فيها. توفي سنة: 1239هـ. انظر: الأعلام: 4/138، مقدمة مختصر التحفة الاثنى عشرية لمحب الدين الخطيب/ ص: يب.
( [68]) مختصر التحفة الاثنى عشرية: ص300.
( [69]) الإمام محمد بن علي بن محمد بن عبد الله الشوكاني علامة اليمن، صاحب فتح القدير ونيل الأوطار وغيرهما من المؤلفات النافعة، توفي سنة: 1250هـ. وانظر ترجمته: البدر الطالع: 2/214-225.
( [70]) الحديث بنحوه في صحيح البخاري، كتاب الأدب، باب من كفر أخاه من غير تأويل فهو كما قال: ج7/ ص97، ومسلم، كتاب الإيمان، باب بيان حال من قال لأخيه المسلم يا كافر: 1/ 79، وأبي داود: كتاب السنة، باب زيادة الإيمان ونقصانه: 5/64 ح4687، والترمذي: كتاب الإيمان، باب فيمن رمى أخاه بكفر: 5/22 ح2637، ومالك في الموطأ: كتاب الكلام، باب ما يكره من الكلام: ص984، وأحمد: 2/18،23،44،47، الطيالسي: ص252 ح1842.
( [71]) الشوكاني/ نار الجوهر على حديث أبي ذر، الورقة: 15-16 (مخطوط).
( [72]) يراد به ما وراء نهر جيحون بخرسان، فما كان في شرقيه يقال له بلاد الهياطلة، وفي الإسلام سموه ما وراء النهر، وما كان في غربيه فهو خرسان وولاية خوارزم.. (معجم البلدان: 5/45).
( [73]) نهج السلامة: ص29-30 (مخطوط).
( [74]) انظر –مثلاً- العقود الدرية في تنقيح الفتاوى الحامدية لابن عابدين، وقد ساق فيها فتوى الشيخ نوح الحنفي، حيث كفرهم لوجوه كثيرة، وهي فتوى طويلة (انظر: العقود الدرية ص 92)، وكذلك ذكر ما قاله أبو السعود المفسر ونقل فيه إجماع علمائهم على تكفيرهم (السابق ص 93). وفي الفتاوى البزازية للشيخ محمد بن شهاب المعروف بابن البزاز المتوفى سنة: 827هـ، قال: يجب إكفار الكيسانية في إجازتهم البداء على الله تعالى، وإكفار الروافض في قولهم برجعة الأموات… إلخ (الفتوى البزازية المطبوعة على هامش الفتاوى الهندية: 6/318). وفي الأشباه والنظائر لابن نجيم قال: سب الشيخين ولعنهما كفر…(الأشباه والنظائر: ص190). وانظر: نواقض الروافض لمخدوم الشيرازي، حيث ساق أقوال أصحاب المذاهب الأربعة في تكفير الرافضة/ الورقة: 187 أ وما بعدها، وتكفير الشيعة لمطهر بن عبد الرحمن بن إسماعيل/ الورقة: 51.
( [75]) الفتاوى: 28/500-501، وانظر لتفصيل هذه المسألة: الفتاوى: 12/466 وما بعدها، 23/345 وما بعدها.
 

تاريخ الشيعة وفكرهم

الرجوع الى أعلى الصفحة 

صفحة 1 من اصل 1

 مواضيع مماثلة

-
» تاريخ مكة المكرمة
» المصادر العربية لدراسة تاريخ الحروب الصليبية
» كتاب تاريخ بيت المقدس / المؤرخ الاسلامي ابن الجوزي رحمه الله

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى نجوم الونشريس  :: القسم الإسلامي-
انتقل الى: